هانى الناظر قنديل دار الحكمة
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
من زمن غير بعيد اقترن لدينا لقب الحكيم بالطبيب، فكلاهما يعبِّر عن المعنى نفسه، والشخص ذاته الذى يحترف مهنة الطب والتطبيب، فكان الوعى الشعبى يُقدر ذاتياً الطبيب ويسمو به إلى درجة الحكيم دون دروس نظرية أو تلقين خارجى، وكان الطبيب وأخلاقياته قولاً وفعلاً هو مصدر هذا التقدير الذاتى فى النفوس.
وبمرور الأيام، ومع ذوبان معانى الطب وأهدافه السامية مع معانى البيزنس وأهداف الاستثمار، سقطت كلمة الحكيم من قاموس حياتنا تلقائياً، وبدأ البعض يتناسى تدريجياً لفظ الطبيب، ودخلنا مرحلة العلاج لمن يستطيع، مرحلة الدكتور صاحب العيادة الفارهة، والدكتور صاحب المستشفى الاستثمارى، وأصبحنا أمام مرحلة الدفع مسبقاً قبل العلاج.
فهذا الرجل جسَّد بأخلاقه وعلمه وقربه من الناس آراء ورؤى الأطباء والفلاسفة الأوائل عن الأخلاقيات والصفات التى يجب أن يتحلى بها الطبيب الحكيم، فكان يعالج الفقراء كما يعالج الأغنياء، لا يفرق بين إنسان وآخر فى الرعاية والاحترام، التواضع والبعد عن الكِبر صفة أصيلة فى نفسه، يعرفها من تعامل معه عن قرب أو عرفه عن بعد، أو تابع كتاباته على منصة التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، تلك الصفحة التى تحولت إلى مستشفى خيرى واستشارات مجانية للجميع فأحبه الجميع، فازداد بتواضعه هذا رفعة وجمالاً، وكان مثالاً عملياً لنصيحة قدمها «أبوبكر الرازى» لبعض تلامذته فى أخلاقيات الطبيب قائلاً: «واعلم أن التواضع فى هذه الصناعة زينة وجمال، التواضع بحسن اللفظ وجيد الكلام ولينه، وترك الفظاظة والغلظة على الناس».
الدكتور هانى الناظر هو نموذج نابض بالوعى لمهنته ولثقافة مجتمعه وأحوال أهله وهموم ناسه، فتجده ناصحاً معلماً ومحذراً من سلوكيات غريبة على مجتمعنا قد تقودنا إلى ما لا تحمد عقباه، كذلك كانت أقواله ونصائحه وانتقاداته وتحذيراته تجسيداً حياً لمعانى الرقى والإنسانية وجبر الخواطر، عليك فقط أن تطالع بعض ما كتب لتعرف ذلك، وإن كنت مشغولاً ويضيق بك الوقت، فسأعرض لك نماذج من تلك الكلمات.
يقول الدكتور هانى الناظر: «يا صديقى كُن دائماً راقياً فلا تتعالى على الناس، ولا تبخل عليهم بعلمك، ولا تتدخل فى شئونهم، ولا تغتابهم فى غيابهم ولا تعايرهم بفقرهم ولا بقلة حيلتهم… الرقى إنسانية وأخلاق»، ويقول: «علموا أبناءكم أن الرجولة لها صفات ليس من بينها الطول والعرض، ولا الشنب والعضلات المفتولة، ولا الصوت المرتفع ولا طول اللسان، ولا ضرب المربوط علشان يخاف السايب… علموهم أن الرجولة مواقف وأعمال، وأنها أدب وأخلاق واحترام وإخلاص، علموهم أن الرجولة حفاظ على الشرف والكلمة والوعد والعفو عند المقدرة وحفظ الجميل، والتمسك بالمبادئ والأخلاق، وعلموهم أيضا أنها مساعدة المحتاج والضعيف وقضاء حوائج الناس وعدم الخوض فى سيرتهم وأعراضهم… الرجولة إنسانية وعطاء».
الطبيب هانى الناظر صاحب الدرجات العلمية الرفيعة هو النموذج الذى نأمل أن يسود مهنة الطب، ويكون ما دونه هو الاستثناء، نريد ليس فقط أطباء لديهم مهارات علمية وعملية فائقة، نحن فى حاجة أيضاً إلى الطبيب الإنسان الحكيم الواعى لأهداف مهنته، المدرك لأحوال مجتمعه وظروف أهله.
