سودانايل:
2024-12-28@06:21:41 GMT

من مشاهد الوضع الراهن .. بقلم د. أحمد عبدالله

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

من الطبيعي أن يتصدر المشهد الحالي بصمات وإفرازات الحرب الدائرة بأطرافها المتناحرة بكل مسمياتها ومن يقف وراءها والموقف منها ومن يصطف إلى طرف منها إضافة لما يلزم من لغة المخاطبة بما في ذلك من استحداث مفردات بحسب خطى واتجاهات دورة الاقتتال. وقد أخذت هذه الحرب نصيبها من ذلك، بل وربما بكثافة لافتة للتماهي مع حجم ويلات ومأساوية هذه الحرب بالذات بما فاق كل ما هو مسطور في تأريخ الحروب ألبشرية، مما جعل منها - أي الحرب - ذات اتجاه واحد، أي أنها هي الصوت الوحيد المسموع مقابل شلل تام لكل ما عداها إذ ابتلعت الحرب الوطن برمته ومعه المواطن مع اغتيال وطمس لكل مقومات وضرورات ومعانى ألحياة - ولو فى حدها الأدنى- وازداد الموقف كيل بعير ليصطحب فقدان الحياة شلل تام للتفكير إيذاء ضياع البوصلة وبصفة خاصة مع استطالة أمد الحرب وتغبيش الحقائق حول أغراضها وتعريفها وأطرافها وهل هى الحرب بالمعنى المتعارف عليه أم احتلال أم نزاع حول كراسي السلطة!؟ أم أنه - ولعله الأصح - صراع بين قوى التغيير التي تروم لانتشال الوطن من وهدته والفئة الموازية التي تبغى استحواذ السودان بأجندتها الخاصة !

بكلام آخر هناك من يبنى ويعمر فى مقابل حملة السلاح الذين يهدفون لإعادة عقارب الساعة؛ ويعنى ذلك أنه فى خضم هذه المعارك يتضح جليا أن هناك كتلتين فقط لأغير فئة بناء الوطن وفى الجانب الآخر فئة من يسعى لعرقلة ذلك ! و لتسمية الفئتين بمسمياتهما الصحيحة ينظر إلى أهداف الحرب الجارية تحت مظلة ثورة ديسمبر العملاقة بين أنصار الثورة وبين من يريدون عرقلتها.



هذه الدعوة للنظر للحرب بمنظار الثورة يستند على خلفية تاريخية تطغى عليها مفردة واحدة اسمها "البندقية" أكرر "البندقية" ذلك بأنه منذ رزء السودان بهذه البندقية ظلت هي العامل المؤثر في سياسة ومجريات ألأمور بعد سنوات فليلة عقب الاستقلال ٥٦ وظل دورها يتمدد تدريجيا عبر الحكومات المتعاقبة لتكتمل قبضتها منذ انقلاب ٨٩ لتستحوذ على كل شئون الدولة وتكون هي بمفردها: دستور البلاد والقانون والقضاء وأداة التشريع - والترويع - وهذه الأخيرة مثلت أهم دور في سجن (بفتح السين) البلاد والشرفاء من ابناء الوطن مكملة بذلك القبضة الشمولية التي نعيشها منذئذ إلى يومنا هذا -باستثناء تلك الأيام النضرة من ثورة ديسمبر العظيمة؛ وما يجرى الآن ما هو إلا محاولة إعادة البلاد لبيت ديكتاتورية "البندقية"!

