نشر جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة النسخة المُجتمعيَّة من تقريره السنوي لعام 2022م، وهو في رأيي الشخصي ورأي كثير من المتابعين تقرير متكامل يسلِّط الضوء على الجهد الكبير الذي يبذله الجهاز لتحسين الأداء الحكومي ودَوْره الفاعل في حماية الأموال العامَّة، وتعامله القانوني مع المخالفات الإداريَّة والماليَّة التي توصَّل إلى ملابساتها من خلال أدواته التي مكَّنها له القانون، الأمْرُ الذي كان له الأثر الطيِّب في نفوس المواطنين، ولامس همومهم ومطالبهم الدَّائمة بأهمِّية التدقيق والمتابعة على أداء الوزارات والهيئات والشركات الحكوميَّة؛ لِمَا في ذلك من أهمِّية في تقويم الأداء الحكومي بما يضْمَن سلامة إجراءاتها وجودة الخدمات التي تُقدِّمها للمواطنين .


أكثر ما جذب اهتمام المواطنين خلال تفاعلهم مع محتوى التقرير؛ تمكُّن جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة من استرداد ما مجموعه 97.8 مليون ريال في عامَيْ 2021 و2022م، وهو مبلغ ليس هيِّنًا سيُسهم في تعزيز الموازنة العامَّة، وصدور أحكام قضائيَّة ضدَّ مَن سوَّلت لَهُم أنفُسُهم العبث بالمال العامِّ.
وممَّا يشدُّ الانتباه أيضًا أنَّ ملف التعدين نال نصيبه من متابعة رقابيَّة تمخَّض عَنْها الكشف عن العديد من المخالفات في هذا القِطاع المُهمِّ نتيجة ضعف الرقابة والمتابعة من قِبل الجهات المعنيَّة، وترك الحبل على الغارب لبعض الشركات في استثمار ثروات الوطن دُونَ مقابل، ومن ذلك عدم تحصيل رسوم وغرامات وتجديد التراخيص من قِبل هيئة البيئة لعدد 676 تصريحًا رغم مرور فترة طويلة!
كما شمل التقرير العديد من الملاحظات عن تأخُّر المواعيد الطبيَّة، وهذا الأمْرُ يُعدُّ معاناة إنسانيَّة قَبل أن يكُونَ ملاحظة إداريَّة، حيث يعاني المواطنون من طول انتظار مواعيدهم. الطبيَّة المهمَّة، وبعضها حالات حرجة تحتاج إلى تدخُّل طبِّي سريع كأمراض القلب، ممَّا يضطر بعضهم إلى مراجعة المستشفيات والمراكز الطبيَّة الخاصَّة ويتكبَّدون ـ في سبيل ذلك ـ أموالًا طائلة تفوق إمكاناتهم وتحمُّلهم.
الملاحظات التي أبداها التقرير عن الحالة الإنشائيَّة لبعض المدارس وتقادم بعضها الآخر، وارتفاع عدد الطلبة في الصفوف فوق الطَّاقة الاستيعابيَّة في (549) مدرسة هي الأخرى حازت على اهتمام المواطنين؛ نظرًا لأهمِّية قِطاع التعليم لتنشئة وإعداد أجيال المستقبل على الوجْهِ الأمثل، وأيُّ خللٍ في هذا القِطاع سيكُونُ له آثار سلبيَّة بعيدة المدى، وعلى وزارة التربية والتعليم في قادم الأيَّام أهمِّية مراجعة القدرة الاستيعابيَّة للمدارس وحالتها الإنشائيَّة، حيث أصبح بعضها في حالة يُرثى لها، كما أنَّ تزايد أعداد الطلبة في عددٍ من المحافظات يحتاج إلى نظرة مدروسة وعاجلة حتَّى لا تتضاعفَ الآثار السلبيَّة المترتِّبة على ذلك.
من جانب آخر لَمْ يتطرق التقرير إلى قِطاع مُهمٍّ يلامس هموم المواطن كُلَّ يوم، ألَا وهو خدمتَا الماء والكهرباء والجدل الحاصل حَوْلَ أداء الشركة المزوِّدة لهاتَيْنِ الخدمتَيْنِ والارتفاع المُطَّرد لقِيمة الفواتير دُونَ أن تلتفتَ الشركة لمعاناة المواطنين المستمرَّة واستغاثاتهم اليوميَّة.
إلى ذلك يُلاحظ انخفاض عدد البلاغات التي تقدَّم بها المواطنون خلال العام الواحد (587 بلاغًا عام 2022)، وهنا أدعو المعنيِّين في جهاز الرقابة الماليَّة والإداريَّة للدَّولة إلى إعداد خطَّة منهجيَّة لتعزيز المبادرة لدى المواطنين لتقديم البلاغات عن أيِّ ملاحظات أو حتَّى شبهات تتعلق بأداء الجهات الحكوميَّة التي يتعاملون معها في حياتهم اليوميَّة.
وبقِيَ القول إنَّ على الحكومة في قادم الأيَّام تعزيز أدوات التمكين لدى جهاز الرقابة ورفده بأفضل الكوادر المدرَّبة لمساعدته على أداء دَوْره الرائد والمُهمِّ بالشكل الذي يرضي طموح المواطنين، ويُعزِّز من تقويم الأداء الحكومي وفق الرؤية الواعدة (عُمان 2040) كمرجع وطني للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي.

سعيد بن محمد الرواحي
كاتب عماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الأداء الحکومی جهاز الرقابة

إقرأ أيضاً:

أمام صمت وزارة صديقي..تقرير أوروبي يؤكد تعرض المغرب لمخاطر سببها الجفاف

زنقة20ا علي التومي

كشف التقرير الاوروبي نصف السنوي بمؤشر المخاطر لسنة 2024″، الذي صدر اخيرا عن مركز “إنفورم” التابع للمفوضية الأوروبية، ان مؤشر المخاطر في المغرب، بشكل عام ليس مرتفعا، حيث سجل معدلا منخفضا نسبيا بلغ 3.5 درجات من أصل 10 درجات.

ووفق التقرير ذاته، فإن درجة احتمال تعرض المغرب لخطر الكوارث الطبيعية يبلغ 4.3 درجات، حيث يظل الجفاف أكثر هذه المخاطر المهددة للمغرب بنحو 6.4 درجات يليه خطر الفيضانات النهرية “5.1 درجات” ثم الفيضانات الساحلية “5 درجات” وخطر التسونامي “4.5 درجة”، والزلازل “4.4 درجات”، ثم خطر الأوبئة “3.5 درجات”.

وكان التقرير الأوروبي قد صنف المغرب في المرتبة 88 عالميا ضمن قائمة الدول المعرضة للمخاطر الطبيعية والأزمات الإنسانية ومدى جاهزيتها للتعامل معها، وذلك من بين 194 دولة شملها نفس التصنيف.

مقالات مشابهة

  • عدد ضحايا طرق الهجرة الإفريقية يفوق ما يبتلعه البحر مرتين وفق تقرير أممي
  • أمام صمت وزارة صديقي..تقرير أوروبي يؤكد تعرض المغرب لمخاطر سببها الجفاف
  • تقرير غربي يكشف عن سيناريو مرعب للحرب المحتملة بين إسرائيل وحزب الله
  • عضو بـ«الشيوخ»: تغييرات الحكومة تهدف لتحسين الأداء وتلبية احتياجات المواطنين
  • النائبة عايدة نصيف: التغييرات في الحكومة تهدف عادةً إلى تحسين الأداء الحكومي وتلبية احتياجات المواطنين
  • "مستقبل وطن": التشكيل الوزاري جاء في إطار توجيهات القيادة السياسية بتطوير الأداء الحكومي
  • «شباب مصر»: التغيير الحكومي يعكس خطة الدولة لتعزيز النمو الاقتصادي
  • الخيانة والعناد.. تقرير يرصد أسباب الطلاق في السنوات الخمس الأولى من الزواج بالعالم العربي
  • محافظ القاهرة: نسعى لتحسين مستوى معيشة المواطنين والعناية بمحدودي الدخل
  • رئيسية مجلس الشورى تقر تقرير لجنة الزراعة والاسماك