ختاماً.. عرفت هذا الرجل من خلال حب الناس الصادق له، ودعواتهم المخلصة له بالشفاء بعد إصابته بوعكة صحية مؤخراً، هذا الرجل نموذج يستحق أن نحتفى به جميعاً، وندعو له بالشفاء، إنه الدكتور والطبيب والحكيم هانى الناظر قنديل دار الحكمة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب المعنى نفسه هانى الناظر هذا الرجل
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف: الذكر الحكيم ربط الأمن بمقاصد الشرع الشريف
شارك الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في ختام فعاليات الندوة الدولية الأولى التي نظمتها دار الإفتاء المصرية، على مدار يومين، بمناسبة اليوم العالمي للإفتاء، تحت عنوان: «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»، برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك بقاعة مؤتمرات الأزهر الشريف.
اختتم الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية – رئيس الأمانة العامة لهيئات ودور الإفتاء في العالم، الندوة، بمشاركة الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لهيئات ودور الإفتاء في العالم؛ والمفتي مصطفى سيرتش، مفتي البوسنة والهرسك السابق؛ والدكتور محمد مصطفى الياقوتي، وزير الأوقاف والإرشاد السوداني الأسبق، وعدد من العلماء والوزراء.
وفي كلمته قدَّم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، خالص التهاني إلى مفتي الجمهورية على نجاح تنظيم هذا المنتدى العلمي المهم، الذي استمر على مدى يومين برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، مشيرًا إلى أنه قد اختير لهذا المنتدى عنوان مهم، هو «الفتوى وتحقيق الأمن الفكري»، مؤكدًا أن محور الأمن الذي يناقشه المنتدى من أهم المحاور الذي تدور في فلكه عشرات العمليات العلمية والفكرية، التي منها عملية الإفتاء.
وأشار وزير الأوقاف إلى أنه عند التأمل في الذكر الحكيم نجد أنه ربط مفهوم الأمن بمقاصد الشرع الشريف، فأشار سبحانه إلى أن البيت الحرام جعله الله تعالى مثابة للناس وأمنًا، وأشار سبحانه إلى أن من دخله كان آمنًا، وامتن سبحانه على قريش أن الله -جل جلاله- أن أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف، ثم بيَّن الله تعالى واجب المؤمن تجاه البشرية من حوله، إذ يقول سبحانه: "وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ"، فكم ألحَّ القرآن الكريم على تحقيق الأمن في كل مفرداته وأبعاده ومستوياته وآليات صناعته.
وأضاف أنه من جميل التوفيق أن تقف دار الإفتاء هذه الوقفة العلمية المتأنية التي يحتشد لها العلماء والمفتون من داخل مصر وخارجها، حتى ترصد دار الإفتاء دور المؤسسة الموقرة في إرساء دعائم الأمن الفكري، وكيف أن من صميم عملها ووظيفتها أن تتصدى لرصد كل ما يدور في المجتمع المصري وفي العالم من حولنا من الرؤى والأفكار والأطروحات والفلسفات ووجوه الاستدلال والأفكار والمفاهيم، وكيف تعكف على رصد ذلك كله وفرزه ودراسته وتنسيبه والنظر فيه وتحريره ومراجعته، حتى تخرج على الناس بالبيان العلمي الهادي المنير، الصانع للعقول، المحقق لمقاصد الشرع الشريف.
واختتم وزير الأوقاف كلمته بتوجيه خالص التحية والتهنئة للمفتي على الإدارة والتنظيم الناجح للمؤتمر، مقدمًا الترحيب لضيوف مصر، موضحًا أن تحقيق الأمن والأمان هو على رأس أولويات المؤسسة الدينية في مصر بجميع مكوناتها، ومؤكدًا أن الأمن كما حرصت عليه الشريعة حرصت عليه النظريات النفسية فيما يعرف باسم «هرم ماسلو - هرم الدوافع»، حتى حددت له خمسة دوافع تحرك الفعل عند الإنسان، هي: «تحقيق الوجود، وتحقيق الأمن، وتحقيق الاكتفاء، وتحقيق الذات، وتحقيق التميز»، فجعل تحقيق الأمن أحد البواعث الكبرى التي تدفع الإنسان للعمل والفكر والسعي. ثم توجّه الوزير بالدعاء للجميع بالسداد والتوفيق، وبالتوفيق في حمل مواريث النبوة على أكمل وجه، وأن يجعلنا باب أمان للعالمين.