أؤمن بجملة الروائى الكبير الراحل فؤاد حجازى -شارك فى حرب أكتوبر وأسر فيها- كما قضى فى سجن عتليت الإسرائيلى ثمانية شهور يقول: «علمنى الأسر أن أكون أكثر إنسانية، ورأيت فى الأسر أننا كنا أكثر رقيا وتحضرا من الإسرائيليين».
نعم ستظل الكتابة عن اللحظات التاريخية الكبرى فى عمر الشعوب هى الأنبل والأعمق فى كل ما تمر به التجربة الإنسانية.
وحينما يأتى الجمال من الذين لا يملكون حرفة الكتابة.. لكنهم يسجلون يومياتهم وهم فى الخنادق وخلف خطوط العدو فى زمن الحرب، وسط دوى المدافع وطلقات الرصاص، يكتبون رسائلهم منتظرين بيقين المؤمن أنهم ربما لا يكملونها حتى النهاية.. فالموت قريب يباغتهم فى كل لحظة.. يصبح لتلك الرسائل والكتابات معنى مختلف.
أكتب ما سبق لأننى اكتشفت كنزاً يسمى (المجموعة 73 مؤرخين).. وهى مؤسسة نشأت عام 2008، تعرف نفسها على أنها عبارة عن شريحة بسيطة من شباب مصر المدنى المتعلم المتحمس لوطنه وتاريخه، تجمعوا لخدمة مصر، ولتأريخ البطولات المصرية فى حروبها ونشر الانتماء والولاء للوطن ومحاربة عمليات تشويه البطولات المصرية وطمس وتزييف الحقائق بأدلة وبراهين من فم الأبطال أنفسهم.
هذه المؤسسة لديها موقع على الشبكة العنكبوتية «الإنترنت» تنشر فيه العديد من الملفات المهمة مثل: ملف البطولات، حرب الجواسيس، حرب أكتوبر، مقالات عسكرية، مراجع عسكرية وأخيراً ما سأتحدث عنه وهو ملف أدبيات الحرب الذى يضم عشرات القصص الدافئة عن أبطال من لحم ودم، شاركوا فى حرب الاستنزاف حتى جاء نصر 1973 كتبوا بسخاء عن تجربتهم فى ليالى الحرب الطويلة ومن لم يكتب وجد من يروى عنه.
من أجمل القصص التى قرأتها قصة رجل توفى عام 1988 محتفظا ببطولته ودوره فى الحرب لنفسه لم يصرح به لأحد حتى لابنه، وفى عام 2015 يروى أحد زملائه للمجموعة 73 مؤرخين قصة الرجل التى ظلت مجهولة طوال هذا الوقت.
حيث يروى البطل ممدوح سرور فى اختصار دور النقيب محمد عبدالمنعم زايد أحد أبطال الدفاع الجوى سام 7 المحمول على الكتف والذى كانت مهمته حماية سماء الكتيبة 85 مظلات من الطيران الإسرائيلى وفى الدفاع عن الإسماعيلية خلال معارك الثغرة والتصدى لقوات «شارون» ومنعها من دخول الإسماعيلية.
لقد كلفت فصيلة الحية (سام 7) أو صاروخ «الاستريلا» بالتقدم إلى النقطة المتقدمة إلى تبة الشيخ حيندق وهى نقطة متقدمة أمام جبل مريم بحوالى 2 كم لكى تقطع خط الإمداد الجوى للثغرة فى حماية السرية الأولى من ك85 مظلات باستخدام الصواريخ المحمولة على الكتف لاصطياد الطائرات الإسرائيلية.
وهناك بعد إصابة أول طائرة تعرضت التبة إلى هجوم جوى ومدفعى متواصل عنيف من قبل القوات الإسرائيلية لمدة 48 ساعة وأعقبه هجوم برى بقوة كبيرة وكان ما تبقى من قوات لا يكفى لصد الهجوم الذى كان بقوة لواء مشاة ميكانيكى + 2 كتيبة دبابات + سرية مظلات إسرائيلية وصمدوا قدر الإمكان وأحدثوا خسائر كبيرة فى القوات المهاجمة وكان قد نفدت الذخيرة وصدر قرار للقوة بالارتداد للخلف وكان لابد من التغطية ولا توجد ذخيرة.
