طوفان الأقصى يُزلزل إسرائيل
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
حمد الحضرمي **
إنَّ يوم السابع من أكتوبر يومٌ ليس كسائر الأيام، إنه يومٌ عظيم وتاريخ مجيد، سطّرته المقاومة الفلسطينية الباسلة بكل جرأة وقوة وشجاعة، إن "طوفان الأقصى" أغرق الأرض وغمر اليابسة على الإسرائليين من كل حدب وصوب، إنه غليان وهيجان وبركان الأبطال الثوار رجال المقاومة، الذين لا يرضون أن تسلب أراضيهم وتدنس مقدساتهم وهم أحياء على أرض المسجد الأقصى الشريف، والذين ثاروا في وجوه الطغاة الصهاينة الغاصبين، إنها انتفاضة لن تتوقف إلا بتحقيق النصر المؤزر "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد: 7).
لقد نفّذت المقاومة الفلسطينية الشُجاعة طوفان الأقصى الذي زلزل الأرض على إسرائيل وجيشها القوي- الذي لا يهزم كما يدعون- عمليات هجومية قتالية نوعية، وسيطرة على مواقع عسكرية للجيش الإسرائيلي في عقر دارهم، وكبدت العدو خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات؛ فإسرائيل دولة بلا هوية تُريد أن يكون لها كيان على أنقاض الشعب الفلسطيني، ويروادهم الأمل والحلم بالعودة إلى أرض الميعاد. وتسعى إسرائيل اليوم بعد سبع عقود من تأسيسها لنزع اعتراف دولي وإقليمي بيهوديتها، وهي عبارة عن دولة من المهاجرين؛ احتلت أرض فلسطين وجمعت مهاجرين من مختلف أنحاء العالم من أجناس وأعراق وهويات مختلفة من أجل أن يكون لهم شعب ودولة، وهذا لن يتحقق لهم كحلم إبليس بالجنة.
إسرائيل تهدم مدن وقرى وحضارة وتاريخ الشعب الفلسطيني من أجل أن يكون لها هوية في هذه الأرض لإقامة دولتها، بدعم دولي لها من "وعد بلفور" وانتهاءً بوعد جو بايدن الرئيس الأمريكي الحالي، من أجل تثبيت أركان دولة إسرائيل في فلسطين. لكننا نؤكد أن هوية فلسطين باقية للأبد لما لها من صفات وسمات ثقافية تتميز بها عن باقي أفراد الأمم الأخرى، ولن تجد شعبًا متمسكًا بوطنه ومقدساته مثل الشعب الفلسطيني.
إنَّ استمرار المقاومة ونضال الشعب الفلسطيني، سيظل يمثل كابوسًا حقيقيًا للإسرائيليين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التراجع عن هذا الحق الأصيل للفلسطينيين، لأنهم هم أصحاب الحق وهذه أرضهم وهذه مقدساتهم. أن إسرائيل لن ترجع الحق طواعية للفلسطينيين، ولكن باستمرار المقاومة والضغط الفلسطيني سيجبر الإسرائليون في نهاية المطاف على الإذعان والاعتراف بالحقوق الوطنية والسياسية للفلسطينيين. إن المفهوم الإسرائيلي لسلام الهيمنة والردع يلخص وجهًا آخر في ضوء إصرار إسرائيل على تطبيع العلاقات بينها وبين الدول العربية قبل إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وسوف يستمر القلق الإسرائيلي باستمرار عملية مقاطعة إسرائيل ورفض وجودها ومحاولة البحث عن الشرعية التي تفتقدها في المنطقة.
يا أبطال فلسطين: لقد وعدنا الله بالنصر المبين إذا نحن نصرناه واتبعنا دينه وأهتدينا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقمنا شريعته مصداقا لقوله تعالى "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ" (الحج: 40)، لقد وعد الله- عزوجل- البشرية كلها بالفلاح والفوز إن هم نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعوا النور الذي أنزل معه، وسيتحقق خروج العالم مرة أخرى من الظلمات إلى النور، ومن ظلمات الكفر وطغاة الصهاينة ومن الباطل والجهل والانحلال، إلى نور الحق والعلم والتمسك بقيم الخُلق العظيم.
يا إخواننا وأهلنا في فلسطين.. اصدقوا الله تعالى في عقائدكم وفي نياتكم وفي أقوالكم وفي أفعالكم، عاملوا الله تعالى كما أمركم، واعبدوه مخلصين له الدين، والتزموا شريعته غير مُغالين ولا مفرطين، وانصروا الله تعالى بالانتصار على أنفسكم الأمارة بالسوء، وانصروا الله تعالى بالغيرة لدينه وحمايته والذود عنه وعن مقدساته الشريفة، فبيت الله المقدس الأقصى الشريف يستحق منَّا ومنكم لتحريره من أيدي الصهاينة المغتصبين التضحية بأموالنا وأنفسنا، فقد صدق الله وعده وانجز نصره وهزم الأحزاب وحده، عندما كانت الأمة الإسلامية قائمة بالشرط المشروط عليها للنصر، أن تؤمن بالله ورسوله وتعبده ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بأن النصر من عند الله.
يا أبطال المقاومة.. لا ترهبكم الأعداء، ولا تخافون قواهم المادية والبشرية "إِنْ يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (آل عمران: 160). واعلموا أيها الأبطال أن اليهود هم اليهود لا أمان لهم، لم يلتزموا بالمعاهدات التي أبرمها الرسول صلى الله عليه وسلم معهم، ولم يوفوا بالتزاماتهم، ووقفوا مواقف عدائية ضد المسلمين وواجهوا المسلمين بالتحدي والتهديد، وسيظل اليهود كما كانوا منذ عقود ماضية، يرفضون التعايش مع المسلمين في سلام، لأن صدور اليهود تمتلئ بالحسد تجاه المؤمنين، وهم متلبسون بالحسد بسبب قلوبهم المريضة وحبها لما هو قبيح وكرهها للحق.
اليهود كانوا وما زالوا شديدي الحرص على إرجاع المسلمين إلى عوالم الجاهلية والكفر، يقول تعالى "وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ" (البقرة: 109)؛ فاليهود لا يريدون للآخرين أن يتمتعوا بنعمة الإيمان، بل يتمنون زوال هذه النعمة، وهذه الخصلة الذميمة مرجعها إلى كراهية الإنسان كإنسان، ففي عقلية اليهود مشكلة أساسية، إذ يعتبرون أنفسهم الأحق بالنبوة من العرب، وأنهم أرقى من العرب، وأعلى منهم شأنًا، وتفكير اليهود يتشابه إلى حد بعيد مع تفكير إبليس، لأن إبليس اعتبر نفسه أفضل من آدم عليه الصلاة والسلام، واليهود اعتبروا أنفسهم أفضل من العرب.
أيها الأبطال.. كان الصحابة بالأمس البعيد يمتلكون قوة جبارة وعزيمة وإصرارا والتضحية بالغالي والنفيس وبأنفسهم وأموالهم في سبيل الله في تضحيات سجلها التاريخ بأحرف من ذهب ولم يعرف لها مثيل، وها أنتم اليوم يا شباب وشيوخ المقاومة المجاهدين في فلسطين تمثلون هذه القوة الجبارة، التي تدافع بكل قوة وشجاعة عن أرضها ومقدساتها وكرامتها وعرضها. يا أبطال طوفان الأقصى: إنه نفير عام من صغيركم وكبيركم فنفذوه بكل شجاعة وثبات والتزموا به حتى يتحقق النصر المبين وهذا على الله ليس بعزيز.
