وقفتنا هذا الأسبوع عن مناسبة عزيزة علينا جميعا جدا، ألا وهى ذكرى مرور 50 عاما على انتصار 6 أكتوبر عام 1973م الموافق 10 رمضان عام 1393 هجريا، فهذا النصر حضراتكم لنا الحق أن نفخر به إلى يوم الدين، فهو انتصار لم يسبقه انتصار مماثل على الصهاينة، منذ البطل صلاح الدين الأيوبي الفارس المغوار.
وهنا يأتي جمال النصر لأنه لم يسبقه تسجيل التاريخ لأي انتصار على اليهود منذ ذلك التاريخ، لكن إحقاقا للحق لا بد أن نذكر ملحمة كانت مقدمة لانتصارنا فى أكتوبر73، ألا وهى حرب الاستنزاف المجيدة أيضا التى أعقبت نكسة 67، والتى بدأت فى 8 مارس عام 1969 حتى 19 يوليو 1969 وتوقف إطلاق النار تماما فى 8 أغسطس عام1970م، وفقا لمبادرة روجرز وزير الخارجية الأمريكي فى ذلك الوقت، وبعدها بشهور قليلة توفى الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر فى 28 سبتمبر عام 1970، بعد أن أصابه إجهاد شديد ناتج عن اجتماعات مكثفة بجامعة الدول العربية.
وتولى الرئاسة من بعده في العام نفسه، الرئيس الراحل الشهيد محمد أنور السادات، الذى بدأ من أول يوم بعد توليه الرئاسة فى كيفية الإعداد لحرب خاطفة، يتحقق فيها انتصار يطغى على سلسلة اخفاقات بدأت منذ 1948 وحتى يونيو1967، الإعداد لنصر يحرك المياه الراكدة ويمهد لمفاوضات جادة، لاستلام الأراضي المصرية المحتلة فى ذلك الوقت والأراضي العربية المحتلة أيضا، وبدأ بالفعل وقيادات القوات المسلحة مصنع الرجال فى هذا الوقت، فى الإعداد الكامل والمتميز لرجال قواتنا ومعداتهم وتدبير النواقص منها وما نحتاجه من أسلحة حديثة مطلوبة، للدخول فى المعركة.
وكانت نقطة الفصل فى كيفية عبور القناة، وخط بارليف المانع المائي الحصين الذى كان يتباهى به الصهاينة بأنه لا يمكن تدميره ولو حتى بالقنبلة الذرية، ومن يفكر فى عبور القناه سيلقى الجحيم، ولكن بعزائم الرجال لتحطيم المستحيل، تم الإعداد بشكل مذهل لتجاوز جميع العقبات وأهمها كيفية تحطيم المانع المائي وتجاوزه وكيفية عبور القناة، وكانت المعلومات الواردة فى ذلك الوقت فعلا صعوبة تحطيم خط بارليف، حتى عرض ضابط ذوعقلية عبقرية اسمه باقى زكى يوسف، فكرة تحطيم حاجز خط بارليف بخراطيم مياه ضخمة.
وتوالت بعدها أفكار العباقرة من رجال قواتنا المسلحة فى ذلك الوقت، من كيفية هدم سور خط بارليف وسد فتحات إصدار النيران تحت مياه القناة ونشر قوات الدفاع الجوى على طول خط القناة، وملائكة سلاح الطيران بطائراتنا العابرة للقارات وليس خط بارليف فقط، وجميع أفراد باقى أسلحة قواتنا المسلحة الرجال، حتى تحقق النصر المؤزر بعبور القناة وتحطيم خط بارليف
وظهرت عبقرية السادات ورجاله فى توقيت اتخاذ وقف إطلاق النار، بعد دخول أمريكا الحرب بكل قوتها بعد استغاثة جولدا مائير بها، فكان من الحكمة الموافقة على ايقاف الحرب فى التوقيت المثالى لأن استمرار المعركة بعد دخول أمريكا بها يعنى المقامرة غير المحسوبة.
