صدر حديثا: الجراح تدلّ علينا للقاص الفلسطيني زياد خدّاش
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
صدر حديثاً عن "منشورات المتوسط" في إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب الفلسطيني زياد خداش بعنوان "الجراح تدلّ علينا".
جاء في كلمة الناشر: يبدو أنه من الصعب التمييز بين ما يكتبه خداش كسيرة شخصية، وما يكتبه كتخييل فنّي، إذ إنه، في الكثير من قصصه، يكون اسمه، زياد، حاضراً في القصة وفي الحوار وفي الحدث. نوع من إيهام القارئ/ أو بالأحرى نوع من التأكيد على زوال الحدود بين الواقع وما يمكن أن يفرزه من خيال وذُهانٍ ووساوس في الزمن الفلسطيني أولاً، وفي زمن المنطقة المليء بالألغام والمتفجرات تالياً.
أكثر من ذلك، فإن سؤال الواقع والخيال هنا، في "الجراح تدلّ علينا"، يبدو أنه غير مطروح، أو أنه خطاٌ ينبغي عدم التفكير فيه. فليس أمراً شاذّاً أن يفكر بالانتحار أو أن يُقتل من يرسل لصاحب عمله الجديد وردةً على سبيل المجاملة الاجتماعية، فيما يحسبها الآخرون، ويعتبرونها، نفاقاً! (قصة "وردة الواتس أب") فأي صرامة في القيم تجعل الناس يمشون في المجتمع كما لو أنهم يمشون على حد السيف، ويتوجب عليهم الحذر على طول الطريق لأن أي اختلال في ميزان القيم سيتعبه السقوط على حد السيف ذاك! النفاق يعادل الخيانة، إنه شيء خيالي، لكنه واقعي إلى درجة الرعب.
يبدأ خداش مجموعته بقصة "رجال غرباء"، وكيف أن طفلة يهودية في فلسطين تسأل جدتها عن أولئك الرجال الذي يقفون أمام "بيتهم" ويصطحبون صوراً فوتوغرافية وأطفالهم ويبكون، فتخبرها الجدة إنهم لصوص يحاولون سرقة سيارة جدها طوال الوقت، فتنشأ الطفلة على هذا: غير اليهود، وهم الفلسطينيون أصحاب الأرض، ليسوا سوى لصوص يحاولون سرقة "اليهود"! عملية تزييف تاريخية وواقعية لدرجة الصفاقة وعلنية استغرقت قرناً كاملاً ولم تزل مستمرة حتى يومنا هذا.
قراءة يسيرة وسلسة تتيحها قصص المجموعة التي كُتبت برشاقة وبلغة خالية من أي نزوع أو ادعاء بلاغي، ثمة حدث وثمة أشخاص ومكان، يذهب الكاتب إليها مباشرة دون لف ولا دوران حول اللغة والمعنى، بلا أي فوقية يمارسها تجاه القارئ، بل بصداقة تؤهله لأن يكتب كما لو أنه يتحدث مع القارئ مباشرة ودون وساطات.
جاءت المجموعة في 116 صفحة من القطع الوسط، وصدر ضمن سلسلة "براءات"، التي تصدرها الدار وتنتصر فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب قصة بعنوان "لم يجدوا قربه بنتاً حلوة":
لا أحد في المخيّم يعرف غيره، أن الطريق إلى حيفا من مخيّم الجلزون في السبعينيات كانت ممتعة وسهلة وسريعة.
ضخماً وطويلاً مثل شاحنته وبشارب أسود، كان سائق الشاحنة الذي نسيتُ اسمه.
كنتُ مع صديقي "م" في ذروة مراهقتنا وعطشنا طالبَي صفّ إعدادي، نراقبه وهو يفتح الباب لبنت حلوة، تصعد قربه فرحة وضاحكة، فتصعد أرواحنا إلى الله، تاركة إيّانا جثّتين رخوتَين على قارعة الطريق.
كان ثقيلاً علينا أن نتخيّل أشياء لذيذة تفعلها له البنت بينما هو يسوق شاحنته الضخمة مغمضاً نصف عينَيْه، الشاحنة التي لم تسجّل مخالفة مرور واحدة طيلة عشرين عاماً من عمله.
الشاحنة التي أحضرت له جائزة أفضل سائق في الضفّة الغربية، تسلّمها من ضابط يهودي في حفل كبير، صفّقت فيه البنت الحلوة كثيراً، بينما أنا وصاحبي "م" نتصبّب عرقاً.
كم كنّا نكرهه:
- "يا ربّ، تتدهور الشاحنة، يموت هو، بس البنت الحلوة ما تموت."
- "يا ربّ، تخطفه بنت من حيفا أحلى منها، وتتخلّى عنه حلوة المخيّم."
مازلتُ أتذكّر صرخة أبي في وجهي وهي تهزّ أزقّة المخيّم:
- ولك انجنّيت أنت؟ قال كيف الواحد بصير سائق شاحنة؟!
هذه كانت مقدّمة ضرورية لأتذكّر صديق عطشي "م" الذي مات دون جائزة في منتصف التسعينيات محروقاً في شاحنته الطويلة والضخمة التي تدهورت في منحدرات قرية "دورا" قرب المخيّم.
لم يجدوا قربه بنتاً حلوة، وكانت حيفا بعيدة جدّاً.
عن المؤلف:
زياد خداش: كاتب فلسطيني من مواليد القدس عام 1964، ولكنه في الأصل من قرية بيت نبالا-الرملة المهجرة ويعيش كلاجئ في مخيم الجلزون في رام الله.
