مرحلة مختلفة بين الأردن والسعودية
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
مرحلة مختلفة بين الأردن والسعودية
يفرض الجيوبوليتيك نفسه على المصالح المشتركة والتعاون والتكامل بين الدولتين وأن يكون لكل دولة منظور لمصادر التهديد الأمني والأولويات الاستراتيجية الإقليمية.
سؤال العلاقات الأردنية السعودية سبق التطبيع بكثير، منذ بدء الربيع العربي ومع توقّف المساعدات السعودية المالية المباشرة للأردن وبدء فكرة "المنحة الخليجية".
تستدعي الهواجس الأردنية قضايا على أكثر من صعيد: يتعلّق المستوى الأول بمستقبل قضية فلسطين بعد التطبيع السعودي، الذي يمثل الجائزة الكبرى لحكام إسرائيل.
تبدّت الرؤية السعودية إلى الأولويات الاستراتيجية ومصادر التهديد متباينة عن منظور الأردن وبرزت فجوة في القراءات ملموسة بين الطرفين، ثم جاءت قضية "الفتنة".
معادلة مهمّة يفترض أن تضع كل ملفٍ بموقعه من خريطة العلاقات بين الدولتين والاعتراف المتبادل بضرورة إعادة تعريف العلاقات المتبادلة في ضوء المتغيّرات الدولية والإقليمية.
تتحدث أوساط أردنية وفلسطينية عن أوسلو 2 في ظل وضع السلطة الفلسطينية الكارثي وغياب الدعم الدولي والإقليمي والتراجع الاستراتيجي لمركزية قضية فلسطين على الأجندة العربية الرسمية.
* * *
تثير المفاوضات السعودية الإسرائيلية والأميركية تساؤلات جدّية وعميقة في عمّان، في أوساط النخبة السياسية الأردنية، وقد بدأت أوساط أردنية وفلسطينية تتحدّث عمّا يسمى أوسلو 2، في ظل الوضع السلطة الفلسطينية الكارثي وغياب الدعم الدولي والإقليمي، والتراجع الاستراتيجي في مركزية قضية فلسطين على الأجندة السياسية العربية.
وتستدعي النقاشات، بل الهواجس، الأردنية، قضايا عديدة على أكثر من صعيد:
المستوى الأول يتعلّق بمستقبل قضية فلسطين بعد التطبيع السعودي، الذي يمثل الجائزة الكبرى بالنسبة لحكام إسرائيل، إذ من المتوقّع أن تتلوها مباشرهً في التوقيع دول إسلامية كبيرة ومهمة، وبالتالي يمثّل ذلك مرحلة متقدّمة جداً في القضاء على حلم إقامة دولة فلسطينية، ووضع الفلسطينيين في مأزق أكبر.
المستوى الثاني يتمثل بالهواجس الأردنية التقليدية مع نهاية حلم الدولة الفلسطينية وصعود اليمين الإسرائيلي الصهيوني واستقراره، ما أعاد الحديث عن "الوطن البديل"، أو "النظام البديل" في أوساط يمينية إسرائيلية وأميركية. ووصلت هواجس بسياسيين أردنيين إلى عدم استبعاد الترانسفير لفلسطينيين على المدى المتوسط أو البعيد إلى الأردن.
ويتعلق المستوى الثالث بالدور الإقليمي الأردني الذي قام دوماً على حضور فاعل للقضية الفلسطينية في السياسات الدولية من جهة، وعلاقة خاصة مع الولايات المتحدة من جهةٍ أخرى.
لكن سؤال العلاقات الأردنية السعودية لم يبدأ من موضوع التطبيع الحالي، وما قد يؤدّي إليه من تحوّلات إقليمية كبيرة، بل سبق ذلك بكثير، بخاصة منذ بدايات الربيع العربي، ومع توقّف المساعدات السعودية المالية المباشرة للأردن، والبدء بفكرة "المنحة الخليجية".
ثم تعزّزت التحوّلات مع حكم الملك سلمان والعهد الجديد ومهندسه وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، إذ من الواضح أنّ إدارة الحكم السعودي العلاقات الخارجية ورؤيته لدور السعودية العالمي والإقليمي، وقضايا المنطقة قد تغيرت بالكلية عن المرحلة السابقة، وهو الأمر الذي أخذ منحىً أكبر أيضاً خلال مرحلة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وإعلانه نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ولاحقاً صفقة القرن، والتعامل مع ملفّات اليمن وغيرها.
وتبدّت الرؤية السعودية إلى الأولويات ومصادر التهديد متباينة عن المنظور الأردني، وبرزت فجوة في القراءات ملموسة بين الطرفين، ثم جاءت ما سمّيت قضية "الفتنة" (موضوع الأمير حمزة)، وكان أحد المحكومين فيها (رئيس الديوان الملكي الأردني السابق، باسم عوض الله) مقرّباً من دوائر القرار في السعودية.
هذه التطورات والتحولات واقعية ومنطقية في ظلّ انهيار النظام الإقليمي السابق، وإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية في المنطقة وتدويرها، والتوجّهات السعودية الجديدة داخلياً وخارجياً، لكنها تتطلب نقاشاً ذا طابع مؤسّسي واستراتيجي بين الدولتين، لترسيم المصالح الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية المشتركة وتعريفها، وهي كبيرة وعديدة، وتحجيم القضايا التي تدخل في منطقة تباين الرؤية بين الطرفين.
