طوفان الأقصى: الحاجة للردع
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
"طوفان الأقصى": الحاجة للردع
التهديدات التي كانت تطلقها الفصائل ضد إسرائيل ليست من عدم، وأنها مستندةٌ لإمكاناتٍ تم تطويرها داخلياً كاستخدام الجو في الهجوم على قوات الاحتلال.
نجحت المباغتة بشكل كبير. نجاح كانت الحالة الفلسطينية بحاجة إليه في المرحلة الراهنة، بعد تزايد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
حالة استرخاء تعيشه دولة الاحتلال نتيجة التسابق العربي على التطبيع والتنسيق معها، بغضّ النظر عن انتهاكاتها، دفعتها للاعتقاد بأنها مطلقة اليد في فلسطين وخارجها.
عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية شكّلت صدمة لإسرائيل وأيضاً للفلسطينيين والعرب الذين لم يكن أحد منهم يتخيّل أن المقاومة الفلسطينية تملك هذه القدراتٍ.
سنشهد تصعيداً إسرائيلياً كبيراً ضد الفلسطينيين فحجم الخسائر البشرية والمعنوية جرّاء "طوفان الأقصى" غير مسبوق، وما بعدها لن يكون كما قبلها بعد خلق "قوة ردع" حقيقية للاحتلال.
إسرائيل مرتبكة فيما يتعلق بحجم العدوان الذي تشنه على قطاع غزة، خاصة مع العدد الكبير من الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بغزّة، وتجاوزوا 100 أسيراً، بينهم قادة عسكريون.
* * *
ما استيقظنا عليه صباح أمس حدثٌ غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فعملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية شكّلت صدمة، ليس لإسرائيل فحسب، بل أيضاً للفلسطينيين والعرب الذين لم يكن أحد منهم يتخيّل أن المقاومة الفلسطينية تملك قدراتٍ كهذه، وأن التهديدات التي كانت تطلقها الفصائل ضد إسرائيل ليست من عدم، وأنها مستندةٌ إلى إمكاناتٍ تم تطويرها داخلياً.
خاصة استخدام الجو في الهجوم على القوات الإسرائيلية، وهو أمر جديد كلياً على عمل المقاومة الفلسطينية، السابقة الوحيدة التي استخدمت فيها الأجواء كانت في عام 1987 في عملية "القبية" التي نفذها مقاتلان من الجبهة الشعبية - القيادة العامة.
وفي مقابل الصدمة العربية التي تحمل مشاعر الغبطة والفخر، فإن الصدمة الإسرائيلية هي الكبرى على المستويات كافة، وفي مقدمها المستوى الاستخباري. كثير من التحليلات شبهت ما حدث أمس لجهة المباغتة بما حدث في حرب أكتوبر 1973.
وليس من باب المصادفة أن المقاومة الفلسطينية اختارت أن تنفذ العملية في الذكرى الخمسين لاندلاع هذه الحرب، واستنساخ عنصر المباغتة، وهو ما نجحت به بشكل كبير. نجاح كانت الحالة الفلسطينية بحاجة إليه في المرحلة الراهنة، بعد تزايد الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
كانت إسرائيل تعلم أن هذه الانتهاكات لن تمرّ من دون رد، لكن المفاجأة جاءت في حجم هذا الرد. التسابق اليميني على اقتحام الأقصى، من الوزراء والمسؤولين والمستوطنين، إضافة إلى الاعتداءات اليومية على الضفة الغربية.
وأخيراً اقتحام السجون من إيتمار بن غفير والاعتداء على الأسرى في زنازينهم، كل هذه الاستفزازات والاستباحة للشعب والأرض الفلسطينيين كانت بحاجة إلى عمليةٍ يظهر فيها أن هناك قدرة ردع مقابلة، وأن الممارسات الإسرائيلية لن تمرّ مرور الكرام.
لكن ربما حالة الاسترخاء الذي تعيشه دولة الاحتلال نتيجة التسابق العربي على التطبيع والتنسيق معها، بغضّ النظر عن انتهاكاتها، دفعتها إلى الاعتقاد بأنها مطلقة اليد في فلسطين وخارجها.
يعلم الكل أن عملية المقاومة الفلسطينية ستستدرج ردّاً إسرائيلياً، وهو ما بدأ فعلاً، رغم أن دولة الاحتلال ليست بحاجةٍ إلى ذريعة لتنفيذ اعتداءاتها.
لكن من المؤكد اليوم أن إسرائيل مرتبكة في ما يتعلق بحجم العدوان الذي ستشنه على قطاع غزة، خصوصاً مع العدد الكبير من الأسرى الإسرائيليين الذين اقتادهم عناصر المقاومة الفلسطينية إلى قطاع غزّة، وتجاوزت أعدادهم 100 أسيراً، بينهم قادة عسكريون.