يعملُ أستاذاً للكتابة الإبداعية في مدارس فلسطين، وصدر له حتى الآن اثنتا عشرة مجموعة قصصية.
حصل في عام 2015 على جائزة الدولة التقديرية عن مجموعته القصصية (خطأ النادل).
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير قصصية الفلسطيني فلسطين رواية قصص سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المخی م
إقرأ أيضاً:
الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء: علينا أن نصدِّر للعالم أن الاسلام الصحيح مصدرأمن واستقرار
قال الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: هناك اتفاق بين علماء السياسة والتاريخ على أن القرن التاسع عشر هو قرن بريطانيا العظمى، كما كان هناك اتفاق أيضًا بين علماء التاريخ والسياسة على أن القرن العشرين هو قرن الولايات المتحدة، أما القران الحادي والعشرين فهناك عدة مدارس تصنِّفه، حيث ترى مدرسة منها أن هذا القرن سيكون لأمريكا أيضًا، بينما هناك مدرسة أخرى تقول إنه للتنين الصيني، فيما ترى مدارس أخرى أن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام.
وأضاف، خلال كلمته في ختام أعمال الجلسة الختامية من الندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء المصرية التي انعقدت بمناسبة اليوم العالمي للإفتاء: يجب أن أشير إلى موسوعة مهمة صدرت في أوائل هذا القرن، وهي موسوعة عن الإسلام والعالم الإسلامي، وبها ما يقرب من 500 مقال عن الإسلام والمسلمين، حيث أشار إلى الفقرة الأولى من هذه الموسوعة الضخمة التي تقول إن هناك عددًا متزايدًا من العلماء والمفكرين أعلنوا أن القرن الحادي والعشرين سيكون عصر الإسلام، موضحًا أن هذا المعنى قد يكون إيجابيًّا وقد يحمل في طياته ظلالًا سلبية.
وتابع: هذا المعنى الأخير هو ما أشارت إليه هذه الموسوعة، واصطفاها الكاتب المحرر لها مما يقرب من 500 كاتب، موضحًا أن هذه الفقرة تشير إلى كيف يرانا الآخر، قائلًا: إن الآخر يرانا مصدر قلق، فهم قلقون من الإسلام، كما يرى الآخر أنه لا يوجد إسلام واحد، بل هناك عدَّة نسخ من الإسلام، وهذا ما أكده الكاتب في مقدمة الموسوعة حول وجود العديد من التفسيرات للإسلام، مثل: الإسلام الوهابي والإسلام الشيعي والإسلام الحداثي.
كما لفت الدكتور إبراهيم نجم النظر إلى أنَّ كاتب الموسوعة أكَّد أيضًا أنَّ القرن هو قرن الإسلام؛ نظرًا لما يمثله الإسلام من مصدر قلق للعالم، مشيرًا إلى أن عكس القلق هو الأمن، ومن ثَمَّ على عاتقنا جميعًا -خاصة العلماء والمفتين- أن نصدِّر الإسلام الصحيح الذى هو مصدر أمن واستقرار للإنسانية جمعاء.
وفي ختام كلمته أكد الدكتور نجم أنَّ الإسلام علَّمنا التفاؤل في أحلك الظروف، وأن هناك نقطة ضوء، قائلًا: "وهنا لا أتكلم كلامًا وعظيًّا، ولكن أتكلم عن مشروع فكري يمثِّل نقطة ضوء للعالم، حتى نصدِّر للعالم أن الإسلام مصدر أمن واستقرار، ونقطة الضوء هنا هي "مصر الأزهر" إذا أردنا أن نصدِّر إسلامًا صحيحًا، ونحن نعلم أنه لا توجد نسخ أو إصدارات أخرى من الإسلام الصحيح، وهذا ما تعلَّمناه ودرسناه في الأزهر الشريف.
وأكد أن العالم كله محتاج إلى هذه البارقة، ومن ثَمَّ علينا أن نصدر هذه النسخة من الإسلام الصحيح؛ النسخة التي تجمع بين الفهم الدقيق للنصوص الشرعية؛ وفهم الواقع وإيجاد علوم الآلة لتنزيل النص الشرعي على الواقع المتغير، مشددًا على أن هذه صناعة لا نجدها إلا في الأزهر الشريف.
وأردف: لا يجب أن أتحدث عن دار الإفتاء المصرية دون أن أتحدث عن الأزهر الشريف، كما لا يجب أن أتحدث عن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم دون التحدث عن دار الإفتاء المصرية، مشيرًا إلى أن اليوم يوافق السادس عشر من ديسمبر 2024، وأمس كنا قد احتفلنا بمرور 9 سنوات على إنشاء الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، واليوم دخلت الأمانة العامة عامَها العاشر، فالحمد لله على هذا الفضل والكرم.
وفي الختام، استعرض الدكتور نجم بعض إنجازات الأمانة العامة خلال السنوات الماضية، وعلى رأسها جمعها العلماء والمفتين على طاولة واحدة، باعتبارها المنصة الوحيدة التي جمعت المفتين في كيان واحد في بلد الأزهر الشريف "مصر"، مشيرًا إلى أنَّ مصر هي البلد المؤهلة لقيادة هذه القاطرة في هذا الوقت العصيب من تاريخ الأمة الإسلامية، قائلًا: "كلنا أمل في فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، في قيادة مستقبل باهر للأمانة العامة ولدار الإفتاء، وقيادة هذه القاطرة إلى بر الأمان، وأن نصدر تحت قيادته أمنًا واستقرارًا للعالم.