مع حلول عام 2050 توقعت الأمم المتحدة أن يصل سكان العالم لأكثر من 9 مليارات شخص، ويعد التهديد الأكبر لهذا الكم الهائل من البشر هو تحديات الأمن الغذائى وتأمين إنتاج الغذاء بكفاءة أكبر بكثير مما عليه الحال الآن، وإحدى الطرق الجديدة المبتكرة هى استخدام تقنية الزراعة المائية.

وخلال القرن الثامن عشر، اكتشف باحثو فسيولوجيا النبات أن النباتات تمتص المغذيات المعدنية الأساسية فى صورة أيونات لا عضوية ذائبة فى الماء، حيث تعمل التربة فى الظروف الطبيعية كمستودع للمغذيات المعدنية، ولكن التربة نفسها غير ضرورية لنمو النبات، فتستطيع جذور النباتات أن تمتص المغذيات المعدنية الموجودة فى التربة عندما تضاف مياه تقوم بإذابتها، ولذلك لا تكون التربة مهمة لنمو النبات إذا تمت إضافة هذه المغذيات إلى المياه التى يحتاجها النبات بطريقة اصطناعية.

وتمثل الزراعة المائية اتجاهاً ناشئاً فى مجال النظم الغذائية، تستخدم مساحة أقل من الأراضى، خاصة مع زيادة تحديات الأمن الغذائى وأنماط الطقس التى لا يمكن التنبؤ بها بسبب تغير المناخ، يمكن أن تكون الزراعة المائية هى الطريقة الأكثر فاعلية والأكثر تأكيداً لضمان أن طاولاتنا ومخازننا ومعدتنا مليئة دائماً بالطعام.

أستاذ تغذية النبات: صوبة قيراط تعطى إنتاج فدان تقليدى لأنها زراعة تعتمد على التكثيف فى وحدة المساحة

بدوره، قال د. سالم شاور، أستاذ خصوبة الأراضى وتغذية النبات، لـ«الوطن»، إن الزراعة المائية يمكنها أن تحل مشاكل الماء بصورة كبيرة لأن النبات فى هذا النوع من الزراعة لا يحتاج إلى الرى بالغمر كى ينمو ويكوّن المجموع الجذرى والخضرى وإنما يكون بديل الغمر هو استخدام وسط مائى مضاف إليه عدد من العناصر الغذائية التى يحتاج إليها النبات فى مراحل نموه المختلفة، وهو الأمر الذى يسمح له بالنمو فى ظروف متحكم بها، تلك العناصر بعد التحكم بها تعطى نتائج جيدة وتنتج عنها حاصلات زراعية بمواصفات عالية يمكنها المنافسة عالمياً، وهو الهدف الأبرز من تقنيات الزراعة المائية.

وأشار إلى أنه يمكن التحكم فى مواعيد الزراعة والحصول على محاصيل فى غير موعدها بجودة عالية، وأن هذا النوع من الزراعة يقلل هدر الأسمدة لكون النبات لا يحتاج إلى مبيدات مقارنة بالزراعة التقليدية، وذلك لأن الأمراض الفطرية والحشرية للنبات تأتى من التربة الزراعية نفسها كما هو الحال فى الزراعة التقليدية.

إلى جانب تلك المميزات يمكن الحصول من الزراعة المائية على محاصيل وفيرة فى وحدة المساحة المزروعة مقارنة بالزراعة التقليدية، وهذا لأن الزراعة المائية فكرتها تقوم على التكثيف فى وحدة المساحة: «صوبة قيراط تعطى إنتاج فدان تقليدى لأنها زراعة تعتمد على التكثيف فى وحدة المساحة، وممكن أن نحصل على طن خضار من قيراط أرض واحد بس مع العلم إننا بناخد طن من الفدان فى الزراعة التقليدية، وهنا ممكن نحل مشكلة الغذاء ونسد الفجوة ونقلل الاستيراد».

