لجريدة عمان:
2025-03-04@10:08:39 GMT

نوافذ.. «الساندويش» والعقاب!

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

إنّها ليست قصّة «الساندويش» الذي لا يحوي كمية كافية من قطع الدجاج، كما أنّها ليست قصّة الفصل المتعنت من المدرسة لطالبٍ قال رأيه وما شاب الحكاية من ملابسات، بل هي قضية المكان الذي يُدعى «المدرسة» والذي نُعول عليه أن يمنح أبناءنا أصواتهم الشخصية، ليُشكلوا رأيا إزاء ما يدور حولهم، ليمتلكوا الحساسية الأولى لما يمكن أن نسميه «النقد» بمعناه البسيط، دون أن يدفع ثمنا غاليا جرّاء ذلك!

فالحرية التي لا تُحمى بصلابة تُصاب بحالة من الذبول والإمحاء التدريجي، لاسيما عندما تسلبُ ممن هم في مقتبل العمر، أولئك الذين لم تصفعهم الحياة بعد بقوالبها وأدلجتها الجاهزة.

لم نكن في السابق نجرؤ -إلا في استثناءات نادرة- على أن نُجاهر بأشياء تُعذبنا عميقا، لم نكن نجرؤ حتى على مصارحة والدينا بتفاصيل بالغة الدقة، تفرض علينا دوما أن نُظهر الامتنان، فقد تمثلت الأشياء آنذاك في درجة من القداسة التي لا تُمس ولا تُخدش. حتى في تلك اللحظات التي تُقمع فيها أسئلتنا، أو تُفنى فيها المؤشرات الأولى التي تدل على مباهج اختلافنا البدائي، كنا نُربي الخشية العارمة ممن سيغرسون مخالب عقابهم في أجسادنا وهشاشة أرواحنا. بينما يمتلكُ جيل اليوم خيارات شاسعة لقول آرائهم بغض النظر عن صوابها من عدمه.

لستُ على يقين إن كانت المدارس على وعي جيد بتمايز الطلاب، ذلك التمايز الذي لا يمكن أن يُحد بمعايير مُؤطرة تسحق اختلافهم أيما سحق، لا سيما لو علمنا بأنّ «التطور الحر للفردية هو أحد المكونات الأساسية للازدهار»، كما يقول جون ستيورات ميل في كتابه «الحرية».

لكن ليست المدرسة وحدها من تُخمد روح الفرد، إذ يمكن للمجتمع أيضا أن يكون طاغيا مُتسلطا بصورة جماعية على الأفراد الذين يتألف منهم، «فيُمارس طغيانا أشد من العديد من أنواع القمع السياسي، ليُجبر الجميع على أن يتكيفوا مع نموذجه الواحد» على حد تعبير ستيورات.

تساءلنا عقب حادثة «الساندويش» حول إن كانت المدارس تُقدر الآراء المستقلة للطلاب، الأفكار التي تخصهم ويُدافعون عنها، خيالهم الخصب غير المُشوه بالجمود، هل يُسمح لهم بأن يدخلوا في جدل مع الأساتذة متشبثين بقوتهم الداخلية ومعارفهم مهما ظننا أنّها ضئيلة وهشة، من غير أن يحتد المعلم، ومن غير أن يُمارس سلطته، بإرهاب العصا أو بإرهاب الحجم الكبير الذي يربو على أجسادهم الغضة؟!

يشير د.هايم جينو، إلى أن الأجداد مارسوا تأديب أبنائهم بثقة عارمة وبفعل السلطة التي امتلكوها، بينما نحن جيل الآباء الجدد نتصرفُ بشكٍ كبير تجاه فكرة العقاب بالفصل أو الضرب، وذلك بسبب علماء نفس الأطفال الذين حذرونا من العواقب الوخيمة، ولذا فنحن قلقون للغاية من فكرة تدميرهم! ويرى د.جينو أنّ: «جوهر الانضباط هو إيجاد بدائل فعّالة للعقاب وليس العقاب بحد ذاته»، كما أنه يدعو لاستخدام «الحكمة» بدلا من التهديدات، فليس علينا عندما نغضب «أن نمتلئ بحقد الانتقام، وأن نُظهر التصريحات الهدامة».

