ما معنى فأتوا بسورة من مثله؟، وهل وقع التحدي بالقرآن أم بأنه صدر من نبي أمي؟ سؤال يشغل ذهن الكثيرين وأجابه الدكتور مختار مرزوق عبدالرحيم العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط.

ما معنى فأتوا بسورة من مثله؟

وقال العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، قد جاء في قوله تعالى (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله) هل وقع التحدي بالقرآن أم بأنه صدر من نبي أمي لأنه سمع بعض العلماء يذكر الرأي الثاني ؟، إن في قوله تعالى ( فأتوا بسورة من مثله ) قولان الأول ﺃﻱ: ﺑﺴﻮﺭﺓ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ اﻟﺒﻼﻏﺔ ﻭﺣﺴﻦ اﻟﻨﻈﻢ، أما الثاني ﻗﻴﻞ: اﻟﻀﻤﻴﺮ ﻟﻌﺒﺪﻧﺎ، ﻭﻣﻦ ﻟﻹﺑﺘﺪاء ﺃﻱ: ﺑﺴﻮﺭﺓ ﻛﺎﺋﻨﺔ ﻣﻤﻦ ﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺑﺸﺮا ﺃﻣﻴﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﺮﺃ اﻟﻜﺘﺐ ﻭﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻢ اﻟﻌﻠﻮﻡ.

وأشار إلى أن الراجح هو اﻟﻮﺟﻪ اﻷﻭﻝ ﺃﻭﻟﻰ ﻷﻧﻪ اﻟﻤﻄﺎﺑﻖ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﻧﺲ: {ﻓﺄﺗﻮا ﺑﺴﻮﺭﺓ ﻣﺜﻠﻪ} (ﻳﻮﻧﺲ، 38) ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺁﻳﺎﺕ اﻟﺘﺤﺪﻱ، ﻭﻷﻥ اﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰﻝ ﻻ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺰﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﺤﻘﻪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻨﻔﻚ ﻋﻨﻪ ﻟﻴﺘﺴﻖ اﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻭاﻟﻨﻈﻢ ﺇﺫ اﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺇﻥ اﺭﺗﺒﺘﻢ ﻓﻲ ﺃﻥ اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﻠﻪ ﻓﺄﺗﻮا ﺑﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻣﺜﻠﻪ، ﻭﻷﻥ ﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﺠﻢ اﻟﻐﻔﻴﺮ ﺑﺄﻥ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻭاﺣﺪ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎء ﺟﻨﺴﻬﻢ ﺃﺑﻠﻎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﺪﻱ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻬﻢ: ﻟﻴﺄﺕ ﺑﻨﺤﻮ ﻣﺎ ﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻋﺒﺪﻧﺎ ﺁﺧﺮ ﻣﺜﻠﻪ، ﻭﻷﻧﻪ ﻣﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻻ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻗﻞ ﻟﺌﻦ اﺟﺘﻤﻌﺖ اﻹﻧﺲ ﻭاﻟﺠﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻮا ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻘﺮﺁﻥ ﻻ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﺑﻤﺜﻠﻪ} (اﻹﺳﺮاء، 88)، ﻭﻷﻥ ﻋﻮﺩ اﻟﻀﻤﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻋﺒﺪﻧﺎ ﻳﻮﻫﻢ ﺇﻣﻜﺎﻥ ﺻﺪﻭﺭﻩ ﻣﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺘﻪ ﻭﻻ ﻳﻼﺋﻤﻪ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﻭاﺩﻋﻮا ﺷﻬﺪاءﻛﻢ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ اﻟﻠﻪ}، ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻣﺮ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻮا ﺑﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻨﺼﺮﻫﻢ ﻭﻳﻌﻴﻨﻬﻢ ﺳﻮاء ﻛﺎﻥ ﻣﺜﻠﻪ ﺃﻡ ﻻ.

