من معركة حطين إلى طوفان الأقصى
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
"هذا يومٌ له ما بعده".
عبارةٌ قالها القائد صلاح الدين الأيوبي، عندما بدأت معركة حطين (4 يوليو/تموز 1187م)، المعركة الفاصلة بين المسلمين والصليبيين، وهي بالمناسبة وقعت في يوم (سبت). انتصر فيها المسلمون وحرروا المسجد الأقصى وجميع المناطق التي احتلها الصليبيون وفي مقدمتها المناطق التي كانت ضمن "مملكة بيت المقدس".
بالفعل كان ليوم حطين ما بعده، أي أن ما بعده ليس كما قبله، وهو ما قاله قادة المقاومة الفلسطينية اليوم عن عمليتهم الكبرى التي أطلقوا عليها اسم "طوفان الأقصى"، اجتاحوا المستوطنات وسيطروا على المعسكرات وهزموا قوات الجيش الإسرائيلي المدججة بأحدث وأقوى أسلحة العصر.
سبت اليوم، سجلت فيه فلسطين ومقاومتها انتصاراً جديداً يشبه ما تحقق في سبت حطين، ولو بشكل مختلف، على الأقل في مقدار ما تحقق على الأرض، لكنه يوم سيكون له ما بعده.
اقرأ أيضاً هجوم أمريكي شرس على السعودية وقطر بسبب موقفهما من الأحداث الأخيرة في فلسطين عاجل.. شرطي مصري يقتل إسرائيليين في فوج سياحي بالإسكندرية بورصة الاحتلال الإسرائيلي تخسر 6% من قيمتها بعد عملية «طوفان الأقصى» قدورة فارس: سيتم تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال قريبًا عاجل.. إسرائيل تنشر أسماء 26 قائدا وضابطا قتلوا برصاص الفصائل الفلسطينية في غزة تجدد الاشتباكات وعمليات التسلل إلى مستوطنات إسرائيلية أول تحرك سعودي بشأن الأحداث الساخنة في فلسطين الصين تخرج عن صمتها وتعلن رؤيتها لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي حزب الله تدخل خط المواجهات ويعلن رسميا استهدافها مواقع إسرائيلية أقوى رد فلسطيني على إعلان الحوثي دعم وجمع تبرعات للمقاومة: سلاحك لقتل اليمنيين وقصف بلاد الحرمين الشريفين ”فيديو” أول مقاتل يمني يستشهد أثناء قتاله مع المقاومة الفلسطينية في غلاف غزة خلال عملية طوفان الأقصى ”صور” الحوثيون يدشنون حملة جباية أموال اليمنيين باسم التبرع للمقاومة الفلسطينية (وثيقة)إسرائيل وبالنظر إلى ردة فعلها الإجرامية بقصف غزة بشكل همجي وبربري، تكرر نفسها وجرائمها التي ترتكبها منذ أكثر من سبعين سنة، الإجرام لغتها الوحيدة، تمارسه حين تنتصر وحين تنهزم، حين تنام وحين تستيقظ، حين تدخل في انتخابات وحين تخرج منها، حين تفرح وحين تحزن، فلا جديد فيها إذن. الجديد كان في الطوفان الذي خرج ليغمر المستوطنات ويجتاحها، ويستولي على المواقع العسكرية، يأسر الضباط والجنود ويسيطر على الأرض والمنشئات، ولا يزال ممسكاً زمام المبادرة سياسياً وعسكرياً وأمنياً وإعلامياً.
سيكون لهذا الحدث- كما لهذا اليوم ما بعده، بعيداً عن أحاديث المرجفين الخائفين الذين يخشون غضب إسرائيل- أو يرجون رضاها، فما حدث ليس أمراً عادياً، وإسرائيل نفسها تدرك ذلك أكثر من غيرها، اللصوص الذين تسللوا إلى الأرض ذات يوم، يدركون جيداً ما معنى أن تسحب الأرض نفسها البساط من تحت أقدام الغزاة، لينفرد به أهل الحق وأصحاب الأرض والقضية والوطن.
إسرائيل التي بنت جيشها على أساس إثارة الرعب وارتكاب الجرائم واقتحام المساكن والمزارع تقف اليوم مهزومة ذليلة وهي لا تعرف مصير وحدات من جيشها، من بقي منهم على قيد الحياة ومن طواه الطوفان، لا تعرف أعداد القتلى ولا الأسرى، وهي التي كانت تشعل الحروب لأجل الوصول إلى رفات جندي واحد. وحروبها السابقة في غزة وفي جنوب لبنان شاهدةٌ على ذلك، لكن الأمر اختلف اليوم، منذ اليوم غدا أسر جندي إسرائيلي أو حتى عدد من الجنود أمراً عادياً، بل ربما تصبح لعبة جديدة يتقنها أطفال فلسطين الذين باتوا يتناقلون أحاديث أسر الجنود الإسرائيليين باعتباره مؤشراً على الإخلاص للقضية وحب الأرض. الأرض التي طالما تعرضت للاعتداء من هذا الجيش الذي جرى توليفه من أصقاع الأرض، ليصبح في مواجهة شعبٍ ينسى أن يموت، ولكنه لا ينسى المقاومة والدفاع عن حقه.
