ليست الرقابة محض مؤسسة وحسب، حتى وإن كانت تلك المؤسسة معنية بإعمال القانون ورعاية حفظ المال العام، سعيا لعدالة مجتمعية مطلوبة، وترشيدا لموارد بشرية فاعلة، وثروات وطنية مستثمرة خير استثمار لصالح الوطن ومواطنيه، بل هي أوسع من ذلك في مفهومها حينما نستشعرها جميعا -دون رقيب إلا الله، ودون مشرف إلا ضمائرنا- أمانة عظمى نحملها على عاتقنا، ومسؤولية وطنية، بل إنسانية عامة نُحاسب عليها قيميّا وأخلاقيّا قبل محاسبتنا قانونيا.
لا يمكن إنكار اهتمام وعناية المواطنين بتقرير ملخص الرقابة للمجتمع السنوي الصادر عن جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في مطلع هذا الشهر، وهو التقرير الثاني الذي يصدره الجهاز متلمسا خلاله المأمول من الشفافية، والمبتغى من المشاركة المجتمعية في متابعة وتقويم أداء المؤسسات والأفراد إيمانا يقينيا بأن الرقابة مسؤولية تفاعلية جماعية وليست مجرد مهمة وظيفية يقوم بها بعض الموظفين لتسقط عن البقية، كما لا يمكن إنكار تفرد التقرير هذا العام بالكثير من التسويق الإعلامي المتسق والموازي لحالة الترقب والانتظار المجتمعية لمضمونه وفحواه.
لم تكن مهمة التسويق المجتمعي لصدور التقرير مهمة إخبارية وحسب، بل تجاوزت ذلك إلى أدوار توعوية تثقيفية مصحوبة بلقاءات إعلامية لممثلي جهاز الرقابة ذاته، إضافة إلى قراءات مختلفة من خبراء بمجالات مختلفة كلها معنية بقانونية الإجراءات، وأهمية حماية المال العام، كما صحبتها جهود من الترويج الموازي لقراءة مؤشرات التقرير إحصائيا، في أعداد ونسب تعكس دقة العمل، كما تعكس شمولية الأداء بما تضمّنته من مراعاة تخصصية المسارات المؤسساتية لضمان تيسير المتابعة في تحسين الأداء، ولا يمكن إنكار قوة رد الفعل المجتمعية المتمثلة في تصدر «تقرير المجتمع السنوي» حسابات التواصل الاجتماعي لأيام عديدة، بين أفراد مأخوذين بتلخيص المؤشرات الإحصائية لمحتوى التقرير كاملا، وآخرين محتفين بتوافق مضمون التقرير مع شكاوى الناس من جهات بعينها وكأن الرسالة هنا أن «نعم، لمسنا شكواكم ونعدكم بالتغيير دون إمكانية الإنكار أو التسويف»، وفئات تجاوزت كل ذلك لتبحر في تحليل تفاصيل التقرير في ملاحظاته الراصدة لكثير من المخالفات الإدارية المتسببة في تأخير أو تعطل الخدمات في بعض الجهات، ناهيك عن تأثير بعض المخالفات في خلق أزمات مجتمعية حقيقية كأزمة الباحثين عن عمل مقابل تكدس الوافدين في بعض المؤسسات الحكومية أو الخاصة، كل تلك المعلومات الملخصة لجهود عام كامل، وردود الفعل الملخصة حالة الترقب تعكس وعي طرفي المعادلة الذين ما هم إلا عمان؛ شعبا واعيا بأهمية مشاركته الإيجابية وحراكه المخلص، ومؤسسة مدفوعة بثقة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- وهي جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة.
حالة الوعي المأمولة بعد كل هذا التدرّج في تعاطي الجمهور مع جهاز الرقابة تستدعي الإخلاص في الشكوى والتبليغ بعيدا عن الكيدية، وتشويه السمعة، خصوصا مع تطور أساليب استقبال الشكاوى بعد ما يزيد عن عقد من الزمن لينتقل من أساليبه التقليدية إلى أساليب رقمية تراعي فيها خصوصية المبلِّغ وأمانه تقليلا من التدخلات البشرية ما أمكن، بعيدا عن حالات التشهير التي قد توقع المُبَلِّغ في دائرة المساءلة القانونية، كما توقِع أفرادا أو مؤسسات في دوائر التجريح أو الإقصاء المجتمعي، خصوصا إن كانت الشكوى دون أدلةٍ بَيِّنَة تدعم تكوين الدعوى بعد الشبهة، أو حججٍ لا تقبل الدحضَ بعد التداول مع كون الجهة مؤسسة خدماتية مثلا، كما لا ينبغي أن يفهم أن في ذلك حماية للمخالف المتنفّذ، إذ أن القانونَ المُجَرِّمَ فِعلَ التشهيرِ مَُجرّمٌ فعلَ التقصيرِ في الإبلاغ كذلك إنْ ما اطلعتَ أو عرفتَ أو تابعتَ شبهةً للفساد أو استغلال النفوذ، أو سوء استغلال المال العام، حرصا على المصلحة العامة وتأصيلا لمبدأ الأمانة في حماية المال العام أكثر حتى من حماية المال الشخصي.