لماذا لم يناد الله النبي محمد باسمه المجرد في القرآن؟ علي جمعة يوضح في مشهد مؤثر.. فتاة تركية تذرف الدموع فرحًا لإتمامها حفظ القرآن الكريم «فيديوجراف»

قال تقي الدين السبكي رحمه الله: قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله}. قال الزمخشري {من مثله} متعلق بسورة صفة لها أي بسورة كائنة من مثله وليس مراده التعلق الصناعي، لأن الصفة إنما تتعلق بمحذوف، وقد صرح هو به، أو مراده أنه لا يتعلق بقوله: {فأتوا} ثم قال: والضمير لما نزلنا أو لعبدنا قال الشيخ الإمام: الأحسن عندي أن يتعلق بعبدنا، وإن علق بما نزلنا فيكن بالنظر إلى خصوصيته فيشمل صفة المنزل في نفسه والمنزل عنه، وإنما قلت ذلك لأن الله تعالى تحدى بالقرآن في أربع سور، في ثلاث منها بصفته في نفسه فقال تعالى: {لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} وقال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات} وقال تعالى: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله} والسياق في ذكر القرآن من حيث هو هو ولذلك لم يذكر في هاتين الآيتين لفظة {من} المحتملة للتبعيض ولابتداء الغاية، فتركها يعين الضمير للقرآن.

هل وقع التحدي بالقرآن أم بأنه صدر من نبي أمي؟

وفي سورة البقرة لما قال: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا} قال: {فأتوا بسورة من مثله} فتكون {من} لابتداء الغاية، والضمير في مثله للنبي صلى الله عليه وسلم ويكون قد تحداهم فيها بنوع آخر من التحدي غير المذكور في السور الثلاث، وذلك أن الإعجاز من جهتين إحداهما من فصاحة القرآن وبلاغته وبلوغه مبلغا تقصر قوى الخلق عنه، وهو المقصود في السور الثلاث المتقدمة المتحدي به فيها، والثانية إتيانه من النبي صلى الله عليه وسلم الأمي الذي لم يقرأ ولم يكتب، وهو المقصود المتحدى به في هذه السورة، ولا تمتنع إرادة المجموع كما قدمناه، فإن أراد الزمخشري بعود الضمير على {مما نزلنا} المجموع بالطريق التي أشرنا إليها فصحيح، وحينئذ يكون ردد بين ذلك وعود الضمير على الثاني فقط وإن لم يرد ذلك فما قلناه أرجح.

ويعضده أنه أقرب، وعود الضمير على الأقرب أوجب، ويعضده أيضا أنهم قد تحدوا قبل ذلك وظهر عجزهم عن الإتيان بسورة مثل القرآن، لأن سورة يونس مكية، فإذا عجزوا عنه من كل أحد فهم بالإتيان بمثله ممن لم يقرأ ولم يكتب أشد عجزا فالأحسن أن يجعل الضمير لقوله: {عبدنا} فقط وهذان النوعان من التحدي يشتملان على أربعة أقسام، لأن التحدي بالقرآن أو ببعضه بالنسبة إلى من يقرأ ويكتب وإلى من ليس كذلك والتحدي بالنبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة إلى مثل المنزل، وإلى أي سورة كانت فإن من يكتب لا يأتي بها فصار الإتيان بسورة من مثل النبي صلى الله عليه وسلم ممتنع كانت من كاتب قارئ أم من غيره. فظهر أنها أربعة أقسام؛ ثم قال الزمخشري ويجوز أن تتعلق بقوله: {فأتوا} والضمير للعبد.

قال الشيخ الإمام: هذا صحيح وتكون {من} للابتداء، ولم يذكر الزمخشري على هذا الوجه احتمال عود الضمير على ما نزلنا، ولعل ذلك لأن السورة المتحدى بها إذا لم يوجد معها المنزل عليه لابد أن يخصص بمثل المنزل كما في سورتي هود ويونس فإذا علقنا الضمير هنا في سورة البقرة بقوله: {فأتوا} وعلقنا الضمير بالمنزل كانوا قد تحدوا بأن يأتوا بسورة مطلقة ليست موصوفة ولا من شخص مخصوص؛ فليست على نوع من نوع التحدي فإن قلت {من} على هذا التقدير للتبعيض فتكون السورة بعض مثله يقتضي مماثلتها، قلت المأمور به السورة المطلقة و{من} يحتمل أن تكون لابتداء الغاية، وإن سلم أنها للتبعيض فالمماثلة إنما يعلم حصولها للسورة بالاستلزام، فلم يتحدوا ولم يؤمروا إلا بها من حيث هي مطلقة لا من حيث إن مقتضاه الاستلزام من المماثلة فإن المماثلة بالمطابقة في الكل المبعض لا في البعض، فإن لزم حصولها في البعض فليس من اللفظ. وبهذا يعرف الجواب عن قول من قال: ما الفرق بين فأتوا بسورة كائنة من مثل ما نزلنا، وفأتوا من مثل ما نزلنا بسورة؟ فنقول: الفرق بينهما ما ذكرناه، فإن المأمور به بخصوصه في الثاني سورة مطلقة من حيث الوضع وإن كانت بعضها من شيء مخصوص.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النبى محمد صلى الله علیه وسلم الضمیر على من حیث

