إلهام الكردوسي تكتب.. العبور العظيم «لو عدينا مرة خلاص»
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
كان لى شرف الإنصات إلى العديد من «رجال» حرب أكتوبر 1973، صانعى معجزة العبور العظيم، سرد كل منهم على مسامعى تجربته من واقع المشاركة الفعلية والمعايشة على الجبهة، ولا أبالغ إذا قلت إن جميع من تشرفت بالاستماع إليهم تمكنوا من نقل قطعة حية ومدهشة من أجواء الجبهة، دخلت قلبى مباشرة، حتى بعد نصف قرن على الحدث العظيم، ولا أعرف إذا ما كان زخم معركة أكتوبر 73 هو ما صنع منهم أبطالاً، أم العكس هو الصحيح!
تتكشف لنا الحقائق، أولاها أن انتصار أكتوبر لم يكن حدثاً مسطحاً، وليد يوم العبور العظيم، وإنما هو نتيجة طبيعية لتراكمات حضارية، شكلت إنساناً مصرياً يمقت الهزيمة، يسير جميعها باتجاه 6 أكتوبر، اليوم المشهود والمسبوق بسنوات من العمل المكثف، خلال حرب الاستنزاف، وعلى مختلف الأصعدة، لمداواة الجرح المفتوح فى قلب الأمة، بسبب نكسة 5 يونيو.
واحد من أكثر التجهيزات اللافتة للنظر، خلال إعادة البناء فى هذه الفترة، تفعيل عمل إدارة التوجيه المعنوى، التى كانت مهمتها الأساسية إعداد الجنود والضباط للمعركة.
جهود مشرفة قامت بها هذه الإدارة لتأهيل المجندين للقتال، تتضمن حل مشكلاتهم الاجتماعية، وقضاء مصالحهم، فى خارج الجبهة، وتخصيص وقت للجانب الترفيهى، تقديم هدايا للعساكر فى المناسبات الدينية وغيرها، وحتى الاطمئنان على مطابخ الوحدات العسكرية، وجميعها أمور تحظى برعاية القيادات، وعلى أعلى مستوى.
ولكن أين نصيبنا نحن من انتصارات أكتوبر؟ سؤال يراودنى عندما تلقيت جزءاً من الحكاية، فإذا كان هناك جيل عظيم من آبائنا تمكنوا من تخليد «أسطورتهم» بالعبور العظيم، فهل نكتفى نحن بالإنصات إلى الملحمة؟
على العين والرأس كل من أسهم فى صنع النصر، على العين والرأس كل من نقل إلينا قبساً من نور المعركة سرداً أو كتابة، لكن وقوفنا نحن عند دور المتلقى السلبى، مهما انفعلنا بروعة الحدث، لا يليق بنا ولا بالتاريخ الذى سيسجله علينا لا لنا.
وهنا أسوق واقعة لعلها تحمل الإجابة، منذ بضع سنوات كنت فى ندوة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، عن الشهيد عبدالمنعم رياض، وبمشاركة أبطال من حرب أكتوبر، روى كل منهم تجربته مستعيناً بالخرائط والأرقام والأدوات التوضيحية، وللحق كان المشاركون جميعاً على درجة عالية من اللياقة البدنية والذهنية، فكانت الندوة غنية، لكنها كانت فقيرة فى الحضور، بما يليق بموضوع النقاش، وبعد الانتهاء تقدمت إلى أحد السادة المشاركين ونقلت له وجهة نظرى، وقلت له: نحتاج لمثل هذه الندوات فى المدارس والجامعات على نطاق واسع، فقال لى بحماس: إحنا مستعدين إيدى على كتفك!
وعن نفسى أكاد أجزم أن جميع من استمعت إليهم من أبطال أكتوبر-أطال الله أعمارهم- يتمتعون بلياقة ذهنية وبدنية تسمح لهم بتسجيل هذا المنجز العظيم، بوعى، ولديه القدرة على نقل قطعة من التجربة «نابضة بالحياة»، لذلك أتمنى من الجهات ذات الصلة أن تأخذ على عاتقها تدشين مشروع جاد لتوثيق نصر أكتوبر بالاستعانة بأبطاله الحقيقيين، من أجل توصيل «الأمانة» إلى أبنائنا وأحفادنا والأجيال المقبلة.
فــ«روح العبور» يليق بها أن تبقى حية، فى وجداننا، تمنحنا الثقة، كلما مرت بنا أزمة، أو أصيبت عزائمنا بالخوَر، حقيقة نستدعيها، شعباً وأفراداً، لتمنحنا اليقين فى أنفسنا مجدداً، من أجل «عبور» آخر فوق المُلمات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أكتوبر العزة
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف يكرم إماما أنقذ حياة مصلٍ بمسجد العظيم في زهراء المعادي
أشاد الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، بالموقف النبيل للشيخ أحمد سليم، إمام مسجد العظيم بشارع الخمسين - زهراء المعادي، التابع لإدارة أوقاف البساتين، على ما قام به من حسن تصرف وإنسانية عند إصابة أحد رواد المسجد بالإغماء، إذ طلب له طبيبًا، وبالفعل وجد طبيبين من رواد المسجد، فتمكنا من إفاقته والاطمئنان عليه، وعلى إثر ذلك راعى الخطيب المقام فاختصر الخطبة، وبعد انتهائها سارع إليه طالبًا الإسعاف.
احترافية وإنسانية في التعاملوحيَّا وزير الأوقاف الشيخ أحمد سليم، على ما تمتع به من احترافية وإنسانية في التعامل مع الأزمة، داعيًا جميع أبناء وزارة الأوقاف إلى حسن التصرف مع الأزمات، وأن يضربوا أروع الأمثلة العملية السلوكية، والأخلاقية العالية.
وتقديرًا لهذا الموقف الجامع بين حسن التصرف وروح الشريعة في العناية والتخفيف، فقد قرر وزير الأوقاف تكريم الشيخ أحمد سليم ومنحه شهادة تقدير.