الضيف الخفي.. قائد أركان المقاومة الذي هزم الجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
بصوت هادئ ودقيق يبعث برسالة رعب، قال إنه "في ظل استمرار الجرائم الإسرائيلية بحق شعبنا، وتنكر الاحتلال ونكرانه للقوانين والقرارات الدولية، وفي ظل الدعم الأمريكي والغربي، قررنا وضع حد لكل هذا"..
بتلك المقدمة، تحدثت صحيفة "فياننشال تايمز" البريطانية (Financial Times)، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، عن محمد الضيف، القائد العام لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واصفقا إياه بـ"العقل المدبر" لعملية "طوفان الأقصى" العسكرية المتواصلة ضد إسرائيل منذ فجر السبت.
وتابعت أن "الضيف هو اسمه الحركي، ويشير إلى حرص المقاتلين الفلسطينيين على قضاء كل ليلة في منزل متعاطف مختلف؛ لتجنب الاستخبارات الإسرائيلية".
وأردفت: و"بعد أن طاردته إسرائيل لعقود، وكاد أن يُقتل في غارة جوية قبل 20 عاما يقال إنها أقعدته على كرسي متحرك بعد أن فقد ذراعه وساقه، فإن قدرة الضيف على التفوق على الجيش الإسرائيلي أكسبته احترام الفلسطينيين".
وقال مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، إن "الضيف بمثابة شخصية مقدسة ويحظى باحترام كبير، سواء داخل حماس أو بين الفلسطينيين".
وفي مقابلات، وصف محللون إسرائيليون وفلسطينيون الضيف، وبينهم أشخاص كانوا يعرفونه قبل أن يختفي في ظلال النضال، بأنه "هادئ وشديد الغضب وغير مهتم بالمنافسات الضروس بين الفصائل الفلسطينية".
وبدلا من ذلك، قالوا إنه كان عازما على تغيير طبيعة الصراع الإسرائيلي العربي، واستخدام المقاومة المسلحة كوسيلة لتحقيق ذلك؛ إذ يؤمن بأنه "يجب أن تقاتل الإسرائيليين داخل إسرائيل، وتدمر خيالهم بأنهم يمكن أن يكونوا آمنين في الأراضي المحتلة"، بحسب مقاتل فلسطيني تحول إلى سياسي والتقى بـ"الضيف" قبل سنوات.
كما قالوا إن قدرات "الضيف" على التطور ظهرت باستمرار، بموازاة "الإنجازات التكنولوجية للجيش الإسرائيلي، خلال الحرب الشرسة التي استمرت 11 يوما بين الفصائل الفلسطينية المسلحة وإسرائيل في 2021".
اقرأ أيضاً
حاملة طائرات هجومية ومقاتلات.. أمريكا تبدأ دعم إسرائيل
محمد المصري
و"مثل آخرين في حماس، ينظر الضيف إلى اتفاقيات أوسلو، التي حملت في أواخر التسعينيات (من القرن الماضي) لفترة وجيزة وعدا بالتوصل إلى تسوية سلمية عبر التفاوض، باعتبارها خيانة للمقاومة وهدفها بإقامة دولة فلسطينية محل إسرائيل (القائمة على أراضٍ محتلة منذ 1948)"، وفقا للصحيفة.
وقال إيال روزين، وهو عقيد في قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي: إنه بهجوم السبت "حاول الضيف (...) تدمير إسرائيل. هذه إحدى الخطوات الأولى.. هذه مجرد البداية".
و"الضيف" صانع قنابل ومهندس برنامج مدته عشر سنوات لحفر شبكة من الأنفاق تحت غزة، واسمه محمد دياب إبراهيم المصري، وُلِد عام 1965 لأسرة لاجئة استقرت في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، بحسب مسؤول إسرائيلي مطلع على ملفه الأمني في جهاز الأمن العام "الشين بيت".
ولا يُعرف عن "الضيف" سوى القليل حتى أن اسمه غامض، ويقول أشخاص عرفوه في الثمانينات إنه حتى ذلك الحين كان يحمل اسم "الضيف"، بينما قال آخرون إنهم عرفوه باسم ولادته"، وفقا للصحيفة.
وتابعت أنه "توجد صورة واحدة فقط له في المجال العام، وهو على المسرح المسرح من خلال فرقة تمثيلية انضم إليها أثناء وجوده في الجامعة الإسلامية في غزة، وهي معقل جماعة الإخوان المسلمين، الفرع المصري من الإسلام السياسي".
