تحذيرات من تفشي ظاهرة اقتصادية في العراق “تفتك” بالفقراء والمضطرين
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
ينتشر التعامل بالربا أو ما يسمى شعبياً الدين بـ”الفايز” في المجتمع العراقي، حتى أصبحت ظاهرة تمارس بشكل كبير في الأوساط الشعبية، فضلاً عن المؤسسات المصرفية الحكومية وغير الحكومية.
ويضطر المواطنون أحياناً إلى الاقتراض ممن يمتلكون الأموال وفق ما يسمى بـ”الفايز”، على أن يتم تسديد الأموال على دفعات بفائدة عالية، لكنها سرعان ما تتحول إلى أزمة لعجزهم عن سدادها، فيتضاعف المبلغ عليهم.
خسائر باهظة
وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي، عمر الحلبوسي، بالقول، إن “(الفايز) أصبح وسيلة اقتراض تثقل كاهل المواطن العراقي، وهو يتعرض للحيف الكبير جرّاء اللجوء لهذا الاقتراض، والذي من خلاله يتعرض المقترض لخسائر باهظة، خصوصاً المقترض بالدولار”.
ويوضح الحلبوسي في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “المقترض بالدولار يتحمل ثلاثة خسائر، الأولى فائدة (الفايز)، وهي كبيرة جداً تُحسب كفائدة على المبلغ، مع هامش مالي تحسباً لتقلّب سعر الصرف”.
أما الخسارة الثانية فهي، وفق الحلبوسي “الفائدة التأخيرية التي تتضاعف كلما تأخر المقترض بالسداد، والتي تزيد عن حجم الفائدة مرتين، الأولى فائدة التأخير، والثانية زيادة سعر الصرف”، مضيفاً أن “الخسارة الثالثة هي فرق سعر صرف الدولار الذي يتصاعد بشكل متسارع، مما يزيد من حجم خسائر المقترض”.
ويؤكد، أن “هذا يجعل المقترض يتعرض للإعسار في السداد، والذي يترتب عليه فوائد كبيرة، مما يعني مزيداً من الخسائر التي سيبقى المقترض حبيسها في ظل تقلّبات سعر الصرف التي تزيد من تراكم خسائر مقترض الدولار بـ(الفايز)”.
الحاجة والحالات الطارئة
من جهته يشير المواطن حسين جاسم من محافظة كربلاء إلى أن “بعض المواطنين يلجأون إلى الاقتراض مضطرين بسبب الحاجة إلى الأموال لظروف طارئة، كأن يكون لديهم مريض بصدد إجراء عملية له وما شابه ذلك، رغم علمهم بأنه حرام شرعاً”.
ويضيف جاسم في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “بعض المواطنين يقترضون بالدولار، نتيجة لتذبذب أسعار الصرف وصعوده المستمر، فهو يساهم في تفاقم صعوبة سداد الديون”.
المادة 465
وتنص المادة 465 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 بالحبس وبغرامة مالية، أو بإحدى هاتين العقوبتين، من أقرض آخر نقوداً بفائدة ظاهرة أو خفية تزيد عن الحد الأقصى المقرر للفوائد الممكن الاتفاق عليها قانوناً، وفق الخبيرين القانونيين، علي التميمي، وحيدر الصوفي.
ويضيف القانونيان في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” “تكون العقوبة السجن المؤقت من 5 إلى 10 سنوات، إذا ارتكب المقرض جريمة مماثلة للجريمة الأولى خلال 3 سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الأول نهائياً، وتكون العقوبة حسب شدة الجريمة وجشع المقرض والشروط”.
ويشير علي التميمي، إلى أن “مجلس قيادة الثورة المنحل أصدر عام 1997 قانون 68 الذي يعاقب بالحبس 3 سنوات على هذه الجريمة، واعتبرها مُخلّة بالشرف، وتشدد فيها إذا تكررت خلال 3 سنوات من الشخص نفسه لتصل إلى 10 سنوات”.
ويوضح التميمي، أن “قانون 68 أوجب مصادرة مبلغ المقرض أو الفائدة وأنشأ صندوقاً خاصاً بالفقراء يتم إيداع المبالغ التي يتم مصادرتها، ويكون هذا الصندوق في وزارة العمل، ويوزّع المبلغ بنسبة 40% من قيمة مال الربا أو الفائدة على الفقراء، و40% إلى المقترض المخبر عن الجريمة، و20% إلى المخبر غير المقرض”.
