بوابة الوفد:
2025-03-14@17:49:46 GMT

فى الأدب الساخر العابر للحدود والثقافات

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

لماذا نضحك؟
فى كتابه «الضحك» يشير هنرى بيرغسون (1859-1941)، الفيلسوف الفرنسى، إلى أنه لا توجد فكاهة خارج نطاق ما هو بشرى تمامًا، فنحن لا نضحك عند رؤية باب أو حائط مثلا.
تذكرت قوله عندما جمعتنى الصدفة مؤخرًا ببعض الأصدقاء والمعارف ولم يكن الحديث الضاحك عن البشر بل عن البصل وارتفاع سعره وقيمته وكيف أن هذا التحول يتطلب منا إعادة النظر فى تقديرنا للبصل.

قال أحدهم إنّ علينا الآن ألا نقول «فلان مايسواش بصلة» وأن نقول «خروف المحب بصلة».. كنت أتابع هذه السخرية وسط الضحكات المتتالية وأتساءل: هل هذا الحس الساخر خاصية تميز عامة المصريين دون شعوب العالم؟
ماذا إذن عن الذين يحترفون الكتابة الساخرة القادمين من بلاد وثقافات مختلفة؟ دعونى أقدم لكم ثلاثة نماذج: على سالم، الكاتب المصرى، بى. جى. وودهاوس (G.P. Wodehouse)، الكاتب الكوميدى البريطانى، وآرت بوكوالد ( (Art Buchwald، الساخر الأمريكى. هؤلاء الثلاثة يقدمون لنا بذكاء وسخرية آراء فريدة فى عالم الفكاهة، وإن اختلفوا فيما يتعلق بالتأثيرات الثقافية والأساليب والموضوعات.
تحمل الفكاهة البريطانية عنصرًا قويًا من السخرية التى تستهدف عبثية الحياة اليومية وتشمل المزاح، والشتائم، وانتقاص الذات( self-deprecation) والمواضيع المحظورة، والتورية، والتلميح، والنظام الطبقى البريطانى. ويعرف بى. جى. وودهاوس بفكاهته البريطانية الرائعة، وغالبًا ما يضعها فى عالم الطبقة العليا فى مجتمعه. معظم أعماله روائية، مثل سلسلة «جيفز و ووستر»، التى تعج بشخصيات غريبة الأطوار، وتتسم بشعور بالحنين إلى عصر ما قبل الحرب العالمية الأولى.
فكاهة بوكوالد أكثر حدة من فكاهة وودهاوس، وتمثل تقاليد السخرية السياسية الأمريكية التى تتعدى حدود اللياقة والحشمة أحيانا. لنتذكر أن بوكوالد جاء من مجتمع جمهورى ثار فى القرن الثامن عشر على التاج البريطانى وتقاليد الملكية وانفصل عنها مؤكدا استقلاله فى كل مناحى الحياة.
أما على سالم، الساخر المصرى، فقد قدم لمواطنيه وقرائه نكهة ثقافية مختلفة للضحك، ومصَّر فى مسرحياته شخصيات معروفة فى الأدب العالمى مثل شخصية «قوالح» فى مسرحية «مأساة أوديب» التى يرمز بها لوزير الداخلية الذى يعذب الناس ويطاردهم، وشخصية مرسى الزناتى فى مسرحية «مدرسة المشاغبين» التى لا يذكر عموم الجمهور لعلى سالم من مسرحياته سواها. وأعماله غالبًا ما تدور حول تحديات الحياة اليومية والغرائب والتناقضات فى المجتمع المصرى، مازجًا السخرية بالتعليقات الاجتماعية العميقة والتلميحات للتابوهات الاجتماعية. 
إجمالا، فكاهة بى جى وودهاوس بريطانية بشكل نموذجى، وفكاهة آرت بوكوالد أمريكية بشكل مميز مع تركيز على السخرية السياسية التى تصل إلى حد الصفاقة، أمّا فكاهة على سالم فهى متأثرة بشكل كبير بأصولها المصرية التى تعتمد على الإفيهات والقفشات والتلميحات المسموح بها. هؤلاء الساخرون الثلاثة قدّموا أساليب كوميدية متميزة أسعدت مواطنيهم وأظهرت تنوع الفكاهة عبر مختلف حدود الخرائط وتخوم الثقافات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأدب الساخر الضحك البشر على سالم

إقرأ أيضاً:

"الشارقة للصحافة" يناقش الثقافة والتراث في الأدب

شهد نائب حاكم الشارقة الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي وبحضور نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس الشارقة للإعلام، الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، مساء أمس "الأربعاء"، الجلسة الثانية ضمن النسخة الرابعة عشرة من المجلس الرمضاني لنادي الشارقة للصحافة الذي يعمل تحت مظلة المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وذلك في منطقة الجادة.