إقرأ أيضاً:

الأسئلة الثلاثة الكبرى والأهداف من خلق الخلق .. علي جمعة يجيب

كشف الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، عن الأسئلة الثلاثة الكبرى، منوها أنها: لماذا خلقنا الله؟ ولم يحاسبنا أو يعطينا أو يمنعنا الله؟ وما طبيعة هذه الدنيا؟

ليه ربنا حطنا في اختبار وهو عارف نتيجته.. رد حاسم من الدكتور علي جمعةهل تبقى روح الميت في بيته بعد الوفاة؟.. علي جمعة يوضح الحقيقةالأهداف الثلاثة للخلق

وقال الدكتور علي جمعة، في إجابته على السؤال، إن المذاهب الفلسفية حاولت الإجابة على هذه الأسئلة واختلفت إجابات البشر كثيرا حولها، من أين أتينا وماذا نفعل هنا وماذا سيكون بعد رحيلنا من هذا العالم؟

وأشار إلى أن العاقل هو الذي يجيب على هذه الأسئلة ويبحث ويفكر فيها، منوها أن الله تعالى خلق الخلق من أجل أن يعبدوه ومن أجل أن يعمروا الدنيا ويزكوا النفس، فقال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقال (هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها) وقال (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) منوها أن هذه هي الأهداف الثلاثة لهذا الخلق.

ليه ربنا اختبرنا وهو عارف النتيجة

أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، على سؤال فتاة تقول فيه (ليه ربنا حطنا في اختبار وهو عارف نتيجته؟

وقال علي جمعة، في إجابته على السؤال، خلال برنامجه الرمضاني اليومي "نور الدين والدنيا"، إن الله تعالى خلقنا إكراما له، فالله له صفات من ضمنها الكريم والواسع والرحمن والرحيم، فله أكثر من 150 صفة في القرآن وأكثر من 164 صفة في السنة، وحينما نحذف المكرر من هذه الصفات تصبح أكثر من 240 صفة لله تعالى.

وتابع: أراد الله إكرامنا ويرحمنا، فخلق الملائكة وأمر الملائكة يسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر، فالله أعطانا فرصة، فيأتي شخص لا تعجبه الصلاة أو التكليف أو أنه محرم عليه الكذب والقتل واغتصاب الأطفال، فكيف هذا وقد أسجد الله له الملائكة ووعده الله بالجنة.

وأكد أن الله خلقنا بهذه الصورة لنعبده ونعمر الدنيا ونزكي أنفسنا وندخل الجنة، ولذلك جعلها كلها جمال في جمال، فالقبر هو روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، فالله كريم والإنسان يعبده وهو مشتاق إليه.

مقالات مشابهة

  • بالقرآن الكريم.. دعاء اليوم السادس عشر من رمضان 2025
  • رمضان.. شهر البركة
  • الأسئلة الثلاثة الكبرى والأهداف من خلق الخلق .. علي جمعة يجيب
  • درس التراويح بالجامع الأزهر يدعو للتمسك بخلق التواضع
  • ليه ربنا خلقنا.. علي جمعة يجيب: علشان يكرمنا
  • بالقرآن الكريم.. أدعية ليلة النصف من رمضان 2025
  • لماذا سميت سورة النحل بسورة النعم؟.. إمام مسجد السيدة زينب يوضح
  • المحافظة على روحانية الشهر الفضيل
  • بالقرآن الكريم.. دعاء الليلة الـ14 من رمضان 2025
  • الوقف.. «الصدقة الجارية»