«لا يشكر الله من لا يشكر الناس» لا بد من شكر مستحق لجهاز الرقابة المالية والإدارية ومنتسبيه، ومع الشكر تقديرٌ لكل جهودهم المبذولة في مختلف القطاعات محل الرقابة؛ بداية من فتح قنوات الإبلاغ وإرسال الشكاوى المختلفة، خاصة الرقمية منها دعما للتحول الرقمي المأمول والمتوافق مع مبدأ الحوكمة، مرورا بالبحث والتقصي والوصول للبينة واليقين حول رصد المخالفات القانونية إداريا وماليا، أو إبداء الملاحظات الهادفة لتحسين الأداء وتطويره، ومع كل الشكر والتقدير لا ينبغي أن ننسى أننا معهم يد واحدة في تلمُّس مواضع التقصير أو الإهمال أو التعدي، ومعهم عين واحدة على كل مخالف أو متخاذل سوّلت له نفسه تفويت حقوق الناس ومصالحهم سعيا لمصلحة شخصية ومنفعة زائلة، وحين نكون معهم مبدأ وسعيا فلا بد من المطالبة بتوسيع رقعة صلاحيات الجهاز لتتجاوز مرحلة الرصد والتبليغ إلى مرحلة شاملة متضمنة طاقات وموارد بشرية تخصصية تؤهل الجهاز لمراحل التنفيذ إجرائيا، والمتابعة عقابيا بحيث يملك منتسبيه الصفة القبضيّة، كما نطالب باتساع صلاحياته تدريجيا ليبلغ لغة أقوى حدة، وخطابا أكثر تحديدا في التعامل مع بيانات رصد المخالفات بعد التثبت والتوثيق، رعاية لأقصى درجات الشفافية وصولا لأعلى درجات التحذير والردع تماشيا مع المرحلة القادمة والرؤيا المستقبلية للحوكمة، وحتى نبلغ ذلك المؤمل فلا بد من تعزيز كل السبل للوصول بأهداف الجهاز إلى أقصاها مع شركاء المرحلة في الادعاء العام والقضاء، الذين ينهضون معا بهذه المهمة الشاقة، وهذه الأمانة العظيمة الجديرة بكل الوقت والجهد والإمكانات، لا بد من تكثيف التثقيف التوعوي حول استشعار الأمانة في حفظ المال العام، وتجنب محفزات سوء استغلاله إهمالا أو تقصيرا أو اختلاسا. ختاما؛ تبقى المرحلة الختامية في تفعيل التقرير السنوي وصولا لأعضاء مجلس الشورى، ممثلي الشعب المفترض بهم النهوض بجهود عام كامل لجهاز الرقابة عبر قراءة واعية لتفاصيله، مفعّلين أدواتهم البرلمانية في متابعة الملاحظات والإحصائيات الواردة، وتوظيفها متابعة حثيثة وملحّة مع مختلف الجهات، وفي مناقشة العديد من القضايا المجتمعية، فلا يكتفى حينها باستلام التقرير وتعطيله في أدراج المجلس، بل تفعيله ببلوغ أقصى منفعة منه أوان تحليله وتوجيهه ومتابعة ملاحظاته تحسينا وتطويرا لمستويات الأداء العام، وهو المؤمل والمرتجى.
حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: جهاز الرقابة المال العام لا بد من
إقرأ أيضاً:
التقرير الأسبوعي لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني
أصدر المركز الإعلامي لوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني التقرير الأسبوعي للوزارة خلال الفترة من يوم السبت ١٤ ديسمبر حتى الخميس ١٩ ديسمبر ٢٠٢٤.
وشارك محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى فى فاعليات "يوم التعاون المصري - الألماني للتنمية"، المقام بسفارة جمهورية ألمانيا بالقاهرة؛ لتسليط الضوء على التعاون استراتيجي بين البلدين فى عدة مجالات، والجهود المبذولة من أجل التنمية المستدامة.
اتفاقيات بين وزارة التربية والتعليم وألمانياووقع وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى والدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي اتفاقيات تعاون مع الجانب الألماني، وتتضمن الاتفاقيات تمويل مشروعين يهدفان إلى تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق أهداف استراتيجية التنمية الوطنية؛ أولهما مشروع "الدعم الفني لمبادرة التعليم الفني الشاملة مع مصر - المرحلة الثانية" بقيمة 16.31 مليون يورو، والذي يهدف إلى تعزيز كفاءة وجودة وأهمية نظام التعليم الفني في مصر.
مباحثات وزير التربية والتعليم وكندااستقبل وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أولريك شانون، سفير كندا بالقاهرة، والوفد المرافق له؛ لبحث المشروعات المشتركة ذات الأولوية لتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر.