** محامٍ ومستشار قانوني
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رمضان.. والتحلي بالأخلاق
الأخلاق مقصد من مقاصد البعثة النبوية، والعبادة وسيلة لتحقيق ذلك المقصد، بإصلاح النفوس وتقويم ما أعوج من خلق. ويقول سبحانه وتعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، «صورة فصلت: الآية 34». وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». (صحيح البخاري: 1903). في رمضان تتجدد الدعوة لتأصيل الأخلاق، فيبين النبي ﷺ أن من معاني الصيام الإمساك عن كل خلق سيئ، ولذلك فقد أوصى النبي ﷺ بضبط النفس وكبح جماحها إذا ما أرادت أن تتلبس بشهوة ممنوعة أثناء الصيام، لأن الصيام تربية وقائية، وتوجيه سلوكي نحو الاستقامة الدائمة.
فإذا اعتادت النفس في رمضان ترك المباح من المأكولات والمشروبات، طاعة لله تعالى، كانت على ترك الذنوب والمعاصي أقدر، لذلك جاء في الحديث: عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: «الصيام جنة، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشرة أمثالها»، (صحيح البخاري، 1894).
فمن ترك المحرمات كالغيبة والنميمة، والمباحات كالطعام والشراب، طاعة لله تعالى، وامتثالاً لأمره، فقد استحق هذا الثواب العظيم المذكور في الأحاديث.. فلنلتزم بما أمر الله تعالى به من حسن الخلق، فإنه من مقاصد الصيام، والأخلاق دعوة قرآنية ومنزل سامية يجب التحلي بها، خاصة في شهر رمضان، ولا يبلغ العبد كمال الإيمان إلا إذا استقامت أخلاقه، وللصوم مقاصد أخلاقية، على المسلم أن يحرص على تحقيقها.
الكلمة الطيبة
اهتم ديننا الحنيف بما يصدر عن جوارح الإنسان، وأكثرها تأثيراً اللسان، فدعا إلى الكلمة الطيبة ورتب عليها الأجر والثواب، قال النَّبِي ﷺ: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ»، فالكلمة الطيبة هي التي ينطقها صاحبها فيما يقربه من ربه تعالى، وتفتح أبواباً للخير، وتغلق أبواباً للشر، وتضمد الجراح، وتذهب الغيظ، وتنشر الخير والمحبة في قلوب الناس، وتُحدث أثراً طيباً في نفوسهم.. وهي من الأعمال الفاضلة التي تراعى في كل الأوقات، وبالأخص في شهر رمضان، لقوله ﷺ: «الصيامُ جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائماً فلا يَرفُثْ ولا يَجهلْ، فإنِ امْرُؤٌ شاتَمَه أو قاتَلَهُ فَليَقُلْ إنِّي صائمٌ»..
وأمر الله عباده بأن يقولوا أفضل الكلام وأحسنه، فقال: «وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، ومن عظيم قدر الكلمة الطيبة، أنها تصعد إلى السماء فتفتح لها الأبواب، قال تعالى: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ»، فمن وُفق للطيب من القول، دلّ على فضل الله عليه وهدايته له، قال تعالى: «وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ».
وأفضل الكلم الطيب وأعلاه: شهادة أن لا إله إلا الله، قال سبحانه: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)، «سورة إبراهيم: الآية 24»، قال ابن عباس في قوله تعالى (كَلِمَةً طَيِّبَةً): «هي شهادة أن لا إله إلا الله».
والكلمة الطيبة لها ثمارها في الدنيا والآخرة، أما في الآخرة فتقي صاحبها من النار، قال ﷺ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ»، وترفعه في الجنة درجات، قال: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ».
والكلمة الطيبة تحفظ مودة الأهل والأصدقاء، وتستديم محبتهم، وتقطع كيد الشيطان، وتضعف مكره ومكائده، قال تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)، «سورة فصلت: الآية 34»، فكم من كلمة طيبة كانت سبباً في اجتماع زوجين، وتصالح خصمين، واستقرار أسرة، والكلمة الطيبة هي القول الذي يرضي الله عز وجل، ويدخل السرور على القلوب، ويثمر في المجتمع المحبة والاحترام، فأثر الكلمة الطيبة ثابت في الأرض، وثوابها مكتوب في السماء.
