حوّلت مليشيا الحوثي الإرهابية، الطريق البديل لخط (دمت- قعطبة)، شمالي الضالع (جنوبي اليمن)، إلى مصدر للجبايات والابتزازات والنهب المنظم للمسافرين الذين يتجرعون العناء في طريق جبلي وعر يسلكه الرجال والنساء والأطفال مشياً على الأقدام، في صورة تعيد إلى الأذهان الحياة البدائية لحقبة النظام الإمامي قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، علاوة على فرضها حصاراً مسلحاً على المزارع الواقعة في ذات المنطقة ومحيطها، واستهداف المزارعين الذين يقصدونها بمختلف الأسلحة، غير مكترثة لأعداد الضحايا الذين تحصدهم نيرانها بصورة مستمرة، ما زالت الأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي يغضون الطرف عنها.

كشفت مصادر خاصة لوكالة خبر، عن تحويل المسؤول الحوثي المدعو "أبو صالح"، على نقطة تفتيش "نقيل الجبهة"، الواقعة على الحدود الرابطة بين مديريتي قعطبة ودمت، شمالي محافظة الضالع، إلى وكر لفرض الجبايات على المسافرين ونهبهم، بعد استفزازهم باستخدام مختلف الطرق والأساليب غير الأخلاقية.

وفي أواخر 2018م، أغلقت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، الخط الرئيس الرابط بين مديريتي دمت وقعطبة، في منطقة مريس، وهو الخط الرئيس الذي يربط (صنعاء، ذمار، الضالع، لحج وعدن) متفرعا من منطقة يريم، وحولته إلى ثكنة عسكرية، واستبدلته في ذات المنطقة بطريق فرعي جبلي لا يستطيع اجتيازه إلا المسافرون مشيا على الأقدام، لتضع المليشيا جميع المسافرين أمام خيار وحيد هو سلك الخط البديل عبر (إب- تعز)، وهذا يضاعف الوقت ومسافة السفر تصل إلى قرابة 17 ساعة.

وبالنسبة لسكان المناطق الواقعة على جانبي هذا الطريق من أبناء دمت، وقعطبة، وأيضاً مديريتي الرضمة والنادرة، شمالاً، وجُبن شرقاً، الذين تربطهم ببعض علاقات اجتماعية واقتصادية، فضلاً عن امتلاك الكثير منهم مزارع "القات" ومحال تجارية تتعارض أماكن تواجدها مع أماكن سكنهم، ما يجبرهم على الانتقال أسبوعياً إليها، يلجأون إلى اجتياز الطريق الجبلي الذي أطلق عليه اسم "نقيل الجبهة" وفيه يستغل مسؤول النقطة الحوثية حاجة المواطنين للانتقال اليومي ليمارس طرق ابتزاز مختلفة.

وأوضح مسافرون لمراسل وكالة خبر في الضالع، أن مسؤول النقطة الحوثية المدعو "أبو صالح" (ينحدر من مخلاف عمار، مديرية النادرة التابعة لمحافظة إب، على الجهة الغربية لمديرية دمت)، يحتجز العديد من المسافرين المتوجهين إلى المناطق المحررة، لعدة ساعات تحت أشعة الشمس، وتحديداً الشبّان، بحجّة التأكد إن كانوا جنوداً لدى القوات الحكومية والمشتركة المناوئة لهم، وطلب ترخيص عبور من قيادة المليشيا في مدينة دمت التي تتخذ منها عاصمة للمحافظة.

ومع أن هؤلاء الشبّان المسافرين يحملون ترخيص عبور، تمنحه قيادات المليشيا في دمت بعد أخذ كامل بياناتهم من هوياتهم الشخصية، ويقصدون في الغالب مناطق في "قعطبة، الضالع، لحج وغيرها" لغرض زيارة عائلاتهم "شقيقات، عمٌات وخالات"، أو اصهارهم.

ويتعمد مركز عمليات قيادات المليشيا في دمت تأخير إرسال بلاغ إلى مسؤول النقطة القيادي "أبو صالح"، وبدوره يقوم الأخير بتفتيش ملابسهم التي يرتدونها ويبعثر كامل أمتعتهم التي يحملونها على الأرض بطريقة استفزازية على اعتبار أن آلية التفتيش تتطلب هكذا إجراء، وركنهم جانبا تحت أشعة الشمس لساعات حتى وصول البلاغ العملياتي، رغم اتصال المسافر بموظف العمليات المناوب وإبلاغه بأنه متواجد في النقطة وبانتظار إبلاغ مسؤولها.

وتعتمد المليشيا هذه الإجراءات، لغرض استفزاز المسافرين، لتتخذ من ردود أفعالهم ذريعة لاعتقالهم أو منعهم من السفر، حتى يدفع المسافر الوحد (100) ريال سعودي لمسؤول النقطة، وأحياناً يقوم سائقو السيارات الذين أصبحوا يمتلكون هذه الشفرة، بدور الوسيط بين المسافر والمسؤول الحوثي، وبعدها يتم السماح لهم بالمرور مباشرة، وهو ما أكده عشرات المسافرين لوكالة خبر.

