تحتفل مصر في هذه الأيام باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر المجيدة ومرور 50 عامًا علي هذا الحدث الذي يدرس في كتب التاريخ للأجيال الصاعدة، والذي يدرس في الكليات الحربية للاستفادة من هذه التجربة المنظمة الواقعية الفريدة. هذا الحدث الذي أعاد أمجاد المصريين وخلد اسم مصر على مر العصور. فعندما نذكر حرب أكتوبر يحضر في أذهاننا مشهد الدبابات وهي تعبر قناة السويس على الجسر التي صنعة المصريون ومشهد المدافع والطائرات التي تحلق فوق رؤوس العدو  ومشهد  جنودنا البسل عابرين خط بارليف بكل شجاعة حاملين أسلحتهم بكل إقدام، وأخيرًا مشهد الجندي الذي رفع العلم على أرض سيناء الغالية بكل شجاعة رغم جرحة الأليم، فى عمل عظيم ومجيد.

ولكن في الواقع إن هذا المشهد غير مكتمل، ولكي يكتمل المشهد يجب إلقاء الضوء على الجزء الثاني من الصورة، الجزء الذي لا يقل أهمية عن الجزء الأول، بل كان داعمًا له،  وهو دور المرأة في هذا الحدث العظيم.. الدور الذي ساهم في هذه الانتصارات المجيدة.. وهنا سوف نعرض الدور الذي قامت به المرأة في هذه الفترة العصيبة فترة الحرب لكي يصل المصريون  إلى النصر.

فمنذ نشأة هؤلاء الجنود ومنذ نعومة أظافرهم كانت المرأة هي المسئولة عن تربيتهم،  فالمرأة هي التي غرست فيهم روح المبادرة وروح الإقدام وروح التحدي والتغلب على المصاعب وهي التي غرست فيهم حب الوطن وحب أراضيه والانتماء والولاء لوطننا الغالي، كما غرست فيهم عدم التفريط في الأراضي المصرية والوقوف أسودًا للحفاظ عليها.

وعندما خرج الجنود للحرب أصبح على المرأة المشاركة بنوع من الجهاد والمؤازرة في تحملها المسئولية كاملة تجاه أسرتها، من مدارس ومستشفيات وتعليم وجميع المسئوليات والمشاكل الأخرى لكي يستطيع المقاتل على الجبهة أن يركز كل جهده لوطنه. 

وأيضا كان للمرأة دور كبير في عمليات التطوع في مستشفى الهلال الأحمر، حيث تكونت العديد من اللجان النسوية للتبرع للجيش المصري، بالمال والدم وطهي وجبات الطعام وتوزيعها على المستشفيات والعمل في المستشفيات لرعاية جرحى حرب أكتوبر، هذا بخلاف الدور التوعوي عبر دعم القضية المصرية دوليًا من خلال لجنة صديقات القلم التي تناولت إبراز عدالة القضية المصرية على المستوى العالمي.

 كما حافظت المرأة على المواد الغذائية من خلال دورها الاقتصادي في التوفير حتى يتسنى إرسال المؤونة للمقاتلين على جبهة القتال، فكانت السيدات يكتفين بتوظيف ما هو متوافر لديهن من مواد غذائية كنوع من عدم الضغط على السلع الاستهلاكية الرئيسية في الدولة في هذا الوقت بهدف توفيرها للجنود.

وفي الواقع، لم يقتصر دور المرأة فقط علي هذا بل إن البعض منهن اتجه إلى جبهة القتال ويذكر التاريخ قصص  وبطولات للمرأة المصرية المجاهدة في ساحة القتال. 

فرحانة.. شيخة مجاهدي سيناء ودورها ضد إسرائيل خلال فترة ما بعد نكسة 1967 واحتلال سيناء وحتى تحريرها،  فكانت تستغل عملها في تجارة القماش وانتقالاتها من وإلى قلب سيناء في زرع القنابل وتفجيرها ونقل الرسائل من وإلى رجال المقاومة. وكان تفجير قطار للعدو في مدينة العريش يحمل معدات وبضائع لجيش الاحتلال بجانب بعض الجنود والأسلحة، أول عملية لفرحانة.

