قالت مجلة الجيش في عددها الأخير، إن ترسيم تاريخ 8 أكتوبر من كل سنة “يوما وطنيا للدبلوماسية” جاء عرفانا للجهود المضنية التي بذلتها دبلوماسيتنا منذ ثورتنا التحريرية المظفرة. وتثمينا لرصيدها النضالي وتجربتها الثرية وكذا بالنظر إلى مواقف بلادنا المُشرفة إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

استهلت الافتتاحية التي حملت عنوان “من أجل عالم متعدد الأقطاب”, بالتأكيد على أن الجزائر على مدى أكثر من ستين سنة، برزت الجزائر على الساحة الدولية بمواقفها الثابتة والمبدئية الرامية لإحلال السلم والأمن في عالم متعدد الأقطاب، قائم على التعاون وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وحق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال في تقرير مصيرها، ورفض استعمال القوة أو التهديد بها لحل الأزمات والنزاعات الدولية.

وذكرت المجلة في السياق ذاته، بأن هذا التوجه مكن الدولة الجزائرية بسجلها الدبلوماسي الحافل والمتميز من تحقيق انتصارات فارقة، أبرزها تلك التي أحرزتها الجزائر الجديدة، بانتخابها قبل أشهر بأغلبية ساحقة من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، عضوًا غير دائم في مجلس الأمن الدولي لمدة سنتين.

ولفتت الإفتتاحية، إلى أنه على نهج الرئيس الراحل هواري بومدين، رافع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في خطاب شامل تضمن رسائل قوية، خلال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 سبتمبر 2023 من أجل إرساء نظام دولي جديد، من شأنه ضمان المساواة والتعاون بين الأمم لبلوغ عالم يسوده الأمن والازدهار والرفاهية.

وكان رئيس الجمهورية -تضيف المجلة-، قد أوضح بأن النزاعات والأزمات في العالم “بلغت مستوى غير مسبوق، شرّدت الملايين من الأشخاص وحوّلت العلاقات الدولية من علاقات تعاون وتوافق إلى مواجهات وصدامات.

وأبرزت المجلة بأن الجزائر دعت على لسان رئيس الجمهورية إلى إعادة تفعيل وتعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف في مواجهة مختلف التحديات والتهديدات، وتعهدت بألا تذخر أي جهد في مجلس الأمن لتشجيع اعتماد مقاربات شاملة وتشاركية للمساهمة في معالجة أسبابها، معتمدة في ذلك على السجل الحافل لدبلوماسيتها في قيادة الوساطات لتسوية النزاعات ودورها البارز في إرساء السلم والاستقرار في العالم.

وعلى هذا الأساس، نوهت المجلة ذاتها إلى ان الجزائر ستكون محل انظار العالم عموما والدول العربية والإفريقية خصوصا، وأمام فرصة تاريخية لحشد الدعم من أجل نصرة القضايا العادلة والدفاع كما فعلت دوما – عن حقوق الشعوب التي تكافح من أجل التحرر، وعلى رأسها الشعبين الفلسطيني والصحراوي، من خلال العمل باتجاه إصدار قرار يعزز حل الدولتين، والوصول لتصفية نهائية للاستعمار من آخر مستعمرة إفريقية، فضلا عن السعي لإيجاد حلول سلمية وتغليب لغة الحوار، فيما يتعلق بالأزمات في ليبيا ومالي والنيجر والسودان، وفي غيرها من دول القارة الإفريقية.
وفق المنظور ذاته -تابعت المجلة في افتتاحيتها- عبر الفريق أول السعيد شنفريحة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي عن هذا التوجه السليم المتوافق مع حرص القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي على مواصلة مسار اكتساب موجبات القوة دفاعا عن السيادة الوطنية.
أراضيها .

وختمت المجلة بالتأكيد على أن الجزائر ستبقى على الدوام، وفية لمبادئها الراسخة ونضالها من أجل عالم يسوده السلم والأمن وتكريس حق الشعوب في التمتع بالحرية والاستقلال والسيادة على أراضيها .

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة

ليست مصادفة أن تُوصف زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، لمملكة هولندا بالتاريخية، فهي كذلك بحق، ليس، فقط، لأنها تستعيد عتبات العلاقات التاريخية التي بدأت في منتصف القرن السابع عشر الميلادي، عندما كانت عُمان في أوج قوتها البحرية وبدء مرحلة بناء اقتصاد قوي بمقاييس تلك المرحلة بعد أن نجحت في تأمين المحيط الهندي لتعبر فيه التجارة آمنة نحو كل المسارات، ولكن لأن عُمان الحديثة تنجح اليوم في فتح مسارات اقتصادية في قلب أوروبا لم تكن، من قبل، في حدود الطموحات، رغم أنها كذلك في الجانب السياسي والدبلوماسي. وهي مسارات اقتصادية تعتمد على المعرفة وعلى الابتكار وكذلك على رؤية تحليلية لشكل المستقبل.

