الابتزاز العاطفي.. حيل نفسية للكسب والتسول
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
يعد الابتزاز العاطفي أحد الحيل النفسية التي يستخدمها البعض لتحقيق أهدافه مستغلا نقاط ضعف معينة في نفسية الآخر، ويأتي الابتزاز عادة من أشخاص مقربين، وقد لا يتم الانتباه لذلك السلوك وبالتالي تستمر الاستجابة له حتى يصبح مع الوقت حقا مكتسبا للشخص المبتز يستخدمه ليتحكم في سلوكيات الآخرين ومشاعرهم.
يوضح الدكتور حمد بن ناصر السناوي رئيس قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس أبعاد هذا الموضوع، فيقول: يمكن تعريف الابتزاز العاطفي بأنه نوع من التلاعب النفسي يقوم خلاله المبتز بالسيطرة على سلوك من حوله عن طريق استغلال المشاعر للحصول على ما يريد وعادة ما يحدث الابتزاز بين شخصين تربطهما علاقة قوية مثل الأبوين والأبناء أو الزوج والزوجة أو الإخوة أو الأصدقاء، كأن يقول أحدهم: «إذا لم تقدم لي كذا، فأنت المسؤول إذا حدث لي انهيار عصبي» مثلا، أو يقول الابن لوالده: «إذا لم تشتر لي أيباد جديد ستكون السبب إذا رسبت في الامتحان.
ويوضح الدكتور حمد أن «الابتزاز العاطفي يحدث أحيانا بين أشخاص لا تربطهم علاقة ومثال ذلك المتسولون الذين يحضرون إلى المساجد مع أطفالهم أحيانا أو بالعكاز ليقوموا بطلب المال من الآخرين مستغلين التعاطف مع أطفالهم أو عند روايتهم للظروف الصعبة التي مروا بها، هنا قد يشعر المتصدق بأن إعطاء المال يشجع الآخرين على الاستمرار في التسول لكنه يشعر بالذنب خاصة وهو يرى المتسول وأطفاله في حالة صعبة.
أشكال الابتزاز
يضيف السناوي: إن أشكال الابتزاز العاطفي تتنوع، فهناك الابتزاز باستخدام العقاب حين يعبر المبتز عما يريده بالتحديد ويظهر الغضب والعدوانية أحيانا، أما الابتزاز باستخدام عقاب الذات فيقوم المبتز بتحويل تهديده إلى أشياء سيفعلها بنفسه لو لم يتم تحقيق رغباته مثل الإضراب عن الطعام أو رفض تناول الدواء وقد يصل الأمر أن يهدد المبتز بالانتحار إذا لم تحقق طلباته.
ومنها الابتزاز بإظهار المعاناة، حيث يقوم المُبتز بإلقاء اللوم على الآخرين وإشعارهم بالذنب لأنه يُعاني، حتى وإن لم يكن للآخرين دخل في هذا، عادة لا يصرّح المُبتز خلال هذه الطريقة عما يريد، بل يجعل الآخرين يستنبطونه، ويزرعون داخلهم الشعور بأنهم مسؤولون عن تحقيق هذا الشيء وتنفيذه، لكي يتخلصوا من اللوم والشعور بالذنب.
وسائل الابتزاز
وحول ما إذا كانت بعض التصرفات مثل السخرية والاستهزاء وزرع الشعور بالنقص والصمت تعد نوعا من أنواع الابتزاز، أجاب الدكتور: نعم، تعتبر هذه التصرفات وسائل ابتزاز تهدف للتحكم في قرارات الآخرين وسلوكياتهم بشكل عام وقد تكون لها آثار نفسية تبقى لدى الشخص لفترة طويلة، وتؤثر على ثقته بنفسه وعلاقاته مع الآخرين فيصبح على استعداد للتنازل عن أولوياته لإرضاء الآخرين حتى وإن كانت تلك العلاقة مؤقته وقد لا تمثل له شيئا مهما، كما أن السخرية وزعزعة الثقة بالنفس من السلوكيات الخطيرة التي تؤثر سلبا على شخصية الطفل أو المراهق بشكل خاص وتجعله عرضة للتلاعب من قبل الآخرين، وربما الانتماء إلى جماعات ذات فكر خطير فقط لأنهم يشعرونه بالأهمية والانتماء بينما يتحكمون في تصرفاته ويتلاعبون به كيفما شاءوا، كما أن بعض السلوكيات الشاذة مثل السرقة وإدمان الكحول والمخدرات عادة ما تجد بيئة خصبة لدى الأشخاص الذين يسهل التلاعب بهم وإيهامهم بأن تلك المواد ستمنحهم السعادة والراحة النفسية بينما هي بداية الطريق نحو الدمار.