أما بالنسبة للعاملين في مزارع أو بيع "نبتة القات"، في مناطق الجبارة، وقعطبة، التابعة للحكومة، فيشترط عليهم المسؤول الحوثي "أبو صالح" دفع (100) ريال سعودي بدون قيد أو شرط. ففي الغالب بات يعرف وجوههم، وأحياناً اسماءهم فرداً فرداً حيث يعبرون النقطة -غالباً- كل أسبوعين، ولأنهم بحاجة العمل في تلك المناطق لإعالة أسرهم يوافقون على هذه الجبايات.

إلى ذلك يقوم المسؤول الحوثي، بمصادرة كل ما بحوزة المسافرين من الطبعة الجديدة للعملة المحلية، بمن فيهم النساء اللاتي يطلب منهن إفراغ ما في جيبوبهن للتأكد من عدم وجود أوراق نقدية من الطبعة الجديدة، وتفتيش امتعتهن، بطريقة تتنافى مع العادات والتقاليد اليمنية، مهدداً من يحزن على هذه الطبعة بالاعتقال والسجن، وهو ما يصيب النسوة اللاتي جميعهن ريفيات بالخوف والذعر.

وتقول المصادر، إن المليشيا الحوثية تصادر يومياً، من هؤلاء المسافرين الذين يقدرون بالعشرات، مئات آلاف الريالات، علاوة على الجبايات التي تفرضها بالريال السعودي.

قنص وألغام

ولا تتوقف الانتهاكات الحوثية في هذا الطريق عند هذا الحد، حيث يستهدف قناصة المليشيا الذين يتمركزون في أعلى التلال الجبلية المحيطة بجانبي الطريق، بين الحين والآخر المسافرين الذين يجتازون الطريق مشياً على الأقدام.

ومنذ إغلاق الطريق الرئيس في العام 2018م، رصدت مصادر حقوقية سقوط عشرات الضحايا المدنيين بين قتلى ومصابين، فضلاً عن قيام هذه المليشيا بين الفينة والأخرى بمنع السفر عبر هذا الطريق لأسابيع، كنوع من العقوبات الجماعية التي تتخذها بحق السكان.

ومن ضمن المعاناة التي يتكبدها المسافر عبر هذا الطريق، الاستعانة بالحمير لحمل الأمتعة والحقائب، حيث لا يقل أجر المشوار الواحد عن 5000 ريال من الطبعة القديمة.

بالإضافة إلى كل ذلك، ووفقاً لحديث مزارعين لوكالة خبر، تمنع المليشيا الحوثية المزارعين، لأكثر من خمس سنوات، من الوصول إلى حقولهم الزراعية التي تتمركز على تخومها وعلى مرمى نيرانها، رغم أنها مصدر الدخل الوحيد التي يعتمدون عليها.

وأكدوا، أن المليشيا الحوثية تستهدف كل من يعمل في تلك المزارع برصاص القناصة، والأسلحة الرشاشة، وقذائف المدفعية، فضلاً عن زراعة مئات الألغام الأرضية في محيطها والطرق المؤدية إليها، وحول آبار المياه الواقعة في ذات المنطقة حتى لا يتم الوصول إليها وري المحاصيل، التي تعد مصدر دخلهم الوحيد.

وأشاروا إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بتلك الأسلحة الحوثية، وسط صمت مريب للامم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، هو أقرب إلى التخادم مع الحوثيين من أي شيء آخر.

وفي ظل غياب المشروع الوطني للحكومة اليمنية الشرعية، وتقاعس المنظمات الدولية عن دورها في رصد الجرائم والانتهاكات الحوثية، وممارسة الضغط على الأخيرة لفتح الطرقات الرئيسة تتزايد معاناة المسافرين وسكان المناطق المجاورة بصورة شبه يومية، وهي ذات المعاناة التي يتكبدها اليمنيون في مختلف الطرقات التي أغلقتها المليشيا بمحافظات تعز، الحديدة، مأرب، الجوف، البيضاء وغيرها.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: هذا الطریق أبو صالح

إقرأ أيضاً:

نجح الجيش في التصدي لمحاولة المليشيا للسيطرة على السلطة

يبدو أن القوات المسلحة هي صمام أمان البلد أكثر مما نعتقد؛ فهي كذلك ليس في مواجهة خطر تمزيق السودان بالحرب وحسب، وإنما أيضا بعد الانتصار في الحرب، وهذا هو التحدي الأكبر.

بعد تحدي الجنجويد والمرتزقة وحربهم على الدولة فإن الخطر التالي مباشرة هو تعدد القوات التي تحمل السلاح. والتهديد لا يكمن بالضرورة في تمرد مشابه لتمرد الدعم السريع، ولكن في الصراعات التي يخلقها وجود هذه القوات.

التحدي أمام مؤسسة القوات المسلحة وأمام الشعب السوداني هو توحيد كل القوات التي تحمل السلاح في معركة الكرامة في جيش قومي مهني واحد.
هذه القضية تكاد تكون هي الأولوية الثانية بعد الانتصار في الحرب إن لم تكن الأول مشترك، أي بنفس الأهمية.

