بوابة الوفد:
2025-01-08@23:09:09 GMT

فى الأدب الساخر العابر للحدود والثقافات

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

لماذا نضحك؟
فى كتابه «الضحك» يشير هنرى بيرغسون (1859-1941)، الفيلسوف الفرنسى، إلى أنه لا توجد فكاهة خارج نطاق ما هو بشرى تمامًا، فنحن لا نضحك عند رؤية باب أو حائط مثلا.
تذكرت قوله عندما جمعتنى الصدفة مؤخرًا ببعض الأصدقاء والمعارف ولم يكن الحديث الضاحك عن البشر بل عن البصل وارتفاع سعره وقيمته وكيف أن هذا التحول يتطلب منا إعادة النظر فى تقديرنا للبصل.

قال أحدهم إنّ علينا الآن ألا نقول «فلان مايسواش بصلة» وأن نقول «خروف المحب بصلة».. كنت أتابع هذه السخرية وسط الضحكات المتتالية وأتساءل: هل هذا الحس الساخر خاصية تميز عامة المصريين دون شعوب العالم؟
ماذا إذن عن الذين يحترفون الكتابة الساخرة القادمين من بلاد وثقافات مختلفة؟ دعونى أقدم لكم ثلاثة نماذج: على سالم، الكاتب المصرى، بى. جى. وودهاوس (G.P. Wodehouse)، الكاتب الكوميدى البريطانى، وآرت بوكوالد ( (Art Buchwald، الساخر الأمريكى. هؤلاء الثلاثة يقدمون لنا بذكاء وسخرية آراء فريدة فى عالم الفكاهة، وإن اختلفوا فيما يتعلق بالتأثيرات الثقافية والأساليب والموضوعات.
تحمل الفكاهة البريطانية عنصرًا قويًا من السخرية التى تستهدف عبثية الحياة اليومية وتشمل المزاح، والشتائم، وانتقاص الذات( self-deprecation) والمواضيع المحظورة، والتورية، والتلميح، والنظام الطبقى البريطانى. ويعرف بى. جى. وودهاوس بفكاهته البريطانية الرائعة، وغالبًا ما يضعها فى عالم الطبقة العليا فى مجتمعه. معظم أعماله روائية، مثل سلسلة «جيفز و ووستر»، التى تعج بشخصيات غريبة الأطوار، وتتسم بشعور بالحنين إلى عصر ما قبل الحرب العالمية الأولى.
فكاهة بوكوالد أكثر حدة من فكاهة وودهاوس، وتمثل تقاليد السخرية السياسية الأمريكية التى تتعدى حدود اللياقة والحشمة أحيانا. لنتذكر أن بوكوالد جاء من مجتمع جمهورى ثار فى القرن الثامن عشر على التاج البريطانى وتقاليد الملكية وانفصل عنها مؤكدا استقلاله فى كل مناحى الحياة.
أما على سالم، الساخر المصرى، فقد قدم لمواطنيه وقرائه نكهة ثقافية مختلفة للضحك، ومصَّر فى مسرحياته شخصيات معروفة فى الأدب العالمى مثل شخصية «قوالح» فى مسرحية «مأساة أوديب» التى يرمز بها لوزير الداخلية الذى يعذب الناس ويطاردهم، وشخصية مرسى الزناتى فى مسرحية «مدرسة المشاغبين» التى لا يذكر عموم الجمهور لعلى سالم من مسرحياته سواها. وأعماله غالبًا ما تدور حول تحديات الحياة اليومية والغرائب والتناقضات فى المجتمع المصرى، مازجًا السخرية بالتعليقات الاجتماعية العميقة والتلميحات للتابوهات الاجتماعية. 
إجمالا، فكاهة بى جى وودهاوس بريطانية بشكل نموذجى، وفكاهة آرت بوكوالد أمريكية بشكل مميز مع تركيز على السخرية السياسية التى تصل إلى حد الصفاقة، أمّا فكاهة على سالم فهى متأثرة بشكل كبير بأصولها المصرية التى تعتمد على الإفيهات والقفشات والتلميحات المسموح بها. هؤلاء الساخرون الثلاثة قدّموا أساليب كوميدية متميزة أسعدت مواطنيهم وأظهرت تنوع الفكاهة عبر مختلف حدود الخرائط وتخوم الثقافات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأدب الساخر الضحك البشر على سالم

إقرأ أيضاً:

الأدب العراقي فقد أحد أعمدته.. تعزية من رئيس الحكومة بوفاة أحمد خلف

الأدب العراقي فقد أحد أعمدته.. تعزية من رئيس الحكومة بوفاة أحمد خلف

مقالات مشابهة

  • المجتمع يرفض إنشاء اتحاد رسمى للألعاب الإلكترونية
  • سالم عوض الربيزي : اليمن معركة السيادة وإسناد غزة
  • ‏الجيش الإسرائيلي يعلن تفعيل الإنذارات في معبر كرم أبو سالم
  • جرائم بلا قلب!
  • الأدب والمرايا
  • «أبيض 2010» يواصل تدريباته في العوير
  • الأدب العراقي فقد أحد أعمدته.. تعزية من رئيس الحكومة بوفاة أحمد خلف
  • محافظ سوهاج يشارك أطفال بيت الرحمة فرحتهم بعيد الميلاد المجيد 
  • 37 مبدعاً إماراتياً وإفريقياً في مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي يؤسسون حواراً حضارياً عابراً للحدود
  • «الإمارات للسرطان» تحتفي بجائزة «أفضل جمعية نفع عام»