لجريدة عمان:
2025-02-05@08:36:10 GMT

الابتزاز العاطفي.. حيل نفسية للكسب والتسول

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

الابتزاز العاطفي.. حيل نفسية للكسب والتسول

يعد الابتزاز العاطفي أحد الحيل النفسية التي يستخدمها البعض لتحقيق أهدافه مستغلا نقاط ضعف معينة في نفسية الآخر، ويأتي الابتزاز عادة من أشخاص مقربين، وقد لا يتم الانتباه لذلك السلوك وبالتالي تستمر الاستجابة له حتى يصبح مع الوقت حقا مكتسبا للشخص المبتز يستخدمه ليتحكم في سلوكيات الآخرين ومشاعرهم.

يوضح الدكتور حمد بن ناصر السناوي رئيس قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس أبعاد هذا الموضوع، فيقول: يمكن تعريف الابتزاز العاطفي بأنه نوع من التلاعب النفسي يقوم خلاله المبتز بالسيطرة على سلوك من حوله عن طريق استغلال المشاعر للحصول على ما يريد وعادة ما يحدث الابتزاز بين شخصين تربطهما علاقة قوية مثل الأبوين والأبناء أو الزوج والزوجة أو الإخوة أو الأصدقاء، كأن يقول أحدهم: «إذا لم تقدم لي كذا، فأنت المسؤول إذا حدث لي انهيار عصبي» مثلا، أو يقول الابن لوالده: «إذا لم تشتر لي أيباد جديد ستكون السبب إذا رسبت في الامتحان.

» وهكذا يكون الهدف إشعار الطرف الآخر بالمسؤولية والذنب ليرضخ لطلبات الشخص المبتز.

ويوضح الدكتور حمد أن «الابتزاز العاطفي يحدث أحيانا بين أشخاص لا تربطهم علاقة ومثال ذلك المتسولون الذين يحضرون إلى المساجد مع أطفالهم أحيانا أو بالعكاز ليقوموا بطلب المال من الآخرين مستغلين التعاطف مع أطفالهم أو عند روايتهم للظروف الصعبة التي مروا بها، هنا قد يشعر المتصدق بأن إعطاء المال يشجع الآخرين على الاستمرار في التسول لكنه يشعر بالذنب خاصة وهو يرى المتسول وأطفاله في حالة صعبة.

أشكال الابتزاز

يضيف السناوي: إن أشكال الابتزاز العاطفي تتنوع، فهناك الابتزاز باستخدام العقاب حين يعبر المبتز عما يريده بالتحديد ويظهر الغضب والعدوانية أحيانا، أما الابتزاز باستخدام عقاب الذات فيقوم المبتز بتحويل تهديده إلى أشياء سيفعلها بنفسه لو لم يتم تحقيق رغباته مثل الإضراب عن الطعام أو رفض تناول الدواء وقد يصل الأمر أن يهدد المبتز بالانتحار إذا لم تحقق طلباته.

ومنها الابتزاز بإظهار المعاناة، حيث يقوم المُبتز بإلقاء اللوم على الآخرين وإشعارهم بالذنب لأنه يُعاني، حتى وإن لم يكن للآخرين دخل في هذا، عادة لا يصرّح المُبتز خلال هذه الطريقة عما يريد، بل يجعل الآخرين يستنبطونه، ويزرعون داخلهم الشعور بأنهم مسؤولون عن تحقيق هذا الشيء وتنفيذه، لكي يتخلصوا من اللوم والشعور بالذنب.

وسائل الابتزاز

وحول ما إذا كانت بعض التصرفات مثل السخرية والاستهزاء وزرع الشعور بالنقص والصمت تعد نوعا من أنواع الابتزاز، أجاب الدكتور: نعم، تعتبر هذه التصرفات وسائل ابتزاز تهدف للتحكم في قرارات الآخرين وسلوكياتهم بشكل عام وقد تكون لها آثار نفسية تبقى لدى الشخص لفترة طويلة، وتؤثر على ثقته بنفسه وعلاقاته مع الآخرين فيصبح على استعداد للتنازل عن أولوياته لإرضاء الآخرين حتى وإن كانت تلك العلاقة مؤقته وقد لا تمثل له شيئا مهما، كما أن السخرية وزعزعة الثقة بالنفس من السلوكيات الخطيرة التي تؤثر سلبا على شخصية الطفل أو المراهق بشكل خاص وتجعله عرضة للتلاعب من قبل الآخرين، وربما الانتماء إلى جماعات ذات فكر خطير فقط لأنهم يشعرونه بالأهمية والانتماء بينما يتحكمون في تصرفاته ويتلاعبون به كيفما شاءوا، كما أن بعض السلوكيات الشاذة مثل السرقة وإدمان الكحول والمخدرات عادة ما تجد بيئة خصبة لدى الأشخاص الذين يسهل التلاعب بهم وإيهامهم بأن تلك المواد ستمنحهم السعادة والراحة النفسية بينما هي بداية الطريق نحو الدمار.

دور الضحية

وحول ما إذا كانت هناك علامات أخرى يمارسها الشخص المبتز، والتي لا ينتبه لها الناس غالبا، أفاد الدكتور بأنه عادة ما يلعب المبتز دور الضحية عند تعامله مع الآخرين ويستمر بتذكيرهم بأفضاله عليهم حتى ولو كانت من ضمن واجباته، كأن يذكر الصديق صديقه أنه وقف معه خلال محنته، أو تذكر الزوجة زوجها أنها ساعدته ماديا في بداية حياتهما الزوجية أو اعتنت به عندما كان مريضا مثلا، هنا يقوم المبتز بفتح الملفات القديمة وإعادة الحديث عنها ليستمر في تذكير الطرف الآخر بالتضحيات التي قدمها، مضيفا: أحيانا يقوم المبتز باستعجالك لاتخاذ قرار ما دون أن يمنحك الوقت لتفكر بقرارك، وهو ما يفعله بعض المروجين عندما يقول: إن هذا التخفيض في الأسعار ينتهي خلال فترة قصير فتجد نفسك تسارع في شراء السلعة، فاستراتيجيتهم الأولى تقوم على ألا يدع لك وقتا للتفكير، فما قاله سينفذ الآن وإلا ضاعت الفرصة.

الدوافع

وعن الدوافع النفسية التي تجعل الشخص يمارس الابتزاز، بين الدكتور أنه عادة ما يكون الابتزاز سلوكا مكتسبا، بمعنى أن الشخص يتعلم الابتزاز العاطفي من والديه أو أقرانه في مرحلة الطفولة وقد يتعرض هو نفسه للابتزاز ويعتبره طريقة سريعة وفعالة للحصول على ما يريد، وأحيانا الاستسلام لضغط المبتز وإلحاحه يجعل الطرف الآخر يستجيب ليريح نفسه من الإلحاح والمشاعر النفسية السلبية التي يسببها ذلك، كما يكون الابتزاز من سمات بعض الشخصيات غير السوية مثل الشخصية النرجسية والشخصية الحدية حيث يرى المصاب بهذه الاضطرابات الشخصية أن احتياجاته قبل احتياجات الجميع ويحاول أن يسخر من حوله لتحقيق رغباته مهما كانت الوسيلة وهو بذلك لا يرى حرجا ولا عيبا في ابتزاز الآخرين عاطفيا للحصول على غاياته.

ابتزاز الوالدين

وقال الدكتور حمد السناوي: إن الابتزاز العاطفي يشمل عادة ما يقوم به بعض الآباء والأمهات من سلوكيات لتوجيه الأبناء نحو سلوك معين كأن تقوم الأم مثلا بادعاء المرض إذا اختار أحد الأبناء الزواج من فتاة أحلامه دون اقتناع من الأم بتلك الفتاة، أو أن يختار تخصصا دراسيا غير الذي يريده الوالدان فيصبح ادعاء المرض وسيلة الأم في تحقيق أهدافها، وإذا رضخ الابن واستسلم تستنتج الأم أن طريقتها ناجحة فتقوم بتكرار السلوك إذا ما تعرضت للرفض من قبل أحد الأبناء، أو الزوج.

