ماكرون: "فرنسا ستواصل استقبال العديد من الفنانين الأفارقة"
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن باريس "ستواصل الترحيب بالعديد من الفنانين الأفارقة"، وكان في إطلاق منتدى الصناعات الثقافية والإبداعية Création Africa في مركز بومبيدو في باريس.
قال الرئيس الفرنسي، "فرنسا بلد فخور بتمكين الفنانين من جميع البلدان الأفريقية من الإبداع والاختراع والبحث وفهم العالم والتفكير في الديمقراطية .
وأضاف ماكرون، أنوسنواصل الترحيب بالمبدعين والفنانين والطلاب ورجال الأعمال وحمايتهم من خلال وضع أنفسنا فوق كل الخلافات ووضع الثقافة والذكاء والشهية للديمقراطية والابتكار في قلب هذه العلاقة.
في أعقاب الانقلاب في النيجر، نشأ جدل بعد توجيه إداري يطالب فرنسا بوقف جميع أشكال التعاون مع النيجر وبوركينا فاسو ومالي، حيث تم إغلاق خدماتها القنصلية.
ودعت رسالة أرسلتها المديريات العامة الفرنسية للشؤون الثقافية إلى المراكز الوطنية للدراما وتصميم الرقصات في أوائل سبتمبر إلى الوقف الفوري لجميع المشاريع التي تشمل مواطنين من النيجر ومالي وبوركينا فاسو.
لكن رشيد رامان ، رئيس اتحاد الجمعيات الفنية والثقافية في النيجر ردا على هذه الخطوة قال ".. لن نتسول.. على العالم أن يتعامل معنا، لا يمكننا إزالة ثقافاتنا من ثقافة العالم".
في منتدى الصناعات الثقافية والإبداعية Création Africa في مركز بومبيدو في باريس ، أقر ماكرون بالتوترات وحاول توضيح الموقف الفرنسي.
وقال ماكرون: "عندما نتحدث عن أفريقيا وفرنسا، فإننا نميل في كثير من الأحيان إلى الحديث عن القضايا الأمنية، متناسين أن فرنسا كانت في كثير من الأحيان واحدة من الدول القليلة التي ذهبت بناء على طلب الدول الأفريقية لمحاربة الإرهاب".
"لكن في بعض النواحي ننظر إلى هذه العلاقة مع زخارف الماضي والأشياء التي نحن بصدد الانتقال منها. ويمكنني أن أخبركم من التجربة أنها مهمة طويلة، لكن ما يحدث اليوم هو ثمرة ثورة فكرية وثقافية صغيرة نعمل عليها أنا والكثير منكم منذ ست سنوات حتى الآن".
وبقيادة المجالس العسكرية التي أطاحت بالرئيسين المنتخبين ديمقراطيا من السلطة، تخوض مالي وبوركينا فاسو حاليا نزاعا دبلوماسيا مع فرنسا القوة الاستعمارية السابقة.
وفي 29 يوليه و 6 أغسطس، علقت فرنسا جميع مساعداتها الإنمائية وعمليات دعم الميزانية مع النيجر وبوركينا فاسو، وقد فعلت ذلك بالفعل لمالي في نوفمبر 2022.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: النيجر بوركينا فاسو فرنسا أفريقيا وفرنسا وبورکینا فاسو
إقرأ أيضاً:
ماكرون دون مظلة؟!
كثيراً ما كان يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ استلامه الحكم منتصف العام 2017، أن يضع بلاده على خارطة الدول المؤثرة في المشهد العالمي، على شاكلة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن.
صحيح أن فرنسا تعتبر من اللاعبين الدوليين الكبار وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، لكن تأثيرها السياسي والعسكري يأتي في مرتبة متأخرة لا تمكنها من صناعة السلام العالمي أو حتى قيادة أوروبا وحلف «الناتو» بديلاً عن غياب أو تراجع أميركي في لعب هذا الدور.
منذ ولايته الرئاسية الأولى، حاول ماكرون جاهداً قيادة القاطرة الأوروبية ولعب دور سياسي وعسكري أكبر من الذي تلعبه ألمانيا القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، وملء الفراغ الذي أحدثه انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016.
في أيلول 2018 وخلال خطاب ألقاه في باريس، دعا ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، رداً على تصريحات نظيره الأميركي ترامب، التي قال فيها: إن بلاده لا يمكنها حماية أوروبا مجاناً وإن على الأخيرة حماية نفسها بأموالها وليس بالمال الأميركي.
منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة، لم تتمكن فرنسا من إنشاء جيش أوروبي موحد، والسبب أن الأولى غير قادرة على ممارسة دور القيادة في ظل إمكانيات سياسية واقتصادية صعبة، إذ إن توفر هذا الدور يتطلب أولاً إرادة سياسية فرنسية موحدة وهذا لم يحصل، وثانياً إنفاق الكثير من المليارات على تطوير الأسلحة والقدرات العسكرية الفرنسية والأوروبية وهذا أيضاً متطلب غير ناضج بعد.
ثم إن الحرب الروسية على أوكرانيا منذ ثلاثة أعوام، كشفت هشاشة الاتحاد الأوروبي على المستويَين السياسي والعسكري، إذ لم تتمكن الدول الأوروبية من إرسال العتاد العسكري الكافي لأوكرانيا حتى تقيها شر الحرب، ولولا الدعم الأميركي لكانت كييف محتلة من جانب روسيا.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى، وأنها بحاجة فعلاً إلى المظلة الأمنية الأميركية التي ظلت تدعمها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة، لكن ثمة تغيرات كبرى تحدث في هذا المربع من العالم.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى
ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ظل «يتحركش» بأوروبا ويهددها حتى يقبض ثمن الحماية التي يؤمنها لها، وماكرون اكتفى بالكلام والتوعد ولم يحدث أن وضعت فرنسا خطة متكاملة لقيادة أوروبا، سواء عبر بناء جيش موحد أو حتى توحيد الجهود لتمكين التحالف العسكري بين دول «الناتو».
لم تكن تصريحات ماكرون الأخيرة بشأن استخدام المظلة النووية الفرنسية لحماية أوروبا جديدة، إذ سبق له أن تحدث في هذا الموضوع مرات كثيرة، وحديثه الأخير يبدو أنه موجه للاستهلاك الإعلامي والغرض منه تلميع صورته أمام الرأي العام الفرنسي، وخارجياً القول: إن هناك رجلاً قوياً يمكنه الوقوف أمام روسيا وحضورها في أوروبا وعقيدتها النووية.
من الصعب على باريس؛ إذا غابت واشنطن عسكرياً عن أوروبا، أن تقوم بدور «سوبرمان» والتلويح بالسلاح النووي ضد روسيا، والسبب أنها أولاً: تمتلك حوالى 290 رأساً نووياً مقارنة بترسانة روسيّة تفوقها عدداً بعشرات المرات، حوالى 6375 رأساً نووياً.
ثانياً: يمكن القول، إن فرنسا تركز على الردع النووي وحماية حلفائها في العمق الجغرافي الأوروبي، بينما تستخدم روسيا سلاحها النووي جزءاً من إستراتيجيتها العسكرية لحماية مصالحها والتلويح بالسلاح للتأثير في المشهد العالمي.
ثالثاً: هناك فرق كبير بين القوتين الروسية والفرنسية لصالح الأولى، وعلى الرغم من تأثيرات الحرب على الاقتصاد الروسي، إلا أن روسيا ماضية بقوة في تحديث وبناء أسلحتها، ونلحظ أنها تُنوّع من إدخال طائرات جديدة وأخرى مُسيّرة وصواريخ باليستية قصيرة وطويلة المدى إلى ترسانتها العسكرية حتى تلبي احتياجاتها الإستراتيجية والأمنية.
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة، وإن حاول الرئيس الفرنسي دفع نظرائه الأوروبيين إلى الاعتماد على أنفسهم، فإن ما ينقص أوروبا هو الإرادة السياسية للمضي في وحدة حال حقيقية تؤدي في النهاية إلى إحداث فرق جوهري في القوة العسكرية.
ماكرون يُذكّر الاتحاد الأوروبي كثيراً أن عليه الاعتماد على نفسه، ويُذكّر نفسه هو الآخر أن عليه التقدم خطوات للأمام حتى يحقق الأمن والسلام لأوروبا، وفي نفس الوقت يبقي الباب مفتوحاً للترحيب بالحليف الإستراتيجي الأميركي حتى يظل حامي أوروبا.
أخيراً مهما تحدثت أوروبا وماكرون عن بداية عهد جديد للتعاون الأوروبي، تظل أوروبا بحاجة إلى الولايات المتحدة حتى تدعمها في مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية في الفضاء الأوروبي والعالمي، وتدرك أن عليها مغازلة ترامب ودفع الكثير حتى يصل الجميع إلى نقطة التلاقي.
(نقلا عن صحيفة الأيام الفلسطينية)