قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن إسرائيل بصدد بدء استراتيجية مختلفة ضد حركة "حماس" وقطاع غزة، قد تفضي إلى إجبار جيش الاحتلال على تنفيذ اجتياح بري عنيف للقطاع، بعد الفشل الاستخباراتي والدفاعي الكبير الذي كشف عنه الهجوم الكاسح الأخير الذي نفذته الحركة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة وبقية مدن دولة الاحتلال.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير للصحيفة، طلب عدم كشف هويته، إن هذا الهجوم واسع النطاق، الذي كان ناجحاً في معظمه من وجهة نظر الحركة الفلسطينية، "فاجأ جهاز الاستخبارات وكشف عن بعض الإخفاقات الكبيرة لدى مؤسسة الدفاع الإسرائيلية".

وأشار إلى أنه "سيؤدي لتغيير الاستراتيجية العامة لإسرائيل تجاه الحركة وقطاع غزة"، وهو ما رأت الصحيفة أنه سيكون له تأثير بعيد المدى على الشرق الأوسط بأكمله.

وأضاف المسؤول، أن "اختيار تاريخ الهجوم لم يكن مصادفة على الأرجح، لكنه اختيار دقيق من قبل (حماس)، إذ اختارت تاريخاً يُنظر إليه على أنه يمثل صدمة وطنية"، لافتاً إلى أن المفاجأة الاستخباراتية، فضلاً عن قدرة الحركة على عبور الحدود والتسبب في خسائر فادحة، تذكر بشكل لافت بحرب عام 1973.

اقرأ أيضاً

كيف تعمق عملية طوفان الأقصى أزمات اقتصاد إسرائيل وتقودها نحو المجهول؟

اجتياح بري لغزة

وحذر المسؤول من أن إسرائيل "سترد بقوة على الهجوم"، لافتاً إلى أنها "قد تغير استراتيجيتها، وربما تشن غزواً برياً داخل غزة، وذلك على الرغم من النتيجة الكارثية لهذا الأمر، إلا أنها قد تشعر أن (حماس) لم تترك لها أي خيار".

ونفذت حركة "حماس" هجوماً واسعاً مباغتاً في محيط قطاع غزة حمل اسم "طوفان الأقصى"، إذ اقتحم مقاتلون فلسطينيون بلدات إسرائيلية عدة، بالتزامن مع إطلاق نحو آلاف الصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، إذ أودى الهجوم غير المسبوق، بحياة نحو 300 إسرائيلي، وأسفر عن أسر ما يقارب 50 إسرائيلياً، بينما أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، ارتفاع عدد الجرحى إلى 1590 بينهم نحو 300 بحالة خطرة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اعتبر الهجوم، "حرباً، لا مجرد عملية عسكرية"، وأعلن استدعاء قوات الاحتياط لإعادة السيطرة على البلدات الإسرائيلية، والشروع في رد "يكبد العدو ثمناً فادحاً".

اقرأ أيضاً

تقديرات عبرية باختطاف 100 إسرائيلي واقتيادهم إلى غزة

استراتيجية سابقة فاشلة

وقالت "نيويورك تايمز"، إن الاستراتيجية الإسرائيلية تتلخص في "احتواء القتال ضد المسلحين في قطاع غزة ما دامت أعداد القتلى في صفوفها ليست مرتفعة للغاية، الأمر الذي قد يضطرها إلى الانخراط الآن في غزو بري شامل".

وذكرت أن إسرائيل "ظلت حتى الآن قادرة على احتواء (حماس) وغزة من خلال استراتيجية تعتمد على شبكة استخباراتية قادرة على التحذير مسبقاً من تحركات الحركة، وكذلك على قدرة الجيش الإسرائيلي على صد الغزو البري الذي قد تشنه، ولكن هذه الضمانات أثبتت فشلها في هجوم السبت الذي شنته (حماس)".

وأشارت الصحيفة، إلى أن هذه الاستراتيجية فشلت بعد مرور 50 عاماً على اليوم الذي بدأت فيه حرب أكتوبر عام 1973، ما يجعل فكرة أن إسرائيل لم تكن على عِلم بشأن هذا الهجوم "أكثر إثارة للدهشة".

وكانت إسرائيل قد استثمرت موارد هائلة في تحقيق أكبر قدر ممكن من الاختراق الاستخباراتي لنظام الحركة في غزة، ما أعطاها كميات كبيرة من المعلومات حول معظم مبادرات الحركة، كما ساعد أيضاً في تحديد أماكن العديد من قادتها وقتلهم، ولكن اليوم باءت كل هذه الجهود بـ"الفشل"، بحسب الصحيفة.