وأشاد وزير التربية والتعليم بعمق العلاقات التي تربط بين البلدين، وخاصة في المجالات التعليمية، فضلًا عن نظام التعليم الكندي الذي يعد من أفضل النظم التعليمية، إلى جانب أهمية تبادل الخبرات بين البلدين فى مجال التعليم قبل الجامعي، مؤكدًا تطلعه إلى تعزيز التعاون في المشروعات ذات الأولوية.
وأعرب أولريك شانون، سفير كندا بالقاهرة عن سعادته بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، مؤكدًا حرص بلاده على دفع التعاون الثنائي مع مصر خلال المرحلة المقبلة، وتقديم كافة وسائل الدعم للنهوض بالعملية التعليمية.
وأجرى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، جولة تفقدية مفاجئة بعدد من المدارس بمحافظة الغربية؛ لمتابعة المنظومة التعليمية بها، حيث رافقه في الزيارة وفد من محرري ملف التعليم بالصحف والمواقع.
وأكد الوزير أن كافة المدارس على مستوى الجمهورية تشهد متابعة يومية من الوزارة من خلال لجان متابعة متواصلة للتأكد من انضباط العملية التعليمية وتطبيق كافة القرارات والآليات المعلنة.
كما تطرق الوزير ، في تصريحاته للوفد الصحفي المرافق، إلى الحديث عن أعمال السنة التي ساهمت فى تحفيز الطلاب وجذبهم للمدرسة، بالإضافة إلى التقييمات الأسبوعية والاختبارات الشهرية التي ساهمت فى الوقوف ومتابعة المعلمين لمعدل التحصيل الدراسي لديهم، مضيفا أيضا أن تطبيق لائحة الانضباط المدرسي وضعت المنظومة التعليمية داخل المدارس في إطار منضبط تحفظ حقوق وواجبات كل من المعلم والطالب.
استقبل علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، لتعزيز أوجه التعاون مع القطاع الخاص فى تطوير المدارس الفنية الزراعية.
ورحب وزير الزراعة بوزير التربية والتعليم والتعاون المثمر بين الوزارتين، مؤكدا على أهمية التعاون البناء مع وزارة التربية والتعليم ومع المستثمرين فى مجال التنمية الزراعية، وكيفية إحداث النهضة الزراعية المنشودة من خلال الاستفادة من المدارس الزراعية ومدارس التعليم الفنى المتواجدة لتحقيق التنمية فى مجال القطاع الزراعى.
وأوضح وزير التربية والتعليم أن الوزارة تعمل حاليًا على توسيع قاعدة الشراكات مع قطاع الأعمال لتأهيل وتدريب الطلاب، مشيرا إلى أن عدد المدارس الزراعية يبلغ ١٧٢ مدرسة.
وأوضح أن الشراكات مع القطاع الخاص وقطاع الأعمال يستفيد من خلالها صاحب العمل عبر تدريب الطلاب علميًا وفنيًا وعمليًا خلال سنوات الدراسة ليصبحوا عمالة مدربة طبقًا لمعاييره ومتطلباته والذي يعد استثمارًا جيدًا لجميع الأطراف المعنية.
أعلن محمد جبران وزير العمل ، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بدء تنفيذ بروتوكول التعاون المُوقع بين الوزارتين في شهر سبتمبر 2024 الماضي، بمقر وزارة العمل، بشأن ربط مخرجات التعليم والتدريب المهني باحتياجات سوق العمل، والمُشاركة في تشغيل وإدارة مراكز التدريب الثابتة التابعة لوزارة العمل،في كافة المحافظات، بما يُعزز من زيادة أعداد المُتدربين من الطلاب والخريجين الجدد ، والراغبين في التدريب على المهن التي يحتاجها سوق العمل، وذلك خلال فترات الدراسة ،وكذلك الإجازات الصيفية.
بروتوكول بين وزارتي التربية والتعليم والشبابوقع الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بروتوكول تعاون بين الوزارتين، بمقر وزارة الشباب والرياضة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك في إطار أعمال المجموعة الوزارية للتنمية البشرية.
وتضمن البرتوكول تنفيذ الأنشطة الطلابية داخل مراكز الشباب لتنمية النشء وتطوير الرياضة المدرسية، وإنشاء مدارس يابانية داخل مراكز الشباب للعمل بالفترة الصباحية، واستمرار عمل مراكز الشباب مساءً.
كرم وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في احتفالية نظمتها الوزارة بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، الطلاب الفائزين على المستوى الوطنى والعالمي في مسابقة "ISEF" للعلوم والهندسة 2024.
وتُعد مسابقة "ISEF" للعلوم والهندسة من أقوى المسابقات الدولية في مجال العلوم والهندسة للباحثين من طلاب المرحلة الثانوية، وتعتمد على امتلاك مهارات البحث العلمي للوصول لمشروع جديد يسهم في حل مشكلة في إحدى المجالات العلمية من خلال اتباع منهجية البحث العلمي، ويتم تأهيل الفائزين فيها للاشتراك في المسابقة الدولية التي يشارك فيها أكثر من ٧٦ دولة حول العالم.