إن نصر أكتوبر لا يكفيه مقال واحد ولا حتى مئات المقالات، ولكن يكفينا فخرا وشرفا أن نلقى بعض الأضواء الخافتة على هذا النصر الكبير برجاله الكبار، إلى هنا انتهت وقفتنا لهذا الأسبوع ندعو الله أن نكون بها من المقبولين، وإلى وقفة أخرى الأسبوع القادم إذا أحيانا الله وأحياكم إن شاء الله.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حرب أكتوبر نصر أكتوبر أكتوبر السادات جمال عبدالناصر خط بارلیف
إقرأ أيضاً:
انتصار غزة واليمن ثمارٌ لدماء القادة الشهداء
د. شعفل علي عمير
صحيحٌ أن التاريخَ يحملُ في طياته العديدَ من القصص عن الحروب والصراعات، وغالبًا ما يكونُ الشهداء هم من يسطّرون هذه القصص بدمائهم.
فالقادة الذين يتبنّون قضايا أوطانهم ويضحون؛ مِن أجلِها يتركون بصمة لا تُنسى في ذاكرة شعوبهم، ويصبحون رموزًا للنضال والمقاومة، وتاريخ النضال الفلسطيني واليمني مليء بالرموز والقادة الذين جسّدوا قيمَ التضحية والثبات، حَيثُ كانت غزة دائمًا في مقدمة صفوف المقاومة.
لقد قدم الشهداء أعظم التضحيات في سبيل حرية وطنهم، وتركوا إرثًا من البطولة والفداء الذي يجسّد الروح الجهادية للشعب الفلسطيني واليمني، وتضحيات هؤلاء الأبطال تشير إلى أهميّة الجهاد والمقاومة في مواجهة التحديات، وتعلم الأجيال أن الكفاح؛ مِن أجلِ تحقيق العدالة والحرية هو واجب مُقدس.
كما تجسد روح النضال المتواصل في غزة إرادَة الشعب الفلسطيني ومعاناته، مما يعزز من قيم الصمود والمقاومة التي تتناقلها الأجيال، إذ تُعتبر غزة محورًا مركزيًّا في الصراع مع الكيان الصهيوني؛ فقد أظهرت مقاومة وصمودًا قل نظيره في وجه أعتى قوى الاستعمار والهيمنة.
إن تضحيات القادة والشهداء من أبناء غزة واليمن تعكس الإصرار على الدفاع عن الهُوية والحقوق الوطنية.
أبطالٌ يستمرون في إلهام الأجيال معاني النصر وموجبات الكرامة للحفاظ على قضية فلسطين واليمن حية في الضمير العربي والإسلامي والإنساني أَيْـضًا ومنحهم الأمل في تحقيق الحرية والاستقلال أن شهداء اليمن وغزة كانوا كالنور الذي أضاء لليمن وغزة دروب النصر، وهنا وفي ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد “رضوان الله عليه” نستلهمُ من شهادتهم جميعًا معاني العزة والكرامة معاهدين كُـلّ الشهداء بأننا على دربهم حتى النصر متوكلين على الله ومستعينين به.
إن النضال الفلسطيني واليمني ليس مُجَـرّد صراع عسكري، بل هو معركة؛ لأجلِ الوجود والحقوق، وتحقيق العدالة. وكما يعلّمنا التاريخ، فَــإنَّ التضحيات غالبًا ما تقود إلى إنجازات عظيمة، وتجعل الشعوب أكثر تصميمًا على تحقيق أهدافها. وهنا، تبقى ذكرى هؤلاء الشهداء حية تُنير دروب الأجيال الشابة، مشدّدة على أهميّة توحيد جبهات المجاهدين في مواجهة التحديات، مجسدين لقيم البطولة والإرادَة الصُّلبة.
تعتبر غزة، رمزًا حيًّا للصمود والتصميم. منذ عقود طويلة، تواجه تحديات وصعوبات جسيمة، لكن الإيمان العميق بالحقوق والأرض والكرامة الإنسانية دفع الكثير من أبنائها للانخراط في معركة البقاء والنضال وهو ذلك الإيمان الذي دفع اليمنيين إلى مواجهة تحالف دولي والانتصار عليه، لذلك، ينبغي على الأجيال القادمة أن تقتديَ بتلك الشخصيات الفذة التي وضعت مصلحة الوطن فوق كُـلّ اعتبار، وأن تستمر في حمل الشعلة التي أوقدها الشهداءُ بدمائهم. فلولا شجاعة القادة وتفانيهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم، لما كان لغزة واليمن أن ترفع راية النصر عالية في سماء الحرية.
نقف بكل الإجلال والتقدير لمن سبقونا إلى الحرية، أُولئك الذين زرعوا بأجسادهم الأمل، وأهدوا لأبناء شعبهم درب النور ليواصلوا المسير نحو مستقبل أفضل.