عربي21:
2024-10-04@23:46:07 GMT

أكتوبر الثاني.. والتداعيات

تاريخ النشر: 9th, October 2023 GMT

هذه هي الكفّ التي لاطشت المخرز وأدمته.. هذه هي غزة تهز كل ما تبقى، هي غزة البائسة والفقيرة والحزينة تنفجر دفعة واحدة بما يفوق كثيراً واقعها وإمكانياتها، لتصنع واحداً من مستحيلات الواقع الذي بدا عصيّاً.

ما الذي حدث؟ حلم كبير في جانب، وكابوس أكبر على الجانب الآخر الذي ظن أنه ينام على حرير فائض القوة.

«يوم كيبور» جديد بعد خمسة عقود على الأولى لم تشف منها الذاكرة الإسرائيلية بعد لتتلقى أُخرى بعد نصف قرن.

صدمة وذهول وفاجعة سادت في ساعاتها الأولى، ولن تغادر التاريخ الإسرائيلي الذي استدعى لنفسه كل هذه الحروب، وأصر على أن يعيش على السيف مُدمًى وجريحاً وملاحقاً. أضاعت إسرائيل كل الفرص العام 2000، وكانت اللحظة فارقة في تاريخها، فقد انهزمت أمام قوة «حزب الله»، وفي نفس اللحظة كانت تمارس الخديعة مع ياسر عرفات رجل السلام لتعيد صياغة عقل المنطقة نحو فعالية السلاح، وقد كان.

انهيار لم يتوقعه الأمن الإسرائيلي في أسوأ كوابيسه. كيف تدخل غزة ذات التصنيع العسكري المنزلي لتجتاح بلدات ومدناً بهذه السهولة؟ كيف كان الجيش والأمن نائمَين؟ وأين كانت الدولة التي لا تكف عن استعراض قدراتها الاستخبارية والتكنولوجية والذكاء الاصطناعي، ومجسات الأمن ومراقبة الأنفاس وكروكي البيوت، وحركة الناس في غزة وشوارعها ورصد غرف نومها وحساب أنفاسها؟ كيف تبخر كل هذا؟ الحساب عسير؛ فالفشل الاستخباري ذريع.

وهْم القوة وغرورها.. عنجهية التاريخ.. ادعاء التفوق القومي والعسكري والأمني والعلمي، وكل شيء، أصاب دولة بعمى القوة فأعجزها عن رؤية الفرص والتقاطها.. احتقارها للأنداد والخصوم بلا حساب ودون أن تحسب أن لسعة البعوض تدمي الفيل. كان نتنياهو يختال في الأمم المتحدة، يتحدث عن الإقليم وعن التطبيع، ويتحدث عن الفلسطينيين باعتبارهم مجرد حشرة يجب ألا تقف عائقاً أمام الدول الكبرى، ليكتشف أن أصغر منطقة في فلسطين ستصيبه بهذه الفضيحة التي ستكتب نهايته مكللاً بالعار.

ما حدث أقرب للخيال من منطق الحروب. كيف تفيق الدولة المدججة والمحصنة خلف الكتل الإسمنتية ذات صباح وتجد كل هذا العدد من المقاتلين داخل البلدات، وبكل هذه السهولة، كأن سنوات من التحصين وكاميرات الذكاء الاصطناعي، وجدار بارليف الثاني، يتم اقتحامها بكل تلك السهولة. وكيف يقع هذا العدد من الأسرى بيد المقاتلين؟ وكيف تنهار المواقع العسكرية بلا مقاومة؟ تساؤلات ستطيح بكل الرؤوس.

بالغت إسرائيل في احتقار الفلسطينيين، وبالغت في إنكار الواقع حد الجنون، وبالغت في الإمعان بالنيل من واقعهم ومستقبلهم وكرامتهم وقدسهم وأقصاهم. استنفرت كل ما فيهم من كرامة مهما كلف الثمن. فمن فتح هذه المعركة كان واضحاً أن خصمه بالغ في امتهان كرامته ولم يعد يأبه بما يخسره. كيف دفعت إسرائيل المنطقة لكل هذا وتدفع ثمنه؟ فقد سجل اقتحام المقاتلين من غزة أكبر ضربة للأمن الإسرائيلي، ليس فقط لقوة الردع التي يجري منذ أشهر الحديث عن تآكلها.. هذه المرة جرى انهيارها وسقطت الهيبة، ولن تتمكن من استعادتها مهما فعلت واستخدمت من قوة ضد غزة.