جرائم سرّية
من جهته يقول حيدر الصوفي “في قانون أصول المحاكمات الجزائية، إذا بادر المقترض إلى الإخبار عن المقرض، فإنه يُعفى من العقوبة وتبقى العقوبة على المقرض، إلا إن المقترض دائماً ما يكون في حاجة إلى اقتراض المال، ويستغله المقرض بالربا، لذلك لا يذهب المقترض إلى القضاء للإخبار عن المقرض”.
ويتفق الصوفي والتميمي، على أن “عمليات الربا تتفشى في الأسواق العراقية بعيداً عن متناول القضاء والشرطة، لأنها تتم بكتمان وسرّية بين المقترضين، ما يتطلب جهداً استخبارياً لمكافحة هذه الجرائم السرّية التي تخالف أحكام الشريعة الإسلامية، وكذلك يتطلب أيضاً زيادة الوعي عن هذه الجرائم، كونها غير معروفة وما يترتب عليها من عقوبات قانونية”.
حراك نيابي
وكان النائب علاء الحيدري، قد تقدم في تموز/ يوليو الماضي، بطلب إلى رئاسة مجلس النواب لتشريع قانون مكافحة ظاهرة الربا، مشفوعاً بتواقيع 82 نائباً، والذين يشكلون قرابة 25% من أعضاء مجلس النواب البالغين 329 نائباً.
كما وأكد الحيدري في تغريدة سابقة له “نعاهد الشعب على تحمل المسؤولية القانونية والشرعية بالعمل على تشريع قانون مكافحة الربا، بعد تفشيها واتساعها بصور مختلفة وبشكل يهدد المجتمع العراقي”، متحدثًاً عن “أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون وضعهم الاقتصادي لتعظيم أموالهم دون جهد على حساب المحتاجين والمقترضين”.
المصدر: وكالة تقدم الاخبارية
إقرأ أيضاً:
هل السوشيال ميديا والمشاكل الاقتصادية وراء تفشي الطلاق في العراق؟
يناير 28, 2025آخر تحديث: يناير 28, 2025
المستقلة/- تشهد المحاكم العراقية تزايداً غير مسبوق في حالات الطلاق، حيث سجَّلت أكثر من 72 ألف حالة طلاق في عام 2024، وهو ما يعني أكثر من 8 حالات طلاق كل ساعة! هذه الأرقام تدق ناقوس الخطر حول ظاهرة اجتماعية باتت تؤثر بشكلٍ مباشر في استقرار الأسر والمجتمع ككل. لكن هل من تفسيرات واضحة لهذه الظاهرة؟ أم أن الأسباب أكثر تعقيداً مما نتوقع؟
الباحثة الاجتماعية ريا قحطان ترى أن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في هذه الزيادة، حيث تُروِّج هذه الوسائل لصورة مثالية للعلاقات الزوجية، كما تعزّز من فكرة استبدال الزوجة بسهولة وتجعل من الطلاق شيئاً مقبولاً في المجتمع. هذه الصورة السطحية التي تقدمها السوشيال ميديا قد تجعل الأفراد في علاقات زواج يعتقدون أنهم يستحقون شيئاً أفضل، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الأسرية.
في المقابل، يرى المحامي محمد قاسم أن المشكلات الاقتصادية تعد واحدة من أبرز العوامل التي تؤثر على استقرار العلاقات الزوجية. البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة تشكل ضغوطاً هائلة على الأسر، مما يساهم في تفكك الروابط بين الأزواج. وبالإضافة إلى ذلك، يُحمل تأثير الثقافات الدخيلة، خاصة من خلال السوشيال ميديا، مثل ظاهرة تعدد الزوجات التي قد تكون سبباً في زيادة معدلات الطلاق.
أما الناشطة الاجتماعية إسراء الحجيمي، فتضيف بُعداً آخر لهذه القضية، حيث تؤكد أن الخلافات الزوجية الناتجة عن اختلاف التوقعات بين الزوجين أو الخيانة الزوجية والتدخلات الأسرية قد تكون السبب وراء انهيار العلاقات. وبحسب الحجيمي، لا بد من نشر الوعي الأسري من خلال برامج تثقيفية قبل الزواج، وتعزيز خدمات الاستشارة النفسية التي قد تساعد الأزواج في معالجة خلافاتهم بشكل سليم.
السؤال المطروح: هل نحن في العراق نعيش في عصر أصبح فيه الطلاق أكثر قبولاً بسبب ثقافة السوشيال ميديا، أم أن مشكلات اقتصادية واجتماعية باتت تتسبب في تفكك الأسر بشكل غير مسبوق؟ وكيف يمكن للمجتمع أن يتعامل مع هذه الظاهرة المؤلمة؟