اقرأ أيضاً
بعد هجمات حماس.. محلل إسرائيلي: تل أبيب دخلت وضعا لم تعد تتحكم فيه بمصيرها
تلميذ المهندس
وبحلول الوقت الذي ولدت فيه "حماس" في أواخر الثمانينيات، التي اندلعت فيها نيران الانتفاضة الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي، كان "الضيف" في العشرينات من عمره، كما تابعت الصحيفة.
وأردفت: "في ذلك الوقت تقريبا، تقاسم غازي حمد، العضو في المكتب السياسي لـ"حماس"، زنزانة السجن مع الضيف بعد أن سجنهما الإسرائيليون، وقال إنه منذ بداية حياته في حماس، كان (الضيف) يركز على المسار العسكري.. كان لطيفا للغاية ووطنيا طوال الوقت ويرسم رسوما كاريكاتورية صغيرة لإضحاكنا".
ويقال إن الضيف تعلم على يد يحيى عياش، صانع القنابل الملقب بـ"المهندس"، والذي اغتالته إسرائيل في 1996 بهاتف محمول مفخخ بمتفجرات، وقد تدرج "الضيف" في صفوف كتائب القسام، وقال المسؤول الإسرائيلي إنه شارك في تصنيع أول الصواريخ البدائية.
وداخل "حماس"، بحسب المسؤول الإسرائيلي، كان "الضيف" معارضا لموافقة "حماس" على وقف القتال الذي اندلع بشكل متقطع، لاسيما خلال أربع حروب في 2009 و2011 و2014 و2021، مقابل سماح إسرائيل بدخول أموال إضافية إلى القطاع المحاصر أو المزيد من تصاريح العمل لسكان غزة.
غير أن هجوم السبت، "طوفان الأقصى"، "أنهى هذه الممارسة إلى الأبد، فالآن لن تكون هناك هدنة، بل انتقام فقط"، وفقا للمسؤول الإسرائيلي. و"يبدو أن هذا هو بالضبط ما أراده الضيف دائما"، كما ختمت الصحيفة.
وحتى مساء الأحد، أسفرت المواجهات عن مقتل 700 إسرائيل وإصابة أكثر من 2200 آخرين، بحسب القناة العيرية "12" (خاصة)، فيما استشهد 413 فلسطينيا، بينهم 78 طفلا و41 سيدة، وأصيب 2300، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية.
اقرأ أيضاً
نيويورك تايمز: هجوم حماس يحمل أصداء مخيفة لحرب 1973.. والارتباك يسود إسرائيل
المصدر | فياننشال تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة المقاومة إسرائيل فلسطين محمد الضيف طوفان الأقصى
إقرأ أيضاً:
ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!
ارتفعت وتيرة الصدام بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية التابعة لرئيس السلطة السيد "أبو مازن" وبين رجال المقاومة في مخيم جنين شمال الضفة الغربية، وذلك حين قررت الأجهزة القيام بحملة أمنية موسعة في إطار العملية التي أسمتها "حماية الوطن"! ما أدى إلى مقتل "يزيد الجعايصة"، القيادي في كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، والمطارد من سلطة الاحتلال. ومن المعلوم بحسب الإحصائيات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قد قتلت 13 فلسطينيا منذ بداية طوفان الأقصى 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وانطلقت الأحداث في المخيم عقب اعتقال أجهزة الأمن لـ"إبراهيم طوباسي" و"عماد أبو الهيجا"، مما أثار غضب "كتيبة جنين" التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها هو إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، كما جاء على لسان الناطق بإسم أجهزة الأمن الفلسطينية العميد "أنور رجب"، وهو ما رفضته المقاومة.
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين
وحاصرت الأجهزة الأمنية المخيم أكثر من 7 أيام، ونشرت القناصة على أسطح المنازل وأطلقت النار على كل هدف متحرك داخل مخيم جنين! وحاصرت كذلك المستشفى الحكومي للمخيم وفتشت سيارات الإسعاف وقطعت التيار الكهربائي، ثم اقتحمت مستشفى ابن سينا ومنعت الأهالي من وداع "الجعايصة"..
وقد استنكرت الفصائل الفلسطينية في بياناتها ما تفعله الأجهزة الأمنية من استهدافها للمقاومة وخدمتها للكيان الصهيوني، من قبيل أن "استمرار أجهزة السلطة في هذا النهج المشين يدق ناقوس الخطر ويؤجج خلافات داخلية في توقيت مصيريّ"، و"حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي"، و"عنجهية السلطة والأجهزة -خيلاؤها وكِبْرها-! هي ما أوصلتنا إلى هذه النقطة".
