عربي21:
2025-03-10@09:54:51 GMT

معركة جديدة أم بداية حرب التحرير الفلسطينية؟

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

ما الذي يمكن أن تفعله الطائرات الشراعية الآلية في مواجهة واحد من أقوى الجيوش في العالم؟ يبدو أنها يمكن أن تفعل الكثير إذا وقعت في أيدي المقاومة الفلسطينية. وبالفعل، أصبحت هذه الطائرات الشراعية هي سلاح جو المقاومة الفلسطينية.

وتأتي العملية الفلسطينية التي لم يتوقعها أحد، وأطلق عليها اسم "عملية طوفان الأقصى"، رداً على المذابح الإسرائيلية المستمرة في بلدة حوارة بالضفة الغربية وفي القدس، لا سيما من قبل المستوطنين في المسجد الأقصى خلال الأعياد اليهودية في الشهر الماضي، عدا عن الحصار المستمر على غزة نفسها والممتد منذ أكثر من عقد ونصف.

إن الإجماع بين العديد من المعلقين في وسائل الإعلام العربية هو أن المقاومة الفلسطينية قد حطمت فعلياً أسطورة القوة العسكرية الإسرائيلية والسمعة غير المستحقة لأجهزة استخباراتها، التي كانت إخفاقاتها مذهلة، كما أثبت نجاح الهجوم الفلسطيني المفاجئ.

ولم يكن أقل إثارة للدهشة استيلاء المقاومة الفلسطينية على العديد من المستعمراتالاستيطانية اليهودية المتاخمة لحدود غزة، وعلى مسافة تصل إلى 45 كيلومتراً داخل إسرائيل في حالة مستعمرة مدينة أوفاكيم. وربما يكمن الإنجاز الرئيس للمقاومة في سيطرتها المؤقتة على هذه المستوطنات الاستيطانية في توجيهها ضربة قاضية لأي ثقة كان يشعر بها المستوطنون الإسرائيليون في هذه المستوطنات بشأن جهوزية الجيش الإسرائيلي وقدرته على حمايتهم. فهروب المستعمرين من هذه المستوطنات حفاظا على حياتهم ومستقبل أطفالهم قد يصبح نزوحا دائما، فربما أدرك المستوطنون أخيراً أن العيش على أرض مسروقة من شعب آخر لن يجعلهم آمنين أبداً.

ربما يكمن الإنجاز الرئيس للمقاومة في سيطرتها المؤقتة على هذه المستوطنات الاستيطانية في توجيهها ضربة قاضية لأي ثقة كان يشعر بها المستوطنون الإسرائيليون في هذه المستوطنات بشأن جهوزية الجيش الإسرائيلي وقدرته على حمايتهم. فهروب المستعمرين من هذه المستوطنات حفاظا على حياتهم ومستقبل أطفالهم قد يصبح نزوحا دائما، فربما أدرك المستوطنون أخيراً أن العيش على أرض مسروقة من شعب آخر لن يجعلهم آمنين أبداً
يشمل مستوى الاشتباك العسكري بين المقاومين الفلسطينيين والقوات الاستعمارية الإسرائيلية واسع النطاق أكثر من عشرين موقعاً للمعارك، حيث أعلنت منظمة حماس المقاوِمة عن 50 هدفاً عسكرياً إسرائيلياً لعملياتها. وقد كان مشهد مقاتلي المقاومة الفلسطينية وهم يقتحمون نقاط الحدود الإسرائيلية التي تفصل غزة عن إسرائيل مذهلاً، ليس فقط لدى الإسرائيليين، ولكن أيضاً بشكل خاص لدى الفلسطينيين والشعوب العربية التي هبّت في مسيرات حول العالم العربي دعماً للفلسطينيين في معركتهم ضد مستعمريهم.

وبالفعل، لقد منعت قوات الأمن الأردني الأردنيين الذين ساروا إلى الحدود مع إسرائيل من الاقتراب من النقاط الحدودية. ولم تكن هذه المشاهد أقل مفاجأة بالنسبة لمعظم العرب المبتهجين الذين أمضوا يومهم في مشاهدة الأخبار المتلفزة، وشاهدوا المقاومين الفلسطينيين يخترقون سياج الاحتلال الإسرائيلي جواً على متن طائراتهم الشراعية الآلية.

