"نقيل الجبهة".. نقطة تفتيش حوثية لنهب وابتزاز المسافرين بين أدغال الحدود الإدارية لـ"دمت- قعطبة"
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
حوّلت مليشيا الحوثي الإرهابية، الطريق البديل لخط (دمت- قعطبة)، شمالي الضالع (جنوبي اليمن)، إلى مصدر للجبايات والابتزازات والنهب المنظم للمسافرين الذين يتجرعون العناء في طريق جبلي وعر يسلكه الرجال والنساء والأطفال مشياً على الأقدام، في صورة تعيد إلى الأذهان الحياة البدائية لحقبة النظام الإمامي قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، علاوة على فرضها حصاراً مسلحاً على المزارع الواقعة في ذات المنطقة ومحيطها، واستهداف المزارعين الذين يقصدونها بمختلف الأسلحة، غير مكترثة لأعداد الضحايا الذين تحصدهم نيرانها بصورة مستمرة، ما زالت الأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي يغضون الطرف عنها.
كشفت مصادر خاصة لوكالة خبر، عن تحويل المسؤول الحوثي المدعو "أبو صالح"، على نقطة تفتيش "نقيل الجبهة"، الواقعة على الحدود الرابطة بين مديريتي قعطبة ودمت، شمالي محافظة الضالع، إلى وكر لفرض الجبايات على المسافرين ونهبهم، بعد استفزازهم باستخدام مختلف الطرق والأساليب غير الأخلاقية.
وفي أواخر 2018م، أغلقت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، الخط الرئيس الرابط بين مديريتي دمت وقعطبة، في منطقة مريس، وهو الخط الرئيس الذي يربط (صنعاء، ذمار، الضالع، لحج وعدن) متفرعا من منطقة يريم، وحولته إلى ثكنة عسكرية، واستبدلته في ذات المنطقة بطريق فرعي جبلي لا يستطيع اجتيازه إلا المسافرون مشيا على الأقدام، لتضع المليشيا جميع المسافرين أمام خيار وحيد هو سلك الخط البديل عبر (إب- تعز)، وهذا يضاعف الوقت ومسافة السفر تصل إلى قرابة 17 ساعة.
وبالنسبة لسكان المناطق الواقعة على جانبي هذا الطريق من أبناء دمت، وقعطبة، وأيضاً مديريتي الرضمة والنادرة، شمالاً، وجُبن شرقاً، الذين تربطهم ببعض علاقات اجتماعية واقتصادية، فضلاً عن امتلاك الكثير منهم مزارع "القات" ومحال تجارية تتعارض أماكن تواجدها مع أماكن سكنهم، ما يجبرهم على الانتقال أسبوعياً إليها، يلجأون إلى اجتياز الطريق الجبلي الذي أطلق عليه اسم "نقيل الجبهة" وفيه يستغل مسؤول النقطة الحوثية حاجة المواطنين للانتقال اليومي ليمارس طرق ابتزاز مختلفة.
وأوضح مسافرون لمراسل وكالة خبر في الضالع، أن مسؤول النقطة الحوثية المدعو "أبو صالح" (ينحدر من مخلاف عمار، مديرية النادرة التابعة لمحافظة إب، على الجهة الغربية لمديرية دمت)، يحتجز العديد من المسافرين المتوجهين إلى المناطق المحررة، لعدة ساعات تحت أشعة الشمس، وتحديداً الشبّان، بحجّة التأكد إن كانوا جنوداً لدى القوات الحكومية والمشتركة المناوئة لهم، وطلب ترخيص عبور من قيادة المليشيا في مدينة دمت التي تتخذ منها عاصمة للمحافظة.
ومع أن هؤلاء الشبّان المسافرين يحملون ترخيص عبور، تمنحه قيادات المليشيا في دمت بعد أخذ كامل بياناتهم من هوياتهم الشخصية، ويقصدون في الغالب مناطق في "قعطبة، الضالع، لحج وغيرها" لغرض زيارة عائلاتهم "شقيقات، عمٌات وخالات"، أو اصهارهم.
ويتعمد مركز عمليات قيادات المليشيا في دمت تأخير إرسال بلاغ إلى مسؤول النقطة القيادي "أبو صالح"، وبدوره يقوم الأخير بتفتيش ملابسهم التي يرتدونها ويبعثر كامل أمتعتهم التي يحملونها على الأرض بطريقة استفزازية على اعتبار أن آلية التفتيش تتطلب هكذا إجراء، وركنهم جانبا تحت أشعة الشمس لساعات حتى وصول البلاغ العملياتي، رغم اتصال المسافر بموظف العمليات المناوب وإبلاغه بأنه متواجد في النقطة وبانتظار إبلاغ مسؤولها.