وأوضح أستاذ خصوبة الأراضى وتغذية النبات أن الميكروبات الموجودة فى نظم الزراعة المائية وتحديداً نظام الأكوابونيك «نظام زراعة مائية يسمح بوجود أسماك بالمياه التى يتم تمريرها للنبات» والتى تتكون نتيجة وجود مخلَّفات الأسماك، لها دور مهم فى تغذية النبات والوصول إلى مجموع جذرى وخضرى مميز وذلك لأن البكتيريا النافعة تتجمع فى الفراغات الموجودة بين جذور النباتات، على أن يتم تحويلها إلى مواد تستخدم فى نمو النباتات: «الوسط المائى مهم جداً فى إمداد النبات بالعناصر الغذائية التى يحتاج إليها خلال مراحل النمو، ومن هنا انطلقت فى البحث العلمى الخاص بى حتى أصل إلى نتائج يمكن تطويرها للتوسع بعد ذلك فى الزراعة المائية والتعامل مع المحلول المائى على أنه أهم عناصر النظام لأن نجاح الجذور فى امتصاص الغذاء والعناصر يعود فى المقام الأول إلى جودة الوسط المائى وتوازن تركيزات العناصر به».

دراسة علمية: العناصر الغذائية التى يحتاجها النبات يمكن التحكم فى نسب تركيزها فى الماء

وفى دراسة عملية بجامعة الأزهر، حول الزراعة المائية، أوضحت الدراسة أن العناصر الغذائية التى يحتاجها النبات يمكن التحكم فى نسب تركيزها فى الماء وبالتالى الحصول على نتائج إيجابية تحسن من تجربة الزراعة بشكل عام. الدراسة توضح أنه بزيادة تركيز الكلوريد فى وسط النمو انخفض نمو نبات الذرة، محل التجربة، ومع زيادة تركيز الكبريتات إلى ١٥ ملليمول انخفض نمو نبات الذرة وامتصاصه للعناصر المغذية وكان ذلك أكثر وضوحاً بالنسبة لامتصاص الفوسفات. وتضيف الدراسة: «بداية استخدام الماء المضافة له عناصر مغذية كوسط للنباتات كان فى القرن السابع عشر، والشائع أن روبرت بويل هو أول واحد استخدمه وعمل تجارب على النعناع ولاحظ أنه نما بشكل جيد ومع الحرب العالمية الثانية توقفت الأبحاث لكن كانت الحرب سبباً رئيسياً فى تقدم أبحاث الزراعة المائية لأن الجيش الأمريكى استخدم طريقة الزراعة بدون تربة لكى يمد جنوده بالخضار الطازج يومياً».

رئيس قسم الإرشاد الزراعى: تأثيرها على البيئة أقل ضرراً من الزراعة التقليدية

بدوره، أوضح المهندس سيد مدنى، رئيس قسم الإرشاد الزراعى بمطروح: «إذا نظرنا إلى الزراعة المائية من وجهة نظر بيئية يمكن القول بأن تأثيرها على البيئة أقل ضرراً من الزراعة التقليدية التى تحتاج إلى رش مبيدات لمكافحة آفات الزراعة التى يكون مصدرها فى المقام الأول التربة الزراعية نفسها، فالزراعة المائية بها ميزة مهمة تجعلها حلاً سحرياً للعديد من المشاكل لكونها تستخدم كميات قليلة من الماء لنمو النبات، وهذا لا يعنى أن النباتات يقل استهلاكها للماء فى هذا النوع من الزراعة ولكن التوفير يأتى من عدم وجود هدر، كذلك تقلل من استخدام الوقود لعدم استخدام آلات زراعية فى الحراثة ولا يتم استخدام مبيدات لمكافحة الأعشاب الضارة».

أضاف: «كلما قل استخدام المبيدات والأسمدة كان هناك مردود إيجابى على البيئة وصحة الإنسان، والزراعة المائية هى تكنولوجيا جديدة يمكن أن تساعد البشرية على محاربة الجوع من خلال زيادة الإنتاج مع قلة الاعتماد على كميات كبيرة من الماء فى ظل أزمة نقص المياه».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الزراعة المائية الزراعة المائیة من الزراعة

إقرأ أيضاً:

عفوا.. أعطني الخبز.. مصر تنوع مصادر الاستيراد لرفع الاحتياطي الاستراتيجي من القمح من 6 إلى 9 أشهر لمواجهة الأخطار العالمية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق اللجنة الدولية لتغير المٌناخ «IPCC»: فقدان 17% إلى 20% من إنتاج القمح والشعير عالميًا بفعل المُناخ.. ومصر تستهلك 2.6% من الاستهلاك العالمى

 

خبراء:زيادة واردات القمح واستهداف زيادة المساحات لـ4 ملايين فدان  والزراعة الذكية مناخيًا والتوسع فى أفريقيا وتطوير البحوث الزراعية.. مكونات الاستراتيجية المصرية 

