انطلاق فعاليات أسبوع المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2023
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
استهلت أعمال أسبوع المناخ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2023م، الذي تستضيفه المملكة العربية السعودية بالتعاون مع لجنة أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)، بحوارٍ افتتاحيٍ لطفلين مُلهِمين في سنوات دراستهما الأولى، طرحا خلاله تساؤلات مثيرة للتفكير ذات أهميةٍ جوهرية في الحوارات المناخية خلال هذا الأسبوع، الذي ستستمر فعالياته خلال الفترة من 23 إلى 27 ربيع الأول 1445هـ، الموافقة للفترة من 8 إلى 12 أكتوبر الجاري.
وستركز أنشطة هذا الأسبوع على العمل المناخي، بما في ذلك استراتيجيات تخفيف الانبعاثات والتكيف، وذلك من خلال نهجٍ حواريٍ شاملٍ يستوعب مجموعة واسعة من الآراء.
وكان النجوم الحقيقيون لافتتاح وتنظيم الأسبوع هم القيادات الشابة، الخبيرة والطموحة، الذين قدمتهم المملكة ليتقاسموا معارفهم ورؤاهم مع الحاضرين، الذين كان من بينهم: أخصائية أولى للسياسات الدولية ومفاوضة في مجال التغير المناخي في وزارة الطاقة نورة العيسى، ورئيسة السياسات والتوعية في برنامج استدامة الطلب على البترول في وزارة الطاقة نجلاء السديري، ومديرة الاستراتيجيات والشراكات في المركز السعودي لكفاءة الطاقة ريم السلطان، و أخصائي في تغير المناخ في وزارة الطاقة محمد أيوب، ومحلل في شؤون اللجان والدعم الاستراتيجي في وزارة الطاقة مازن الأشول، و أخصائية أولى في إدماج الطاقة المتجددة نوف عبدالغني،
وتحدث كل فردٍ من هذه القيادات الشابة حول مسارات التغيُّر المناخي وجهود المملكة بما في ذلك أهمية التعاون الدولي، وأهمية تحوّلات الطاقة، وتحولات المواد، ونهج الاقتصاد الدائري للكربون، وجهود واستراتيجيات المملكة في هذا الصدد.
الجدير بالذكر أن أسبوع المناخ لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هو واحدٌ من أربعة أسابيع مناخية إقليمية عالمية، ويأتي تنظيمه قبيل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين(COP28) ، ويتناول برنامج هذا الأسبوع أربعة مسارات رئيسة تُركّز على الأنظمة وهي: أنظمة الطاقة والصناعة، و المدن والتوطين الحضري والريفي، والبنية التحتية والنقل، والمحيطات والغذاء والمياه، بالإضافة إلى المجتمعات والصحة وأساليب الحياة والاقتصادات.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية فی وزارة الطاقة
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس.. بطل في العمل المناخي
طه حسيب (أبوظبي)
رَحَلَ البابا فرنسيس بعد إنجازات غير مبسوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، أهمها: توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي مع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب في 4 فبراير2019، وتعزيزه للحوار بين الأديان، وقيامه بزيارات غير مسبوقة لأربع دول عربية وإسلامية، مقدماً رسائل كبرى في الحوار والتسامح والعيش المشترك.
وفي المجال البيئي والتحذير من خطر التغير المناخي، ترك البابا الراحل تركة ثرية، أهمها إصدار وثيقة «لاوداتو سي» أو «كن مسبِّحاً» في عام 2015 بهدف حماية البيئة ومواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي. ومن إنجازات البابا فرنسيس، أنه بذل جهداً لفتح عيون كاثوليك العالم البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة لمخاطر تغير المناخ، وطوال حياته، كان صريحاً بشأن هذه المخاطر، خاصة تأثيرها على أفقر دول العالم وأكثرها ضعفاً، وخلال قيادته للكنيسة الكاثوليكية، تحدث البابا فرنسيس بشكل متكرر عن تغير المناخ.
البابا فرنسيس اسمه الأصلي: خورخي ماريو بيرغوليو، اختار اسمه البابوي تيمناً باسم القديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226 ميلادية)، الشهير بحبه للفقراء والمهمشين واهتمامه بالطبيعة، حيث تبنى فرنسيس الأسيزي منطق احترام الطبيعة ورعاية جميع مكوناتها بدلاً من الهيمنة عليها في إطار صداقة بين الكائنات ضمن ما يسمى بـ «العائلة العالمية».