بدمج كل القوات التي تقاتل مع الجيش الآن في جيش واحد وفق رؤية وطنية متوافق عليها ستنتهي الكثير من المشاكل والمخاوف. سيكون لدينا مؤسسة جيش قوية تمثل كل الشعب، وبقدر ما ستكون تجسيدا للوحدة ستكون قوية لفرض هذه الوحدة أمنا واستقرارا في كل التراب السوداني.

ولكن قضية الجيش الواحد الذي يحتكر السلاح لا تنفصل عن باقي قضايا الحكم والدولة، لذلك لا بد من التوافق على رؤية وطنية شاملة بكل ما يعنيه الشمول من حيث المضمون ومن حيث المشاركة.

لقد نجح الجيش في التصدي لمحاولة المليشيا للسيطرة على السلطة كما نجح في منع تدميرها للدولة رغم الأضرار الكبيرة التي وقعت على البلد وعلى الناس. ولكن يجب أن يكون لدينا تعريف واضح محدد للانتصار في هذه الحرب. متى نقول أننا انتصرنا؟
هل عندما نشنق آخر جنجويدي بإمعاء آخر قحاتي؟

أم عندما ننجح في المحافظة على وحدة البلد وسلامة أرضها واستقلالها وسيادتها وضمان حرية شعبها في تقرير مصيره وصناعة مستقبله.

في رأيي أن مقياس الانتصار في الحرب هو إلى أين سيتجه السودان بعد نهاية الحرب؟ هل سيخرج دولة واحدة ذات سيادة بدستور محترم نظام حكم مستقر بجيش واحد بمؤسسات دولة من قضاء وخدمة مدنية مهنية ومحترمة أم سيستمر في نفس الفشل وربما ينحدر للأسوأ؟ هذا هو محدد الانتصار.

لذلك، بقدر ما نحرص على التصدي للحرب التي استهدفت كيان الدولة والتي ما تزال مستمرة و ما يزال الشعب السوداني يبذل دماءه وموارده وزمنه في ذلك، إلا أن امتلاك رؤية واضحة لماهية الانتصار الذي نبحث عنه، ومتى نقول أننا انتصرنا في الحرب هو أمر في غاية الأهمية. لماذا؟

لأن إمتلاك التصور الصحيح للانتصار يجعلك تتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح. إذا حصلت على هذا الانتصار عبر الحرب أو عبر التفاوض، فأنت تعرف ماذا تريد. ولأن تصورنا عن الانتصار لا ينفصل عن تصورنا لما يجب أن يكون عليه مستقبل البلد بعد هذا الانتصار وبموجب هذا الانتصار. بل إن تصورنا للانتصار المطلوب يحدد الطريقة التي نخوض بها حربنا الحالية أيضا.
ورغم كل سوء الحرب إلا أنها ليست أصعب شيء.
– ماذا؟ هل هناك ما هو أصعب الحرب؟
نعم؛ السياسة!

فنحن وصلنا إلى الحرب بسبب الفشل السياسي. وقد تنتصر عسكريا اليوم، ولكنك إذا فشلت سياسيا بعد ذلك فسوف تعود إلى دوامة الحرب مرة أخرى.
وحتى لا نفشل فيما هو أصعب فيجب أن نعرف ماذا نريد ومن الآن.

أقول هذا الكلام وأنا مدرك تماما أنه لم يكن ممكنا وأنه سيكون لغوا بلا أي معنى لولا الدماء التي سالت وتسيل في ميدان معارك الكرامة؛ فلولا هؤلاء الأبطال لما كنا نملك حتى رفاهية الفشل؛ لو انتصر الأعداء لكنا فقدنا كل شيء.

ولكن الأعداء لم ينتصروا، وذلك بفضل التضحيات التي لا ينبغي أن تُنسى، ولكن أيضا لا ينبغي أن تضيع بفشل آخر جديد بسبب غياب الرؤية. هذه مسئولية الجميع.

حليم غباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نجح الجيش في التصدي لمحاولة المليشيا للسيطرة على السلطة
  • تفتيش طائرة ايرانية في مطار بيروت
  • ???? ما فعلته المليشيا بالجزيرة حتى الآن
  • إب.. اشتباكات مسلحة في كتاب تنتهي بفرار مسلح ومقتل أفراد من حملة حوثية
  • بناء على تعليمات المشير خليفة حفتر.. دوريات صحراوية للواء 12 مشاة لتأمين الحدود
  • ما هي الاستثمارات التي سجلت أكبر ارتفاع في 2024؟.. هذا ما حققته الليرة التركية
  • القيادة الوسطى الأمريكية: ضربات دقيقة ضد أهداف حوثية للحد من التهديدات البحرية
  • (العشة) .. أول نقطة حدودية ترسم ملامح الأمن في عام 1331 هـ
  • عاجل وزارة الدفاع الأميركية تعلن عن الأهداف الحساسة للمليشيات الحوثية في صنعاء التي استهدفتها الغارات الجوية اليوم
  • "العشة".. أول نقطة حدودية ترسم ملامح الأمن في عام 1331 هـ