 

13.5 مليون طن قمح مستورد من يناير حتى نوفمبر ٢٠٢٤ بزيادة ٣٥٪.. وتوقعات باستيراد ٥٠٠ إلى ٧٠٠ ألف طن الشهر الجاري

 

 

للقمح لدى المصريين مكانة خاصة، لارتباطه بالغذاء الأساسي فأسموه "عيش" وليس "خبزا" كباقي الدول العربية، حيث تُعد مصر واحدة من أكبر مستوردي القمح فى العالم، وهى تشترى عادةً من الخارج ما يصل إلى 12 مليون طن سنويًا للقطاعين الحكومي والخاص. كما جاءت فى قائمة أكثر الدول استهلاكًا للقمح فى موسم 2023-2024، بما يزيد على 20 مليون طن؛ ما يمثل 2.6% من الاستهلاك العالمي، بحسب تقرير أكتوبر الصادر عن وزارة الزراعة الأمريكية.

وسجلت واردات مصر من القمح 13.5 مليون طن خلال الفترة من يناير حتى منتصف نوفمبر الماضي، لتحقق أعلى معدل استيراد منذ 10 سنوات، وتسجل 35% معدل نمو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ومن المتوقع ارتفاع واردات القمح بنهاية العام الحالى بمقدار من 500 إلى 700 ألف طن جرى التعاقد عليها.

يحذر الخبراء الذين ناقشهم التحقيق من خطر التغيرات المناخية التى سببت فقدان ١٧ ٪ إلى ٢٠٪ من الإنتاج العالمي، كما طالبوا الحكومة بمجموعة من التدابير، أولها زيادة المساحات المنزرعة لتعويض أى خسارة ومواكبة الزيادة السكانية، علاوة على ضرورة الاهتمام بتوفير السلالات الجيدة عالية الإنتاج والأسمدة وتوفير الإرشاد الزراعى للقدرة على رفع معدلات الإنتاج وتقليل فواتير الاستيراد من كافة دول العالم التى رأسها روسيا وأوكرانيا.

يواجه العالم - خلال الآونة الأخيرة - سلسلة من التغيرات المناخية المختلفة؛ التى أثرت بشكل كبير على القطاع الزراعي بأكمله، ويأتى على رأس هذه المحاصيل القمح، الذى يُعدُ من أهم المحاصيل الاستراتيجية على مستوى العالم، وتتمثل هذه التغيرات المناخية فى ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار وزيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة، التى ألقت بظلالها على إنتاج القمح عالميًا، مما أدى إلى تقلبات حادة فى الأسعار وتهديد الأمن الغذائى لكثير من الدول.

وتعاقدت الهيئة العامة للسلع التموينية على شراء ٢٨٠ ألف طن قمح بلغارى وأوكراني، فى مناقصة دولية منتصف أغسطس، رغبت خلالها السلع التموينية فى شراء ٣.٨ مليون طن، لكنها عجزت عن تحقيق ذلك. كما اشترت ٢٩٠ ألف طن قمح مستورد من ٣ مناشئ، هى رومانيا وأوكرانيا وبلغاريا، فى نوفمبر الماضي.

خسارة ١٧ إلى ٢٠٪ من القمح عالميًا

بدوره يقول الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعى للبيئة، من المفترض أن يكون لدى مصر استراتيجية للأمن الغذائي - كباقى دول العالم - على أن تقوم بتنفيذها الوزارات والجهات المختصة سواء وزارة الزراعة أو التموين والتجارة الداخلية أو هيئة السلع التموينية المعنية بمناقصات استيراد القمح، مع العلم يتم تنفيذ بنود الاستراتيجية بحسب كل الجهات سواء فى الاستيراد أو زراعة الأراضى التى تصلح للزراعة عن طريق وزارة الزراعة التى عليها توفير سلالات جديدة من القمح تكون قادرة على مواجهة ارتفاع درجات الحرارة خاصة أننا لدينا خسارة من ١٧ إلى ٢٠٪ فى اجمالى القمح والشعير على مستوى العالم بحسب تأثيرات التغيرات المناخية بحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC.