التعامل

وعن كيفية التعامل مع المبتز قال السناوي: قد يتجنب البعض التعامل مع المبتز خوفا من المواجهة وتحمل الضغط النفسي، لكن التعامل مع الابتزاز يوفر لك الوقوع في فخ التنازلات والخضوع للآخرين، أول خطوات التعامل تتضمن التعرف على سلوك المبتز ورسم الحدود في تعاملك مع الآخرين، وتعلم قول لا عندما يتطلب الأمر ذلك، وتذكر أيضا عدم التسرع في إعطاء جواب عندما يطلب منك الآخرون ما قد يعتبر ابتزازا عاطفيا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عادة ما

إقرأ أيضاً:

الجرائم المتكررة.. ظاهرة نفسية واجتماعية أم تضخيم إعلامي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في السنوات الأخيرة، أصبحت بعض الحوادث الفردية قادرة على تغيير مسار النقاشات الاجتماعية وإشعال الجدل العام حول قضايا حساسة، لكن هل يعود ذلك إلى تأثير نفسي واجتماعي يدفع البعض إلى تقليد الجريمة الأصلية؟ أم أن زيادة التغطية الإعلامية تُبرز وقائع متكررة كانت تحدث بالفعل ولكن لم تحظَ سابقًا بالاهتمام نفسه؟ أم أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا في انتشار هذه الظاهرة؟.

في هذا التقرير، تستعرض "البوابة نيوز" بعض الحوادث المتلاحقة التي أثارت الجدل في مصر، ونناقش ما إذا كان هناك ارتباط بين الواقعة الأولى وما تبعها من جرائم مشابهة، أم أن وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي تُسهم في تسليط الضوء عليها بشكل يجعلها تبدو وكأنها موجة جديدة من الجرائم.

حوادث الانتقام العاطفي: هل محاكاة للجريمة الأصلية؟

هزت جريمة مقتل الطالبة نيرة أشرف على يد زميلها أمام جامعتها الرأي العام المصري، ليس فقط بسبب بشاعتها، ولكن أيضًا لأنها وقعت في وضح النهار وأمام المارة. لم تمضِ سوى أيام حتى شهدنا حوادث مشابهة داخل مصر وخارجها، مثل مقتل الطالبة سلمى بهجت في أكاديمية الشروق بطريقة مماثلة، وواقعة أخرى في بورسعيد حيث قُتلت فتاة على يد خطيبها السابق. وفي الأردن، قُتلت الطالبة إيمان أرشيد بإطلاق خمس رصاصات عليها داخل الحرم الجامعي، مما أثار ضجة كبيرة.

تتشابه هذه الجرائم في دافعها، وهو "الانتقام العاطفي"، وفي وحشية التنفيذ، ما دفع البعض للتساؤل: هل تُعَدّ هذه الجرائم انعكاسًا لتقليد الجريمة الأصلية نتيجة انتشار تفاصيلها على نطاق واسع؟ أم أنها مؤشر على أزمة أعمق في المجتمع تتعلق بالعنف ضد المرأة وبالتنشئة الاجتماعية؟

العنف المدرسي: من شجار فتيات التجمع إلى الطعن داخل المدارس

شهدت المدارس المصرية خلال الفترة الأخيرة سلسلة من الحوادث التي أثارت الذعر بين أولياء الأمور، وهو ما ظهر جليًا في تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي. البداية كانت مع حادثة اعتداء طالبة ثانوية عامة في مدرسة دولية بالتجمع الخامس على زميلة في المرحلة الابتدائية، ما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة استدعت نقلها إلى المستشفى.

