لجريدة عمان:
2024-09-30@23:38:49 GMT

نوافذ.. «الساندويش» والعقاب!

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

إنّها ليست قصّة «الساندويش» الذي لا يحوي كمية كافية من قطع الدجاج، كما أنّها ليست قصّة الفصل المتعنت من المدرسة لطالبٍ قال رأيه وما شاب الحكاية من ملابسات، بل هي قضية المكان الذي يُدعى «المدرسة» والذي نُعول عليه أن يمنح أبناءنا أصواتهم الشخصية، ليُشكلوا رأيا إزاء ما يدور حولهم، ليمتلكوا الحساسية الأولى لما يمكن أن نسميه «النقد» بمعناه البسيط، دون أن يدفع ثمنا غاليا جرّاء ذلك!

فالحرية التي لا تُحمى بصلابة تُصاب بحالة من الذبول والإمحاء التدريجي، لاسيما عندما تسلبُ ممن هم في مقتبل العمر، أولئك الذين لم تصفعهم الحياة بعد بقوالبها وأدلجتها الجاهزة.

لم نكن في السابق نجرؤ -إلا في استثناءات نادرة- على أن نُجاهر بأشياء تُعذبنا عميقا، لم نكن نجرؤ حتى على مصارحة والدينا بتفاصيل بالغة الدقة، تفرض علينا دوما أن نُظهر الامتنان، فقد تمثلت الأشياء آنذاك في درجة من القداسة التي لا تُمس ولا تُخدش. حتى في تلك اللحظات التي تُقمع فيها أسئلتنا، أو تُفنى فيها المؤشرات الأولى التي تدل على مباهج اختلافنا البدائي، كنا نُربي الخشية العارمة ممن سيغرسون مخالب عقابهم في أجسادنا وهشاشة أرواحنا. بينما يمتلكُ جيل اليوم خيارات شاسعة لقول آرائهم بغض النظر عن صوابها من عدمه.

لستُ على يقين إن كانت المدارس على وعي جيد بتمايز الطلاب، ذلك التمايز الذي لا يمكن أن يُحد بمعايير مُؤطرة تسحق اختلافهم أيما سحق، لا سيما لو علمنا بأنّ «التطور الحر للفردية هو أحد المكونات الأساسية للازدهار»، كما يقول جون ستيورات ميل في كتابه «الحرية».

لكن ليست المدرسة وحدها من تُخمد روح الفرد، إذ يمكن للمجتمع أيضا أن يكون طاغيا مُتسلطا بصورة جماعية على الأفراد الذين يتألف منهم، «فيُمارس طغيانا أشد من العديد من أنواع القمع السياسي، ليُجبر الجميع على أن يتكيفوا مع نموذجه الواحد» على حد تعبير ستيورات.

تساءلنا عقب حادثة «الساندويش» حول إن كانت المدارس تُقدر الآراء المستقلة للطلاب، الأفكار التي تخصهم ويُدافعون عنها، خيالهم الخصب غير المُشوه بالجمود، هل يُسمح لهم بأن يدخلوا في جدل مع الأساتذة متشبثين بقوتهم الداخلية ومعارفهم مهما ظننا أنّها ضئيلة وهشة، من غير أن يحتد المعلم، ومن غير أن يُمارس سلطته، بإرهاب العصا أو بإرهاب الحجم الكبير الذي يربو على أجسادهم الغضة؟!

يشير د.هايم جينو، إلى أن الأجداد مارسوا تأديب أبنائهم بثقة عارمة وبفعل السلطة التي امتلكوها، بينما نحن جيل الآباء الجدد نتصرفُ بشكٍ كبير تجاه فكرة العقاب بالفصل أو الضرب، وذلك بسبب علماء نفس الأطفال الذين حذرونا من العواقب الوخيمة، ولذا فنحن قلقون للغاية من فكرة تدميرهم! ويرى د.جينو أنّ: «جوهر الانضباط هو إيجاد بدائل فعّالة للعقاب وليس العقاب بحد ذاته»، كما أنه يدعو لاستخدام «الحكمة» بدلا من التهديدات، فليس علينا عندما نغضب «أن نمتلئ بحقد الانتقام، وأن نُظهر التصريحات الهدامة».

في حقيقة الأمر، ليس لنا أن نلوم أحدا بشكل مباشر، إذ تحدث الأشياء بحسن نوايا غالبا، فلا يرغب أحد بتدمير طالب بقصد، فالأساتذة مثقلون بنصاب فوق طاقتهم، ومهمومون بالأنشطة، والصفوف مكتظة عن آخرها بالطلبة، ولذا تتبدى فكرة إقامة علاقة استثنائية بين المعلم وطلبته فكرة بالغة الصعوبة، ضمن نطاق مدارس تُقدم نفسها باعتبارها «غارسة للقيم»، ومستحوذة على مصادر المعرفة.

هنالك مهارات لتصدير عقاب ما، وبالتأكيد العنف ليس أفضلها، لأننا قبل أن نرد الطالب عن فعل ما فإننا سنكسر في أعماقه أكثر مما نظن.

ولذا قلما سنجد ولدا يقول عقب عقابه: «سأتحسن سأكون أكثر مسؤولية، لأني أريد أن أرضي هذا البالغ الذي يُعاقبني» كما يقول د.جينو، ولذا فقبول الطلاب كأشخاص يتمتعون بحقوق قانونية، ويمتلكون مختلف المشاعر والرغبات والتصورات والآراء واحترام خيالهم هو ما يجلب الثقة بين الطالب وبيئته المدرسية.