في حقيقة الأمر، ليس لنا أن نلوم أحدا بشكل مباشر، إذ تحدث الأشياء بحسن نوايا غالبا، فلا يرغب أحد بتدمير طالب بقصد، فالأساتذة مثقلون بنصاب فوق طاقتهم، ومهمومون بالأنشطة، والصفوف مكتظة عن آخرها بالطلبة، ولذا تتبدى فكرة إقامة علاقة استثنائية بين المعلم وطلبته فكرة بالغة الصعوبة، ضمن نطاق مدارس تُقدم نفسها باعتبارها «غارسة للقيم»، ومستحوذة على مصادر المعرفة.

هنالك مهارات لتصدير عقاب ما، وبالتأكيد العنف ليس أفضلها، لأننا قبل أن نرد الطالب عن فعل ما فإننا سنكسر في أعماقه أكثر مما نظن.

ولذا قلما سنجد ولدا يقول عقب عقابه: «سأتحسن سأكون أكثر مسؤولية، لأني أريد أن أرضي هذا البالغ الذي يُعاقبني» كما يقول د.جينو، ولذا فقبول الطلاب كأشخاص يتمتعون بحقوق قانونية، ويمتلكون مختلف المشاعر والرغبات والتصورات والآراء واحترام خيالهم هو ما يجلب الثقة بين الطالب وبيئته المدرسية.

فالمدرسة التي يقضي فيها أبناؤنا ١٢ عاما من حياتهم، ليست مكانا لتلقي العلوم وحسب لاسيما في وقت كهذا تتعدد فيه مصادر المعرفة، بل هو مكان يمكن أن تزدهر فيه الشخصية الفردية أو تموت، يمكن أن تُصطاد فيه المواهب أو تُفلت، يمكن أن تُضيء فيه الأفكار الجديدة أو تُعدم.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا

تناول الإعلام الإسرائيلي تعثر مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وقال محللون إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعطل الصفقة خوفا على حكومته.

فقد أكد المتحدث السابق باسم الجيش رونين مانيليس أن إسرائيل وقعت اتفاقية من 3 مراحل وليست مرحلة واحدة لترى بعدها ما سيقوله دونالد ترامب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أوبزرفر: العراقيون مبتهجون بنهوض مآثر الموصل من تحت الأنقاضlist 2 of 2لماذا يعاني جيش الكونغو الجرار أمام مليشيا أصغر منه بكثير؟end of list

وقال مانيليس إن إسرائيل التزمت من البداية بتنفيذ المرحلة الثانية، مشيرا إلى أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش قال في السابق إنه سينسحب من الحكومة ما لم تستأنف الحرب بعد المرحلة الأولى.

وبالنظر إلى عدم إقرار الموازنة العامة حتى الآن فإن الوزراء كلهم سيذهبون إلى بيوتهم وتجرى انتخابات جديدة في حال انسحب سموتريتش من الحكومة، كما يقول مانيليس.

العودة للحرب لن تفيد

وفي السياق، قال سليمان مسودة -مراسل الشؤون السياسية في قناة "كان"- إن نتنياهو يعتقد أن هناك إمكانية للعودة للحرب من أجل استعادة "الرهائن"، لكنه نقل عن متخصصين أن هذا الأمر "لن يحقق أي نتائج".

وقال مسودة إن عددا من ذوي الأسرى تحدثوا -خلال الأيام الماضية- مع أعضاء في فريق المفاوضات الذين أبلغوهم بأن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "لن تقبل إعادة أي أسير دون التفاوض على إنهاء الحرب وهو أمر تعهدت به إسرائيل في الاتفاق".

إعلان

واتفق أمنون أبراموفيتش -محلل الشؤون السياسية في القناة الـ12- مع الحديث السابق بقوله إن نتنياهو "لا يريد دخول مفاوضات المرحلة الثانية لأنها قد تؤدي لانهيار الحكومة".