وأيضا  "فلاحة فايد" التي كانت بمثابة عين ترصد الاحتلال الإسرائيلي، تنقل أماكن تمركز الآليات والمجنزرات في منطقة فايد وسرابيوم قبيل حرب أكتوبر. هذا العمل الذي يكلفها المخاطرة بروحها، بل أخذت ابنها معها لأماكن تمركز العدو وحملته على كتفها للتمويه، والأغرب أنها قامت بعملية الاستطلاع وطلبت قنابل أو أي سلاح يدمر دبابات العدو.

في الواقع، يذكر التاريخ الكثير من قصص التضحية التي ميزت المرأة المصرية أثناء الحرب وأيضا بعد الحرب فجميعنا بلا استثناء عشنا حلاوة وفخر الانتصار، ولكن هناك إمرأة أُطلق عليها أم الشهيد، إمرأة مكلومة القلب لفقد إبنها أو زوجها أو أخيها، إمرأة مازالت تتحمل مسئولية أولادها بمفردها.

تحيةً لكل أم ربت جنديًا مقدامًا شجاعًا وتحيةً لكل امرأة تبرعت بقطرة دم لإنقاذ مصاب في الحرب وتحيةً لكل إمرأة عرضت نفسها للأخطار لتوصيل معلومة أو غرس قنبلة في وجه العدو، وتحية لكل مصرية مازالت تضحي لرفعة بلدنا الحبيبة.. حفظ الله مصر وشعبها وأرضها وقائدها.. وتحيا مصر.

*نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: اليوبيل الذهبى خط بارليف المرأة

إقرأ أيضاً:

ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها

آخر تحديث: 1 يوليوز 2024 - 9:42 صبقلم:فاروق يوسف غالبا ما تجري تفاهمات غير مبرمة وغير ملزمة في الوقت نفسه بين قوى ترى أن الحرب بين بعضها والبعض الآخر ضرورية ولكن يمكن التنفيس عنها بأسلوب غير مباشر. وهو أسلوب الصدام غير المباشر. وهو ما تقوم عليه قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران، بالرغم من أن الطرفين قد يخططان لمشروع صداقة بعيدة المدى لولا أن أحدهما لا يثق بالطرف الآخر.إسرائيل من جهتها تستبعد من أجندتها شبح جيرة يسعى الإيرانيون إلى فرضها عليها من خلال فرض الأمر الواقع في لبنان من خلال حزب الله وفي سوريا بسبب ضعف النظام وشيء من ذلك القبيل من خلال ميليشياتها (الحشد الشعبي) في العراق وقبلهم جميعا من خلال حركة حماس في غزة التي لن يتضح بعد مصيرها المرتبط بنتائج الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على أهل غزة. وهي حرب يدعمها الغرب بكل أدواته ووسائله. أما الإيرانيون فإن صبرهم الطويل يؤهلهم للاستمرار في تلك الحرب البديلة التي لم تؤثر على مشروعهم في الهيمنة على المنطقة، بل العكس هو ما حدث. لقد هدتهم فكرة الحرب غير المباشرة إلى اختراع وسائل لإنعاش تمددهم وانتشارهم في المنطقة. تتمثل تلك الوسائل في الميليشيات التي زرعوها في محيط العالم العربي بدءا من لبنان وانتهاء باليمن مرورا بالعراق ليكتمل القوس بحماس التي كانت آخر المنضمين إلى حربها.وإذا ما كان الظرف السياسي المحبط والمرير الذي مرّ به العالم العربي منذ احتلال الكويت عام 1990 وانتهاء العراق دولة مؤثرة في المنطقة بعد حربين مدمرتين (بين عامي1991 و2003) قد ساعد إيران على توسيع نطاق حربها وتنويع وسائلها، فإن إسرائيل لم تكن محرومة من مكرمات ذلك الظرف الذي أطلق يدها في الانفراد بالفلسطينيين كونهم قد فقدوا الجدار العربي الذي كانوا يستندون عليه، كما أنهم عرضوا أنفسهم بعد اتفاقية أوسلو باعتبارهم ضحية لا غطاء لها. ولم يكن الإيرانيون في كل السنوات التي مرت قبل حرب غزة قد دخلت إلى الساحة الفلسطينية طرفا بديلا عن الطرف العربي الذي استبعده الفلسطينيون غفلة. هل كان لديهم خيار آخر في ذلك الجو المشحون كراهية للعرب؟ ذلك السؤال يمكن تأجيل النظر فيه طالما أن هناك حربا في غزة، لم تعلن إيران عن مسؤوليتها عنها غير أن حركة حماس وهي التي أشعلتها لا ترى في الإعلان عن تلك المسؤولية ضرورة وهي التي قطعت بنفسها علاقة غزة بالقضية الفلسطينية وفي الوقت نفسه لم تكفّ عن النظر إلى الأطراف العربية المعنية بتلك القضية بطريقة عدوانية. لم تذهب حركة حماس أبعد مما ذهب إليه حزب الله في إعلان قطيعته مع العرب، لكنها كررت الخطأ الذي ارتكبه الحزب في حرب 2006، في ظل شعور بأن إسرائيل ستتأمل منافع تلك القطيعة التي ستزيد من منافعها. مشكلة وكلاء إيران في المنطقة تكمن في أنهم فقدوا المسافة التي تفصل بين مصالحهم والمصلحة الإيرانية فصاروا مجرد خدم لتنفيذ فقرات المشروع التوسعي الإيراني بعد أن فقدوا المعيار الوطني الذي يستندون إليه في تنفيذ شعاراتهم التي تنطوي على الكثير من الخداع والتضليل. فإيران باعتبارها دولة دينية لا يهمها النضال الوطني الفلسطيني في شيء كما أنها لا تنظر بقدر من الاحترام إلى ما يسمّيه الفلسطينيون بالوصاية العربية على القضية الفلسطينية. لقد حرصت حركة حماس على أن تصدم العالم العربي بوصاية إيرانية تتخطى القضية الفلسطينية إلى أهداف، ليس من بينها أن يكون العرب حاضرين في أيّ مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل. في ظل الحرب غير المباشرة القائمة هناك تخادم بين الطرفين لا يعني بالضرورة أنهما ملتزمان بشكل كلي بقواعد الاشتباك في انتظار اللحظة التي يشعران فيها أنهما قد اقتربا من الوقت المناسب لإعلان قدرتهما المشتركة على إعادة رسم خريطة المنطقة. لقد خرقت إسرائيل تلك القواعد غير مرة. يوم قصفت محيط السفارة الإيرانية وقتلت واحدا من أهم جنرالات إيران مثلا. في المقابل فإن وكلاء إيران في اليمن يشكلون خطرا على الأمن العالمي من خلال استمرارهم في استهداف السفن التي تمر بالبحر الأحمر.ولكن الحرب بالوكالة قد لا تكون دائما مصدر شعور بأن الأمور ستظل تحت السيطرة. ذلك لأنها حرب ميليشيات من الجبهة الإيرانية. وهي بالنسبة إلى الجبهة الإسرائيلية لا تزال حربا استخبارية. وليس من المستبعد أن تشهد المنطقة حربا مدمرة لن تكن إيران في منأى عنها كما تحلم.

مقالات مشابهة

  • الجهاد: الشهادات المروعة للأسرى المفرج عنهم تؤكد الحرب الممنهجة ضدهم بالسجون
  • ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
  • رسالتان اساسيتان لزيارة ميقاتي الثانية الى الجنوب واستحقاقات انتخابية تؤثر على المشهد اللبناني
  • المقاومة الإسلامية تستهدف مواقع صهيونية مهمة في عمليات هي الأولى من نوعها منذ الثامن من أكتوبر
  • هيئات الأسرى: 9450 حالة اعتقال بالضفة والقدس منذ السابع من أكتوبر الماضي
  • قراءات سياسية تلخص المشهد العام.. هل يحتمل لبنان حربا جديدة مع إسرائيل؟
  • حسن عز الدين: الشعب الفلسطيني وحده من يرسم اليوم التالي في غزة
  • خبير: ثورة 30 يونيو كانت بداية الاستقرار في مصر
  • قائد قوات الدفاع الجوي: خلال الـ3 أيام الأولى من حرب أكتوبر فقد العدو أكثر من ثلث طائراته
  • العمل: برامج تدريبية مجانية لسيدات جنوب سيناء فى الخياطة والحاسب الآلي