وبالعودة إلى وثيقة «لاوداتو سي»، فإنها تتكون من 6 فصول و73 فقرة، أراد من خلالها البابا فرنسيس أن يحدد ويكمِّل ما أكّده حول علم البيئة المتكامل، ليطلق إنذاراً ودعوةً إلى المسؤولية المشتركة إزاء حالة الطوارئ المتعلقة بالتغير المناخي.
في الفصل الأول من الوثيقة، يؤكد البابا الراحل أن علامات التغير المناخي مهما حاولنا أن ننكرها أو نخفيها أو نجعلها نسبية، إلا أنَّها حاضرة وأكثر وضوحاً، ويضيف أن السنوات الأخيرة شهدت ظواهر مناخية متطرفة، وظهرت فترات متكررة من الحرارة غير الطبيعية والجفاف، وغيرها من تذمرات الأرض، إنه مرض صامت يؤثر علينا جميعاً.
دعوة للصدق والشجاعة والمسؤولية
وتقول الوثيقة: «إن الحدّ من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري يتطلّب صدقاً وشجاعةً ومسؤوليةً، وبالأخص من قِبَل البلدان الأكثر قدرة والأكثر تسبباً في التلوث. أما مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة، المُسَمّى ريو+20 (ريو دي جانيرو 2012)، فقد أصدر بياناً نهائيّاً مسهباً في محتواها وفي عدم جدوها. فالمفاوضات الدولية لا تستطيعُ إحرازَ تقدّم ملحوظ بسبب مواقف البلدان التي تضع مصالحها الوطنية الخاصة فوق مصالح الخير العام العالمي».
وفي الوثيقة، يحذر البابا فرنسيس من أن «بعض التغيرات المناخية التي يسببها الإنسان تزيد بشكل كبير من احتمال وقوع أحداث متطرفة أكثر تواتراً وأكثر شدة». وإذ ذكّر أنه إذا تمَّ تجاوز زيادة درجة الحرارة بدرجتين مئويتين «سوف تذوب القمم الجليدية في غرينلاند وجزء كبير من القارة القطبية الجنوبية، مع عواقب هائلة وخطيرة على الجميع».
ما نشهده الآن هو تسارع غير عادي في ظاهرة الاحتباس الحراري، بسرعة كبيرة لدرجة أنه لا يستغرق الأمر سوى جيل واحد - وليس قروناً أو آلاف السنين لكي نتنبّه لذلك. وبالتالي «من المحتمل في غضون سنوات قليلة أن يضطر العديد من السكان إلى نقل منازلهم بسبب هذه الأحداث». كذلك درجات الحرارة القصوى هي «تعبيرات بديلة للسبب عينه».
إشادة سايمون ستيل
أخبار ذات صلةوعن رحيل البابا فرنسيس، يقول سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC): «البابا فرنسيس قامة كبرى ورمز شاهق للكرامة البشرية، وبطل عالمي في العمل المناخي، وأيضاً لعب دوراً حيوياً في توصيل رسالة التغير المناخي».
وأوضح ستيل أن دعوة البابا الدؤوبة ذكّرتنا بأنه لا يمكن أن يكون هناك أي ازدهار مشترك حتى نصنع السلام مع الطبيعة، ونقوم بحماية الأكثر ضعفاً، حيث إن التلوث والتدمير البيئي يضعان كوكبنا على مقربة من نقطة الانهيار.
وأضاف ستيل أن البابا فرنسيس كان لديه معرفة عميقة وعملية بتعقيدات التغير المناخي، وجمعت قيادته قوى الإيمان والعلم لتقديم الحقائق وتسليط الضوء على تكاليف أزمة المناخ لمليارات الناس.
وحسب ستيل، «سيشعر الملايين بالحزن العميق على رحيل البابا فرنسيس، لكن رسالته ستظل حية وهي: أن الإنسانية مجتمع. وعندما يتم التخلي عن أي مجتمع واحد، وتركه للفقر والجوع والكوارث المناخية والظلم، فإن البشرية جميعها تتضاءل بعمق، مادياً وأخلاقياً».