العفة
يقول الله سبحانه وتعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ...)، «سورة النور: الآية 33». ويقول عز وجل: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ)، «سورة النور: الآيات 30 - 31». ويقول جلا جلاله: (يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)، «سورة البقرة: الآية 273».
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «من استغنى: أغناه الله عز وجل، ومن استعف: أعفه الله عز وجل، ومن استكفى: كفاه الله عز وجل»، (سنن النسائي، 2595).. وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: «من يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر»، (متفق عليه).
ولقد جاء الإسلام ليتمم القيم والمبادئ التي تسمو بالإنسان، فقال ﷺ: «بُعِثْتُ لأِتَُممَ حُسْنَ الْأَخْلَاقِ»، (موطأ مالك، 8).
ومن هذه الأخلاق التي أرسى الإسلام قواعدها وجعلها منسجمة مع الفطرة السليمة: خلق العفة والعفاف، هذا الخلق العظيم الذي كان رسول الله ﷺ يحرص عليه في دعائه، فيقول ﷺ: «اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى»، (صحيح مسلم، 2721).
العفة خلق كريم
فالعفة خلق كريم وصفة نبيلة، وهو عنوان النفوس الزكية، ودليل التربية الصالحة.. وأصل العِفة: الكَف عَما لَا يَحِل وَعَن كل قَبِيح، (المخصص، 1/ 345).. فالمسلم يعف جوارحه عن الحرام، فلا تغلبه شهوته حتى يتيسر له الحلال.. والمسلم يعف نفسه عن أموال الناس، لا يعتدي عليها، ولا يأخذها بغير حق، فلا يسأل الناس إذا احتاج، ولا يتسول ولا يطلب المال دون عمل. ويعف لسانه عن الكذب والسب والشتم، والغيبة والنميمة، فلا يتكلم إلا بخير ولا يقول إلا طيبًا، كما لا يخوض فيما لا يعنيه.
فالعفة تحفظ المسلم من الوقوع في كل نقيصة، وتدفع به نحو كل فضيلة، وإن شيوع هذا الخلق الكريم يؤدي إلى شيوع مكارم الأخلاق التي تضبط المجتمع فيصبح واحة خير يشع منها الأمن والأمان والخير والسلام.
والعفة خلق يحفظ المسلم من الوقوع في النقائص، ويدفع به نحو الفضائل، وهي من الأخلاق التي تُكتسب وتُنال بالتربية، والعفة تحمل على الحياء الذي هو رأس كل خير.
فتوى
ورد لمجلس الإفتاء السؤال التالي: «لديَّ جفاف في العين وأمرني الطبيب باستعمال قَطرة العين ففعلت ذلك في نهار رمضان، فماذا علي؟
أجاب مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بـ «لا شيء عليك في استعمال قطرة العين ما لم يصل شيءٌ منها إلى الحلق أثناءَ الصيامِ، وينبغي لك استعمالها لَيْلاً إذا لم يكن في ذلك عليك ضرر، حفاظاً على سلامة صومك». قال بعض أهل العلم: «إذا علم من عادته أن الكحل أو نحوه لا يصل إلى حلقه فلا شيء عليه»، (شفاء الغليل لابن غازي: 1/ 297).
حديث
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُوْلُ اللهِ ﷺ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوْقُ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِيْنَ يَوْمَاً نُطْفَةً، ثُمَّ يَكُوْنُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُوْنُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيَنفُخُ فِيْهِ الرٌّوْحَ، وَيَؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيْدٌ. فَوَالله الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنََّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا»، (رواه البخاري ومسلم).
قطوف رمضانية
كتب الحسن البصري إلى فرقد أوصيك بتقوى الله، والاستعداد لما وعد الله مما لا حيلة لأحد في دفعه، ولا ينفع الندم عند نزوله، فاحسر عن رأسك قناع الغافلين، وانتبه من رقدة الجاهلين.