المسجد الأقصى المبارك هو ثاني مسجد وضع في الأرض للناس بعد المسجد الحرام، فعن يزيد التيمي قال: سمعت أبا ذر يقول: «سألت رسول الله ﷺ عن أول مسجد وضع في الأرض؟ قال: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم بينهما؟ قال أربعون عاما. ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل» [البخاري ومسلم]. وأن الإهلال من المسجد الأقصى بعمرة أفضل من الإهلال من أي مكان آخر، حيث قال النبي ﷺ: «من أهل من المسجد الأقصى  بعمرة غفر له ما تقدم من ذنبه» [ابن حبان].

وفى هذا الصدد.. قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، إن من تعظيم المؤمن للأماكن التي اختارها الله بالبركة والقداسة أن يعظم المسجد الأقصى، أو القدس الشريف، أو بيت المقدس وهي تلك المساحة التي تضم المسجد الأقصى الحالي ومسجد قبة الصخرة والمدرسة العمرية، وهي نفس المساحة التي يريد اليهود بناء هيكلهم عليها، فهذه مجتمعة في مساحة المسجد الأقصى، والتي قال تعالى عنها: ﴿سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾  [الإسراء :1].

واضاف د.علي جمعة، عبر صفحته الرسمية "فيس بوك" أنها هي الأرض المقدسة التي أمر الله اليهود بدخولها في زمن موسى عليه السلام، قال تعالى: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِى كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [المائدة :21].

ذنب أعظم من الزنا وترك الصلاة .. احذر أن تقع فيه احذر من فعل يستهين به الكثيرون يدخل النار.. الأزهر للفتوى يوضحه

وأشار "جمعة" إلى أن النبي ﷺ قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى» [البخاري ومسلم] فيتضاعف أجر الصلاة في هذه المساجد دون غيرها من المساجد، ولذا فلا تقصد مساجد بالسفر رغبة في تضاعف أجر الصلاة فيها إلا هذه المساجد.

وليس في هذا الحديث ما يحرم السفر وشد الرحال لغير المساجد الثلاثة، فالسفر لزيارة مسجد غير هذه الثلاثة من باب السياحة والتعلم وغير ذلك جائز كمن زار دمشق لزيارة المسجد الأموي مثلا، أو زار القاهرة لزيارة جامعة الأزهر، أو غير ذلك، كما يجوز للإنسان أن يسافر لغير المساجد الثلاثة لطلب العلم وطلب الرزق والسياحة وغير ذلك من أسباب السفر المعروفة.

وأوضح "جمعة" أن العلماء اتفقوا في هذا الفهم وننقل قول الشيخ سليمان بن منصور المشهور (بالجمل): «(لا تشد الرحال) أي للصلاة فيها فلا ينافي شد الرحال لغيرها... إلى أن قال : قال النووي : ومعناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه الثلاثة، ونقله عن جمهور العلماء. وقال العراقي : من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط؛ فإنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة، وأما قصد غير المساجد من الرحلة لطلب العلم وزيارة الصالحين, والإخوان, والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلًا فيه.

3 أمور طلبها نبي الله «سليمان» عندما انتهى من بناء بيت المقدس.. ما هي؟ 3 آيات اقرأها على أولادك قبل نزولهم للمدرسة.. يحفظهم الله دعاء واحد يعينك على أداء صلاة الفجر كل يوم الإفتاء تحذر من فعل يبطل الصدقة ويحرم من ثوابها

وأكد أن ذلك ورد مصرحا به في رواية الإمام أحمد، وابن أبي شيبة بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه مرفوعا: «لا ينبغي للمصلي أن يشد رحاله إلى مسجد يبتغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام, والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وفي رواية : «لا ينبغي للمطي أن تشد رحالها» ... إلخ قال السبكي : وليس في الأرض بقعة فيها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة. قال : ومرادي بالفضل ما شهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكمًا شرعيًا، وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها، بل لزيارة، أو علم، أو نحو ذلك من المندوبات، أو المباحات، وقد التبس ذلك على بعضهم، فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لمن في غير الثلاثة كسيدي أحمد البدوي ونحوه داخل في المنع وهو خطأ; لأن الاستثناء إنما يكون من جنس المستثنى منه، فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد، أو إلى مكان من الأمكنة؛ لأجل ذلك المكان، إلا إلى الثلاثة المذكورة، وشد الرحال لزيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل لمن في المكان فليفهم ا هـ . برماوي» [حاشية الجمل].

