يبدو أن شهر أكتوبر العظيم سيكون أسود دائمًا في تاريخ دولة الكيان الصهيوني، فهو الشهر الذي سجل فيه المصريون أعظم نصر في تاريخ المنطقة على الغرور والصلف الصهيوني، والذي تغيَّرت فيه معادلات عسكرية واستراتيچية وكل الفكر العسكري الذي كان سائدًا حينها- فالجندي المصري كان هو البطل في مواجهة الدبابة والطائرة الحديثة التي كان يملكها جيش العصابة في دولة فلسطين المحتلة، ولكن الإرادة والإصرار على النصر والعقل الجبار اتحدت جميعها كي ينتصر المصريون على كل تلك الحداثة والدعم الذي كانت تحظى به وما زالت دولة الكيان.
خرج نتنياهو ليعترف بأن السبت السابع من أكتوبر هو يوم أسود على إسرائيل، وخرجت صحفهم ومراكزهم الاستراتيچية والعسكرية تعترف بأن أبطال القسام هزموا إسرائيل، وقضوا على أسطورة أجهزتها الاستخبارية والأمنية والعسكرية عندما دخلوا إلى قلب مواقع الجيش الإسرائيلي وقتلوا وأسروا قادته، وعادوا بهم إلى داخل غزة. المشهد كان أسطوريًّا، وكان مذهلًا لكل مراقب عسكري واستراتيچي، لأن المقارنة بين الطرفين تدعو إلى الجنون.
وهناك أسئلة كثيرة تطرحها تلك العملية البطولية التي نجح من خلالها أبطال القسام في قتل وأسر كل هذا العدد من الجنود والصهاينة في يوم واحد، وأول تلك الأسئلة: كيف تجاوز الأبطال هذا السور الإلكتروني الممتد المزوَّد بأحدث كاميرات المراقبة التي تنقل حتى دبيب النمل على الحدود؟ وأيضًا، كيف استطاع شباب المقاومة أن يواجه بأسلحة رشاشة هذه الأعداد المذهلة من الدبابات والمدرعات والصواريخ، ويقتحم، ويغتنم عددًا من تلك الأسلحة ويعود بها إلى داخل غزة؟ وكذلك، كيف صمد عدد قليل من أبطال القسام أكثر من 16 ساعة في مواجهة جيش الكيان الصهيوني الذي يُصنَّف كواحد من أقوى جيوش العالم، ويتفوق على كل الجيوش العربية مجتمعة؟
المفاجأة وخطة الخداع، التي نجح بها الجيش المصري في إذلال إسرائيل في أكتوبر 1973، هي نفسها التي استلهمها الأبطال في السابع من أكتوبر 2023، فكل خبراء إسرائيل اتفقوا على أن عنصر المفاجأة وخداع حماس طوال السنوات الماضية هو السبب الرئيسي في انتصار المقاومة.
وكتائب القسام وحماس التي تصنَّعتِ الهدوء والمرونة في مواجهة إسرائيل عندما قتلتِ العشرات من قيادات حركة الجهاد الإسلامي كانت تُعِد وتجهز وتخطط لمعركة «طوفان الأقصى»، وكما قال القائد محمد ضيف: «إن ما قامت به إسرائيل من تدنيس لمقدساتنا في المسجد الأقصى، وانتهاك لحرمات الفلسطينيين، وإذلال للأسرى في السجون كان أحد أسباب ̕طوفان الأقصى̔، ولكن حركات المقاومة تبقى دائمًا تبحث عن تحرير شعوبها وأوطانها، حتى ولو كان العدو ساكنًا وهادئًا».
وكما انشغلتِ الكليات العسكرية ومراكز الأبحاث بنتائج حرب أكتوبر 73، فإن تلك المراكز أيضًا سوف تبحث عن مصير إسرائيل واستقرارها وسمعتها كدولة مهيمنة بعد أكتوبر 2023.
إسرائيل التي صنعت لنفسها صورة أسطورية حول دولة الأمن والتقنيات الحديثة، والاستخبارات التي تعلم حركة الحشرات في قلب الحجر، والجيش صاحب اليد الطولى التي تصل إلى كل شيء.. لقد انهارت تلك الصورة، وداسها الأبطال بأقدامهم، ولم يَعُد هناك مَن يبحث عن الاحتماء بإسرائيل المنهارة بعد اليوم، فأولئك الخائفون والمرتعدون الذين كانوا يزحفون تحت أقدام قادة إسرائيل يبحثون عن الأمن والحماية سيقفون اليوم منتفضين يبحثون عن كفيل آخر لحمايتهم، لأن أبواب إسرائيل أصبحت خربة اليوم، والطَّرق عليها مضيعة للوقت، والبحث عن نتنياهو يحتاج إلى التدريب على الدخول في مغارات الاختباء وغابات الخوف.
ويستمر التاريخ في تسجيل أن أكتوبر هو شهر العزة والكرامة العربية، وشهر الذل والإهانة الصهيونية.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
إيران تتوعد إسرائيل بالوعد الصادق 3.. الحرس الثوري يهدد بتدمير دولة الاحتلال
واصل القادة الإيرانيين إطلاق تصريحاتهم ضد دولة الاحتلال، وتوعدوا بتدميرها عبر عملية الوعد الصادق 3 في إشارة إلى الهجمتين اللتين أطلقتهما طهران ضد تل أبيب خلال العام الماضي.
وخلال الأسبوع الماضي شن قادة الحرس الثوري الإيراني، هجوما ضد إسرائيل، كان آخرهم اللواء إبراهيم جباري الذي هدد بتدمير إسرائيل كجزء من عملية الوعد الصادق 3 في خطاب ألقاه أمام أعضاء الباسيج خلال مناورة تدريبية في بيرجند أمس الجمعة.
وقال جباري "إن عملية الوعد الحق 3 ستنفذ في الوقت المناسب، وبدقة، وعلى نطاق كافٍ لتدمير إسرائيل وقصف تل أبيب وحيفا".
وانضم جباري إلى العميد علي فدوي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، والعميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، في تهديداتهم بتدمير إسرائيل في عملية الوعد الصادق 3.
عملية الوعد الصادق 3 هو الاسم الذي أُطلق على الهجوم الإيراني الثالث المخطط له ضد إسرائيل، بعد الهجومين الأول والثاني في أبريل وأكتوبر 2024.
تهديدات الحرس الثوري الإيراني بتدمير إسرائيل
ارتبطت زيادة تهديدات الحرس الثوري الإيراني بزيادة إنتاج الحرس الثوري الإيراني للصواريخ خلال الشهر الماضي.
تلقت إيران شحنة من المواد الكيميائية الأولية لوقود الصواريخ تزن 1000 طن من الصين الأسبوع الماضي، بينما كشف الحرس الثوري الإيراني عن "مدينة صاروخية" جديدة تحت الأرض قبل أسبوع.
وقد تعزز هذا الأمر بتعليقات حاجي زاده يوم الثلاثاء، حيث أشاد بقدرة إيران على ضرب إسرائيل في "أكبر عملية صاروخية باليستية في العالم".
خلال بقية خطابه، أشاد جباري بحسن نصر الله، الزعيم السابق لحزب الله، الذي قُتل في غارة على الضاحية الجنوبية العاصمة اللبنانية بيروت العام الماضي.
وجاء الرد الإسرائيلي عبر وزير الخارجية جدعون ساعر، قائلا : "إذا كان الشعب اليهودي قد تعلم أي شيء من التاريخ، فهو هذا: إذا قال عدوك إن هدفه هو إبادتك – صدقه، نحن مستعدون".