ولا يمكن وصف صدمة الفلسطينيين والعرب وهم يشاهدون الجنود والضباط الاستعماريين الإسرائيليين في قبضة المقاومة وهم في ملابسهم الداخلية، والاستيلاء المذهل على قاعدة عسكرية إسرائيلية، حيث ترك الجيش الإسرائيلي وراءه قبل هروبه عشرات الدبابات والعربات المدرعة التي رفعت عليها المقاومة الرايات الفلسطينية، وكأنها مشاهد من فيلم خيالي، لا سيما أن الصور القديمة لأسرى الحرب المصريين الذين أذلتهم إسرائيل وصوّرتهم بملابسهم الداخلية خلال حرب عام 1967، ناهيك عن صور أسرى الحرب الفلسطينيين بملابسهم الداخلية تحت سيطرة الجنود الإسرائيليين، كان ولم يزل يتردد صداها في الذاكرة الجماعية العربية. ومن بين أسرى الحرب الإسرائيليين ضباط عسكريون رفيعو المستوى، بما في ذلك الجنرال نمرود ألوني. وقد أدى نجاح هذه التوغلات على الأرض، إلى جانب الهجمات الصاروخية على إسرائيل، إلى وقف معظم الحركة الجوية التجارية في المطارات الإسرائيلية.

وبعد أن دمرت القنابل الإسرائيلية بناية "برج فلسطين" المؤلفة من أكثر من 100 شقة سكنية في غزة، ردت المقاومة بإطلاق عشرات الصواريخ على تل أبيب. وقد أدى القصف الإسرائيلي الهمجي على غزة، حتى وقت كتابة هذا التقرير، إلى مقتل أكثر من 413 فلسطينياً (معظمهم من المدنيين- لا توجد معلومات حتى الآن عن عدد القتلى من المقاومين)، في حين أدى هجوم المقاومة الفلسطينية على إسرائيل حتى الآن إلى سقوط 700 قتيل إسرائيلي –من عسكريين ومدنيين- وهي حصيلة مروعة في المجمل ليوم واحد من المعارك.

وقد سارع أعداء الشعب الفلسطيني الدوليون إلى إعلان دعمهم لنظام الفصل العنصري والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي، وإدانة المقاومة الفلسطينية. ويشمل ذلك أعداء الشعب الفلسطيني الرئيسيون: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة. وقد انضم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أدى تحالفه مع الغرب ضد روسيا إلى دفع كوكبنا إلى حافة حرب نووية، إلى مؤيديه الغربيين وأدان المقاومة الفلسطينية ووصفها بأنها "إرهابية"، وأكد أن "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس أمر لا جدال فيه".

أما الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، غير المعروف بحبه للشعب الفلسطيني، فقد دعا إلى إعادة المدنيين الإسرائيليين "المختطفين" من قطاع غزة: "يجب احترام وحماية المدنيين وفقا للقانون الإنساني الدولي في كل وقت". ولم تصدر أي كلمة من غوتيريش عن أكثر من 5000 أسير حرب فلسطيني ومخطوفين (ولا يستخدم غوتيرش البتة مصطلح "مخطوفين" لوصف الأسرى الفلسطينيين) في زنزانات إسرائيل، كما لم يذكر حق الفلسطينيين في مقاومة الاحتلال بموجب القانون الدولي.

في هذه الأثناء، طالبت الحكومات العربية المتحالفة مع إسرائيل المقاومة الفلسطينية بوقف عمليات المقاومة، إلا أن هذه الحكومات كانت في معظمها قد التزمت الصمت في الأسابيع الأخيرة إزاء المذابح الإسرائيلية المستمرة. وكثيراً ما تدين الحكومات الغربية والعربية والليبراليون الغربيون والعرب المقاومة الفلسطينية لقبولها المساعدة العسكرية والمالية من الحكومة الإيرانية للدفاع عن الشعب الفلسطيني من جرائم الاستعمار الإسرائيلي، كما لو أن الفلسطينيين كانوا قد رفضوا عروض الدعم من دول أخرى. وهذا يشبه مطالبة الأوروبيين الذين كانوا يعيشون تحت الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية برفض المساعدة العسكرية والمالية من نظام الفصل العنصري الأمريكي الذي كان يحكم بموجب أيديولوجيا التفوق العرقي الأبيض رسمياً آنذاك، ناهيك عن الأنظمة الاستعمارية العنصرية في فرنسا وبريطانيا، لمقاومة الاحتلال النازي. لكن بخلاف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، فإن إيران لم تقم بقتل الملايين حول العالم ولا قامت باستعمار أو احتلال أراضي الآخرين.