وتابع "جمعة" أن المسلم يقدس الأزمان المباركة ورأينا ذلك في شهر رمضان والأشهر الحرام ويوم الجمعة، ويومي عرفة وعاشورا، وغير ذلك من الأزمان، كما أنه يقدس الأماكن المباركة ورأينا ذلك في الكعبة المكرمة ومكة، وفي المدينة المنورة وفي القدس الشريف، وفي المقال القادم نرى تقديس المؤمن للأشخاص المباركة والأشياء المباركة.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد الأقصى المسجد الأقصى المسجد الحرام الرحال إلى إلى مسجد غیر ذلک

إقرأ أيضاً:

الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري.. سادن الأقصى الذي أتقن حمل السلاح

شيخ وعالم ومقاوم فلسطيني ولد في جبل صهيون بالقدس عام 1985 وتوفي عام 1949. تولى منصب سادن المسجد الأقصى المبارك، كما عرف عنه مقاومته الشديدة للاستعمار البريطاني والعصابات الصهيونية.

الولادة والنشأة

وُلد الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري سنة 1895 في جبل صهيون قرب مقام النبي داود عليه السلام، جنوب غرب البلدة القديمة في مدينة القدس الشريف.

وظل في مسقط رأسه حتى ناهز 20 عاما من عمره، ثم انتقل إلى إحدى دور الأوقاف بالقرب من باب حطة في ناحية باب الأسباط، وهناك قضى مع أمه وأبيه وسائر إخوته نحو 9 أعوام.

بنى لنفسه منزلا في حي الشيخ جراح شمال باب العامود.

الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري جمع بين العلم والجهاد (صورة مصممة بالذكاء الاصطناعي) (الجزيرة/ميدجورني) الدراسة والتكوين

ابتدأ الشيخ فائق حياته العلمية بدراسة القرآن وتجويده في المسجد الأقصى، ثم التحق بالمدرسة الإسلامية الكائنة بظاهر سور المسجد من جهة باب الساهرة، والتي عُرفت باسم "كلية الروضة" بعد سيطرة الانتداب البريطاني على القدس، وظلت تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية حتى ضمت المدينة -وغيرها مما تبقى من مدن وقرى فلسطين في أيدي العرب- إلى المملكة الأردنية الهاشمية تحت اسم الضفة الغربية.

وقد تلقّى الشيخ فائق في تلك المدرسة مختلف العلوم الدينية واللغوية، إضافة إلى اللغة التركية التي كان يفرضها العثمانيون على طلاب المدارس الإسلامية في مختلف بقاع الشام.

وكان يتردد بين الحين والآخر على مجالس الوعظ وحلقات الفقه ودروس الحديث في كل من الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك.

إعلان الوظائف والمسؤوليات

التحق الشيخ فائق بوظيفة إدارية في محكمة الاستئناف الشرعيّة بالقدس، ثم نُقل إلى إدارة الأوقاف، وأُسند إليه الإشراف على أوقاف التكارنة وتكية الأتراك.

وظل يباشر مهام منصبه ذاك حتى أصدر المجلس الإسلامي الأعلى سنة 1931 قرارا بترقيته إلى منصب شيخ سدنة المسجد الأقصى.

عمليات فدائية

وقد أتاح له هذا المنصب -الذي تتوارثه عائلة الأنصاري- فرصا للمشاركة السرية والعلنية في الأعمال الوطنية بعيدا عن أعين الإنجليز.

فقد كانت وظيفته تبعد عنه الشكوك والشبهات، ولم يكن يخطر للإنجليز أن شيخ سدنة المسجد الأقصى يجيد حمل البندقية ويحسن استعمال الأسلحة الأوتوماتيكية، بل إلقاء القنابل اليدوية وتفجير أصابع الديناميت.

وكان للشيخ فائق شحادة سهم وافر في محاربة الحركة الصهيونية ومقاومة الاستعمار البريطاني إبان الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936.
وقد استهل جهاده في سبيل تحرير بلاده من حكم البريطانيين بالانتماء إلى جمعية "اليد السوداء"، التي كان يرأسها شكيب قطب، وكانت تنفذ أعمالا فدائية ضد العصابات الصهيونية المسلحة والجنود البريطانيين.
وكانت أول عملية فدائية أشرف عليها الشيخ فائق مع هذه المنظمة في أبريل/نيسان 1936، إذ دمرت سيارة عسكرية إنجليزية كانت تقف خارج باب الأسباط لاعتراض جماهير المسلمين الذين كانوا في طريقهم من المسجد الأقصى إلى حي رأس العمود ليستقلوا السيارات لزيارة مقام النبي موسى جريا على العادة المتبعة كل عام احتفالا بمولده عليه السلام.