من الشواهد لذلك ومع الانغماس الكلى فى الحرب والدمار ودخول البلاد فى غياب القانون نحو 'حكم الغاب' وإزهاق الأرواح بشكل يومي ممنهج وجثث الضحايا الشهداء تملأ الشوارع إضافة لاستباحة الأعراض وضياع ممتلكات العمر و انتقال الجريمة والنهب من قبل حملة الكلاشنكوف "لا يهم بأي زي يتدثرون أو يختفوا" ناهيك عن المهددات والمخاطر بانزلاق الوطن بما فيه نحو قاع المجهول! وكأنما واجب ال(لا) حكومات هو العمل على فناء والفتك بشعوبها بدلا مما هو مناط بها من دور معلوم فى ضمان سلامة الوطن ومواطنيه بما يحفظ لهم عيش كريم، بل وأن الحكومات المتحضرة قد فرغت من كل ذلك وتعمل الآن على رفاهية شعوبها! أما وضعنا الخاسر هذا تحت نيران هذا السفك للدماء فهو مما يصدق عليه القول:" من أراد العيش في الخرطوم فلا بأس أن تكون أكفانه في معيته"! وبالرغم من كل ذلك -آه - لم يعدم حملة البندقية وجود الوقت والمزاج للتضييق ومطاردة الثوار !!؟ بل وتهديد من يقول 'بغم'! وغريب فى هذا السياق أنه وبسلطان البندقية أن يتشدق حملتها في الفضائيات بما لا يؤمنون به من شعارات "ديمقراطية، الثورة، حرية، الحكم المدني" بينما يلوح جنودهم فى الخلفية بالبندقية مصحوبة ببسمات الفرح ومستبشرين تكبيرا وتهليلا بنصر مزعوم؛ !بينما في وأقع الأمر تبنى شعارات للاستهلاك مردود على قائله لأنه لا ينطلي على المشاهد من ناحية كما أنه يفضح قائله بأنه يعلم تماما أن ما قاله رئاء هو الحق ! وكذلك لا ينسون التحدث بإسم "الشعب" وأنه معهم صفا واحدا؛ وبالطبع لا ندرى إن كان المقصود هو هذا الشعب الواحد ده الذى زلزل كراسي السلطة تحت أقدامهم !! وبالقطع لا يجرؤون ويصعب عليهم ذكر ملامح حقيقية للثورة مثل الترحم على أكارمنا من شهداء العظمة ممن سددوا فواتير الدم والمهج والأرواح ببسالة أسطورية لبناء مداميك الأساس لسودان الغد، تاركين ما تبقى أمانة ومسئولية وطنية أخلاقية في رقابنا، ندعو أن تغشاهم رحمة عزيز مقتدر، ويهيئ لنا - نحن من تخلفنا ورآءهم - حمل تكاليف ترميم وإعمار الوطن. خلاصة ما أوصلتنا إياه سياسة البندقية هو ما نحن عليه الآن، وكفى !

حرام والله وطن يهز ويرز ويفيض خيرا وثراء (ماديا وبشريا) أن تصل بنا العقول الجبارة التي أدارته بسبب أن كلمة "وطن" ما كانت إطلاقا في مفردات قواميسهم؛ بل على النقيض تماما، راحوا يتبارون في هدم أركانه وإذلال شعبه، بدلا من وضعه الطبيعي الطليعي المستحق في مصاف الأمم المتقدمة.
وبعد يتبقى لنا الجانب الشعبي وهو المناط به - في هذا المنعطف بالغ الخطورة من تأريخ السودان - وعلى اختلاف التوجهات الانصهار لبناء جبهة موحدة متراصة ذات غرض واحد محدد للاستجابة لإغاثة وطن يئن من ثقل ما تم إلحاقه به من أذى ودمار، ولا نزيد، والله المستعان.

ودمتم سالمين  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!

 

رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!

رشا عوض

إنها قوانين متواترة في الاجتماع السياسي بكل أسف!

الحركات الفاشية تظن أن استعبادها المستدام للشعوب بواسطة القوة العسكرية هو قانون طبيعي لا يناقش ناهيك عن المطالبة بتغييره!

عندما تتزاوج الفاشية الدينية مع الفاشية العسكرية كحال المنظومة الكيزانية يصبح التمسك بنظام الاستعباد أكثر شراسة كما نرى في هذه الحرب!