الدكتور وحيد إمام، رئيس الاتحاد النوعى للبيئةنحتاج زيادة المساحات لـ٤٠٪

ويضيف "إمام": فى حالة التوسعات فى المساحات المنزرعة لـ٢٠٪ لكل من المحصولين "قمح وشعير" سنعوض ما تم خسارته بفعل المناخ الأمر الذى يلزمنا بزيادة المساحات ٤٠٪ والتوسع فى الزراعة التى تتطلب توفير الأراضي التى تصلح لزراعة القمح والشعير وتكثر صلاحيتها فى أراضى صعيد مصر وبعض أراضى الدلتا المستصلحة على الناحية الشرقية والغربية التى تصل لــ٤.٥ مليون فدان، ومصر قادرة على سد الفجوة الغذائية من خلال تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح الأمر الذى يتطلب دراسات عملية على أرض الواقع.

ويواصل "إمام": هناك عشرات الحلول التى يمكن تطبيقها لتقليل فواتير الاستيراد للقمح خاصة أن روسيا وأوكرانيا كانت أبرز الدول ولكن بسبب الحرب الأخيرة سببت فى تراجع الإمدادات ورفعت أسعار الاستيراد وبحثت مصر عن مصادر بديلة مثل الهند وبلغاريا وبعض الدول الأخرى، مع العلم أنه لا بديل من التركيز على زراعته فى الأراضى المصرية عبر خطط وقومية واستراتيجيات تحفيزية للمزارعين عبر عودة الزراعة التعاقدية وتوفير البذور والتقاوى الجيدة علاوة والأسمدة ثم المرحلة التالية وهى تقليل الفاقد أثناء التخزين الذى يصل إلى ١٠٪ ومؤخرًا بدأ العمل فى بناء الصوامع بشكل جيد ومراعاة اشتراطات التخزين الجيد.

الأرقام تعكس زيادة فواتير الاستيراد

ارتفعت واردات مصر من القمح أكثر من مليون طن منذ ٢٠٢٣، وأظهرت البيانات أن مصر استوردت نحو ١٠.٨٨ مليون طن من القمح فى ٢٠٢٣، بزيادة ١٤.٧٪ من ٩.٤٨ مليون طن فى ٢٠٢٢. ويرجع ذلك بشكل رئيسى إلى أن الشحنات المسلمة إلى المشترى الحكومي، الهيئة العامة للسلع التموينية، قفزت بنسبة ٢٦٪ إلى نحو ٥.٦ مليون طن.

كما شهدت أدنى انخفاض للواردات عام ٢٠٢٢ بشكل غير عادى بسبب ارتفاع الأسعار وأزمة العملة الأجنبية فى أعقاب الحرب فى أوكرانيا، عندما لم يتمكن المستوردون من شراء الكثير، وانخفض إجمالى واردات مصر من القمح ١٨.٧٪ إلى نحو ٩.٥ مليون طن فى ٢٠٢٢، وهو ما يقدر بأنه الأدنى منذ ٢٠١٣، إذ عطلت الحرب فى أوكرانيا مشتريات الهيئة العامة للسلع التموينية من القمح، وتسببت فى ارتفاع الأسعار العالمية وتفاقم أزمة النقد الأجنبى فى مصر مما أفقد المستوردين القدرة على دفع ثمن القمح العالق فى الموانئ.

الحل فى الزراعة

أستاذ الاقتصاد الزراعي، جمال صيام، يقول: نحتاج لمزيد من المرونة فى أسعار القمح وخاصة خلال أوقات محددة فى السنة وذلك لأهيمة القرار السياسى وانعكاساته سواء على المساحات التى ستُزرع أو معدلات التوريد التى سيوردها المزارعون للشون والصوامع الحكومية. ففى الفترة الأولى تظهر فى شهرى أكتوبر ونوفمبر من كل عام «وقت زراعة القمح» فمسألة رفع أسعار توريده أو الاتجاه الحكومى الغائب عن عودة الزراعة التعاقدية مع المحاصيل الاستراتيجية التى يكون القمح على رأسها ستشجع كل المزارعين على زيادة زراعة المحصول الشتوى على حساب "البرسيم" وبالتالى تزيد المساحات المنزرعة وبذلك نواجهة سيل الأقماح المستوردة القادمة لنا من روسيا وأوكرانيا ونقلل من نزيف الدولار.

الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي

ويضيف "صيام": استهدفت الحكومة توريد ٤ ملايين طن العام الماضي، حيث حددت سعر ألفين و٥٠٠ جنيه للإردب حتى تستطيع مواجهة الأسواق الموازية التى تشترى بأسعار أكثر، وعلينا رفع أسعار التوريد هذا العام نظرا لغلاء المعيشة ومدخلات الإنتاج «الأسمدة والبذور والأيدى العاملة والإنتاجية» فإن ١٩ إردبا لن يحقق الفلاح هامش ربح أكثر من ١٠ آلاف جنيه ما يصب فى مصلحة البرسيم "المحصول المنافس خلال موسم زراعة القمح.

 

زيادة الواردات 

رفعت مصر حجم وارداتها من القمح خلال النصف الأول من العام الجارى بنحو ٢٨.٣٪، بفعل توافر الدولار فى البنوك خلال الأشهر الأخيرة، فضلًا عن انخفاض أسعار القمح عالميًا، لتبلغ الكميات الواردة إلى مصر خلال الأشهر الستة الأولى من ٢٠٢٤ نحو ٦.٨ مليون طن، مقارنة بـ٥.٣ مليون طن للفترة المماثله من العام الماضي. كما سجلت منظومة توريد القمح للموسم الماضى ٢٠٢٣ نحو ٣.٨ مليون طن  وخلال موسم ٢٠٢٢ استهدفت الحكومة  شراء ٦ ملايين طن بكُلفة بلغت وقتها ٣٥ مليار جنيه ويذكر أنه فى سبتمبر الماضى أعلنت وزارة الزراعة أنها تستهدف زيادة المساحة المزروعة بالقمح فى الموسم الحالى إلى ٣.٨ مليون فدان.

أزمة الأسمدة تهدد الغذاء

هناك توقعات بأن أسعار الأسمدة فى السوق المحلية ستقفز على المدى القريب، وذلك بسبب خفض إمدادات الغاز الطبيعي الأمر الذى سيعطل عمل المصانع بكامل طاقاتها القصوى، ويضيف"صيام": واجهت صناعة الأسمدة ارتفاعًا فى أسعار الطاقة مثل الغاز الطبيعى مما زاد من كلفة الإنتاج بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتوقف روسيا عن تصدير الأسمدة خاصة أنها كانت تصدر ما يزيد من٤٠٪ من احتياج السوق العالمي. وعلينا تأمين احتياجاتنا للمساحات الزراعية الجديدة الناتجة من التوسع الأفقى التى تصل إلى٤ ملايين فدان بواقع٢.٢ مليون فدان فى الدلتا الجديدة و١.١ مليون فدان فى توشكى وقرابة ٤٠٠ ألف فدان فى سيناء ما يصل إلى ٣.٨ مليون فدان علاوة على ٩ مليون فدان فى الأراضى القديمة  ليكون الإجمالى إلى ١٣مليون فدان بحاجة إلى تأمين حصصها من الأسمدة التى يمكن تأمينها عن طريق المجمع الذى تم افتتاحه وسيساهم فى تلبية الطلب من ناحية والحفاظ على الصادرات التى مكن التوسع بها فى الأسواق الافريقية الجديدة.

الإرشاد الزراعى والأصناف الجديدة 

وبدوره يقول المهندس حسام رضا، خبير الإرشاد الزراعي: غالبا يتم استهداف زراعة مساحات معينة بغية إنتاج كميات محددة وعلى أساسها يتم التنسيق مع مراكز البحوث بأصناف عالية الإنتاجية مع مراعاة السياسة الصنفية الخاصة به من حيث الجنوب والشمال فى جمهورية مصر العربية  وعادة يتم تخطيطها عبرة خطة موضوعة من قبل البدء فى موسم الزراعة.

ويضيف "رضا": هناك ارتباط وثيق بين تحديد أسعار القمح الحالية وأسعار الدولار وما يتم تسعيره من حيث ألفين مرهون بتغيرات سعر الصرف، لكن السياسات الزراعية لابد أن تُعلن منذ شهر أكتوبر من كل عام للعمل على تحفيز المزارعين وزراعة مساحات كبيرة لكن عمليات التأخير والتضارب سببت تراجع المساحات المستهدفة ٣.٨ مليون فدان إلى ٣.٠٦٢ فدان فقط. كما نعانى حاليا من ضعف تمويل مراكز البحوث علاوة على أهمية البحث عن حلول غير تقليدية للقضاء على أزمة رغيف العيش.