دور الضحية
وحول ما إذا كانت هناك علامات أخرى يمارسها الشخص المبتز، والتي لا ينتبه لها الناس غالبا، أفاد الدكتور بأنه عادة ما يلعب المبتز دور الضحية عند تعامله مع الآخرين ويستمر بتذكيرهم بأفضاله عليهم حتى ولو كانت من ضمن واجباته، كأن يذكر الصديق صديقه أنه وقف معه خلال محنته، أو تذكر الزوجة زوجها أنها ساعدته ماديا في بداية حياتهما الزوجية أو اعتنت به عندما كان مريضا مثلا، هنا يقوم المبتز بفتح الملفات القديمة وإعادة الحديث عنها ليستمر في تذكير الطرف الآخر بالتضحيات التي قدمها، مضيفا: أحيانا يقوم المبتز باستعجالك لاتخاذ قرار ما دون أن يمنحك الوقت لتفكر بقرارك، وهو ما يفعله بعض المروجين عندما يقول: إن هذا التخفيض في الأسعار ينتهي خلال فترة قصير فتجد نفسك تسارع في شراء السلعة، فاستراتيجيتهم الأولى تقوم على ألا يدع لك وقتا للتفكير، فما قاله سينفذ الآن وإلا ضاعت الفرصة.
الدوافع
وعن الدوافع النفسية التي تجعل الشخص يمارس الابتزاز، بين الدكتور أنه عادة ما يكون الابتزاز سلوكا مكتسبا، بمعنى أن الشخص يتعلم الابتزاز العاطفي من والديه أو أقرانه في مرحلة الطفولة وقد يتعرض هو نفسه للابتزاز ويعتبره طريقة سريعة وفعالة للحصول على ما يريد، وأحيانا الاستسلام لضغط المبتز وإلحاحه يجعل الطرف الآخر يستجيب ليريح نفسه من الإلحاح والمشاعر النفسية السلبية التي يسببها ذلك، كما يكون الابتزاز من سمات بعض الشخصيات غير السوية مثل الشخصية النرجسية والشخصية الحدية حيث يرى المصاب بهذه الاضطرابات الشخصية أن احتياجاته قبل احتياجات الجميع ويحاول أن يسخر من حوله لتحقيق رغباته مهما كانت الوسيلة وهو بذلك لا يرى حرجا ولا عيبا في ابتزاز الآخرين عاطفيا للحصول على غاياته.
ابتزاز الوالدين
وقال الدكتور حمد السناوي: إن الابتزاز العاطفي يشمل عادة ما يقوم به بعض الآباء والأمهات من سلوكيات لتوجيه الأبناء نحو سلوك معين كأن تقوم الأم مثلا بادعاء المرض إذا اختار أحد الأبناء الزواج من فتاة أحلامه دون اقتناع من الأم بتلك الفتاة، أو أن يختار تخصصا دراسيا غير الذي يريده الوالدان فيصبح ادعاء المرض وسيلة الأم في تحقيق أهدافها، وإذا رضخ الابن واستسلم تستنتج الأم أن طريقتها ناجحة فتقوم بتكرار السلوك إذا ما تعرضت للرفض من قبل أحد الأبناء، أو الزوج.
التعامل
وعن كيفية التعامل مع المبتز قال السناوي: قد يتجنب البعض التعامل مع المبتز خوفا من المواجهة وتحمل الضغط النفسي، لكن التعامل مع الابتزاز يوفر لك الوقوع في فخ التنازلات والخضوع للآخرين، أول خطوات التعامل تتضمن التعرف على سلوك المبتز ورسم الحدود في تعاملك مع الآخرين، وتعلم قول لا عندما يتطلب الأمر ذلك، وتذكر أيضا عدم التسرع في إعطاء جواب عندما يطلب منك الآخرون ما قد يعتبر ابتزازا عاطفيا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: عادة ما
إقرأ أيضاً:
التصريح بدفن طالب أنهى حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في العمرانية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
صرحت النيابة العامة بجنوب الجيزة اليوم، بدفن جثة طالب في منتصف عقده الثاني أنهي حياته شنقا لمروره بأزمة نفسية داخل مسكنه بدائرة قسم شرطة العمرانية، وطلبت النيابة تحريات المباحث التكميلية حول الواقعة واستدعاء أسرة المتوفي لسماع اقوالهم في الواقعة.
تلقت غرفة عمليات النجدة بمديرية أمن الجيزة بلاغا بالعثور علي جثة طالب مشنوق داخل مسكنه بدائرة قسم شرطة العمرانية، وعلى الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلي محل البلاغ بالفحص تبين العثور علي جثة طالب في منتصف عقده الثاني مشنوق ومدلي بحبل مربوط نهايته بجنش المروحة
بعمل التحريات تبين أن المتوفي أقدم علي إنهاء حياته لمروره بأزمة نفسية ولم تتهم أسرته أحد بالتسبب في ذلك ونفت وجود شبهة جنائية في الواقعة وتم نقل الجثة إلي ثلاجة المستشفى تحت تصرف النيابة العامة.
تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات.