«احضرى فوراً إلى مستشفى السويس فى الحال».. جملة أفزعت سيدة حسن الكمشوشى، ممرضة مستشفى السويس، ليلة 5 من أكتوبر عام 1973، بعدما عادت من إجازتها بشكل طبيعى، لتفاجأ بخطاب مدون عليه هذه الجملة، فى البداية اعتقدت أن هناك مكروهاً أصاب المستشفى أو أحد زملائها، ومطلوب أن تنوب عنه، قبل أن تكتشف أنه حان وقت الحرب، تفاصيل تضمنها الفيلم الوثائقى «الثانية ظهراً.

. حكاية سيدة»، الذى عرضته قناة دى إم سى مسبقاً.

يعرض الفيلم قصة السيدة، منذ بداية دراستها التمريض فى منوف، وبعد الدراسة جاءها جواب التعيين فى السويس، والدها انتابه القلق عليها، بسبب تداعيات نكسة 1967، لكنها فى النهاية أقنعته، وذهبت يوم 10 يونيو 1971 قبل الحرب بعامين، تدرجت فى المستشفى حتى تولت قسم الاستقبال وجراحة العظام، وكان العمل آنذاك بنظام نصف شهرى 15 يوماً عمل ومثيلها إجازة.

قبل الحرب بيومين، نزلت الشابة «سيدة» إجازة إلى بلدتها فى الأرياف، قبل أن تتلقى بعد يومين خطاباً «احضرى فوراً إلى مستشفى السويس حالاً»، كان يوم 9 رمضان، فحجزت التذكرة فى اليوم التالى 6 أكتوبر، وأثناء سيرها على طريق القاهرة السويس، لاحظت وجود أعداد طيور كثيرة للغاية فى السماء، فتعجبت، وعلمت بعدها أنها هاجرت بسبب الحرب.

«سيدة» حكت خلال الفيلم ما رأته عندما وصلت إلى المستشفى، إذ كان الوضع مأساوياً، والدماء فى كل مكان، ولم تنس حينما صعدت للطابق الثانى بكيس دماء، لأحد الجنود المصابين، الذى طلب منها الخروج من المستشفى هرباً من إطلاق النار عليها، ولكنها أبت إلا أن تمرضه، فسارت حافية القدمين للدور الأعلى، والجندى المصاب يقول لها «اهربى الضرب هيشتغل عليكى»، وهى ترفض تماماً وصممت على علاجه رغم مرور شظايا الطلقات فوق رأسها.

حينما بدأ حصار السويس، تتذكر «سيدة» انعدام المياه والطعام والدماء، «كنا بنبل شفايفنا بس كنا عطشانين، بعدها كلموا مدير المستشفى قالوا له فيه عين ميه فى السويس فتحت تعالوا خدوا منها، وروحت أجيب، لقيت الميه فايرة ما بين بلاطتين، ميه بيضاء، بقيت أكبر.. الله أكبر الله أكبر».

«سيدة»: فخورة بمشاركتى فى الحرب وصممت على علاج جندى رغم مرور شظايا الطلقات فوق رأسى

مشاهد عصيبة مرت على «سيدة» منذ بداية الحرب وفقاً لما جاء بالفيلم، ولعل أبرز ما حكته هو دخول 7 دبابات نحو مستشفى السويس يوم 24 أكتوبر الساعة 10 صباحاً، كان هناك جندى مريض بترت ذراعه اليسرى، أمر «سيدة» بأن تعطيه السلاح، وتؤكد أنها لا تعلم كيف أمسك بسلاحه تحت إبطه ودمر الدبابة وحده، ومن خلفه آخر مبتور القدمين، أمسك مسدساً وضرب نحو دبابة أخرى، وآخرون هاجموا الدبابات الباقية، حتى تمكنوا من تدمير الدبابات السبع.

لم تهدأ الأمور فى تلك الليلة على سيدة وزميلاتها بالمستشفى، إذ تم توجيه صاروخ إلى المستشفى، وبينما كانت تجرى الممرضة ومعها تحليل عينة دماء، أحدهم تعرف عليها، وقال لها إنه مريض وبعض سكان الرمل معه، ومن بينهم «حامد» زوجها بعد فترة من هذه الواقعة.

نجلها: تعلمت الوطنية من أمى وأبى

يحكى نجل «سيدة» ما قاله والده «حامد دويدار» له قبل رحيله، بأن إصابته كانت قاتلة لولا وجود والدته فى هذا التوقيت «لولاها لكنت فى عداد الموتى»، إذ ساعدته للعودة إلى القاهرة والذهاب إلى المستشفى، ومن ثم علاجه وشفاؤه والعودة للبحث عن «سيدة» من أجل الارتباط بها.

توضح سيدة خلال الفيلم أن زوجها البطل الراحل حامد دويدار كان مصاباً بشظية خلف الأذن وكسر فى الفكين، ومشكلة بالعمود الفقرى، ونزيف مستمر، وهذه الإصابات كان المستشفى غير قادر على التعامل معها، فأرسلته إلى القاهرة لكى يتم علاجه.

«هذه الأوسمة التى سأضعها على صدوركم باسم الشعب كله، الشعب الذى لن ينسى أبداً ما قدمتم له»، كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عقب فك الحصار على السويس، حيث حضر إلى المستشفى للاطمئنان على الجنود المصابين وضحايا الحرب.

بعد هذه الفترة العصبية، توضح «سيدة» أنها طلبت العودة لمنزلها لأن والدتها كانت وحدها ووالدها توفى خلال فترة وجودها فى السويس، قبل أن يتبعها زوجها الراحل حتى يتزوج منها وأنجبا نجلهما، الذى يقول عن والده فى نهاية الفيلم، «فخور بيك يا حامد يا دويدار، لأنك زرعت فيّا حب الوطن»، أما هى فعبرت عن مدى فخرها بنفسها، «واحدة طالعة من الأرياف وتوصل للى شوفته ده، أنا فخورة إنى شاركت فى الحرب والله». وفى المشهد الأخير من الفيلم الوثائقى الملحمى، يظهر مشهد وهى تسير وسط المساحات الخضراء متكئة على ابنها، وفى الخلفية صوت أحد جيرانها وهو يلقى قصيدة قديمة كُتبت لها، بعدما شرفته وأدت دورها الوطنى: «ياللى شاركتى الجندى فى الميدان وكان قلبك بالإيمان مليان، عالجتى من الجروح بنى آدمين، راعيتى فى العنابر عيان، إنتى فخر بنفتخر بيكى فى بلدنا، وفى كل بلد جنب البلدان، إنتى جندى إنتى ظابط لا مش كفاية إنتى تستاهلى رئيس أركان».

الفيلم جاء من إخراج مها شهبة، ومن إعداد ميار أشرف ونروهان أيمن وعمر محمد شهبة، وجاء من إنتاج بلال الطراوى، وعرض على قناة دى إم سى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أكتوبر مستشفى السویس إلى المستشفى فى السویس

إقرأ أيضاً:

ستتحول هذه الأنفاق السرية من الحرب العالمية الثانية في لندن إلى معلم سياحي بحلول عام 2028

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من قصة "نارنيا" إلى مغامرات "أليس في بلاد العجائب"، تبدأ أفضل المغامرات في بريطانيا بأبواب مخفية أو أنفاق سرية، وهذه الوِجهة تجمع بين الإثنين.

خلف باب أزرق غير مميز في "تشانسيري لين" بمدينة لندن، وهي المنطقة القانونية التاريخية حيث عمل الكاتب، تشارلز ديكنز، ذات يوم كموظّف، توجّهت شبكة CNN لتكون جزءًا من جولة حصرية استغرقت ساعة على عمق 30 مترًا تحت الأرض.

وكان الهدف من الجولة استكشاف سلسلة من أنفاق، يبلغ طولها أقل من كيلومترين بقليل، اعتُبِرت سريّة للغاية لدرجة أنّها كانت محمية بموجب قانون الأسرار الرسمية في المملكة المتحدة حتى عام 2007.

من المقرر تحويل سلسلة من الأنفاق أسفل محطة مترو "تشانسري لين" في مدينة لندن إلى وجهة سياحية جاذبة. Credit: Maureen O'Hare/CNN

وتسعى هذه الأنفاق، إذا تحققت رؤية المرشد السياحي للجولة، والرئيس التنفيذي لشركة "London Tunnels"، أنجوس موراي، لأن تصبح واحدة من مناطق الجذب السياحي الأكثر جرأةً في العالم.

وقال موراي أثناء التجول في المتاهة التي تبلغ مساحتها 8 آلاف متر مربع، والتي من المقرر أن تخضع لعملية تحويل كلفتها 149 مليون دولار: "ستشكّل هذه مساحة ضخمة".

