عربي21:
2024-10-05@01:45:33 GMT

درنة وأخواتها وخطر الخروج من دائرة الضوء

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

لم ينقضِ شهر على كارثة السيول في درنة ومدن وقرى شرق ليبيا حتى أخذ التركيز عليها يتراجع رويدا، وعندما تطفو على السطح قضايا أخرى تشغل المسؤولين ويتجه الإعلام إلى تغطيتها سينتقل ملف درنة وأخواتها إلى ذيل قائمة الأخبار اليومية، ثم يتحول خبرا أسبوعيا عبر حدث يثيره المتضررون تعبيرا عن سخطهم ومعاناتهم التي لن تنتهي.



الإنسان بطبعه يألف، والكوارث والفواجع التي تهد الجبال حين وقوعها تصبح مع مرور الوقت شيئا مألوفا يتعاطى معه الناس ببرود، وهنا يصح المثل القائل "ما يحس بالنار إلا اللي واقع فيها". لكن الوضع بالنسبة للمسؤولين ينبغي أن يكون مختلفا، ذلك أن عملهم ومهامهم هي إنهاء معاناة المتضررين وحل مشاكل المنكوبين مهما بلغ حجمها وتعقيدها، أو عليهم أن يستقيلوا ويتركوا المكان لمن يستطيع أن يتحمل المسؤولية.

التداعيات التي نجمت عن السيول كبيرة، ويمكن القول إن هناك ثلاث ملفات تفرض نفسها على أصحاب القرار هي:

السلطات المحلية والمركزية يمكن القول إنها تخفق في معالجة الملفات الثلاث، فالهوة بين الأعداد المعلن عنها رسميا من الضحايا وبين من تفتقدهم مدينة درنة كبير، قد يصل إلى عشرة آلاف مفقود، ومسار عملية البحث وانتشال الجثث لا يسعف في جسر هذه الهوة والوصول إلى رقم قريب من العدد الفعلي لضحايا السيول
- المفقودون.

- إيواء النازحين وتوفير الاحتياجات الأساسية للمتضررين.

- إعادة الإعمار، أو إصلاح ما دمره الإعصار والسيول.

وبالنظر إلى أداء السلطات المحلية والمركزية يمكن القول إنها تخفق في معالجة الملفات الثلاث، فالهوة بين الأعداد المعلن عنها رسميا من الضحايا وبين من تفتقدهم مدينة درنة كبير، قد يصل إلى عشرة آلاف مفقود، ومسار عملية البحث وانتشال الجثث لا يسعف في جسر هذه الهوة والوصول إلى رقم قريب من العدد الفعلي لضحايا السيول.

وكذا الحال بالنسبة إلى ملف توفير احتياجات المتضررين خاصة النازحين منهم والذين يبلغ عددهم أكثر من 40 ألفا، إذ ما تزال الجهود دون المستوى بكثير، ويبدو أن معاناة النازحين ومن يفتقرون للاحتياجات الأساسية ستطول.

التحدي الأكبر هو ما يطلق عليه مجازا "إعادة إعمار" المناطق المتضررة، والتي تأتي في مقدمتها درنة، فالكارثة خلفت دمارا هائلا في المباني العامة والخاصة والطرق والجسور والسدود، كما أن السيول كشفت عن نقاط ضعف واختلالات كبيرة ينبغي تلافيها عند إعادة إصلاح ما خلّفته.

يتخوف المنكوبون والمتضررون أن يواجهوا الإهمال الذي واجهه المتضررون من الحروب التي وقعت في مناطق عدة منذ العام 2011م، حتى إذا تجاوزت المدينة الإهمال وظلت أولوية بالنسبة لمتخذي القرار فإنها يمكن أن تقع في مصيدة التجاذب السياسي أو الأعمال السريعة التي لا تفي بالغرض.

أعتقد أن الإعمار أكبر من قدرات السلطات الحالية، فهو مفهوم واسع يتعدى أعمال البناء والتشييد إلى التطوير الاقتصادي والاجتماعي وحتى الثقافي، ويتطلب استقرارا سياسيا وإداريا وموارد كافية واستراتيجية مكافئة ومؤسسات فاعلة، وجميعها مفقود في الظروف التي تعيشها البلاد اليوم.

من المتوقع أن يرتهن ملف إعادة تأهيل درنة إلى الوضع السياسي، وستطول المعاناة إذا طال النزاع، ذلك أن الفرقاء الليبيين لم ولن يفلحوا في تحييد القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عن نزاعاتهم، بل يجعلونها ضمن دائرتها وساحاتها
المؤشرات الأولية تدلل على أن الحكومة الليبية المعينة من البرلمان، برئاسة أسامة حماد، تريد الهيمنة على ملف "إعادة الإعمار"، وسارعت إلى الدعوة لمؤتمر دولي بهذا الخصوص، وإذا أصرت على المضيّ في هذه الخطوة منفردة فإنها قد تواجه صدودا وتفاعلا محدودا كونها لا تحظى بالاعتراف الدولي.

وسيكون الخيار أمام هذه الحكومة الاعتماد على الشركات المصرية لتنفيذ مبانٍ سكنية ومنشآت خدمية من مدارس ومرافق صحية وغيرها، على أمل أن يوفر لها المصرف المركزي التمويل اللازم، إلا أنها ستكون أعمالا محدودة، كما أنها يمكن أن تواجه تحديات تتعلق بالوضع السياسي منها احتمال الاتفاق على تغيير حكومي، أو تطور النزاع بشكل يحرمها من التمويل اللازم.