كيف ستستعيده إسرائيل التي تلقت هذه الضربة القوية؟ مجازر ضد غزة؟ وهل توقفت هذه؟ فمنذ أشهر قليلة فقط كانت تلقي بحممها على القطاع دون أن تبحث عن حلول. استمرت في حصار القطاع بلا رحمة، واستمرت في اجتياحات الضفة، ومشاهد حرق حوّارة في الذاكرة الفلسطينية، وصرخات الاستغاثة من نساء القدس، والمساس بالأسرى والتضييق عليهم، واقتحامات الأقصى التي يحرض عليها الوزير إيتمار بن غفير والذي تلقى تحذيرات من أجهزة الأمن بأنه يحمل عود ثقاب يطوف به وسط مخازن البارود، ولكن الغطرسة أبعد من أن تفهم أن صراعات الشعوب ليست لعبة ساذجة في أيدي الهواة الراسبين في علوم السياسة وساقطيها.

منذ أيام فقط كانت الذاكرة تعود لمفاجأة أكتوبر، ومراجعة لجنة أغرانات، ورأس رئيس الاستخبارات إيلي زاعيرا، ورئيس الأركان دافيد إليعازر، وإذ بأكتوبر جديد يتجسد ذات فجر في غرفة النوم. أي لجنة تحقيق جديدة ستكون؟ وكم عدد الرؤوس التي ستطير؟ ومن القاضي الذي سيترأسها؟ إنها هدية غزة وقواتها للجهاز القضائي في إسرائيل للانقضاض على نتنياهو في ذروة معركته، وهدية للبيت الأبيض ستخلصه من كابوس نتنياهو وظله الثقيل إلى غير رجعة، وهو حلم الحزب الديمقراطي منذ أكثر من ربع قرن. فهو أول ضحايا الحرب التي سالت على أرض المعركة؛ فقد جعل الإسرائيليين يدفعون كل هذا الثمن، وحطم كل الفرص، وناور على الجميع، وها هو يقع.

لجنتا تحقيق شكّلتهما إسرائيل منذ قيامها بعد حروب بادر إليها العرب، وستكون اللجنة الثالثة بعد أن تنتهي الحرب التي بدأت بالأمس. قد يكون من المبكر الحديث عن نتائج في بدايات الحرب، لكننا أمام حدث ستكون له تداعياته الكبرى جداً، وأثمانه غير القليلة، وأبعاده التي ستطال إستراتيجيات كبرى في السياسة كانت ثابتة لعقدين ما قبلها ليس كما بعدها.. التحولات ستطال كل شيء.

«مقالي، أول من أمس، عن حرب 73 كان بعنوان «لحظة أكتوبر والتداعيات»، لذا كان عنوان هذا المقال «أكتوبر الثاني والتداعيات».

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة القدس القدس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کل هذا

إقرأ أيضاً:

أعظم بكثير مما كانت تتخيله.. إسرائيل تتحدث عن الرد على إيران

قال مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، الأربعاء، إن العواقب التي ستواجهها إيران بسبب أفعالها ستكون "أعظم بكثير مما كانت تتخيله" بعد الهجوم الصاروخي الذي شنته على إسرائيل الثلاثاء.

وطالب دانون، في جلسة طارئة بمجلس الأمن الدول الأعضاء بفرض عقوبات فورية على إيران بعد هجومها الذي أطلقت فيه عشرات الصواريخ على إسرائيل ردا على اغتيال حسن نصرالله وإسماعيل هنية.

"إسرائيل سترد على هجوم إيران خلال أيام".. تقرير يكشف "الأهداف المحتملة" قال مسؤولون إسرائيليون إن بلادهم سوف تبدأ "ردا قويا" على الهجوم الإيراني الصاروخي الذي استهدف إسرائيل، مساء الثلاثاء، في غضون أيام، وقد يشمل استهداف منشآت نفطية ومواقع استراتيجية إيرانية أخرى.

من جهته، اعتبر مبعوث إيران لدى الأمم المتحدة أن إسرائيل "تدفع المنطقة إلى حافة كارثة غير مسبوقة".

وقال إن السبيل الوحيد لمنع المزيد من التصعيد هو أن تنهي إسرائيل الحرب في غزة وتوقف الهجمات على لبنان.

