ألقى الدكتور إياد علاوى، رئيس الحكومة العراقية المؤقتة التى استمرت أقل من عام فى السلطة، عقب الغزو الأمريكى للعراق وإسقاط نظام صدام حسين مزيدًا من الضوء على الدور الذى لعبته ولاتزال الإدارة الأمريكية، لرهن حاضر العراق ومستقبله فى يد سلطة الولى الفقيه فى إيران. وقال "علاوى" فى حوار نشرته جريدة "الشرق الأوسط" على أربع حلقات فى الأسبوع الماضى، وأداره ببراعة، كما هى عادته، رئيس تحريرها "غسان شربل" أن عددًا من القادة فى المنطقة والعالم بينهم بوتين وبشار الأسد وصباح الأحمد وجو بايدن، مارسوا عليه ضغطًا لكى يقوم بزيارة إيران، لكنه رفض، ولم يقم بزيارتها أبدًا، انطلاقًا من موقفه العروبى العلمانى، الذى تشكل منذ انضوائه فى صباه إلى حزب البعث، قبل أن يتركه فى شبابه اعتراضًا على الانحرافات فى سياساته، والفردية فى قيادته، ويده الملطخة بالدماء من صراعه الدامى مع الشيوعيين العراقيين، وحتى مع مناضلى حزب البعث ومؤسسيه.
شهادة إياد علاوى تجدد الكشف عن مفارقات السياسة الأمريكية وأكاذيبها، التى تبدى فى العلن عداءً لإيران، وتقوم فى الواقع العملى بدعم أدوارها داخل العراق، وتتعاون معها سرًا فى معظم قضايا المنطقة بما فى ذلك المساعدة فى غزو أفغانستان والعراق والتخلص من نظام صدام حسين، وحل الجيش العراقى والقوى الأمنية، وتشريد أكثر من خمسة ملايين عراقى وفصلهم من عملهم، فيما سمى بحملات اجتثاث البعث. وكان من الطبيعى أن ينتهى كل ذلك بانتشار السلاح فى كل مدن العراق، وافتقاده للأمن والاستقرار، وتعزيز نفوذ المنظمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، الأمر الذى هيأ لإيران نفوذًا طاغيًا انتقل من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن، وحتى إلى حماس، على حساب مصالح شعوب المنطقة وقضاياها. وبذلك تحول العراق إلى دولة فاشلة مقطعة الأوصال، تُنهب ثرواته النفطية والتراثية ويجرى تهريبها للخارج، بينما يتضور شعبه جوعًا وبطالة، ويفتقد لأبسط مقومات الحياة الأساسية، بفعل تنازع أحزاب طائفية فاسدة، معدومة الخبرة السياسية، ولا أقول الضمير، مسلوبة الإرادة، نهمة للسلطة والثروة والنفوذ، ارتضت وضع مصائرها ومصائر بلد ثرى تتداول حكمه، فى يد الولى الفقيه القابع فى طهران، الذى يدعى زورًا معاداة "الشيطان الأمريكى الأكبر" فى خطاب شعبوى" تافه، وهو لا يكف عن الإنصات الجيد لرغبات البيت الأبيض، لكى يقتنص الفرص المواتية منها، لتعزيز مايخدم مصالح الطرفين، التى باتت المنطقة مسرحًا لإدارتها وجنى ثمارها !
معنى كلام "علاوى" أن المشروع الأمريكى القاضى بدعم تيارات الإسلام السياسى وتنظيماتها العسكرية المسلحة لحكم دول المنطقة لايزال قائمًا، فى سياق تعاون وثيق مع الدولة الإسلامية فى إيران.. وفى السنوات الأخيرة تصاعدت صيحات التذمر من مواصلة المساعدت التى تمنح لإسرائيل، وتبلغ أكثر من 3 مليارات دورلار سنويًا، وفقًا لاتفاق معها وقعه باراك أوباما، يقضى بمنحها مساعدات بقيمة 38 ملياردولار حتى عام 2028، ويتم تحصيلها من دافعي الضرائب، بما يحملهم بأعباء مالية، فى ظل أوضاع اقتصادية غير مستقرة داخل المجتمع الأمريكى.
هذا ما فعله الاحتلال والإسلام السياسى بالعراق، فما مسئولية حزب البعث عن هذا المصير المأسوى الذى آل إليه؟.. ترسم شهادة "علاوى" صورة موجعة لتلك المسئولية، تكشف أن التصفية الجسدية كانت منهجًا لازمه من نشأته لإنهاء الخلافات السياسية. فقد دبر محاولة فاشلة لاغتيال عبد الكريم قاسم عام 1959 شارك فيها شابان من أعضائه هما صدام حسين وسمير النجم السفير العراقى الأسبق فى القاهرة، بالرغم من تحالف البعث معه بجانب الجبهة الوطنية التى تشكلت لإسقاط النظام الملكى. وقاد فيما بعد ثلاث محاولات للإطاحة به، حتى نجح مخططه فى إسقاطه فى فبرايرعام 1963 وإعدامه، بعد رفض طلبه لنفيه خارج العراق ليبدأ استيلاء البعث على السطة عبر سلسلة من الانقلابات، والتصفية الجسدية لقيادته المدنية والعسكرية، كان بينها محاولة فاشله لإغتيال "علاوى " نفسه.