لم تعد الطريقة التقليدية في إدارة الأمور التي تقوم عادةً على تغطيةٍ على الخلافات من دون تظهيرها ومواجهتها، قادرة اليوم على التعامل مع هذا الواقع الجديد، فمن الضروري اليوم بناء أجندة مشتركة لكيفيّة تعزيز المصالح المشتركة ومفاهيم الأمن الإقليمي المتبادلة.
ما يتطلب أيضاً البحث عن أسباب عدم فعالية الصندوق السعودي - الأردني للاستثمار الذي تمّ تأسيسه وقوننته بين البلدين قبل ستة أعوام، فهو مجال واسع لتبادل المصالح وتعزيز الدور الاستثماري السعودي في الأردن، وهنالك مساحة واسعة لبناء تفاهمات مهمة في ما يتعلق بتعزيز دور الطاقات الأردنية الإنسانية في المشروعات الاقتصادية السعودية الكبيرة الجديدة، ما يستدعي تعزيز مساهمة رجال الأعمال والصناعيين والتجّار الأردنيين في النقاشات التي تجري بين البلدين.
يفرض الجيوبوليتيك نفسه على المصالح المشتركة وعلى التعاون والتكامل بين الدولتين. ومن الطبيعي أن يكون هنالك منظور لكل دولة لمصادر التهديد الأمني والأولويات الاستراتيجية الإقليمية.
وهي المعادلة المهمّة المفترض أن تضع كل ملفٍ من هذه الملفات في موقعه المناسب من خريطة العلاقات بين الدولتين، والاعتراف المتبادل بأنّ هنالك ضرورة اليوم لإعادة تعريف العلاقات المتبادلة في ضوء المتغيّرات الدولية والإقليمية.
*د. محمد أبورمان باحث في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي، وزير أردني سابق.
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية الأردن الأولويات الاستراتيجية بن سلمان الربيع العربي قضية فلسطين اليمين الإسرائيلي بین الدولتین قضیة فلسطین
إقرأ أيضاً:
الفلكية الأردنية: رؤية هلال شوال يوم 29 رمضان غي ممكنة
#سواليف
أكدت الجمعية الفلكية الأردنية أن رؤية هلال شهر شوال لعام 1446 هـ بعد غروب شمس يوم السبت 29 آذار الحالي “غير ممكنة بالعين المجردة أو باستخدام الأجهزة البصرية مثل التلسكوبات والنواظير” سواء في الأردن أو في المنطقة المحيطة وكامل العالم الإسلامي، استنادًا إلى الحسابات الفلكية الدقيقة والمعايير العلمية المتبعة في هذا المجال.
وقال رئيس الجمعية الفلكية الأردنية، عمار السكجي إن الحسابات الفلكية تشير إلى أن الاقتران (المحاق) سيحدث عند الساعة 1:58 من بعد ظهر يوم السبت 29 آذار.
وأوضح أن ارتفاع الهلال فوق الأفق سيكون لحظة غروب الشمس 1.4 درجة فقط، واستطالته عن الشمس 2.2 درجة، مع مكث قدره 10 دقائق فقط وعمر لا يتجاوز 4 ساعات و56 دقيقة، ودرجة إضاءته 0.1%، وهي معطيات تجعل رؤية الهلال غير ممكنة علميًا، سواء بالعين المجردة أو باستخدام الأدوات الفلكية.
مقالات ذات صلةوأشار السكجي إلى أن تحديد بداية الشهور الهجرية هو من اختصاص سماحة مفتي عام المملكة الأردنية الهاشمية ومجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية، باعتبارهم المرجعية الرسمية للإعلان عن بدايات الأشهر الهجرية في المملكة الأردنية الهاشمية، مؤكدًا أن دور الجمعية الفلكية الأردنية يقتصر على تقديم البيانات والمعطيات الفلكية العلمية المتعلقة برصد الأهلة.
وأوضح السكجي أن المعطيات الفلكية الخاصة بهلال شوال تستند إلى ثلاثة جوانب رئيسية، أولها الحسابات الفلكية النظرية التي تؤكد أن القيم المسجلة تجعل رؤية الهلال غير ممكنة وفق الأسس العلمية الدقيقة.
أما الجانب الثاني فهو التحليل الإحصائي والاحتمالي المستند إلى معايير تجريبية، حيث أظهرت قواعد البيانات الفلكية المعتمدة، بما فيها أكثر من 3000 رصد موثق في المشروع الإسلامي لرصد الأهلّة، أن الظروف الفلكية المرتبطة بهلال شوال لا تحقق أيا من شروط إمكانية الرؤية.
وبحسب معيار عودة، الذي يعتمد على قاعدة بيانات تشمل 737 رصدًا موثقًا، فقد أثبتت مئات الأرصاد العالمية اللاحقة أن رؤية الهلال غير ممكنة بعد غروب شمس يوم السبت، لا في الأردن ولا في أي من الدول المحيطة أو حتى في العالم الإسلامي عمومًا، سواء بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوبات.
أما الجانب الثالث فهو التجربة الرصدية؛ إذ تعتمد المعايير الفلكية على تقديم أدلة موثقة لأي ادعاء برؤية الهلال، تشمل التصوير الفلكي والوصف الدقيق للأجهزة المستخدمة، مع توضيح إحداثيات موقع الراصد، والظروف الجوية، والمعايير الفلكية المعتمدة.
وأكد السكجي أن أي ادعاء برؤية الهلال مساء السبت 29 آذار يجب أن يكون مدعومًا بأدلة علمية موثوقة؛ لضمان الموثوقية والدقة العلمية في هذا المجال.