وأشار مبعوث إيران إلى أن الرد كان "ضروريا لاستعادة التوازن والردع" وححذر إسرائيل من أن كل "عمل عدواني تقوم به سيواجه بعواقب وخيمة".

وأعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، أن إيران أطلقت نحو 200 صاروخ على إسرائيل، الثلاثاء، في تحديث لرقم سبق أن أعلنه الجيش مشيرا إلى إطلاق 180 صاروخا.

وقال الليفتنانت جنرال هرتسي هاليفي في بيان إن "إيران أطلقت نحو 200 صاروخ على دولة إسرائيل أمس". وكان التلفزيون الرسمي الإيراني تحدث في وقت سابق عن إطلاق مئتي صاروخ.

وأكد مصدر إسرائيلي، الأربعاء، تعرض قاعدة جوية تابعة للجيش لسقوط صاروخ بالستي، من بين الصواريخ الإيرانية التي سقطت على الأراضي الإسرائيلية.

وأضاف المصدر المخوّل بالحديث دون ذكر اسمه، لقناة "الحرة" أنه لم يتم تسجيل أي أضرار سواء في الطائرات أو القدرات العسكرية، وكذلك لا أضرار على الاستمرارية  ولا على خطط المتابعة.

والدليل على ذلك، كما يوضح المصدر، أن طائرات هبطت وأقلعت من جميع من جميع قواعد سلاح الجو خلال الغارات التي شنها الجيش الإسرائيلي لاحقاً بعد انتهاء الهجوم الصاروخي الإيراني.

وفي الوقت ذاته، تعرضت الهياكل الإدارية لبعض الأضرار ولكن دون المسّ بالقدرات العملياتية، وفق المصدر.

وشنت إيران هجوما صاروخيا على إسرائيل، ليل الثلاثاء، اعتبرته "ردا" على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والقائد الكبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري عباس نيلفوروشان، الأسبوع الماضي بضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، طهران، بـ"دفع الثمن"، معتبرا أنها ارتكبت "خطأ جسيما" بقصفها بلاده بوابل من الصواريخ الباليستية.

وفي ما يتعلق بمطالبة المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، الجمهور، بعدم الإدلاء بأي تفاصيل عن مواقع سقوط الصواريخ، قال المصدر "إذا قيل مكان الضربة، فسيعرف العدو ببساطة المواقع التي أصيبت"، لذلك يجب عدم نشر معلومات.

ويقول المصدر الإسرائيلي "نحن لا نرد، بل نهاجم ونقاتل"، مبيناً لـ"الحرة" أن لدى الجيش الإسرائيلي خطة، وهو يعمل في قطاع غزة وشمال إسرائيل بناء على خطط.

ويكمل حديثه: "نحن في حملة طويلة جداً، هناك رهائن يجب أن يعودوا وهناك حملة كبيرة في الشمال".

ووسط تعدد جبهات القتال الإسرائيلية، يقول المصدر إن "الحرب قاسية والجيش وسلاح الجو لحماية المدنيين".

مقالات مشابهة

  • هذه حقيقة السيدة اليزيدية التي كانت في قطاع غزة / فيديو
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟
  • أحمد أبو زيد: المعركة الجوية بحرب أكتوبر كانت الأطول في التاريخ الحديث
  • قائد الثورة يكشف تفاصيل حساسة بشأن الهجوم الإيراني على كيان العدو والمواقع التي تم استهدافها وما الذي حدث بعد الضربة مباشرة
  • من هو جعفر قصير الذي اغتالته إسرائيل؟.. صهر حسن نصر الله
  • المتحدث العسكري: المدفعية المصرية كانت مفاجأة قاسية للعدو على طول الجبهة في حرب أكتوبر المجيدة
  • أعظم بكثير مما كانت تتخيله.. إسرائيل تتحدث عن الرد على إيران
  • مبعوث إسرائيل لمجلس الأمن: إيران ستواجه عواقب أعظم بكثير مما كانت تتخيله
  • المتحدث العسكري: حرب أكتوبر المجيدة كانت تجسيدًا لمساندة الشعب المصري لقواته المسلحة في فترة عصيبة من تاريخ الوطن
  • استمرار صرف معاشات شهر أكتوبر 2024.. لليوم الثاني