فالمدرسة التي يقضي فيها أبناؤنا ١٢ عاما من حياتهم، ليست مكانا لتلقي العلوم وحسب لاسيما في وقت كهذا تتعدد فيه مصادر المعرفة، بل هو مكان يمكن أن تزدهر فيه الشخصية الفردية أو تموت، يمكن أن تُصطاد فيه المواهب أو تُفلت، يمكن أن تُضيء فيه الأفكار الجديدة أو تُعدم.

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

كريسبو: جاهزون لمواجهة الغرافة ومهمتنا ليست سهلة


الدوحة (الاتحاد)

أعرب الأرجنتيني، هيرنان كريسبو، المدير الفني للعين، عن سعادته بالعودة إلى قطر التي أمضى فيها لحظات جيدة، مبدياً في الوقت نفسه اعتزازه بتواجد فريقه ضمن أندية «النخبة» في قارة آسيا بوصفه بطلاً لدوري الأبطال الموسم الماضي، موضحاً: «ندرك جيداً أن مهمتنا لن تكون سهلة أمام فريق جيد يضم في صفوفه عناصر مميزة، غير أننا العين الفريق البطل وجاهزون لمواجهة الغد مع الاحترام لطموحات المنافس».
وتعليقاً على سؤال حول مواجهة الغرافة بوصف فريقه بطلاً للقارة، قال: «في عالم كرة القدم لا توجد مباراة سهلة فما بالكم بمسابقة دوري الأبطال «النخبة»، لذلك نحن مطالبون بإظهار شخصيتنا القوية وشخصياً سعيد بمواجهة الغرافة وكما ذكرت لكم بأنه فريق جيد ويضم عناصر مميزة من ضمنهم لاعبون كنت أدربهم بالدحيل وكذلك نحن في أفضل وضع وسنعمل على تقديم أفضل ما لدينا».
ورداً على سؤال حول وضع فريقه قبل مواجهة الغرافة بعد التعادل مع السد على أرضه وبين جماهيره، قال: «نحن نحترم كافة منافسينا لاسيما الغرافة ولكن علينا أن نفكر في أنفسنا وأسلوب لعبنا ولا ينبغي الانشغال بالماضي ومواجهة السد أصبحت في حكم الماضي وكنا الأفضل والأقرب للفوز ولكنها انتهت الآن وتركيزنا اليوم منصب على مواجهة جديدة وهدفنا واضح في هذه المسابقة ويكمن في التأهل للمرحلة القادمة».
وعن فرض الرقابة المتوقعة على مفتاح لعب فريقه سفيان رحيمي أفضل لاعب بدوري الأبطال الموسم الماضي وهداف المسابقة، قال: «لدينا فلسفتنا وفكرتنا الخاصة ونعمل دائماً على إيجاد أفضل الحلول على الأرض، ونثق في قدرات لاعبينا وعقليتهم الاحترافية التي تمكنهم من إيجاد أفضل الحلول في مواجهات كل التحديات».

 

إيريك: جئنا إلى قطر من أجل الفوز

أخبار ذات صلة كوزمين: التركيز مفتاح الشارقة لتجاوز الوحدات في آسيا صافرة يابانية لمواجهة العين والغرافة في «النخبة الآسيوية»

الدوحة (الاتحاد)

قال لاعب العين، إيريك جورجونيس، أن دوري أبطال آسيا للنخبة، لا تعترف بلغة التوقعات، لذلك نحن مطالبون كفريق مؤلف من جهاز فني وإداري ولاعبين وجماهير على إظهار أفضل ما لدينا في جميع التحديات، الأمر الذي يجسد واقع المنافسة القوية للأندية الأبطال، ونحن جئنا إلى قطر من أجل العودة بالنقاط الثلاث مع الاحترام لفريق الغرافة القطري.
وعن الضغوط التي يواجهها فريقه في دوري الأبطال بالنسخة الحالية، قال: «من الطبيعي أن نواجه ضغوطاً أكبر بوصفنا البطل المتوج بلقب النسخة الماضية وبالطبع نحن نخوض التحدي في أقوى مسابقة للأندية الأبطال على مستوى القارة ولكننا جئنا إلى هنا لنؤكد بأننا الأفضل في قارة آسيا ونمثل الإمارات بصورة مشرفة ونسعد جماهيرنا».

مقالات مشابهة

  • ليست ”أمريكا وبريطانيا وإيران”.. محلل سياسي: هذا الذي يمنع تحرير صنعاء!
  • أبطال الكيبورد: الحرب ليست نزهة
  • توقيف رجل بالسويد حطم نوافذ في السفارة المغربية
  • كريسبو: جاهزون لمواجهة الغرافة ومهمتنا ليست سهلة
  • الوزير صباغ: لا يمكن فصل جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي وعدوانها المستمر على سورية عن الدور التخريبي الذي انتهجته بعض الدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث واصلت تلك الدول انتهاك سيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها عبر استمرار وجود قوات
  • جراح منسية.. الصحة النفسية ليست أولوية للمؤسسات التي تُشغّل الصحفيين في غزة
  • مفكران عراقيان: معرض الرياض الدولي للكتاب من أهم نوافذ الثقافة العربية
  • الجريمة والعقاب
  • مبيعات آيفون 16 ليست بنفس قوة العام الماضي!
  • الجديد: لا يمكن للمصرف المركزي إرضاء الشعب وإعطائه الدولار بالسعر الذي يريده