لذا فمن المتوقع أن يرتهن ملف إعادة تأهيل درنة إلى الوضع السياسي، وستطول المعاناة إذا طال النزاع، ذلك أن الفرقاء الليبيين لم ولن يفلحوا في تحييد القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية عن نزاعاتهم، بل يجعلونها ضمن دائرتها وساحاتها.

المَخرَج يبدأ من جهود منظمة وقوية من داخل المدينة؛ يتوفر فيها الإجماع المحلي حول جسم درناوي واحد تنشط فيه كافة كفاءات ونشطاء المدينة، ليشكل قوة ضغط تحرك المسؤولين صوب الاحتياجات المطلوبة، ويكون له دور في تقدير وتحديد تلك الاحتياجات، والمشاركة في وضع استراتيجدية إعادة تأهيل المدينة بنيويا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا والمساهمة في الإشراف على تنفيذها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه درنة ليبيا الإعمار ليبيا اعصار درنة الإعمار انقسامات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

«حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال .. الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية

«حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال أفكار متداولة لصفقة جديدة مقبولة إسرائيلياً لوقف إطلاق النار تشمل تسليم غزة لـ «السلطة» • الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة في مصارفها وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية

الجريدة الكويتية– القدس
فلسطينيون في موقع غارة إسرائيلية بخان يونس جنوب غزة أمس (رويترز) ضمن أفكار طُرِحت لوقف إطلاق النار في غزة، تلقت «حماس» عرضاً عن صفقة وافقت عليها إسرائيل، يتضمن بعضها إمكانية وقف إطلاق النار وانسحاب الاحتلال من القطاع، مقابل خروج الحركة من غزة إلى السودان. مع اقتراب موعد الذكرى السنوية الأولى لعملية «طوفان الأقصى» التي أطلقت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كشف مصدر مطلع لـ «الجريدة» عن أفكار جديدة متداولة لوقف إطلاق النار، تقضي بخروج قادة حركة حماس وجميع مقاتليها بشكل آمن من غزة إلى السودان. وقال المصدر إن إحدى الأفكار تقترح انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، وإتمام صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين، على أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة القطاع، مقابل خروج «حماس» عبر معبر رفح إلى مصر، وبعدها إلى السودان، حيث ستحصل الحركة على مكاسب مالية وسياسية. ولفت إلى أن هذا المقترح لاقى استحساناً لدى الأطراف المعنية بوقف الحرب، التي تقترب من نهاية عامها الأول، في مساعٍ لإنجاز صفقة التبادل بين الطرفين، مبيناً أن إسرائيل وافقت على المقترح وتم نقله إلى الحركة على يد وسيط خليجي بدعم دولة عربية. وبحسب المصدر، فإن الجيش السوداني وافق على استضافة جميع قادة «حماس» ومقاتليها على أراضيه، مع تحرير أموالهم المحتجزة في البنوك السودانية وتسليمهم كل العقارات والأموال والمحطة التلفزيونية التي كانت تملكها الحركة في الخرطوم إبان حكم الرئيس المعزول عمر البشير. وأوضح أن الوسطاء يعملون على إقناع حماس وإسرائيل بباقي تفاصيل الصفقة المقترحة، مبيناً أن أساسها سيكون مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن. وأشار إلى أن الفكرة تولدت بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وقياداته، وحالة الارتباك والبلبلة الحاصلة في المنطقة، وصرف الأنظار إلى الشمال والحرب في لبنان، معتبراً أن هذا الأمر قد يسهل على قادة «حماس» قبول المقترح، والخروج من غزة، مع تسليم السلطة الفلسطينية الأمور الإنسانية والمدنية فيها تحت رعاية مصر في المرحلة الأولى.

https://www.aljarida.com/article/76826
اقرأ المزيد: https://www.aljarida.com/article/76826  

مقالات مشابهة

  • عميد بلدية سبها: أكثر من 3 آلاف منزل متضرر جراء سيول الأمطار الأخيرة التي شهدتها المدينة
  • السودان: السيول والفيضانات خلفت 179 وفاة و235 إصابة
  • شاب يفقد حياته غرقاً أثناء محاولته عبور السيول بدراجته النارية
  • أبو النجا: تعاقدنا مع 669 معلما جديداً لتعويض النقص في درنة
  • «حماس» تدرس الخروج إلى السودان مقابل انسحاب إسرائيل واستعادة أموال .. الخرطوم تتعهد بتحرير أرصدة الحركة وإعادة عقاراتها ومحطتها التلفزيونية
  • دعاهم الى الخروج من البلدة... مزاح في روم أصاب سكّانها بالهلع وأمن الدولة أوقفت الفاعل
  • و أنت عائد إلى بيتك فكر في تلك المدينة الصامدة التي غيرت مجرى الحرب
  • الخروج عن سلطة عيال دقلو وترك القتال في صفوفهم هو البداية
  • مواطنون يعثرون على ألغام وعبوات ناسفة جرفتها السيول في غرب تعز
  • معرض صوت المرأة يلقي الضوء على التحديات التي تواجه المرأة المبدعة بالإمارات