ومن العمليات الفدائية التي نفذها أيضا أنه ألقى قنبلة يدوية من خلف سور المسجد الأقصى على جماعة من مسلحي العصابات الصهيونية أمام حائط البراق.
وفي الأول من مايو/أيار 1936، خرج الشيخ فائق ومعه 4 من الفدائيين الذين كانوا يسيرون خلفه دون أن يشعر أحد بأنهم في صحبته إلى جهة محطة القدس العمومية للسكك الحديدية لتنفيذ عملية نسف قطار يقل مئات الجنود الإنجليز إلى تل أبيب.

إعلان

وقد استطاع الشيخ فائق ورفقاؤه من أعضاء منظمة "اليد السوداء" أن ينسفوا ذلك القطار بعد خروجه من المحطة بدقيقتين فقط، إذ انفجرت فيه أصابع الديناميت التي وضعوها عند أول طريق بيت صفافا-القدس.

دُمّرت القاطرة، وتحطمت 3 عربات، وقُتل وجُرح عدد كبير من الإنجليز، كما أصيب نحو 50 من أفراد المنظمات الصهيونية.
وفي شهر أغسطس/آب من العام نفسه أوكلت قيادة "اليد السوداء" إلى الشيخ فائق أمر تفجير قنبلة يدوية في دبابة إنجليزية كانت تقف أمام باب الخليل قرب القشلاق، وقد بلغت دقة تنفيذه أن ألقى القنبلة في جوف الدبابة.

وروى شهود عيان أن الإنجليز لم يشكوا به، ولا ظنوا أنه هو الذي ألقى القنبلة، إذ أبدى الخوف والفزع وألقى بنفسه على الأرض متظاهرا بالإغماء.

وفي سنة 1948، كان الشيخ فائق يقضي الليالي وحده في غرفته بالمسجد الأقصى والأبواب مغلقة عليه، وقنابل اليهود تتساقط من حوله. وذهب في صبيحة ذلك اليوم على رأس وفد من أهالي القدس إلى الكتيبة الأردنية التي كانت تعسكر في جبل المكبر ليطالبها بالجد في المحافظة على المسجد الأقصى.

ومما رُوي عنه أنه قال لقائد الكتيبة "إذا كنتم لا تريدون المحافظة على المسجد الأقصى، فإن الجماهير من أهالي القدس مستعدّون للدفاع عنه والمحافظة عليه بأرواحهم، ولا نريد منكم سوى أن تعطونا هذه البنادق التي في أيديكم".

وفي أواخر أبريل/نيسان 1948، هجم اليهود على باب العامود فتصدى لهم الشيخ فائق على رأس فريق من الحرس الوطني، واستمرت المعركة نحو ساعتين، وانتهت بانتصار المسلمين، وأصيب على إثرها الشيخ فائق بشظايا قنابل.

الوفاة

أصيب الشيخ فائق في صدره بشظايا قنابل، وحُمل إلى مستشفى المطلع بالطور، وهناك أُجريت له عملية جراحية لاستخراج الشظايا، لكنه ظل متأثرا بهذه الجراح حتى توفي سنة 1949.

دفن في مقبرة باب الرحمة بمدينة القدس الشريف بعد حياة حافلة بأعمال البطولة والفداء.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يواصل الاقتحامات وهدم المنازل في الضفة
  • «إسلامية الشارقة» تفتتح 3 مساجد في الشارقة وكلباء
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى وسط حماية من الشرطة الإسرائيلية
  • إمام يعثر على جمجمة طفل داخل مسجد
  • تفاصيل العثور علي جمجمة طفل في أحد المساجد بحي الأربعين في السويس
  • الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري.. سادن الأقصى الذي أتقن حمل السلاح
  • افتتاح مسجد رشاد عثمان بمدينة النوبارية الجديدة
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • نحو 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في رحاب الأقصى المبارك
  • المسجد الأقصى أقل قداسة من مكة .. مفتي الجمهورية يرد