هذا العدد سيكون في حساب المسؤولين الإسرائيليين عند وضع خطط الرد على العملية، إذ يعلم أنه سيكون مضطراً في نهاية المطاف إلى الجلوس والتفاوض للإفراج عن أسراه في مقابل وقف العدوان والاعتداءات المتكرّرة، إضافة إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وهناك حساب آخر يضعه الاحتلال في اعتباره في أثناء التخطيط للصدام المرتقب، وهو احتمال فتح أكثر من جبهةٍ في وقت واحد، وهو ما تلمح له حركة حماس منذ فترة، وهو ما تحدّث عنه القائد العام لكتائب عز الدين القسّام، محمد ضيف، خلال إعلانه عن عملية طوفان الأقصى، إذ توّج بالدعوة بشكل مباشر إلى "المقاومة في لبنان وسورية والعراق وإيران" لالتحام الجبهات.
هذه الدعوة إن لم تكن بتنسيقٍ مسبق مع هذه الفصائل، وتحديداً حزب الله في لبنان، فإنها ستشكل إحراجاً لهذا الحزب في حال تصاعد العدوان المرتقب على قطاع غزّة، ما قد يدفعه إلى تدخل ما، وهو ما يعلمه المسؤولون الإسرائيليون.
من المؤكّد أن الأيام والأسابيع المقبلة ستشهد تصعيداً إسرائيلياً كبيراً ضد الفلسطينيين بشكل عام، فحجم الخسائر البشرية والمعنوية الذي سبّبته "طوفان الأقصى" غير مسبوق، وما بعدها لن يكون كما قبلها لجهة خلق "قوة ردع" حقيقية في وجه الاحتلال.
*حسام كنفاني كاتب صحفي لبناني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين غزة انتهاكات طوفان الأقصى قوة ردع كتائب القسام المقاومة الفلسطينية الأسرى الإسرائيليين محمد ضيف حرب أكتوبر 1973 المقاومة الفلسطینیة طوفان الأقصى وهو ما
إقرأ أيضاً:
«انتهاكا فاضحا لقدسيته».. الأوقاف الفلسطينية تستنكر اقتحام المتطرف بن غفير للمسجد الأقصى
استنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، اقتحام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى المبارك صباح اليوم الخميس، في خطوة تضرب بعرض الحائط مشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة وليس في فلسطين وحدها.
وبينت الأوقاف، وفقا لوكالة الانباء الفلسطينية «وفا»، اليوم الخميس، أن اقتحام بن غفير يأتي ضمن سلسلة اقتحامات الاحتلال ومستعمريه المتواصلة للأقصى، حيث ينفذون السجود الملحمي، بالإضافة إلى أدائهم صلوات تلمودية داخله احتفالاً بما يسمى عيد «الحانوكا»، مع إدخالهم أدوات الصلاة بشكل دائم.
وقالت، إن ما يقوم به الاحتلال داخل المسجد الأقصى هو انتهاك فاضح لقدسيته ولملكية المسلمين الخالصة له، فلا تحق لغيرهم ممارسة العبادة فيها، وهذا أمر يقتضي العمل بشكل جاد على إيقافه، والحد منه بشكل كامل وبكل قوة من خلال توافد أبناء شعبنا على المسجد، الذي يجب عليهم أن يعملوا على شد الرحال إليه، والمرابطة فيه بشكل دائم وفق برنامج محدد ودقيق.
وطالبت الوزارة، المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ومتابعة الأماكن الدينية بالعمل على كف يد هذا الاحتلال الذي أصبح يعبث بأرضنا ومقدساتنا دون رقيب، خاصة في ظل هذه الحكومة اليمينية العنصرية التي تدّعي في كل زيارة لهذا المتطرف بأن زيارته هذه لا تتعارض مع «الوضع القائم» داخله.
كما طالبت الأوقاف بضرورة وضع السفراء والقناصل وكل الجمعيات الإنسانية العاملة في فلسطين والعالم بصورة ما يجري داخل الضفة الغربية بشكل عام ومدينة القدس على وجه الخصوص من انتهاكات واعتداءات صارخة بقوة السلاح، محذرة من أن الاحتلال من خلال عمليات الاقتحام يعمل على السيطرة التدريجية على الأماكن المقدسة، سواء كان المسجد الأقصى أو الحرم الإبراهيمي.
اقرأ أيضاًالأوقاف الفلسطينية تدين تصريحات عضو بـ «حزب الليكود» بتأميم الحرم الإبراهيمي والسيطرة عليه
الأوقاف الفلسطينية تستنكر: مستوطنون يضعون شمعدانا يهوديا فوق مسجد بالقدس
وزير الأوقاف: لا حل إلا بإعلان إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967