وإذا كانت شهادته قد وصفت صدام حسين بالنزاهة فى التعامل مع المال العام، فإن جموحه المغامر وهوسه بالسلطة والنفوذ والإنفراد بالقيادة والقرار، قد حرم دولة ذات تراث حضارى عريق، ومصدرًا لثروات طبيعية كبيرة، وثروات بشرية هائلة فى مجالات العلوم الثقافية والعلمية والإنتاجية والاجتماعية، من تصدر موقعها المتقدم الذى تستحقه بين دول العالم شرقه وغربه!.
*كاتبة صحفية – رئيس مجلس إدارة جريدة "الأهالى"
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إياد علاوي نظام صدام
إقرأ أيضاً:
تاريخهم فى الملاعب لا يُذكر.. أنصاف لاعبين يتنمرون على الكرة النسائية!!
فى مشهد يعكس غياب الوعى الرياضى، يتجرأ بعض اللاعبين محدودى التاريخ فى الملاعب على مهاجمة كرة القدم النسائية فى مصر، فى محاولة للنيل من هذه الرياضة التى تشهد تطورًا كبيرًا فى الآونة الأخيرة، هذه التصرفات تقلل من قيمة اللعبة وتؤثر سلبيًا على عزيمة اللاعبات، بل تسيء إلى روح المنافسة واحترام التطور الرياضيين، فكرة القدم النسائية ليست مجرد لعبة، بل رمز للإصرار والطموح الذى يستحق الدعم، وليس التنمر ممن لم يتركوا بصمة تُذكر فى عالم الكرة.
وبالرغم من التطور الذى شهدته كرة القدم النسائية فى الآونة الأخيرة، بمشاركة الأهلى والزمالك لأول مرة فى تاريخ اللعبة التى انطلقت عام ١٩٩٩، الأمر الذى ساهم فى زيادة عدد المتابعين نظرًا للشعبية الجارفة التى يمتلكها القطبين، إلا أن هناك بعض الأشخاص الذين مازالوا يرفضون فكرة ممارسة النساء لهذه الرياضية، مبررين ذلك بأنها ترتبط بالعنف والالتحامات والخشونة، وهى أمور تتناقض، حسب رأيهم، مع الصفات التقليدية المرتبطة بالنساء مثل الأنوثة والرقة، على الرغم من النجاح الذى تحقق خلال المواسم الماضية، مثل تنظيم دورى متكامل، وتفوق بعض الأندية، ووجود لاعبات ومدربين يستحقون التكريم، إلا أنه مع كل خطأ يحدث فى المباريات، يظهر البعض لرفع لافتات التهكم مثل المرأة مكانها المطبخ.
وتسببت تصريحات أحمد بلال، لاعب الأهلى الأسبق، التى أثارت استياء وغضبًا واسعًا بين العديد من اللاعبات والمشجعين للكرة النسائية، إذ كتب «بلال» عبر حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»: «كرة نسائية إيه اللى بيلعبوها فى مصر.. دا الستات مبيعرفوش يطبخوا.. هيعرفوا يلعبوا؟»، وبعد هجوم واسع من متابعى الكرة النسائية، اضطر لحذف المنشور بعد دقائق من نشره، تصريحات أحمد بلال دفعت النجوم والمسئولين للرد عليه، وقال شادى محمد مدير جهاز كرة القدم النسائية: «للأسف وسائل التواصل الاجتماعى تستخدم النجوم بشكل خاطئ، وتقلل منهم ولا بد أن ينتبه النجم أو المسئول لكل كلمة يكتبها أو يقولها، وما يتردد من مقولة إن الست مكانها المطبخ وغيرها من الأقاويل هى دعابة غير لائقة ومصر فيها ستات وبنات كتير بـ ١٠٠ راجل، وتحملن مسئوليات كبيرة فى تنشئة وتربية أبطال ومهندسين وأطباء وعلماء، هناك لاعبة فى الأهلى عمرها ١٥ سنة وتتولى رعاية أسرتها البسيطة، كم امرأة تحملت مسئولية أولادها بعد وفاة زوجها ووصلت بهم لأعلى مكانة ممكنة؟».
واستشهدت دينا الرفاعى عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة والمشرفة على كرة القدم النسائية، بالإنجازا التاريخى الذى يحققه فريق مسار «توت عنخ أمون» سابقًا، الذى فرض نفسه على الساحة الإفريقية بقوة، بعدما تأهل للدور نصف النهائى لبطولة دورى أبطال إفريقيا، ليصبح أول فريق مصرى يصل إلى هذا الدور، ومازال لديه الأمل والطموح فى بلوغ النهائى والمنافسة على اللقب، ليسطر تاريخًا جديدًا لكرة القدم النسائية.