الذي جعل هذه الحرب القذرة حتمية هو إصرار الكيزان على استدامة استعبادهم للشعب السوداني عبر القوة العسكرية الأمنية ممثلة في الأخطبوط الأمنوعسكري بأذرعه المتعددة: جيش ودفاع شعبي وكتائب ظل وأمن رسمي أمن شعبي واحتياطي مركزي ووووووووووو

ظنوا أن العقبة الوحيدة أمام هيمنتهم العسكرية هي الدعم السريع، غرورهم وحساباتهم الرغائبية التي زادتها الأطماع وتضليل دوائر إقليمية خبيثة، كل ذلك جعلهم يظنون أن ضربة عسكرية خاطفة وقاضية تدمر الدعم السريع في سويعات أو أسبوع أسبوعين ممكنة!

ولكن هل يعقل أن الكيزان لم يضعوا احتمال أن الحرب يمكن أن تطول وتدمر البلاد؟

مؤكد ناقشوا هذا الاحتمال ولكن ذلك لن يجعلهم يترددوا في الحرب! لأن التضحية بالسلطة الاستبدادية المحمية بالقوة العسكرية غير واردة مطلقا، والخيار الافضل حال فشلت الحرب في إعادتهم إلى السلطة والتحكم في السودان كاملا هو تقسيم السودان وتقزيمه أرضا وشعبا إلى المقاس المناسب لقدرتهم على التحكم! وإن لم ينجحوا في ذلك فلا مانع من إغراق البلاد في حرب أهلية طويلة تؤدي إلى تدمير السودان وتفتيته وطي صفحته كدولة (يا سودان بي فهمنا يا ما في سودان) كما قال قائلهم!

الانعتاق من استعباد الكيزان مستحيل دون تجريدهم من قوتهم العسكرية! لن يتنازلوا عن السلطة الاستبدادية إلا إذا فقدوا أدواتها! لن يكفوا عن نهش لحم الشعب السوداني إلا إذا فقدوا أنيابهم ومخالبهم!

وحتما سيفقدونها!

لأن المنظومة الأمنية العسكرية التي راهنوا عليها أصابها ما يشبه المرض المناعي الذي يصيب جسم الإنسان، فيجعل جهاز المناعة يهاجم أعضاء الجسم الحيوية ويدمرها إلى أن يقضي على الجسم نهائيا!

الدعم السريع الذي يقاتل الجيش وكتائب الكيزان كان ذراعا باطشا من أذرع المنظومة الأمنية العسكرية الكيزانية حتى عام ٢٠١٨، وحتى بعد الثورة لم يكف الكيزان عن مغازلته ولم يقطعوا العشم في احتوائه! ولكنه “شب عن الطوق” فأرادوا ترويضه بحرب خاطفة والنتيجة ماثلة أمامنا!

المرض المناعي ليس فقط مهاجمة الدعم السريع للجيش والكتائب! بل المنظومة الأمنية نفسها انقسمت بين الطرفين ومعلومات التنظيم الكيزاني والدولة السودانية بيعت في سوق النخاسة المخابراتية الإقليمية والدولية والنتيجة هي واقع الهوان والهشاشة الماثل الذي لا يبشر بأي نصر عسكري حاسم في المدى المنظور!

المؤلم في كل ذلك هو أن المواطن السوداني البريء هو الذي يدفع الثمن الأكبر في هذه الحرب القذرة قتلا واعتقالا وتعذيبا وسلبا ونهبا وتشريدا وجوعا ومهانة في حرب صراع السلطة لا حرب الكرامة ولا حرب الديمقراطية كما يزعمون.

هذه الحرب هي عملية تفكك مشروع الاستبداد العسكر كيزاني وانشطار نواته المركزية عبر مرض مناعي أصاب منظومته الأمنية والعسكرية نتيجة تراكمات الفساد وغياب الحد الأدنى من الكفاءة السياسية والأخلاقية المطلوبة للحفاظ ليس على الدولة والشعب، فهذا خارج الحسابات منذ أمد بعيد، بل من أجل الحفاظ على النظام الفاسد نفسه!! حتى عصابات تجارة المخدرات تحتاج إلى قدر من الأخلاق والانضباط بين أفرادها للحفاظ على أمن العصابة وفاعليتها!! هذا القدر افتقده نظام الكيزان!!

ومع ذلك يرفعون حاجب الدهشة ويستغربون سقوط نظامهم صبيحة الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩ !!

يعاقبون الشعب السوداني بهذه الحرب على ثورته ضدهم!!

يعاقبونه على أنه أكرم جنازة مشروعهم منتهي الصلاحية بالدفن لأن إكرام الميت دفنه!!

تفادي الحرب بمنطق البشر الأسوياء عقليا واخلاقيا لم يكن مستحيلا، وهو الهدف الذي سعت إليه القوى المدنية الديمقراطية بإخلاص ولكن الكيزان اختاروا طريق الحرب مع سبق الاصرار والترصد! وفرضوه على البلاد فرضا!

المصلحة السياسية الراجحة للقوى السياسية المدنية هي استبعاد البندقية كرافعة سياسية لأنها ببساطة لا تمتلك جيوشا ولا بنادق!!

والتضليل الفاجر بأن هذه القوى المدنية متحالفة مع الدعم السريع لاستغلال بندقيته كرافعة سياسية لا ينطلي على عاقل! بندقية الدعم السريع التي تمردت على صانعيها هل يعقل أن تضع نفسها تحت إمرة مدنيين عزل يرفعون راية الجيش المهني القومي الواحد وإنهاء تعدد الجيوش!

الحرب ليست خيارنا وضد مصالحنا! اشتعلت غصبا عنا كمواطنين وكقوى مدنية ديمقراطية سلمية ومسالمة!!

الحرب قهرتنا وأحزنتنا وأفقرتنا وفجعتنا في أعز الناس وأكرمهم، ومنذ يومها الاول لم نتمنى شيئا سوى توقفها وعودة العقل لمشعليها ولكن ذهبت امنياتنا ادراج الرياح!

ليس أمامنا سوى مواصلة مساعي السلام، والتماس العزاء في أن قسوة هذه الحرب وجراحها المؤلمة ونزيف الدم الغزير الذي روى أرض الوطن ربما نتج عنه “فصد السم” الذي حقنه نظام الكيزان في شرايين الوطن على مدى ثلاثة عقود!

إخراج السموم من جسد الأوطان عملية شاقة ومؤلمة!!

تمنينا أن يتعافى جسد الوطن من سموم الاستبداد والفساد والفتن العنصرية بالتدريج وبأدوات نظيفة ورحيمة وعقلانية عبر مشروع انتقال مدني ديمقراطي سلمي يفتح للبلاد طريقا لعهد جديد يضعها في خانة القابلية للتغيير والحياة المستقرة!

الكيزان أشعلوا الحرب ضد تعافي جسد الوطن من سمومهم! أشعلوها لإعادة الوطن إلى حظيرتهم البائسة! يظنون أن عجلة التاريخ يمكن أن تدور إلى الخلف!

ربما تكون نتيجة هذه الحرب على عكس ما أرادوا وخططوا!! فتفصد السم الزعاف بآلام مبرحة ولكن بشفاء كامل!!

أليست المزايا في طي البلايا والمنن في طي المحن!

ألم يسخر كتاب الله من المجرمين والظالمين على مر العصور “يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين”.

 

الوسومالدعم السريع ثورة ديمسبر حرب الكيزان

مقالات مشابهة

  • وفيات السبت .. 28 / 12 / 2024
  • خاتمي: إيران أمام وضع خطير في الساحة الدولية
  • رغم إنها حربكم ربما تفصد السموم التي حقنتم بها الوطن!
  • السعودية تعلن تنفيذ أحكام إعدام جديدة في البلاد
  • د.حماد عبدالله يكتب: "الأثار" بين الحيازة والملكية !!
  • وفيات الخميس .. 26 / 12 / 2024
  • البابا فرنسيس يندد بـ«الوضع الإنساني الخطير» في غزة
  • تقسيم الوطن: حول ضرورة تطوير شعار الثورة ومناهضة الحرب
  • حركة التغيير توجه نداء للقوى السياسية الكوردية بشأن الوضع الراهن
  • إدارة السدود: الوضع المائي في السدود الرئيسة مطمئن وممتاز