وكان الإسرائيليون والسلطة الفلسطينية قد دأبوا على توجيه الاتهامات والتهديدات لإيران بزعم وقوفها وراء المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية. وقد ألقى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ باللوم على إيران بخصوص "عملية طوفان الأقصى" وهدد بإنهاء التهديد الإيراني المزعوم.

سيستغرق انقشاع غبار المعارك الدائرة بعض الوقت، لكن ما هي العواقب السياسية التي ستتمخض عن أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023؟ وما مدى احتمالية تأثير الحرب على حكومة نتنياهو؟ يزعم بعض الإسرائيليين أن رد حماس على الإرهاب الإسرائيلي المستمر قد جعل حتى أكثر اليساريين الإسرائيليين تزمتاً يدعون إلى وقف المسيرات المناهضة لنتنياهو والانضمام إلى حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، مطالبين بمحو غزة عن الوجود بالكامل. فهل يعني ذلك أن القومية الشوفينية الإسرائيلية المتوقعة ستعزز من نفوذ نتنياهو أم ستضعفه؟

نظراً للتاريخ الحديث للانتخابات الإسرائيلية، وزيادة انتشار الأصولية اليهودية بين المستوطنين اليهود، فإن أي خسارة لنتنياهو ستعني على الأرجح المزيد من الدعم لحلفائه اليمينيين الأكثر تطرفاً، بما في ذلك إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش، وليس لمنافسي نتنياهو الأقل يمينية بعض الشيء والذين كانوا ينظمون المسيرات المناهضة له ويزعمون بأنهم "يساريون". وفي خطابه الذي ألقاه في نهاية اليوم الأول من الحرب، والذي وصفه نتنياهو بـ"يوم أسود" لإسرائيل، قام نتنياهو بتقديم الشكر لرعاة إسرائيل الإمبرياليين، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. لكن وعلى أي حال، وبغض النظر عمن سيتولى السلطة في إسرائيل، فلن يغير ذلك شيئا في طبيعة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وعنصريته تجاه الفلسطينيين.

هل سيؤثر انتصار المقاومة هذا على المسيرة الثابتة نحو التطبيع السعودي-الإسرائيلي أو العلاقات الدافئة المستمرة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب؟ في اعتقادي، لن يقف أي شيء في طريق علاقة العشق بين الأنظمة العربية الاستبدادية وزعماء المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية، على الرغم من أنه من المرجح أن البراعة العسكرية للمقاومة وضعف الاستعداد العسكري الإسرائيلي الذي نشاهده على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم سوف تجعلها تعيد تقييم خطواتها القادمة
ولكن ماذا عن تأثير انتصارات المقاومة على السلطة الفلسطينية العميلة؟ لقد ردت السلطة الفلسطينية سريعا على عملية المقاومة عبر الدعوة إلى دعم الشعب الفلسطيني وطلب "الحماية الدولية" له من جرائم الاحتلال، ولم تتبرع بأي كلمة دعم للمقاومة. لكن القمع النشط الذي قامت به السلطة الفلسطينية مؤخراً للمقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية واستلام السلطة شحنة من الأسلحة الأمريكية التي تم إرسالها لمساعدة السلطة على قمع المقاومة قبل بضعة أسابيع، يفضح كذب السلطة وإعلانها الدعائي بدعم النضال الفلسطيني ضد الاستعمار الاستيطاني. لا شك أن النصر الحاسم للمقاومة في هذه الحرب سيشكل كارثة كبيرة على السلطة الفلسطينية ومسؤوليها المتعاونين مع الاحتلال، ولكن حتى في حالة عدم انتصار المقاومة في الحرب، فإن انتصار اليوم الأول وحده كاف لبث الرعب في قلوب مسؤولي السلطة الفلسطينية.

لقد قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بقتل أكثر من سبعة فلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء عملية طوفان الأقصى. ولا يزال من غير الواضح ما هو الدور، إن وُجد، الذي ستلعبه المقاومة في الضفة الغربية والقدس الشرقية في الأيام المقبلة، وما هو مستوى القمع الذي ستمارسه عليها إسرائيل والمتعاونون التابعون للسلطة الفلسطينية.

ومهما كانت نتائج نهاية هذه الحرب، فإن الانتصار المذهل الذي حققته المقاومة الفلسطينية على الجيش الإسرائيلي في اليوم الأول من القتال هو حدث تاريخي بالنسبة لإسرائيل، كما اعترف نتنياهو، وكذلك للفلسطينيين.

