محمد ضيف.. العقل المدبر لهجمات المقاومة الفلسطينية الأكثر جرأة وفتكًا ضد إسرائيل
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
أفاد تقرير نشرته فاينانشال تايمز، أن محمد ضيف، قائد الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية هو العقل المدبر للتوغل والهجمات التي نفذتها المقاومة في إسرائيل.
اخترق مئات من المقاومة الفلسطينية يخترقون السياج الحدودي بين قطاع غزة المحاصر والأراضي الفلسطينية المحتلة، وينتشرون عبر جنوب إسرائيل تحت غطاء آلاف الصواريخ.
في غضون ساعات، سجلت المقاومة ضربة أولى غير مسبوقة ضد إسرائيل بينما قامت أيضًا باحتجاز عشرات الرهائن – الذين قدر عددهم يوم الأحد بحوالي 100 – إلى جيبها الساحلي المزدحم. وفي الوقت نفسه، نشرت قنوات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر مقاتليها وهم يطيرون بالمظلات فوق الحدود وصورًا مروعة لجنود قتلى وإسرائيليين مذعورين.
بالنسبة للقائد محمد ضيف، كان الهجوم هو الأكثر جرأة وفتكًا، حتى الآن.
بعد أن طاردته إسرائيل لعقود من الزمن، وكاد أن يقتل في غارة جوية قبل 20 عامًا، والتي قيل إنها تركته على كرسي متحرك بعد أن فقد ذراعه وساقه، فإن قدرة الضيف على التفوق على الجيش الإسرائيلي أثناء قتل الجنود والمدنيين على حد سواء أكسبته احترام الفلسطينيين.
مع مفاجأة الجيش الإسرائيلي، قفز الضيف بنفسه إلى أعلى المستويات في القيادة الفلسطينية، متفوقاً على منافسيه في فتح، الفصيل الأكثر اعتدالاً الذي يفضله الغرب، ونظرائه في حماس.
قال مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة: "حتى قبل ذلك، كان الضيف بمثابة شخصية مقدسة ويحظى باحترام كبير سواء داخل حماس أو بين الفلسطينيين". وأضاف أن أكبر عملية قام بها ضد إسرائيل ستحوله الآن إلى شخصية "مثل إله الشباب".
إن العامل الأكثر أهمية بالنسبة لحماس هو العدد الهائل من الرهائن الذين تم إعادتهم إلى غزة. وسلمت إسرائيل أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل إطلاق سراح جندي واحد هو جلعاد شاليط بعد خمس سنوات من الأسر لدى حماس في عام 2011.
في المقابلات، وصف محللون إسرائيليون وفلسطينيون، بمن فيهم أشخاص كانوا يعرفون الضيف قبل أن يختفي في ظلال النضال الفلسطيني، بأنه رجل هادئ وشديد الغضب وغير مهتم بالمنافسات الضروس بين الفصائل الفلسطينية. وبدلاً من ذلك، قالوا إنه كان عازماً على تغيير طبيعة الصراع الإسرائيلي العربي.
الضيف، الذي كان صانع قنابل ومهندس برنامج استمر عشر سنوات لحفر شبكة من الأنفاق تحت غزة، ولد محمد دياب إبراهيم المصري في مخيم خان يونس للاجئين خلال الستينيات، وفقا لمسؤول إسرائيلي مطلع على معلومات عنه.
كانت غزة آنذاك تحت السيطرة المصرية، وقال المسؤول الإسرائيلي المطلع على ملفه في جهاز المخابرات إن عمه أو والده شاركا في الغارات المتفرقة التي نفذها فلسطينيون مسلحون في الخمسينيات على نفس قطعة الأرض التي تسلل إليها مقاتلو الضيف يوم السبت.
لا يُعرف عنه سوى القليل حتى أن اسمه غامض. ويقول الأشخاص الذين عرفوه في الثمانينات إنه حتى ذلك الحين كان يحمل اسم ضيف، بينما قال آخرون إنهم عرفوه باسم ولادته.
يقال إن الضيف درس على يد يحيى عياش، صانع القنابل الملقب بـ "المهندس" الذي اغتالته إسرائيل عام 1996 بهاتف محمول مملوء بالمتفجرات.
تدرج الضيف في صفوف كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وقال المسؤول الإسرائيلي إنه شارك في تصنيع أولى الصواريخ البدائية. وتبلغ ترسانة حماس الآن عشرات الآلاف، وقد أطلقوا 3500 صاروخ يوم السبت وحده.