عجيب أمر السيد "أبو مازن"، لا يتعلم من الأخطاء والكوارث التي ارتكبها في ماضيه قبل وبعد انفراده بالسلطة، وخطيئته كانت ولا زالت في الثقة -المصطنعة!- في المُفاوض الإسرائيلي والداعم الأمريكي، وفي الجلوس على موائد المفاوضات في (مدريد، أوسلو)، والتعاون والتنسيق الأمني المشترك مع سلطات الاحتلال..
ولقد كانت مكاسب الكيان في تلك المفاوضات العبثية التي حمل لواءها "عباس" فرصة رائعة لتجميل صورة الصهاينة أمام العالم الغربي وأمام شعوبهم بأن إسرائيل دولة تسعى للسلام، والحقيقة أن ذلك لم يكن إلا عملية تخدير طويلة المدى اقتضتها الفترة الزمنية إبان التسعينات من القرن الماضي وساهم فيها أبو مازن بكامل طاقته!..
وهذا بخلاف ما تورط فيه رئيس السلطة ضد شعبه المحاصر في عام 2009 -على سبيل المثال لا الحصر!- من تأجيل التصويت على "تقرير غولدستون" المتضمن للأدلة والشواهد الدامغة بالصور والشهود على جرائم الصهاينة في غزة والساعي لإدانة الاحتلال بسبب جرائمه التي ارتكبتها آلته الحربية، وأشار المفوض الأممي لحقوق الإنسان حينها إلى أن سلطة رام الله التي يفترض أنها تمثل الشعب الفلسطيني! قامت بإنقاذ الكيان الصهيوني من الإدانة الدولية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف..
حافَظَ رئيس السلطة وباجتهاد منقطع النظير على التنسيق بين أجهزته الأمنية وبين جهازي الموساد والشين بيت الإسرائيليين، وتكفينا إشادة واحد من أهم الصحف الإسرائيلية، "معاريف"، بالتنسيق القائم لملاحقة الناشطين الفلسطينيين لضمان أمن مواطني الكيان، الأمر الذي ساهم في إنقاذ حياة المئات منهم! وهذا ما ذكره الكاتب بالصحيفة "جاكي خوجي" حين أكد أن التنسيق الأمني هو الاسم السري للتعاون على أعلى المستويات بين أجهزة الأمن من الجانبين لملاحقة ناشطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وذلك بأن توفر إسرائيل المعلومات الاستخبارية عن وجود خلية مسلحة تخطط لتنفيذ عملية ما، فينطلق الأمن الفلسطيني لاعتقال أفرادها، مما يعفي إسرائيل من المخاطرة بجنودها لدى تنفيذها عمليات الاعتقال!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة
ما الذي يريده السيد "أبو مازن" ومن أين له بتلك الجرأة في خيانة شعبه؟!
سؤال مُلح يحتاج إلى الإجابة عليه، بعد كل تلك الملاحم التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني الأبي خاصة في غزة، وقد وضح للشعب الفلسطيني أن خيارات "عباس" في الثقة بالصهاينة وفي المراهنة على خيار المفاوضات كانت كارثية، وأن التنسيق الأمني مع الاحتلال وكشف عورات المقاومة خيانة عظمى يستحق عليها المحاكمة، وعلى أقل تقدير أن يشعر ببعض الخجل من ماضيه الأسود وأن يتوارى عن المشهد الفلسطيني!
ويبدو أن الرجل ماض في غيه مدعوما بالرضا الأمريكي، والدعم السياسي والمالي من حكومات المنطقة العربية، ومن الجامعة العربية المنحازة لخيارات الحكام لا الشعوب، وهو معروف بغلظته واستعلائه على قادة المقاومة وبوده وانكساره مع داعميه، وكلنا يذكر حالة الود التي ظهر عليها حينما حضر جنازة المجرم "شيمون بيريز" وتجاهله حضوره جنازة زعيم المقاومة الشهيد "إسماعيل هنية" التي جرت بالدوحة، رغم كون هنية رئيسا شرعيا لوزراء فلسطين!..
محمود عباس يبعث برسائله إلى الداعم الأمريكي وإلى حلفائه في المنطقة أنه الرجل القوي إذا ما وسّدوا إليه حكم غزة بعد إزاحة حماس وأخواتها من فصائل المقاومة، وأن عريكته لا تلين في حماية الكيان الصهيوني وفي التضييق على المقاومة حتى ولو هدم المسجد الأقصى!
لا قدر الله..