آل جور: بابا الشعوب
نائب الرئيس الأميركي الأسبق، الناشط البيئي المخضرم آل جور، أكد في تدوينة على منصة إكس أن «البابا فرنسيس سيتذكره الجميع بكونه (بابا الشعوب)، لقد كان بطلاً لا يكل في مجال العمل المناخي، لما لديه من قناعة راسخة بأنه من أجل رعايتنا بعضنا بعضاً وحماية الأكثر ضعفاً بيننا ينبغي علينا أن نوقف تدمير خلق الله.. وأن قيادته المتواضعة في أزمة المناخ دشنت حركة أخلاقية ستستمر في إضاءة الطريق إلى الأمام للبشرية. ألهمت دعوته للعدالة الاجتماعية والاقتصادية المليارات في جميع أنحاء العالم».
رسالة فرنسيس إلى «كوب 28»
وفي رسالته الموجهة إلى مؤتمر «كوب 28» الذي انعقد في دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023، أكد البابا فرنسيس ضرورة أن يحقق المؤتمر «تحولاً حاسماً» في جهود التصدي للتغير المناخي، مستنكراً تغليب البعض المصالح الخاصة على الصالح العالمي للبشرية. وقدم البابا آنذاك رسالة واعية عن التحول المنشود في مجال الطاقة، حيث قال «لا يمكننا التخلي عن الحلم بأن يؤدي (كوب 28) إلى تسريع حاسم لتحول الطاقة بتبني التزامات فعالة يمكن مراقبتها بشكل دائم»، مضيفاً أن «المفاوضات الدولية بشأن خفض الانبعاثات لا يمكن أن تحرز تقدماً بشكل ملموس بسبب مواقف البلدان التي تفضل مصالحها الوطنية على الصالح العام العالمي». وأشار إلى أنه «على الرغم من المفاوضات والاتفاقيات العديدة إلا أن الانبعاثات العالمية مستمرة في النمو»، مشيراً إلى أن «التحول الضروري نحو الطاقات النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتخلي عن الوقود الأحفوري لا يمضي بالسرعة الكافية».
تنمية تتميز بالإنسانية
وفي الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) الذي انعقد في باكو بأذربيجان من 11 إلى 22 نوفمبر 2024، وكان هدفه الرئيس حشد المزيد من التمويل لدعم وتحفيز العمل المناخي، وجَّه البابا الراحل رسالته، داعياً إلى هيكلية مالية دولية جديدة تتمحور حول الإنسان، وتنطلق من مبادئ المساواة والعدالة والتضامن، مشيراً إلى أنه لدينا الموارد التكنولوجية والبشرية اللازمة لتغيير المسار والوصول إلى تنمية متكاملة تتميز بالإنسانية والاشتمال.
وأكد البابا في رسالته إلى «كوب 29»، أن «المعطيات العلمية المتوافرة لدينا تشير إلى أن الحفاظ على الخليقة بات اليوم مسألة ملحة للغاية لا تقبل الانتظار، كما أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على السلام، ثم حذّر من أنانية الأفراد والدول والمجموعات، التي تغذي أجواء انعدام الثقة والانقسامات، ولا تتلاءم مع احتياجات عالم نعيش فيه جميعاً كأعضاء في عائلة واحدة». ولفت إلى أن «المجتمع المعولم جعل منا جيراناً لكن لم يجعل منا أخوة. كما أن التنمية الاقتصادية لم تحد من عدم المساواة، بل على العكس لقد ساهمت في تقديم المصالح الخاصة على حساب مبدأ حماية الضعفاء، فضلاً عن كونها فاقمت المشاكل البيئية».
وفي 5 سبتمبر 2024، دعا البابا فرنسيس للتصدي لخطر تغير المناخ والتطرف، أثناء زيارته لمسجد الاستقلال في جاكرتا، هو أكبر مسجد في جنوب شرق آسيا. وخلال رحلة البابا إلى إندونيسيا، أصدر البابا إعلاناً مشتركاً مع إمام إندونيسيا الأكبر نصر الدين عمر، دعا خلاله إلى «اتخاذ إجراءات حاسمة» للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.
رؤية صائبة ودعوات مخلصة لمواجهة التغير المناخي والحفاظ على الطبيعة، ترجمها البابا فرنسيس في خطوة عملية هي وثيقة «لاوداتو سي» أو «كن مسبِّحاً» في عام 2015 بهدف حماية البيئة ومواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي، إضافة إلى رسائله لمؤتمرات المناخ السنوية، كل هذا يترك بصمة خالدة له كقيادة دينية عالمية كبرى في العمل المناخي.