 المهندس حسام رضا، خبير الإرشاد الزراعي

ويشير "رضا": كانت هناك تجربة للدكتور أحمد جويلى أثناء تولية وزارة التموين حيث سعى لخلط كميات الذرة مع القمح لتقليل استيراد القمح وهى تدخل ضمن الأفكار غير التقليدية لتقليل حجم الاستيراد التى تهدده المخاطر العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على القطاع الزراعى كبيرة خير دليل؛ حيث اشتعلت على إثرها أسعار مدخلات الإنتاج من البذور والتقاوى والمبيدات وصولًا إلى الأسمدة التى تحتاج إلى زيادة مخصصات الدعم عليها وتوفيرها للمزارعين حتى تساهم فى زيادة خصوبة التربة ومن ثم زيادة الإنتاجية.

وأضاف "رضا" نحتاج عودة دور الإرشاد الزراعى لمساعدة المزارعين فى تحديد الكميات المطلوبة لكل صنف زراعى والعودة لاستخدام السماد العضوى الناتج من روث الثروة الحيوانية لأنها الأكثر أمنًا وأقل خطورة وذلك لن يزيد إلا من خلال زيادة الثروة الحيوانية.

روسيا وأوكرانيا

وجاءت معظم واردات مصر لعام ٢٠٢٣ من روسيا حيث ارتفعت الشحنات بنسبة ٣٩.٥٪ إلى ٧.٥٦ مليون طن، لتشكل ٦٩.٥٪ من إجمالى واردات القمح. وارتفعت واردات القمح من أوكرانيا إلى ١.٢٨ مليون طن بعد انخفاضها إلى ٨٤٥.٥٨٧ طن فى عام ٢٠٢٢، حيث شكلت شحنات العام الماضى ١١.٨٪ من الواردات.

بدوره يقول الدكتور إسلام شوقى، الخبير الاقتصادى وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، لقد أدت موجات الحر الشديد وفترات الجفاف الطويلة فى مناطق زراعة القمح الرئيسية مثل حزام القمح فى الولايات المتحدة وسهول أوكرانيا وروسيا، إلى انخفاض ملحوظ فى الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، شهدت أستراليا والتى تُعدُ من أكبر مصدرى القمح فى العالم، انخفاضًا حادًا فى إنتاجها خلال مواسم الجفاف المتكررة. وفى المقابل، تعرضت مناطق أخرى لفيضانات غير مسبوقة أدت إلى إتلاف المحاصيل وتأخير مواعيد الزراعة والحصاد. ولم تقتصر التقلبات المناخية فى التأثير فقط على كمية الإنتاج، بل امتد تأثيرها ليشمل جودة المحصول أيضًا، فقد أدت الظروف المناخية غير المواتية إلى انخفاض نسبة البروتين فى حبوب القمح فى بعض المناطق، مما أدى إلى انخفاض قيمتها الغذائية وجودتها للاستخدام فى صناعة الخبز، كما أدى أيضُا إلى انتشار الآفات والأمراض الزراعية، مما فرض تحديات إضافية على المزارعين وزاد من تكاليف الإنتاج. ولقد وجدت الدول المستوردة للقمح، وعلى رأسها مصر صعوبة فى الاستيراد.

لدكتور إسلام شوقى، الخبير الاقتصادى 

ويضيف"شوقي": التحديات السابقة نفسها فرضت ضرورة ملحة لإعادة تقييم استراتيجيات مصر فى مجال الأمن الغذائي. فنجد أن مصر التى تُعدُ من أكبر مستوردى القمح، حيث يُشكل القمح المستورد حوالى ٦٠٪ من استهلاكها السنوي، لذلك بدأت الحكومة المصرية فى تنفيذ استراتيجية متعددة الأبعاد لمواجهة تحديات سوق القمح العالمية، وتتضح معالم هذه الاستراتيجية من خلال مجموعة من الخطوات وهي:

اتجهت إلى تنويع مصادر استيرادها للقمح فبعد أن كانت تعتمد بشكل رئيسى على أوكرانيا وروسيا، توجهت مصر إلى استكشاف أسواق جديدة فى دول مثل فرنسا ورومانيا وبولندا. هذا التنوع فى مصادر الاستيراد يهدف إلى تقليل المخاطر المرتبطة بالاعتماد على عدد محدود من الموردين، خاصةً فى ظل التقلبات الجيوسياسية والمناخية.

