تداعيات عملية حماس على الصراع العربي الإسرائيلي
تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT
أظهرت عملية حماس الأخيرة القدرة المهنية العالية التي تتمتع بها، لإلحاق خسائر غير مسبوقة في الأرواح والبنية التحتية لإسرائيل منذ عام 1973، وأعادت الأمل لجيل فلسطيني فقد الأمل بقيادته، والمجتمع الدولي لتحقيق آماله الوطنية، فقرر أخذ الأمور بيده، وبتخطيط دقيق لم يعهد العالم العربي الكثير منه منذ أمد طويل.
عدة أسئلة تطرحها هذه العملية وما بعدها للمجتمع الدولي، من المفيد التوقف عندها واستخلاص الدروس المناسبة، السؤال الأول يتعلق بدرجة الدهشة غير المفهومة التي أبداها هذا المجتمع من العملية. قد يكون حجم العملية وتوقيتها ومدى مهنيتها وفاعليتها مصدر دهشة للجميع، ولكن حصولها ينبغي أن لا يستغرب منه أحد. فبعد عقود من الحصار الخانق لفلسطينيي غزة، وغياب أي أفق سياسي يطرحه المجتمع الدولي ولسنوات طويلة، إضافة للغطرسة والعنصرية التي تبديها إسرائيل، خاصة من الحكومة الحالية، يجعل من المستغرب عدم حصول هذه العملية وليس العكس.
إسرائيل خسرت الكثير سواء من ناحية صورتها المتفوقة عسكريا، أو محاولتها القفز فوق الجانب الفلسطيني وإعطاء الانطباع بأن السلام ممكن في المنطقة، من دون الوصول إلى اتفاق معهم.
بعبارة أخرى، لا يستطيع المجتمع الدولي الاستمرار في تجاهل إعطاء الفلسطينيين حقوقهم القومية والسياسية والإنسانية المشروعة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ثم يتوقع أن يبقى الجانب الفلسطيني قانعا خانعا. الحقيقة الساطعة اليوم، أن الفلسطينيين لن يقبلوا بالاحتلال والعنصرية والأبرتهايد الإسرائيلي مع مرور الزمن، بل إنهم اليوم يثبتون أن عامل الزمن سيعمل لصالح تحقيق تطلعاتهم الوطنية والقومية وليس العكس. السؤال الثاني يتعلق بالاتفاقات الإبراهيمية. تثبت هذه العملية بوضوح أن تركيز المجتمع الدولي على هذه الاتفاقات، بما في ذلك المفاوضات السعودية الأمريكية لدخول السعودية هذه الاتفاقات، مع استمرار تجاهل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الفلسطينيين لتطلعاتهم الوطنية، هي سياسة قاصرة لن يكتب لها النجاح. لقد أسقطت هذه العملية الحجة الإسرائيلية التي ينادي بها نتنياهو، صباح مساء، أن السلام مع الفلسطينيين ليس ضروريا ما دامت إسرائيل تستطيع التطبيع مع الدول العربية، من دون التوصل لحل مع الجانب الفلسطيني.
ماذا عن المستقبل؟ علّمنا الماضي أن أزمات الصراع العربي الإسرائيلي أدت إلى عمليات سياسية.. حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 أدت الى اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، كما أن الانتفاضة الأولى وحرب الخليج الأولى، أدت إلى مؤتمر مدريد للسلام ثم أوسلو، لكن الظروف مختلفة اليوم. فالحكومة الإسرائيلية اليوم في ذروة تطرفها وعنصريتها، وليست في وارد أي مفاوضات جدية. أما السلطة الفلسطينية، فسيزداد ضعفها أمام ما قامت به حماس، ولن تستطيع ادعاء تمثيلها الحقيقي للشعب الفلسطيني. كما أن الولايات المتحدة منشغلة بالانتخابات الرئاسية، وليس في واردها إطلاق أي جهد سياسي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال. نحن أمام حالة جديدة من الصراع، لا يشعر فيها الجيل الفلسطيني الجديد بأي أفق سياسي، ولذا فإن السيناريو الأكثر احتمالا هو المزيد من العنف، تعبيرا عن حالة الإحباط الشديدة التي يشعر بها الفلسطينيون، من دون أن يؤدي ذلك إلى عملية سياسية في المدى القريب. أما في المدى البعيد، فإن البعد الديمغرافي سيفرض نفسه بشكل إيجابي لصالح الفلسطينيين.
لقد أثبتت عملية حماس الأخيرة أن التفوق العسكري الإسرائيلي لن يحسم الصراع، كما لن تحسمه كل الاتفاقيات العربية الموقعة مع إسرائيل. يفرض الفلسطينيون اليوم أنفسهم بشكل جلي، ما يؤشر إلى عدم إمكانية الرجوع إلى مرحلة ما قبل هذه العملية. قد ينجح نتنياهو اليوم في الحصول على دعم المعارضة الإسرائيلي مرحليا، ولكن إسرائيل خسرت الكثير سواء من ناحية صورتها المتفوقة عسكريا، أو من ناحية محاولة القفز فوق الجانب الفلسطيني وإعطاء الانطباع بأن السلام ممكن في المنطقة، من دون الوصول إلى اتفاق مع الفلسطينيين.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حماس التطبيع حماس تطبيع طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجانب الفلسطینی المجتمع الدولی هذه العملیة من دون
إقرأ أيضاً:
غوتيريس: إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة ضغط على الفلسطينيين
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل تستخدم المساعدات الإنسانية كأدة للضغط على الفلسطينيين في قطاع غزة.
وفي جلسة لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في الشرق الأوسط، قال غوتيريس: "يجب السماح بوصول المساعدات بدون عراقيل ووقف النزوح المستمر للفلسطينيين".
وأضاف: "لدينا مسؤولية لإنهاء الاحتلال والعنف ودعم حل الدولتين".
وشدد على أنه يجب "عدم السماح بتلاشي حل الدولتين".
من جانبه، قال المندوب الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور إن إسرائيل "تواصل حصار مليوني فلسطيني في غزة وتحرمهم من مستلزمات الحياة".
وأكد منصور على وجوب وضع حد "لانتهاكات إسرائيل في غزة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع".
وطالب منصور المجتمع الدولي بالتحرك "ضد انتهاكات المستوطنين في الضفة الغربية وخطط الضم".
أما مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فشدد على ضرورة تحرك العالم لوقف "الكارثة" في غزة.
وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة ردا على هجوم حركة حماس عليها في السابع من أكتوبر 2023، والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واقتياد 251 رهينة إلى القطاع.
وقال مسؤولو الصحة في غزة إن الحملة الإسرائيلية أسفرت منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.