جريدة الوطن:
2025-04-02@18:42:25 GMT

من المقاهي إلى الفضائيات

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

من المقاهي إلى الفضائيات

لا يراودني الشك قط في انكماش ظاهرة «المقهى» عَبْرَ الحواضر العربيَّة بعد أن كانت من المشتملات الأولى لكُلِّ حيٍّ جديد: فكان المقهى ملاذ رجال الحي، كما كان المكان المفضَّل لقضاء شبيبة الحيِّ أوقات فراغهم في الألعاب البريئة كالشطرنج و»الدومينو» والطاولة. بل إنَّ بعض مقاهي شارع السعدون ببغداد أضافت ألعابًا أوروبيَّة لَمْ تكُنْ معروفة في عالَمنا العربي من ذي قبل، مِثل لعب «البليارد».


وقَدْ لعبَ المقهى دَوْرًا سياسيًّا عَبْرَ عقود القرن الماضي، إذ شهد السجالات والمناقشات السِّياسيَّة السَّاخنة، حيث يتمُّ اعتماد قبضات اليد والسواعد السمراء أدواتٍ لحلِّ النقاشات والخلافات، ناهيك عن لوذ البعض بكراسي المقهى وطاولاته كأسلحة بيضاء لفضِّ النزاعات السِّياسيَّة أحيانًا، لسوء الطالع.
ومن الطبيعي أن تستجيبَ الحواضر العربيَّة لحركة التغيير الاجتماعي والذَّوق الذي طرأ خلال العقود الأخيرة فأصبح المقهى مكانًا لــ»للشَّباب» الذين يستسيغون اجترار الذكريات مع أقداح الشَّاي أو فناجين القهوة أو الشَّاي الحامض Lemon Tea. وبَيْنَما استقرَّ أمْرُ المقهى في المدينة العربيَّة لصالح «الختياريَّة» المُغرَمين بالاستذكارات، راح الشبَّان يفضلون التجوال في «المولات» أو تبادل الزيارات أو التردُّد على الملاعب الرياضيَّة لمشاهدة مباريات «الدَّوْري» بهذه اللعبة أو تلك! أمَّا الطعنة النجلاء القاتلة التي تلقَّاها المقهى كَيْ يلفظَ أنفاسه الأخيرة لِيغدوَ «أثَرًا بعد عَيْن»، فقَدْ كان «غزو» الفضائيَّات فضاء المُدُن والقُرى العربيَّة: فبعدما كان الشبَّان يرتادون المقهى لاحتساء الشَّاي ولعبِ الدومينو أو الطاولة، راح أقرانهم في الجيل التَّالي يفضِّلون مشاهدة المسلسلات والأفلام التركيَّة والمصريَّة، من بَيْنِ سواها على سبيل قضاء أوقات فراغهم، من أجْل «قتل الوقت»، كما يفضِّل البعض القول خطأً وظلمًا لأنفُسِهم وللنشء الجديد ممَّن يُسمون بـ»الفقع الجديد»!
وتأسيسًا على متابعتي لانكماش «ظاهرة المقهى» في الحواضر العربيَّة ولسرعة انحسارها، أتوقع أن تختفيَ المقاهي عَبْرَ جيلٍ أو جيلَيْنِ، كما ويُمكِن أن تحلَّ محلَّها أماكن لهوِ وقضاء وقتٍ من نَوْع جديد كالنوادي ومراكز التمارين الرياضيَّة، ناهيك عن فضاءات التسوُّق الكبرى التي تمتصُّ فوائد الطَّاقة والوقت لدى الشبيبة بكُلِّ كفاءة.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

كهرباء السودان تحذر من ظاهرة خطيرة وترسل إنذار أخير

متابعات ـ تاق برس  حذرت الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء المحدودة، بتطبيق لائحة المخالفات وفرض رسوم على كل من يثبت عليه سرقة التيار الكهربائي والتعدى على الشبكة العامة عبر استخدام “الجبادات”. وعزت الشركة في بيان، الخطوة إلى تحميل المحولات بالمنطقة والذي يظهر جلياً في الفصل المتكرر للتيار الكهربائي مما أدى إلى اللجوء إلى تخفيف الاحمال عبر البرمجة. وحذرت ادارة توزيع امدرمان من التمادي في استخدام “الجبادات ” والتعديات على الشبكة والعمل على إزالة المخالفات فورا. ونوهت إلى أن مكاتبها فى(الثورة التاسعة، مدينة النيل ،صابرين و الريف الشمالي) تعمل بصورة يومية من الساعة 8 صباحا وحتى 2 ظهرا. وقالت الشركة السودانية لتوزيع الكهرباء  إن هذا التحذير بمثابة انذار نهائي ، وستكون هنالك حملات قانونية لمعالجة الخلل الذي أحدثته الممارسات السالبة في الشبكة. كهرباء السودان

مقالات مشابهة

  • غاز العدو احتلال: السُّلطة إذ تُحوّل المُعارضة إلى ظاهرةٍ صوتيّة بلا قيمة سياسيّة
  • تاجر في اعتصام لاسترداد محله في سوق الجملة بالدار البيضاء
  • ظاهرة لن تتكرر قبل عام 2100.. النجم المتألق على وشك الانفجار
  • تفاصيل برنامج حمدين صباحي الجديد على إحدى الفضائيات العربية
  • ظاهرة غامضة في عدن.. مياه البحر تتقدم 300 متر وتثير الذعر!
  • العربي يعبر الساحل في كأس ولي العهد
  • عيد الفطر في مصر طقسًا دينيًا لا يشبه سواه بالعالم العربي والإسلامي.. صور
  • بعد حادثة طعن.. علماء الدين في كوردستان يحذرون من ظاهرة الأسلحة البيضاء
  • العيدية في التراث العربي.. من النشأة إلى الزمن الراهن
  • كهرباء السودان تحذر من ظاهرة خطيرة وترسل إنذار أخير