كما عملت على تعزيز قدراتها التخزينية للقمح، لذلك قامت ببناء عدد كبير من الصوامع الحديثة وتطوير البنية التحتية للموانئ لتسهيل استقبال وتخزين كميات أكبر من القمح. وتهدف هذه الخطوة إلى زيادة المخزون الاستراتيجى من القمح، مما يمنح مصر قدرة أكبر على مواجهة أى اضطرابات محتملة فى الإمدادات العالمية.

علاوة عن تطبيق تقنيات الزراعة الذكية مناخيًا، والتى تشمل استخدام أنظمة الرى الحديثة وتقنيات الاستشعار عن بُعد لمراقبة المحاصيل وإدارة الموارد المائية بكفاءة أعلى. خاصة أن هذة التقنيات تساعد فى تحسين إنتاجية الأراضى الزراعية القائمة وتقليل الهدر فى استهلاك المياه، وهو أمر بالغ الأهمية فى بلد يُعانى من ندرة المياه مثل مصر.

ويواصل "شوقي": كما كثفت مصر من جهودها فى مجالات البحث العلمى لتطوير أصناف جديدة من القمح أكثر مقاومة للظروف المناخية القاسية. فقد تم إطلاق برامج بحثية بالتعاون مع مراكز البحوث الدولية لتطوير سلالات من القمح تتحمل الجفاف والحرارة العالية، مع الحفاظ على إنتاجية عالية وجودة غذائية جيدة. وهذه الجهود تهدف إلى زيادة الإنتاج المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد فى المدى الطويل.

كما تعمل الحكومة المصرية على تعزيز التعاون مع الدول الإفريقية المجاورة فى مجال الزراعة. فقد تم إطلاق مبادرات لتشجيع الاستثمار الزراعى المصرى فى دول حوض النيل، بهدف زيادة إنتاج القمح فى هذه المناطق واستيراده إلى مصر. هذا النهج يهدف إلى خلق مصادر إمداد أكثر استقرارًا وقربًا جغرافيًا.

ويختتم "شوقي: وعلى الرغم من هذه الجهود المبذولة، تظل مصر تواجه تحديات كبيرة فى تحقيق أمنها الغذائى بسبب التغيرات المناخية، والنمو السكاني، ومحدودية الموارد. ورغم ذلك، تبذل جهودًا متنوعة لمواجهة هذه التحديات، تشمل تنويع مصادر الاستيراد، تحسين القدرات التخزينية، الاستثمار فى البحث العلمي، وتطبيق تقنيات زراعية حديثة. وتمثل هذه الإجراءات خطوات إيجابية نحو تعزيز الأمن الغذائى ومواجهة التقلبات المناخية، مما قد يمكّن مصر من ضمان استقرار إمدادات القمح مستقبلًا.

وأخيرًا، تعكف الحكومة على زيادة احتياطياتها الاستراتيجية من السلع الأساسية إلى تسعة أشهر بدلا ستة بحسب الوضع القائم حاليا. ويأتى هذا على خلفية توافر العملة الصعبة وتراجع أسعار بعض السلع عالميا، بحسب ما نقله موقع اقتصاد الشرق عن مسؤول حكومى لم يسمه. وبحساب المناقصة الأخيرة يرتفع احتياطى القمح الحالى إلى سبعة أشهر، بحسب المصدر.

مقالات مشابهة

  • عفوا.. أعطني الخبز.. مصر تنوع مصادر الاستيراد لرفع الاحتياطي الاستراتيجي من القمح من 6 إلى 9 أشهر لمواجهة الأخطار العالمية
  • رئيس مجلس الوزراء يلتقي وزير الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية
  • الإمارات.. رفع الحظر على استخدام الأفراد للطائرات بدون طيار
  • بين الموضة والتشويه.. تعرفي على أضرار استخدام «فيلر الشفايف»
  • الإمارات ترفع الحظر المشروط على استخدام الأفراد للدرونز
  • الإمارات ترفع الحظر المشروط على استخدام الأفراد للطائرات من دون طيار الدرونز
  • الإمارات ترفع حظر استخدام الطائرات دون طيار
  • هذه العادة البسيطة جدّا يمكن أن تضيف أعوامًا لحياتك
  • لو فاتورتك عالية.. تعرف على خطوات ترشيد استهلاك الكهرباء
  • الغموض يلف مصير إنجاز محطة تحلية المياه بالناظور