بدورها، قالت دانا فايس -محللة الشؤون السياسية في القناة الـ12- إن الاتفاق الذي تم توقيعه وتنفيذه كاملا "لا يوفر أي سبب للعودة للحرب". وأضافت أن حماس "لا ترفض المفاوضات وتقول إنها تريد الانتقال للمرحلة الثانية حسب ما تم الاتفاق عليه".

وتأكيدا على وجود محركات سياسية للموقف الإسرائيلي الحالي، قال رفيف دروكر -المحلل السياسي في القناة الـ13- إن أهداف نتنياهو السياسية تدفعه لدق طبول الحرب في الوقت الراهن بغض النظر عما يحدث في الميدان.

وأضاف "ليس مهما أن تكون حربا ضارية لكنه يلوح بالحرب إرضاء لسموتريتش الذي قال إنه سينسحب من الحكومة ما لم تعد إسرائيل للحرب بعد المرحلة الأولى".

وبالمثل، قال باراك سري -المستشار السابق لوزير الدفاع- إن هناك اتفاقا تم التوقيع عليه "لكن نتنياهو نادم لأنه وصل إلى هذه المرحلة التي تهدد بإسقاط حكومته".

لا حل سوى إنهاء الحرب

ووصف سري رئيس الوزراء بأنه "فنان في المماطلة"، وقال إنه "يماطل ولا يعرف إلى أين سيصل، لكنه اليوم في مرحلة قد تؤثر على مستقبله السياسي، وتهديدات سموتريتش حقيقية وهو يعرف هذا".

لكن يارون أبراها -مراسل الشؤون السياسية في القناة الـ12- قال إن المتخصصين الذين يعملون على المفاوضات منذ بداية الحرب أكدوا أن ثمن التنصل من الاتفاق "سيكون باهظا"، وأن الصواب هو الحديث بجدية عن المرحلة الثانية وإلا فالنتائج واضحة ولا يجب أن يتفاجأ بها أحد.

وعن الخيارت المتاحة حاليا، قال رامي إيغرا -الرئيس السابق لشعبة الأسرى والمفقودين في الموساد– إن إسرائيل أمام خيارات محدودة تتلخص في العودة للقتال أو الدخول في حرب كبرى أو إنهاء الحرب بشكل كامل.

إعلان

وأكد إيغرا أن العودة للقتال لن تحقق أي نتائج، وأن الدخول في حرب كبرى ليس ممكنا لأن إسرائيل ستكون عاجزة عن فعل أي شيء أكثر مما فعلته، مضيفا "أعتقد أننا ذاهبون نحو خيار وقف الحرب".

وأخيرا، قال ميخائيل مليشتين -رئيس قسم الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب- إن حماس تريد التفاوض لكنها مستعدة للقتال طوال الوقت، مشيرا إلى أنها رممت قدراتها القتالية تحسبا لاستئناف الحرب.

مقالات مشابهة

  • بشار الأسد في إعلان تلفزيوني لـ شوكلاته.. فكرة حظيت بردود فعل متفاوته
  • النوفل: رئاسة الأندية ليست مشروع يفشل وتغلق أبوابه!
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا
  • مستشار ترامب: زيلينسكي غير مستعد لمحادثات السلام ومحفظة أمريكا ليست بلا حدود
  • رفضت استخدامها كأداة للابتزاز والعقاب الجماعي.. السعودية تدين قرار وقف دخول المساعدات إلى غزة
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة
  • ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: الشائعات جريمة ضد الإنسانية وخطر يهدد وحدة الأمة وتماسكها
  • واشنطن: زيلينسكي كان عدائيا ووقحا وصفقة المعادن ليست مطروحة
  • ياريت نراعي ربنا.. أحمد دياب: عقوبات الجماهير ليست انتقامية
  • بروتون بيرسونا 2012 فبريكا أوتوماتيك .. بأقل سعر للمستعمل