قال المسؤول الإسرائيلي إن الضيف سعى إلى أهداف شديدة التأثير مثل المستوطنين والجنود في الأراضي المحتلة والحافلات في القدس وتل أبيب. كما أشرف على وابل الصواريخ الذي دفع الإسرائيليين إلى الملاجئ على فترات منتظمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: فاينانشال تايمز حماس الفلسطينية والهجمات
إقرأ أيضاً:
كيف تستخدم إسرائيل اللغة العربية في طمس الهوية الفلسطينية؟
اعترفت قوانين الانتداب البريطاني على فلسطين المحتلة، باللغة العربية إلى جانب العبرية والإنجليزية كلغات رسمية منذ عام 1922، وهو ما استمر لدى الاحتلال الإسرائيلي من بعدها لفترة طويلة.
ورغم أن دولة الاحتلال أقرت في تموز/ يوليو 2018 قانون أساس: "إسرائيل – الدولة القومية للشعب اليهودي"، الذي أحدث تغييرات واسعة ومنها اعتبار اللغة العبرية الرسمية والوحيدة، بينما تراجعت العربية من رسمية إلى "لغة بمكانة خاصة".
ولم يأتِ تبني "إسرائيل" للقوانين البريطانية المتعلقة باستخدام اللغة العربية "احتراما" للسكان الفلسطينيين الأصليين المتبقين داخل الأراضي المحتلة عام 1948 جراء أحداث النكبة، إنما على ما يبدو من أجل استكمال مهمة التهجير وطمس آثارها، بحسب ما جاء في دراسة لمركز "أركان للدراسات والأبحاث".
وجاءت قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بالاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية إلى جانب العبرية والإنجليزية لتعمل على ترسيخ استخدام العربية وضرورة وجودها في الحيز العام، وظهر ذلك بشكل واضح عام 2012، عندما جرى إلزام بلدية تل أبيب بوضع أسماء الشوارع والمناطق والمرافق العامة باللغة العربية إلى جانب العبرية والإنجليزية.
وبات قرار المحكمة العليا ملزما لجميع مؤسسات "إسرائيل" الرسمية والبلديات وكل ما يتبع لها، وذلك بنشر اللافتات العامة مثلا باللغات الثلاثة.
ومع حلول عام 2018 وإقرار قانون القومية، لم يعد إلزاميا وضع اللغة العربية في الأماكن العامة على اللافتات، إلا أن "إسرائيل" واصلت وضعها لأهداف أخرى، لعل أهمها هو "عبرنة" الأسماء العربية، من خلال كتابة لفظها واسمها العبري بحروف عربية.
اللفظ العبري
وتغيرت لافتات الشوارع التي تشير إلى الاتجاهات إلى مدينة عكا التاريخية إلى اسم "عكو أو "أكو"، وهو اللفظ والاسم الذي أقرته "إسرائيل" للمدينة بعد احتلالها وتهجير غالبية سكانها عام 1948.
ووضعت على اللافتات اسم "يافو"، مكان اسم يافا، و"لود" مكان اسم مدينة اللد، وذلك بهدف طبع هذه الأسماء في أذهان الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة عام 1948، الذين يمرون يوميًا على العشرات منها، وكذلك أمام السياح الأجانب وكل من يرى هذه اللافتات، بحسب ما ذكرت الدراسة.
وفي القدس، تقوم لجنة التسميات التابعة لبلدية الاحتلال في القدس بوضع الأسماء العبرية والتوراتية للمناطق، مثل "شمعون هتسديك" مكان الشيخ جراح، و"هجفورا" مكان طريق الواد التاريخي، كما أنها حولت اللافتات الإرشادية لمدينة القدس من القدس إلى "أورشليم".
View this post on Instagram A post shared by Kharita ™ | خــــريـــــطة (@mykharita)
ورغم ذلك، فقد بقيت مثلا قرية بذات الاسم رغم محاولات "إسرائيل" تحويل اسمها لإلى "تسيبوري"، وبقي الاسم الفلسطيني الأصلي على اللافتات الإرشادية بدل الاسم واللفظ العبري.