وكان قرار البطل محمد عبدالمنعم زايد استخدام صاروخ «الاستريلا» المضاد للطائرات لضرب الدبابات الإسرائيلية وقد نجحت الفكرة ودمرت 3 دبابات وأوقف الهجوم الإسرائيلى، حتى تم ارتداد باقى أفراد القوة التى على تبة حيندق وكانت آخر فصلية فى الارتداد هى فصلية الصواريخ «الاستريلا» (الحية كما يطلق عليها فى القوات المسلحة) لحماية باقى القوة بقيادة البطل محمد عبدالمنعم زايد.
وساعدت تلك المعركة بالإضافة لمعارك المظلات والصاعقة فى أبو عطوة فى إنهاء أحلام شارون من دخول الإسماعيلية فى 22 أكتوبر 1973.
ختاماً «المجموعة 73 مؤرخين».. دعوة تؤكد أن مصر ستظل وعبر الأجيال هى العشق الأول لأبنائها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المجموعة 73 مؤرخين حرب اكتوبر
إقرأ أيضاً:
جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تُطلق مبادرة «هوية أصيلة وإرث مستدام»
أطلقت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مبادرة «هُوية أصيلة وإرث مستدام»، بهدف تعزيز الوعي بالتراث الإماراتي وربطه بمبادئ الاستدامة الثقافية والاجتماعية.
وتندرج هذه الخطوة في إطار استراتيجية الجامعة لدعم الجهود الرامية إلى حماية الهُوية الوطنية عبر الأجيال، ما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات في الحفاظ على أصالتها وترسيخ موروثها الحضاري.
تضمَّنت المبادرة سلسلة من الفعاليات والبرامج التفاعلية التي تهدف إلى تمكين الطلبة من استكشاف الهُوية الوطنية الإماراتية وفهم معانيها العميقة، وشملت ورش عمل عن سنع القهوة الإماراتية، تعرَّف خلالها الطلبة على تقاليد إعداد القهوة وتقديمها، وأصالة جذروها في الثقافة الإماراتية لإبراز الكرم وتحقيق التواصل. ونظَّمت الجامعة برنامجاً تدريبياً عن فنون الصقارة، الذي يُعَدُّ رمزاً للقوة والشجاعة، بهدف إحياء هذه الرياضة التقليدية ونقل معارفها وفنونها للأجيال الجديدة.
وقال الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: «تمثِّل مبادرة (هُوية أصيلة وإرث مستدام) التزاماً راسخاً من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بدورها في الحفاظ على مكوّنات الهُوية الوطنية، ما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات في تحقيق توازن بين تطوُّر الدولة الحضاري والاعتزاز بجذورها الأصيلة. وتأتي لتعزيز جهود الاستدامة الثقافية، من خلال تمكين الشباب من فهم دورهم في الحفاظ على التراث ونقله إلى المستقبل».
وأضاف الظاهري: «إنَّ البرامج التي تطلقها الجامعة ضمن هذه المبادرة تنقل الهُوية الوطنية من مجرَّد مفهوم إلى تجربة حيَّة ومستمرة، ترتكز على إبراز أصالة التراث الإماراتي وربطه بمبادئ الاستدامة لدى الطلبة، وتعزِّز جهود الحفاظ على الهُوية والثقافة الإماراتية».
وأكَّد سعادته أنَّ مبادرات الجامعة المختلفة لتعزيز الهُوية الوطنية تأتي تماشياً مع توجُّهات القيادة الرشيدة لترسيخ مكنونات التراث والاعتزاز به، إضافةً إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كإحدى أكثر دول العالم تطوُّراً حضارياً وتأثيراً إيجابياً في الحوار بين الثقافات، ونشر ثقافة السلام والتسامح وقيم العيش المشترك.