تملك هولندا إرثا تجاريا عميقا يعود إلى زمن الكشوف الجغرافية، وهي اليوم مركز أساسي من مراكز بناء اقتصادات المستقبل التي تقوم على معطيات الطاقة النظيفة وبشكل خاص الهيدروجين الأخضر، وطاقة الرياح البحري إضافة إلى مسارات اقتصادية مهمة في تأمين الجوانب الغذائية، فهي ثاني أكبر مصدر للمنتجات الزراعية في العالم. لكن هولندا أيضا تمتلك أكبر ميناء في أوروبا وهو ميناء روتردام العملاق وهو رئة أوروبا التجارية، ومحرّك فعّال في تحويل هولندا إلى عقدة لوجستية تربط القارات وتُعيد رسم خريطة التجارة البحرية العالمية.

ثمة تشابه إذًا في المعطيات وفي الرؤية المستقبلية فكما تتحول هولندا من كونها أكبر منتج للغاز الطبيعي في أوروبا إلى بناء رؤية تعتمد على طاقة الهيدروجين الأخضر وطاقة الرياح البحرية فإن سلطنة عُمان ذاهبة إلى هذا الاتجاه في رؤيتها المستقبلية لتكون أحد أهم مراكز طاقة الهيدروجين الأخضر في العالم؛ لذلك كانت أغلب الاتفاقيات التي وقعت خلال الزيارات تتمحور حول هذا الجانب. كما أن سلطنة عمان متقاربة جدا في تفكيرها مع هولندا فيما يخص الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار وبناء الصناعات الدوائية.

نستطيع أن نفهم التقارب التطبيقي لهذه الرؤية في توقيع الاتفاقية التطويرية المشتركة «JDA» لممر الهيدروجين المُسال، والذي ينشئ أول ممر تجاري لتصدير الهيدروجين المسال في العالم ليربط بين سلطنة عُمان ومملكة هولندا وجمهورية ألمانيا الاتحادية. وهذا الممر من شأنه أن يشكل مركز قوة اقتصادية في العالم ويضع أسسا متينة لبناء تكتلات اقتصادية تجتمع حول الصناعات القائمة على الطاقة النظيفة التي تعتبر أحد أهم مرتكزات المستقبل.

بهذا المعنى تكتسب الزيارة أهمية «تاريخية» ليس لأنها الأولى من نوعها لمملكة هولندا ولكن لأنها تفتح شراكات اقتصادية عميقة وحقيقية وفعالة مع أحد أهم المراكز الاقتصادية في أوروبا والتي تتمتع بالاستقرار السياسي، وبعيدة كل البعد أن صخب السياسة. ومعروف عن هولندا أنها تمتلك بيئة قانونية تدعم الاستثمار. كما أن مواقفها السياسية الدولية كثيرة الاتزان. وهذا بعد تقاربي آخر مع عُمان الدولة التي بات اسمها قرين السلام والأمن والرغبة المنبثقة من عمق المجتمع في العمل مع الجميع من أجل إطفاء النزاعات والعيش في هدوء وسلام.

لكن الزيارات لا تُقاس بالملفات الاقتصادية فقط، بل أحيانا بما تحمله من رسائل رمزية، تعكس القيم التي تتكئ عليها الدول الكبرى. ويمكن هنا الإشارة إلى المعنى الرمزي الذي يمكن أن نقرأه في زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حفظه الله ورعاه، إلى النصب التذكاري في ساحة دام وسط أمستردام. ويمثل النصب التذكاري وجه الحرب العالمية الثانية ووحشيتها، فيما وقف جلالة السلطان هيثم بن طارق يمثل وجه العالم الآخر؛ وجه السلام الممكن، الوجه الذي يمكن أن يعيد بناء التاريخ لا على أنقاض الخراب ولكن على إرادة تصنع من الذاكرة جسورا نحو التفاهم الإنساني.

وها هي سلطنة عُمان، من أمستردام، تكتب فصلا جديدا في دبلوماسيتها، فصلا يليق بدولة تفكّر بعمق، وتتحرك بثقة، وترى في الهدوء وسيلة لصناعة التاريخ وتمهيد مسارات المستقبل.

مقالات مشابهة

  • يصعب أن نتخيل عالم ما بعد أمريكا.. لكن يجب أن نتخيله!
  • رئيس البرلمان العربي يدين المخططات التخريبية التي تستهدف أمن الأردن
  • بيل غيتس: أفريقيا أمام فرصة تاريخية للصدارة العالمية في الذكاء الاصطناعي
  • نيجيرفان بارزاني: عملية السلام في تركيا فرصة تاريخية لترسيخ الأمن بالمنطقة
  • زيارة تاريخية وأبعاد رمزية تستحق القراءة
  • رئيس الجمعية العامة: يجب مكافحة العبودية الحديثة التي يرضخ لها 50 مليون شخص حول العالم
  • حماس تدعو العالم لأيام غضب نصرة لغزة
  • القطري غانم المفتاح يخطف أنظار حضور مؤتمر «أوشرم» الثامن بقصته في قيادة التغيير
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر إعادة إعمار غزة المقرر عقده بالقاهرة فرصة فريدة لحشد الدعم
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مؤتمر القاهرة لإعمار غزة فرصة فريدة لحشد الدعم الدولي