اقرأ أيضاً

صدمة وفشل وكابوس.. كيف رأت الصحف العبرية عملية طوفان الأقصى؟

ثمن باهظ

في السياق، أعرب 4 رؤساء وزراء إسرائيليين متعاقبين عن رأيهم بشكل متكرر بأن ثمن غزو واحتلال قطاع غزة من أجل سحق "حماس" سيكون باهظاً للغاية، سواء لحياة الجنود الإسرائيليين أو الفلسطينيين.

ونقلت الصحيفة عن 3 مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن تل أبيب واصلت التصرف بهذه الطريقة، رغم علمها أن حركتي "حماس" و"الجهاد الفلسطيني"، تلقتا التمويل والتدريب والأسلحة والمعدات القتالية والاستخباراتية من إيران، وأن هذه الجماعات قد أصبحت أقوى من قبل.

وأضاف أحد هؤلاء المسؤولين، أنه على الرغم من أن الاستخبارات الإسرائيلية جمعت بعض المؤشرات على أن "حماس" تخطط لشن عملية كبيرة، فإنها كانت بعيدة عن تكوين صورة واضحة عن الأمر.

ورجح المسؤول "عدم استيعاب إسرائيل" لحجم الاستعدادات التي كانت مطلوبة لـ 250 عضواً من "حماس"، الذين تم تكليفهم بقيادة الهجوم واستهداف القواعد العسكرية والمدن.

اقرأ أيضاً

البيت الأبيض يستبعد تأثر التطبيع الإسرائيلي السعودي بعملية طوفان الأقصى

قصور استخباراتي

من جانبهم، قال مسؤولون أمريكيون للصحيفة، إن كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة كانتا "على عِلم بأنه من الممكن أن تشن حماس هجوماً في مرحلة ما أو حتى إن الأمر قد يكون مرجحاً"، لكنهم ذكروا أنه لم يكن هناك تحذير تكتيكي محدد بشأن الضربات التي وقعت السبت، كما لم تكن هناك إشارة تسمح لإسرائيل باتخاذ إجراءات محددة.

بدوره، قال ميك مولروي، وهو ضابط سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية CIA ومسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون"، إن "مدى تعقيد الهجوم الذي نفذته حماس يشير إلى أنه تطلب الكثير من الاستعدادات".

وأضاف: "كانت هناك مؤشرات محتملة على جمع الذخائر وإعداد القوة الهجومية، كما كان هناك نشاط إلكتروني في إسرائيل قبل الهجوم".

اقرأ أيضاً

الحصيلة الأولية لطوفان الأقصى.. 200 شهيد في غزة و40 قتيلا إسرائيليا وأسر العشرات

بطء حركة الجيش وضعف المؤسسة الأمنية

ولفتت الصحيفة إلى أنه على الرغم من علم الجيش الإسرائيلي بإمكانية قيام "حماس" بغزو بري للاستيلاء على قواعد عسكرية على طول الحدود، وإلمامها بمدى استعدادها لمثل هذا الاحتمال، فإن الجيش بعد أن علم بالهجوم "كان بطيئاً ومتعثراً في الوصول إلى العديد من الأماكن وفهم ما كان يحدث فيها ومحاولة تقديم المساعدة، ما اضطر العديد من السكان للدفاع عن أنفسهم بأسلحة بدائية الصُنع، ما مكن "حماس" من تحقيق تقدم وأسر الجنود واحتجاز الرهائن.

ووفقاً للصحيفة، فإن مقاطع الفيديو التي التقطتها "حماس" خلال العملية، والتي تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية باعتبارها "منخفضة المستوى وضعيفة ومتفاجئة ومُهانة".

المصدر | نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة حماس المقاومة الفلسطينية العلاقات الإسرائيلية الأمريكية طوفان الأقصى اقرأ أیضا إلى أنه إلى أن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: واشنطن تضغط لتجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم السبت، أن الولايات المتحدة تضغط من أجل تجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، مشيرة إلى أن الدبلوماسية المكثفة الأخيرة تهدف إلى تجنب صراع يمكن أن يضع الولايات المتحدة مباشرة في مواجهة إيران.

إيران تحذر إسرائيل من حرب إبادة حال مهاجمة لبنان إيران: تمديد فترة التصويت للانتخابات الرئاسية الـ 14 ساعتين إضافيتين

وذكرت الصحيفة - في سياق تقرير - أن الولايات المتحدة في خضم حملة دبلوماسية مكثفة لمنع حرب شاملة بين إسرائيل وقوات حزب الله في لبنان، مع تزايد المخاطر من أن أي من الجانبين قد يبدأ معركة إقليمية أوسع، موضحة أنه في الأيام الأخيرة، ضغط المسؤولون الأمريكيون على نظرائهم الإسرائيليين ونقلوا رسائل إلى قادة حزب الله بهدف تجنب صراع إقليمي أوسع يخشون من أنه قد يجر إليه كل من إيران والولايات المتحدة.