أصل المخطط
منذ أواخر القرن التاسع عشر، شرع "صندوق استكشاف فلسطين" بعملية مسح للأرض، وجمع خلالها أسماء عربية للمواقع، ثم ربطها بأسماء توراتية لتأكيد علاقة اليهود بالأرض، وأكد مسؤولون في هذا الصندوق أنهم "أعادوا البلاد إلى العالم" عبر الخرائط التي ربطت فلسطين بالتوراة، بحسب ما جاء في دراسة لمركز "بيت المقدس للدراسات التوثيقية".
وأوضحت الدراسة أنه قبل قيام "إسرائيل"، اعتُبرت "الهوية اليهودية" لفلسطين من المسلمات في الفكر الصهيوني الرافض لوجود شعب فلسطيني، وسط مزاعم أن العرب هم مهاجرون حديثون من الدول المجاورة.
وأكدت أن "الدعاية الصهيونية وسعت إلى تكريس فلسطين كأرض بلا شعب، وجعلت "إيرتس يسرائيل" (أرض إسرائيل) الاسم البديل لفلسطين.
وبعد النكبة مباشرة، جرى تأسيس "اللجنة الحكومية للأسماء" لتبديل الأسماء العربية إلى أخرى عبرية، ولا تزال فاعلة حتى الآن، وعملت على فرض الأسماء العبرية في المناهج التعليمية، وإجبار المعلمين والتلاميذ العرب على استخدامها.
وعملت اللجنة على إصدار خرائط جديدة باللغة العبرية تشمل تسميات جديدة، واستبعاد التسميات العربية من الخرائط البريطانية القديمة.
وأكدت الدراسة أن تغيير الأسماء يُعدّ جزءاً من استراتيجية "التشريش" (زرع الجذور) لإضفاء شرعية على الوجود الصهيوني، إذ تعمل "إسرائيل" على خلق هوية عبريّة جديدة تستمد شرعيتها من نصوص العهد القديم والتلمود، في تجاهل تام للهوية الفلسطينية.
ويظهر ذلك أيضا في مذكرات رئيس الوزراء التاريخي للاحتلال دافيد بن غوريون، التي قال فيها إنه خلال جولة إلى منطقة سدوم في النقب ثم إلى إيلات جنوبا، صادف أن كل الأسماء للحيز المكاني كانت عربية.
وأضاف بن غوريون: "اتجهت إلى إيلات بتاريخ 11 حزيران/ يونيو 1949 في يوم السبت، مررنا في منطقة العارابا، وصلنا إلى عين حاسوب، ثم إلى عين وهنة، لذا فإن من الضروري إكساب هذه الأماكن أسماء عبرية قديمة، وإذا لم تتوفر أسماء كهذه، فلتعط أسماء جديدة".
المواجهة
وتُبذل في فلسطين جهود متعددة من قِبَل مؤسسات ومبادرات تهدف إلى الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز الهوية الثقافية الفلسطينية، خاصة في مواجهة التحديات التي تفرضها السياسات الإسرائيلية.
وفي 2021، جرى تأسيس جمعية حماية اللغة العربية في فلسطين "ضاد" بمبادرة من أدباء ونقّاد وأكاديميين فلسطينيين، وتهدف إلى أن تكون حلقة وصل بين المؤسسات والهيئات المختلفة، بالإضافة إلى كونها ملتقى للأفراد المهتمين باللغة العربية.
وتسعى الجمعية إلى تعزيز البحث والدراسة في مجال اللغة، وتشجيع النقاد والمجددين على إغناء المكتبة الفلسطينية والعربية، وإيصال الجهود إلى المتلقين والمعنيين بوسائل وآليات فعّالة.
وفي داخل الأراضي المحتلة عام 1948، جرى إطلاق "مبادرة اللغة العربية في يافا" وهي برنامج شاملًا لتعليم اللغة العربية يستهدف الأطفال والشباب في المدينة، ويهدف البرنامج إلى تعزيز الهوية الثقافية والحفاظ على اللغة كجزء من التراث الفلسطيني.
وجرى أيضا إطلاق مبادرة من قبل جمعية الثقافة العربية في مدارس الداخل الفلسطيني بهدف تعزيز استخدام اللغة العربية كلغة هوية في المدارس، خاصةً في ظل مناهج التعليم الإسرائيلية التي لا تتعامل مع العربية على هذا الأساس.
وتسعى المبادرة إلى تعريف الجيل الشاب بالأدب الفلسطيني وباللغة العربية كجزء من هويتهم الثقافية.