ولكن هل سيؤثر انتصار المقاومة هذا على المسيرة الثابتة نحو التطبيع السعودي-الإسرائيلي أو العلاقات الدافئة المستمرة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب؟ في اعتقادي، لن يقف أي شيء في طريق علاقة العشق بين الأنظمة العربية الاستبدادية وزعماء المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية، على الرغم من أنه من المرجح أن البراعة العسكرية للمقاومة وضعف الاستعداد العسكري الإسرائيلي الذي نشاهده على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم سوف تجعلها تعيد تقييم خطواتها القادمة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان إعلان محمد بن سلمان الأخير بأن التطبيع مع إسرائيل سوف يقتصر على مطالبة السعودية إسرائيل بـ"تسهيل حياة الفلسطينيين" سيصمد أمام اختبار هذه الحرب.

ولكن بما أن الحرب المستمرة بين جيش الاستعمار الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية لا تزال في يومها الأول، فمن المؤكد أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه هي بداية حرب التحرير الفلسطينية، أم أنها معركة جديدة من ضمن معارك الحرب التي لا نهاية لها بين المستعمِر والمستعمَر
يقول بعض المعلقين الإسرائيليين إن هجوم حماس المفاجئ البارحة هو أكثر إثارة للذهول من صدمة حرب 6 تشرين الأول/ أكتوبر 1973 عندما شن الجيشان المصري والسوري هجوما مفاجئا على جيش الاحتلال الإسرائيلي في شبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان المحتلتين. ويذكرنا أداء المقاومة في اليوم الأول من الحرب أيضاً بأداء مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية في معركة الكرامة عام 1968 في الأردن، والتي أجبرت إسرائيل آنذاك على الانسحاب لأول مرة من أرض المعركة منذ قيامها في عام 1948، ما أدى إلى تعبئة الآلاف من الفلسطينيين والعرب والأجانب للانضمام إلى صفوف المقاومة. ولكن على خلاف هاتين السابقتين ومعاركهما التي دارت في الأراضي المحتلة خارج حدود إسرائيل، فإن هذه هي المرة الأولى التي يشن فيها الفلسطينيون (أو أي جيش عربي آخر) حرباً شاملة داخل حدود "الأراضي الإسرائيلية"، وهذا أمر غير مسبوق منذ قيام المستعمرة الاستيطانية.

ولكن بما أن الحرب المستمرة بين جيش الاستعمار الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية لا تزال في يومها الأول، فمن المؤكد أن الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت هذه هي بداية حرب التحرير الفلسطينية، أم أنها معركة جديدة من ضمن معارك الحرب التي لا نهاية لها بين المستعمِر والمستعمَر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الفلسطينية الإسرائيلية إسرائيل فلسطين المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة التحریر الفلسطینیة السلطة الفلسطینیة الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة الشعب الفلسطینی هذه المستوطنات الیوم الأول أکثر من فی هذه

إقرأ أيضاً:

قباطية بلدة الصمود ومعقل المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية

بلدة قباطية إحدى أبرز البلدات الفلسطينية شمال الضفة الغربية، تقع جنوب مدينة جنين، وتشتهر بتراثها الغني ومعالمها التاريخية التي تعكس أهمية المنطقة عبر مختلف الحقب الزمنية، تعتبر مركزا صناعيا وتجاريا مهما وتشتهر بالزراعة وصناعة الحجر، وهي إحدى أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية.

الموقع والمساحة

تقع بلدة قباطية على بعد 6 كيلومترات إلى الجنوب الغربي من مدينة جنين، تحدها من الشمال الشرقي قرية أم التوت ومن الشرق قرية تنين ومن الجنوب الشرقي قرية الزبابدة ومن الجنوب قرية مسلية، بينما تحدها من الجنوب الغربي قريتا جربا ومركة، ومن الغرب قرية حفيرة عرابة.

ترتفع قباطية عن سطح البحر بمقدار 256 مترا، وتبلغ مساحة أراضيها نحو 50 ألفا و547 دونما.

التسمية

تقول بعض الروايات إن أصل اسم قباطية يعود إلى الفعل "قمط الشيء" أي ربطه بعد تحميله على الدواب، وقد أُطلقت هذه التسمية على البلدة لأنها كانت محطة استراحة للقوافل التجارية البرية التي كانت تسلك طريقها بين بلاد الشام ومصر، ومع مرور الزمن تطور لفظ "قماطية" وتحول تدريجيا إلى "قباطية".