وتعتمد المليشيا هذه الإجراءات، لغرض استفزاز المسافرين، لتتخذ من ردود أفعالهم ذريعة لاعتقالهم أو منعهم من السفر، حتى يدفع المسافر الوحد (100) ريال سعودي لمسؤول النقطة، وأحياناً يقوم سائقو السيارات الذين أصبحوا يمتلكون هذه الشفرة، بدور الوسيط بين المسافر والمسؤول الحوثي، وبعدها يتم السماح لهم بالمرور مباشرة، وهو ما أكده عشرات المسافرين لوكالة خبر.
أما بالنسبة للعاملين في مزارع أو بيع "نبتة القات"، في مناطق الجبارة، وقعطبة، التابعة للحكومة، فيشترط عليهم المسؤول الحوثي "أبو صالح" دفع (100) ريال سعودي بدون قيد أو شرط. ففي الغالب بات يعرف وجوههم، وأحياناً اسماءهم فرداً فرداً حيث يعبرون النقطة -غالباً- كل أسبوعين، ولأنهم بحاجة العمل في تلك المناطق لإعالة أسرهم يوافقون على هذه الجبايات.
إلى ذلك يقوم المسؤول الحوثي، بمصادرة كل ما بحوزة المسافرين من الطبعة الجديدة للعملة المحلية، بمن فيهم النساء اللاتي يطلب منهن إفراغ ما في جيبوبهن للتأكد من عدم وجود أوراق نقدية من الطبعة الجديدة، وتفتيش امتعتهن، بطريقة تتنافى مع العادات والتقاليد اليمنية، مهدداً من يحزن على هذه الطبعة بالاعتقال والسجن، وهو ما يصيب النسوة اللاتي جميعهن ريفيات بالخوف والذعر.
وتقول المصادر، إن المليشيا الحوثية تصادر يومياً، من هؤلاء المسافرين الذين يقدرون بالعشرات، مئات آلاف الريالات، علاوة على الجبايات التي تفرضها بالريال السعودي.
قنص وألغام
ولا تتوقف الانتهاكات الحوثية في هذا الطريق عند هذا الحد، حيث يستهدف قناصة المليشيا الذين يتمركزون في أعلى التلال الجبلية المحيطة بجانبي الطريق، بين الحين والآخر المسافرين الذين يجتازون الطريق مشياً على الأقدام.
ومنذ إغلاق الطريق الرئيس في العام 2018م، رصدت مصادر حقوقية سقوط عشرات الضحايا المدنيين بين قتلى ومصابين، فضلاً عن قيام هذه المليشيا بين الفينة والأخرى بمنع السفر عبر هذا الطريق لأسابيع، كنوع من العقوبات الجماعية التي تتخذها بحق السكان.
ومن ضمن المعاناة التي يتكبدها المسافر عبر هذا الطريق، الاستعانة بالحمير لحمل الأمتعة والحقائب، حيث لا يقل أجر المشوار الواحد عن 5000 ريال من الطبعة القديمة.
بالإضافة إلى كل ذلك، ووفقاً لحديث مزارعين لوكالة خبر، تمنع المليشيا الحوثية المزارعين، لأكثر من خمس سنوات، من الوصول إلى حقولهم الزراعية التي تتمركز على تخومها وعلى مرمى نيرانها، رغم أنها مصدر الدخل الوحيد التي يعتمدون عليها.
وأكدوا، أن المليشيا الحوثية تستهدف كل من يعمل في تلك المزارع برصاص القناصة، والأسلحة الرشاشة، وقذائف المدفعية، فضلاً عن زراعة مئات الألغام الأرضية في محيطها والطرق المؤدية إليها، وحول آبار المياه الواقعة في ذات المنطقة حتى لا يتم الوصول إليها وري المحاصيل، التي تعد مصدر دخلهم الوحيد.
وأشاروا إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بتلك الأسلحة الحوثية، وسط صمت مريب للامم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، هو أقرب إلى التخادم مع الحوثيين من أي شيء آخر.
وفي ظل غياب المشروع الوطني للحكومة اليمنية الشرعية، وتقاعس المنظمات الدولية عن دورها في رصد الجرائم والانتهاكات الحوثية، وممارسة الضغط على الأخيرة لفتح الطرقات الرئيسة تتزايد معاناة المسافرين وسكان المناطق المجاورة بصورة شبه يومية، وهي ذات المعاناة التي يتكبدها اليمنيون في مختلف الطرقات التي أغلقتها المليشيا بمحافظات تعز، الحديدة، مأرب، الجوف، البيضاء وغيرها.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: هذا الطریق أبو صالح
إقرأ أيضاً: