جريدة الوطن:
2024-11-08@16:55:00 GMT

من المقاهي إلى الفضائيات

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

من المقاهي إلى الفضائيات

لا يراودني الشك قط في انكماش ظاهرة «المقهى» عَبْرَ الحواضر العربيَّة بعد أن كانت من المشتملات الأولى لكُلِّ حيٍّ جديد: فكان المقهى ملاذ رجال الحي، كما كان المكان المفضَّل لقضاء شبيبة الحيِّ أوقات فراغهم في الألعاب البريئة كالشطرنج و»الدومينو» والطاولة. بل إنَّ بعض مقاهي شارع السعدون ببغداد أضافت ألعابًا أوروبيَّة لَمْ تكُنْ معروفة في عالَمنا العربي من ذي قبل، مِثل لعب «البليارد».


وقَدْ لعبَ المقهى دَوْرًا سياسيًّا عَبْرَ عقود القرن الماضي، إذ شهد السجالات والمناقشات السِّياسيَّة السَّاخنة، حيث يتمُّ اعتماد قبضات اليد والسواعد السمراء أدواتٍ لحلِّ النقاشات والخلافات، ناهيك عن لوذ البعض بكراسي المقهى وطاولاته كأسلحة بيضاء لفضِّ النزاعات السِّياسيَّة أحيانًا، لسوء الطالع.
ومن الطبيعي أن تستجيبَ الحواضر العربيَّة لحركة التغيير الاجتماعي والذَّوق الذي طرأ خلال العقود الأخيرة فأصبح المقهى مكانًا لــ»للشَّباب» الذين يستسيغون اجترار الذكريات مع أقداح الشَّاي أو فناجين القهوة أو الشَّاي الحامض Lemon Tea. وبَيْنَما استقرَّ أمْرُ المقهى في المدينة العربيَّة لصالح «الختياريَّة» المُغرَمين بالاستذكارات، راح الشبَّان يفضلون التجوال في «المولات» أو تبادل الزيارات أو التردُّد على الملاعب الرياضيَّة لمشاهدة مباريات «الدَّوْري» بهذه اللعبة أو تلك! أمَّا الطعنة النجلاء القاتلة التي تلقَّاها المقهى كَيْ يلفظَ أنفاسه الأخيرة لِيغدوَ «أثَرًا بعد عَيْن»، فقَدْ كان «غزو» الفضائيَّات فضاء المُدُن والقُرى العربيَّة: فبعدما كان الشبَّان يرتادون المقهى لاحتساء الشَّاي ولعبِ الدومينو أو الطاولة، راح أقرانهم في الجيل التَّالي يفضِّلون مشاهدة المسلسلات والأفلام التركيَّة والمصريَّة، من بَيْنِ سواها على سبيل قضاء أوقات فراغهم، من أجْل «قتل الوقت»، كما يفضِّل البعض القول خطأً وظلمًا لأنفُسِهم وللنشء الجديد ممَّن يُسمون بـ»الفقع الجديد»!
وتأسيسًا على متابعتي لانكماش «ظاهرة المقهى» في الحواضر العربيَّة ولسرعة انحسارها، أتوقع أن تختفيَ المقاهي عَبْرَ جيلٍ أو جيلَيْنِ، كما ويُمكِن أن تحلَّ محلَّها أماكن لهوِ وقضاء وقتٍ من نَوْع جديد كالنوادي ومراكز التمارين الرياضيَّة، ناهيك عن فضاءات التسوُّق الكبرى التي تمتصُّ فوائد الطَّاقة والوقت لدى الشبيبة بكُلِّ كفاءة.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: ترامب من ظاهرة إلى واقع .. وهزيمة ساحقة لـ هاريس

أكد محمود محيي الدين، الخبير العسكري والباحث في شؤون الأمن القومي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحوّل من كونه ظاهرة في انتخابات 2019 إلى قوة واقعية في الانتخابات الرئاسية الامريكية الحالية لعام 2024 أمام مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس.

وأوضح محيي الدين، خلال لقائه مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج "على مسئوليتي" على قناة صدى البلد، أن الشعب الأمريكي أدرك جيدًا قدرات ترامب الاقتصادية، حيث استطاع نيل ثقة الأمريكيين بالكامل بصفته رجل دولة قوي وليس شخصية ضعيفة. 

وأضاف أن هذا الإدراك ساهم في تحقيق فوز كبير له في الانتخابات.

وأشار الخبير العسكري إلى أن الحزب الديمقراطي تعرّض لهزيمة شاملة في انتخابات 2024 أمام ترامب، إذ لم تتمكن كامالا هاريس من تقديم نفسها بشكل فعال للشعب الأمريكي، مما جعلها فريسة سهلة للهجمات السياسية من ترامب وحلفائه.

وفي سياق متصل، أوضح العميد محمود محيي الدين أن ترامب نجح في تقديم نفسه للأمريكيين، بمن فيهم الجاليات المسلمة، على أنه حامي القيم الدينية ويحترم الحقوق والواجبات لكل عرق ودين، هذا التوجه أدى إلى دعم قوي من الجاليات المسلمة في أمريكا لصالحه، في مواجهة كامالا هاريس.

مقالات مشابهة

  • السكة الحديد: رشق القطارات بالحجارة ظاهرة خطيرة يجب التصدي لها
  • «ظاهرة ليل» يُشعل سباق يوفنتوس وميلان!
  • معلق على جرف..هل تجرؤ على احتساء القهوة بهذا المقهى في الصين؟
  • عضو بالشئون الإسلامية: ظاهرة الإلحاد لا تقل خطورة عن الإرهاب
  • ظاهرة جوية تضرب حائل بالسعودية|تفاصيل
  • خبير عسكري: ترامب من ظاهرة إلى واقع .. وهزيمة ساحقة لـ هاريس
  • النائب علي بدر: قانون الإجراءات الجنائية الجديد يقضي على ظاهرة تشابه الاسماء
  • محافظ الفيوم يترأس حملة موسعة لرفع إشغالات المقاهي والمحال التجارية
  • محافظ الفيوم يوجه بغلق وتشميع معرضي سيارات ورفع إشغالات المقاهي والمحال التجارية
  • متطرف ضد الوجود العربي في فلسطين.. كل ما تريد معرفته عن يسرائيل كاتس وزير دفاع الاحتلال الجديد