سرعان ما تكررت الحوادث في محافظات أخرى، أبرزها في الإسكندرية، حيث أقدم طالب في الصف الثاني الثانوي على طعن ثلاثة من زملائه بسلاح أبيض انتقامًا منهم لمنعه من مضايقة إحدى الفتيات، وفي محافظة قنا، اقتحمت ولية أمر فناء مدرسة وطعنت زميل ابنها بسبب شجار وقع بينهما.

هذه الوقائع المتكررة تثير تساؤلات حول دور الإعلام في تضخيمها، وحول ما إذا كانت بالفعل جرائم متزايدة أم أن تركيز الضوء عليها هو الذي يجعلها تبدو وكأنها ظاهرة جديدة تهدد أمن المدارس.

دور الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في تكريس الرعب المجتمعي

يقول الدكتور فتحي قناوي، أستاذ كشف الجريمة بالمركز القومي للبحوث الجنائية، لـ"البوابة نيوز"، إن المشكلة لا تكمن في ارتفاع معدل الجريمة بقدر ما تتعلق بأسلوب تناولها إعلاميًا. 

ويضيف: "نسبة الجريمة طبيعية، لكن التركيز الإعلامي المكثف عليها يصنع حالة من الذعر المجتمعي، ويُظهر المؤسسات الأمنية وكأنها عاجزة، وهو انطباع غير دقيق".

ويحذر قناوي من أن نشر تفاصيل دقيقة عن الجرائم قد يُلهم ضعاف النفوس لتكرارها، موضحًا: "عندما يتم تداول وقائع الجرائم بأسلوب درامي تفصيلي، فإن ذلك قد يُعطي أفكارًا شيطانية للبعض لتنفيذها بنفس الطريقة".

الدراما وتأثيرها على تصاعد العنف

إلى جانب الإعلام التقليدي، يرى خبراء أن الدراما والأعمال الفنية تساهم أيضًا في تعزيز ثقافة العنف، خاصة تلك التي ركّزت خلال العقود الأخيرة على مشاهد الجريمة والانتقام والأسلحة البيضاء.

ويشير قناوي إلى أن "الأفلام التي انتشرت في بداية الألفينات، والتي كانت مليئة بمشاهد الدماء والعنف المفرط، جعلت البعض، خصوصًا من المراهقين، يعتادون هذه المشاهد ويدمجونها في تصوراتهم عن التعامل مع المشاكل".

وتابع، أنه في ظل تزايد تأثير الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، قد يكون من الضروري إعادة النظر في كيفية تناول الجرائم، بحيث يتم التركيز على التحليل والتوعية بدلًا من تقديم تفاصيل قد تشجع على التكرار. فالتناول الإعلامي المسؤول قد يكون عاملًا في الحد من الجريمة، بدلًا من أن يكون وقودًا لاشتعالها.

مقالات مشابهة

  • لمروره بأزمة نفسية.. شاب ينهي حياته شنقاً بالفيوم
  • احذر عادة قضم الأظافر,, تأثير خطير على الأسنان وصحتك العامة
  • «علّم غيرك تكسب».. ورش وهدايا لتحويل القارئ إلى كتاب يفيد الآخرين
  • تفسير حلم التبول في المنام.. دلالات نفسية وروحية تكشف أسرار حياتك
  • برج الثور.. حظك اليوم الثلاثاء 4 فبراير 2025: «فرصة للارتباط العاطفي»
  • أخصائية نفسية: تعليم الأطفال آداب الاستئذان يبدأ من سن عامين
  • عضو بـ«العالمي للفتوى»: الشرع حدد آداب الاستئذان لحماية نفسية الأطفال
  • ‏‎عادة يومية لإنقاذ الأشخاص من خطر السكتة الدماغية
  • هل تعاني من الإرهاق العاطفي بسبب إرضاء الآخرين؟.. إليك الحل
  • الجرائم المتكررة.. ظاهرة نفسية واجتماعية أم تضخيم إعلامي؟