جاءت الجلسة بعنوان: "الثقافة والتراث في الأدب العربي" وتحدث فيها الشاعر والأديب السعودي حمود الصاهود وأدارها الإعلامي علي العلياني.
وأوضح الصاهود، كيفية تناول الأدب العربي للثقافة والتراث عبر تاريخ الشعر كأبرز أنواع الأدب العربي، وكيف نجح الأدباء العرب في التوظيف الأدبي الجميل لهم في إنتاجهم الأدبي خصوصاً في الشعر الذي أولوه اهتمامهم الأكبر، مستعرضاً العديد من أغراض الشعر مثل الهجاء والمدح والغزل ونماذج ذلك من كبار الشعراء العرب، وقصائدهم التي تناولت مفردات التراث في الشعر الشعبي والفصيح.

وقال الصاهود إن الشعر الفصيح والشعر الشعبي يشتركان في العديد من العناصر وأن الشعر الشعبي يفسّر الكثير من الشعر العربي القديم، حيث هناك العديد من المفردات والمعاني المشتركة والتشابه الكبير بينهما على الرغم من البُعد الزمني الكبير عن عصرنا الحالي خاصةً في مقارنة تناول القصائد المتعلقة بالارتحال ومشاهده المفصّلة كنموذج، متناولاً تجربته الشخصية التي بدأت مع الشعر الشعبي أولاً ومن ثمّ انتقل لكتابة الشعر الفصيح.

وخلال المجلس الرمضاني لنادي الشارقة للصحافة تحدث الصاهود عن ارتباط المرأة العربية بالشعر، حيث كان حضورها لدى الشعراء العرب محصوراً قديماً في الغزل فقط إلى جانب أغراض الشعر العربي المتنوعة ما بين الحماسة والفخر والهجاء، ولكنها أثبتت أنها شاعرة وأديبة وقالت شعراً في أغراضٍ مختلفة.
وعن الأجيال الجديدة من الشعراء، أشار إلى أهمية الاهتمام بالقراءة والتوجّه بشعرهم إلى الناس، لأن أفضل الشِعر هو ما يُكتبُ للناس وأن الشِعر يحيا بالناس ويموت بدونهم.
وتطرق لنماذج من الشعراء في العصر الحديث أمثال محمود درويش ونزار قباني ونازك الملائكة وأحمد شوقي وغيرهم، الذين ساروا على نهج العظماء من الشعراء العرب وإن تميّز بعضهم بكتابة قصيدة النثر، لافتاً إلى إيمانه بالنقد وهي صفة قديمة لازمت الشعراء الكبار أمثال أبو الطيب المتنبي.

واختتم الشاعر حمود الصاهود حديثه بقراءة عدد من قصائده من الشعر الشعبي، كما أجاب على أسئلة الحضور من الشعراء والمثقفين.
وسبقت المجلس الرمضاني جلسة جانبية بعنوان "عندما يأخذك المحتوى الرقمي إلى الكتب" وقدمها صانع المحتوى الكويتي فارس عاشور.

مقالات مشابهة

  • "الشارقة للصحافة" يناقش الثقافة والتراث في الأدب
  • السخرية من أحمد العوضي بسبب مشهد في “فهد البطل”!
  • متحدث "الوزراء": احتفالية المتحف الكبير ستكون على أعلى مستوى
  • واشنطن تفرض عقوبات على منظمة عابرة للحدود مرتبطة بإيران
  • حفريات في الأدب والنفس
  • في ذكرى وفاته.. كيف كانت وظائف عباس العقاد سجنًا له؟
  • بين ضفتين فندق الصمت
  • هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟
  • محمد بن حم يستقبل وفداً دبلوماسياً وأكاديمياً
  • محمد بن حم يستقبل وفدًا دبلوماسيًا وأكاديميًا