التوزيع السكاني

بلغ عدد سكان البلدة عام 2024 نحو 27 ألفا و937 نسمة حسب تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني موزعين على الحارات التالية:

حارة آل أبو الرب: تقع على تلال قباطية الجنوبية. حارة الزكارنة: تقع شمال قباطية، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى البلد الأصلي الذي جاءت منه العائلة التي تسكن هذه الحارة وهو بلدة زكريا. حارة آل نزال: تقع على السهول وسفوح الهضاب والتلال الغربية، تسكنها 4 عائلات أساسية هي (آل نزال، حنايشة، طزازعة، خزيمية) ويعود سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أن عائلة نزال إحدى أكبر العائلات القاطنة فيها. حارة السباعنة: تقع على سفوح جبال وتلال الجهة الجنوبية الغربية للبلدة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى الجد الأول لعائلة السباعنة التي شكلت هذه الحارة. حارة آل كميل: تقع فوق سفوح الهضاب والتلال الجنوبية الشرقية لقباطية، سميت بهذا الاسم نسبة لعشيرة كميل القاطنة فيها، وهي من أكبر العشائر في هذه الحارة، وأيضا بسبب الجاه والنفوذ الذي تتمتع به هذه العشيرة. إعلان الاقتصاد

يعتمد اقتصاد بلدة قباطية على قطاعات رئيسية متنوعة أبرزها صناعة الحجر، إذ تضم البلدة نحو 50 محجرا و72 منشارا لقص الحجارة وتصنيعها، ويتم تسويق الإنتاج محليا في المدن الفلسطينية، إضافة إلى تصديره لبعض الدول العربية.

إلى جانب ذلك تزدهر في قباطية الأنشطة التجارية والصناعات الخفيفة، مما يساهم في تعزيز الحركة الاقتصادية.

وللزراعة أيضا دور مهم في اقتصاد قباطية، إذ تمتد أراضيها على مساحة نحو 55 ألف دونم، وتنتج عددا من المحاصيل أبرزها الزيتون والعنب واللوزيات.

التاريخ

تميزت بلدة قباطية بأهمية إستراتيجية عبر العصور بفضل موقعها الجغرافي المميز، فقد كانت مركزا مهما للقوافل التجارية منذ العهد الروماني، خاصة أثناء حكم الإمبراطور ديوكلتيان في القرن الثالث قبل الميلاد، حين ارتبطت تجاريا بمصر وبلاد الشام ومناطق أخرى في آسيا.

استمرت هذه الأهمية في العصور الإسلامية المتأخرة، إذ أصبحت قباطية مركزا تجاريا رئيسيا ومحطة استراحة للقوافل، لا سيما في زمن العهد الفاطمي.

وأكدت المواقع الأثرية المنتشرة في المنطقة على أهميتها التاريخية، إذ شهدت البلدة وجود عدد من القرى والمدن التي تعود إلى العصور الكنعانية والرومانية أبرزها:

في العصر الروماني: خربة بلعمة (البرج)، خربة أم البطم، خربة أم النمل. في العصر البرونزي: خربة النجار، خربة أبو غنام، خربة سبعين، خربة زعترة، خربة سفيريا، خربة جنزور، خربة نهاوند.

أما في العصر الحديث فقد تعرضت قباطية للاحتلال الإسرائيلي كما هو الحال مع باقي قرى وبلدات الضفة الغربية، أثناء حرب الأيام الستة في يونيو/حزيران 1967، وبعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، أُدرجت البلدة ضمن منطقتي (أ) و(ب) وفق التصنيفات الإدارية للضفة الغربية.

معقل للمقاومة

تعتبر بلدة قباطية إحدى أبرز معاقل المقاومة الفلسطينية، فقد سجلت حضورا قويا في مختلف مراحل النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من ثورة عز الدين القسام في ثلاثينيات القرن الـ20، مرورا بالانتفاضتين الأولى والثانية، وصولا إلى انتفاضة القدس والعمليات الفدائية وما بعدها.

إعلان

كان لأهالي قباطية إسهام بارز في ثورة القسام عام 1936، وشارك عدد من أبنائها في العمليات الفدائية ضد الانتداب البريطاني، منهم محمد أبو جعب، الذي استشهد عقب تنفيذه عملية اغتيال "أندروز" الحاكم العسكري البريطاني في اللواء الشمالي عام 1937.

ومع اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987 أصبحت قباطية مركزا لنشاط مجموعات الفهد الأسود التابعة لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، والتي نفذت عددا من العمليات ضد الاحتلال، كما برز دور أبناء البلدة في تأسيس أولى خلايا كتائب القسام في الضفة الغربية بقيادة الشهيد عبد القادر كميل.

مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، تصدرت قباطية المشهد المقاوم مجددا، وقدمت أعدادا كبيرة من الشهداء والمجاهدين ضمن كتائب القسام وكتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وشهدت البلدة عمليات اقتحام متكررة من قوات الاحتلال، التي حاولت قمع نشاط المقاومة لكنها لم تستطع إنهاء حضورها القوي في الميدان.

وكان للشهيد رائد زكارنة -أحد أبناء قباطية- دور بارز في تنفيذ أولى العمليات الاستشهادية التي أشرف عليها المهندس يحيى عياش، ونفذها زكارنة في مدينة العفولة عام 1994 انتقاما لمجزرة الحرم الإبراهيمي، وقُتل فيها تسعة إسرائيليين وأصيب العشرات.

وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول 2015 حاصرت قوات الاحتلال بلدة قباطية ثلاثة أيام وأغلقت كافة المداخل الرئيسية المؤدية لها وشنت حملة اعتقالات بعد عملية نفذها ثلاثة من أبناء البلدة، أسفرت عن قتل مجندة إسرائيلية وإصابة أخرى بجروح خطيرة.

حينها ذكر المراسل العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت يوآف زيتون أن بلدة قباطية أصبحت ساحة رئيسة لعمليات الجيش الإسرائيلي نظرا لانطلاق منفذي الهجمات منها.

وأضاف أنه في مواجهات سابقة كان يخرج شبان تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاما يحملون أسلحة كلاشينكوف وبنادق أوتوماتيكية أو عبوات ناسفة لتوجيهها ضد الإسرائيليين، أما في "الموجة الحالية من الهجمات فبتنا نرى فتيانا وفتيات صغيرات تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما يحملون السكاكين لقتل اليهود رغم وجود اقتناع لديهم بأنهم سيموتون فور تنفيذ العملية".

إعلان

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بثت سرايا القدس مشاهد من تفجير مقاتليها آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي والاشتباك مع جنوده في بلدة قباطية، وذلك بعد اقتحام قواته للبلدة ضمن سلسلة اقتحامات طالت مدنا وبلدات في الضفة الغربية.

معالم المسجد القديم

يقع في مركز بلدة قباطية وتبلغ مساحته حوالي 2700 متر مربع. يعود تاريخ إنشائه إلى العهد العثماني، ويتميز بتصميمه المعماري المستوحى من الفن العثماني. في بدايته كان يتألف من غرفتين كبيرتين فقط، ثم خضع لعمليات توسعة شملت إضافة مئذنة.

مسجد صلاح الدين

تأسس عام 1981م على أرض تبلغ مساحتها 3 آلاف متر مربع، تبرع بها أحد أبناء البلدة، أما البناء نفسه فقد بلغت مساحته 800 متر مربع، وتم تمويل تكاليفه من تبرعات أهالي البلدة.

سوق الخضار والفواكه

يقع عند المدخل الغربي للبلدة، وهو ثاني أكبر سوق للخضار والفواكه في محافظة جنين. أنشأته بلدية قباطية بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، فقد أدت إجراءات الحصار الإسرائيلي على مدينة جنين إلى صعوبة وصول المزارعين إلى السوق المركزي هناك.

يمتد السوق على مساحة تُقدر بحوالي 8 آلاف متر مربع، ويشكل مركزا مهما لتجارة المحاصيل الزراعية في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • تهديدات الحوثيين لـ”إسرائيل”.. هل هي بداية لمرحلة جديدة من المواجهة الإقليمية؟
  • بن غفير يقترح مشروع قانون لإلغاء اتفاقيات مع منظمة التحرير الفلسطينية
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • إسرائيل تصعّد في غزة.. خطة جديدة تضرب المساعدات وتعيد إشعال الحرب
  • منظمة التحرير وروسيا تبحثان مجمل التطورات على الساحة الفلسطينية
  • ترامب واكبر معركة استخبارات لمواجهة العالم 
  • صحف عالمية: غضب في تل أبيب من محادثات واشنطن وحماس السرية.. وخطط إسرائيلية لجر المقاومة الفلسطينية للقتال مرة أخرى
  • تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لصفقة التهدئة وقرع طبول الحرب
  • حماس: الاعتداءات الإسرائيلية على المساجد تصعيد خطير وحرب دينية
  • قباطية بلدة الصمود ومعقل المقاومة الفلسطينية بالضفة الغربية