شكّلت الأنفاق مركزًا للاتصالات في الماضي.Credit: Maureen O'Hare/CNN

وسيُخصَّص جزء من هذه المساحة كمتحف، مع تخصيص جزء آخر كنصب تذكاري، وجزء آخر كمعرض فني، ومركز ثقافي، كما أنّها ستحتضن أعمق حانة مرخصة في العالم.

ويضم فريق هذا المشروع التصميمي الضخم شركة "Wilkinson-Eyre" المعمارية التي كانت وراء مشروع  "Gardens by the Bay" بسنغافورة، ومحطة "باترسي" للطاقة في لندن.

ملجأ خلال حرب العالمية الثانية

شُيِّد هذا المكان بين عامي 1940 و1942 كملجأ عميق المستوى من الغارات الجوية، وشرح موراي للمجموعة الصغيرة من المستثمرين وضيوف وسائل الإعلام خلال الجولة أنّه "بُني يدويًا من قِبَل البريطانيين لإنقاذ بريطانيا وأوروبا ضد ألمانيا النازية".

بُنيت الأنفاق بين عامي 1940 و1942 كملجأ من الغارات الجوية خلال الحرب العالمية الثانية.Credit: Maureen O'Hare/CNN

وكان واحدًا من بين 8 ملاجئ من هذا النوع بنتها حكومة المملكة المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية لمواجهة القصف الألماني الذي أودى بحياة حوالي 30 ألف شخص في لندن وحدها.

كهف الحرب الباردة استولى مكتب البريد العام على الأنفاق في عام 1949.Credit: Maureen O'Hare/CNN

تمثّل الدور التالي للأنفاق خلال زمن الحرب في استخدامها كمقر منظمة تنفيذ العمليات الخاصة السرية للغاية، وهي فرع من فروع جهاز الاستخبارات البريطانية الخارجية، أو ما يُعرف بـ"MI6".

وعمل مؤلف روايات جيمس بوند، إيان فليمنغ، هنا في عام 1944 كضابط اتصال للبحرية البريطانية.

وفي عام 1949، بدأ عصر هذه الأنفاق كمركزٍ للاتصالات. 

واستولى عليها مكتب البريد العام، الذي كان مسؤولاً في ذلك الوقت عن الهواتف والنظام البريدي.

وتم توسيع المساحة بسلسلة من "الطرق" المؤدية إلى الشوارع الرئيسية بشكلٍ حوّلها إلى بيئة فريدة تحت الأرض، كما أدّت هذه الخطوة إلى فتح الطريق لحصول شركة "London Tunnels" على موافقة التخطيط، كما أوضح موراي.

وخلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي، احتضنت الأنفاق مُقسِّم هاتف "كينغسواي" لتبادل الاتصالات الداخلية أثناء الحرب الباردة.

كما ضم المُقسِّم شبكة ضخمة من 5 آلاف سلك رئيسي، ومجتمع مزدحم من مئتي موظف تعاملوا مع خطوط الهاتف.

الفخامة في الثمانينيات الأنفاق مليئة بمولدات كهربائية وأشياء أخرى استُخدِمت في الماضي عندما كانت مركزًا للاتصالات.Credit: Maureen O'Hare/CNN

مقالات مشابهة

  • خبراء القوات المسلحة الملكية يطورون نظاماً لحماية الدبابات من المسيرات الانتحارية
  • شاهد | غزة بين استكمال المرحلة الثانية أو العودة إلى الحرب
  • الدبيبة: حكومتي عملت على إزالة العقبات التي واجهت قطاع النفط
  • كيف غيرت حرب الأفيون الثانية مستقبل الصين؟
  • صدمة مدوية بالحلقة الثانية من "جريمة منتصف الليل" ودخول رانيا يوسف المستشفى
  • رانيا يوسف تدخل المستشفى في الحلقة الثانية من "جريمة منتصف الليل"
  • هل تعوض قناة السويس خسائرها بعد انتهاء الحرب في غزة؟
  • رئيس حزب إسرائيلي معارض: نتنياهو يتهرب من مفاوضات المرحلة الثانية
  • للضغط على حماس.. نتانياهو يرفض تطبيق المرحلة الثانية من صفقة الرهائن
  • ستتحول هذه الأنفاق السرية من الحرب العالمية الثانية في لندن إلى معلم سياحي بحلول عام 2028