والتقى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، مع العديد من مسؤولي إدارة بايدن في واشنطن هذا الأسبوع، لمناقشة التوترات المتصاعدة على طول الحدود الشمالية مع لبنان. وجاءت تلك الزيارة في أعقاب زيارة قام بها الأسبوع الماضي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر.

وفي الأسبوع الماضي أيضاً، قام مسؤول كبير في البيت الأبيض، وهو عاموس هوشستين، الذي اضطلع بدور دبلوماسي غير رسمي للتوسط بين الجانبين، بزيارة إسرائيل ولبنان.. وحذر هوشستاين، حزب الله، الذي تدعمه إيران، من أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على كبح جماح إسرائيل إذا ما دخلت في حرب شاملة مع هذه الجماعة المسلحة.

وكثيرا ما تبادلت إسرائيل وحزب الله، الخصمان اللدودان لعقود، إطلاق النار على طول الحدود الشمالية لإسرائيل. وبعد أن أدت الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر الماضي إلى هجوم إسرائيلي عنيف في غزة، بدأ حزب الله إطلاق النار على إسرائيل وخاصة ضد أهداف عسكرية إسرائيلية في شمال إسرائيل لإظهار التضامن مع حماس.

وقد اشتدت حدة القتال في الأسابيع الأخيرة، كما أدى تقليص العمليات القتالية التي نفذتها إسرائيل في غزة إلى تحرير المزيد من قواتها استعداداً لهجوم محتمل في الشمال.

وتقول الصحيفة إن السيناريو الكابوس بالنسبة للمسؤولين الأمريكيين سيكون تصعيدا تتبادل فيه إيران وإسرائيل الضربات بشكل مباشر للمرة الثانية.. ففي جولة أخرى من هذا القبيل، قد لا تكون الولايات المتحدة قادرة على السيطرة على التصعيد المتبادل كما فعلت في أبريل الماضي.

وفي الوقت الحالي، يعتقد مسؤولون أمريكيون أن إسرائيل وحزب الله يفضلان التوصل إلى حل دبلوماسي؛ فقد أخبر جالانت خلال زيارته لواشنطن، المسؤولين في إدارة بايدن بأن إسرائيل لا تريد حربًا واسعة النطاق مع حزب الله، لكنها مستعدة لضرب الجماعة بشدة إذا تم استفزازها بشكل أكبر.

وقال مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأدنى في إدارة ترامب ديفيد شينكر، إن "أولوية الولايات المتحدة هي وقف التصعيد.. لا أحد من الطرفين يريد الحرب".

وأشارت الصحيفة - في هذا الصدد - إلى أن حزب الله تم تشكيله بمساعدة إيران لمحاربة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بعد غزو إسرائيل للبنان في عام 1982. وباعتباره قوة قتالية هائلة أكثر بكثير من حماس، فقد جمع حزب الله آلاف الصواريخ القادرة على تدمير المدن الإسرائيلية.

وتقدر أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن حزب الله عازم على إظهار الدعم لحماس من خلال توجيه ضربات عبر الحدود، لكنه يحاول تجنب إعطاء إسرائيل ذريعة لشن عملية توغل عبر الحدود.

ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن الحكومة الإسرائيلية منقسمة بشأن الحكمة من فتح جبهة أكبر في الشمال، وقال بعض المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم جالانت، بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر الماضي، إنه كان ينبغي على إسرائيل الرد بمحاولة تدمير كل من حماس وحزب الله.

مقالات مشابهة

  • فخاخ العسل.. استراتيجية جديدة للمقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني
  • بعد تسعة شهور من طوفان الأقصى.. هذه هي صورة الكيان من الداخل
  • "فاينانشيال تايمز": إسرائيل تستعد لاختبار نموذج تجريبي لإدارة غزة بعد الحرب لا يشمل حماس
  • معارك عنيفة تدفع عشرات الآلاف للفرار.. عملية إسرائيلية متواصلة في الشجاعية بغزة
  • هجوم بالسهام على سفارة إسرائيل في دولة أوروبية
  • تحقيق صحفي إسرائيلي ألماني يكشف تفاصيل جديدة عن عملية "طوفان الأقصى"
  • تحقيق لصحيفة إسرائيلية وألمانية يكشف تفاصيل عملية طوفان الأقصى
  • مسؤول أمريكي: الولايات المتحدة اقترحت لغة جديدة بشأن مقترح الرهائن ووقف إطلاق النار بغزة
  • مهاجم يصيب شرطيا يحرس السفارة الإسرائيلية في صربيا
  • نيويورك تايمز: واشنطن تضغط لتجنب حرب أوسع بين إسرائيل وحزب الله