لقد قهر أبطال المقاومة الفلسطينية اليوم إسرائيل وجيشها- كما قهروا قبل 50 عاماً، على يد أبطال الجيش المصري في الانتصار العظيم الذي تحقق في حرب أكتوبر 1973.
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: طوفان الأقصى ما بعده
إقرأ أيضاً:
غزة والعلوم الاجتماعية.. سبر أغوار المسألة الاجتماعية زمن الحرب
اعتاد "مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية" التابع لـ"جامعة قطر" في الدوحة"، أن يفكك الأسئلة الاجتماعية الشائكة، ولعل من أكثر الأسئلة الضاغطة بحثا عن الإجابات تلك التي تتفجر في زمن الحرب والإبادة.
ولقد عقد المركز مؤتمرا يناقش هذه القضية جاء تحت عنوان "تأثير الأحداث الكبرى في عالم الأفكار: غزة نموذجا"، وفيه قدمت مجموعة من الدراسات والأوراق البحثية العلمية التي تناولت واقع غزة المتدحرج والمتشابك والمعقد عقب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2023 من زوايا ومنظورات معرفية واجتماعية وفكرية متنوعة.
وفي 23 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، عقدت ندوة بحثيه بعنوان "مدى كفاءة النظريات الغربية في تفسير الواقع العربي"، وقد صدرت عن المركز أوراق الفعاليتين في كتاب حمل عنوان "غزة والعلوم الاجتماعية".
يقع الكتاب في 441 صفحة، متضمنا بين دفتيه 13 دراسة وورقة بحثية تحمل دراسة منهجية أو انطباعا ذاتيا وكل ورقة منها تصدى لها باحث أو باحثة بشكل مستقل وقد جاءت بعد مقدمة موجزة للدكتور نايف بن نهار مدير مركز ابن خلدون على النحو الآتي:
الورقة الأولى: "العدوان على غزة وأثره على اليافعين في تونس.. دراسة ميدانية"وهذه الورقة الافتتاحية من تقديم الباحث الطيب الطويلي، وقد ركز فيها على التأثيرات المعرفية والنفسية والفكرية والسلوكية للعدوان الإسرائيلي على غزة، في اليافعين التونسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاما، من خلال الاعتماد على بحث ميداني يرتكز على المنهج الكمي عبر تقنية الاستبيان التي شملت عينة من 200 تلميذ، موزعين على 4 مدارس إعدادية في تونس، كما اعتمد على المنهج الكيفي من خلال تقنية "المجموعات البؤرية" عبر حلقتين نقاشيتين أجراهما الباحث مع اليافعين.
وقد قسم الباحث الطويلي بحثه 4 أقسام مرتبطة بالتأثير المباشر للحرب على اليافعين، القسم الأول: الجانب المعرفي، والقسم الثاني: الجانب النفسي، والقسم الثالث: الجانب الفكري، والقسم الرابع: الجانب السلوكي.
الورقة الثانية: وحملت عنوان "مواقف وتصورات أعضاء هيئة تدريس العلوم السياسية في الجامعات الأردنية تجاه المقاومة الفلسطينية والدول العربية والإقليمية والحركات المسلحة قبل وبعد عملية طوفان الأقصى"وجاءت هذه الورقة التي قدمها الباحث وليد عبد الهادي عويمر لاستكشاف مواقف أعضاء هيئات التدريس في الجامعات الأردنية الرسمية وتصوراتهم تجاه المقاومة الفلسطينية في غزة، وتهدف الدراسة إلى تقديم مساهمة أكاديمية تساعد على فهم التغيرات الفكرية الناجمة عن طوفان الأقصى.
الورقة الثالثة: وقد قدمها الباحث مصطفى بخوش تحت عنوان "تأثير معركة طوفان الأقصى على الاهتمامات البحثية العربية في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية.وتهدف الدراسة لاستكشاف أثر التغير الذي سببته معركة طوفان الأقصى على اهتمامات وتوجهات الجماعة العلمية العربية للعلوم السياسية والعلاقات الدولية وذلك من خلال متابعة ما كتبه ونشره الباحثون المتخصصون في حقل العلوم السياسية والعلاقات الدولية طيلة 7 أشهر كاملة عقب معركة طوفان الأقصى.
الورقة الرابعة وجاءت تحت عنوان: "العدالة في عالم غير عادل، دور الصراعات السياسية الإقليمية والعالمية في تغيير التوجهات نحو الاعتقاد بعدالة العالم: دراسة مقارنة في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة" للباحث علي محمد سالموتهدف الدراسة إلى الكشف عن دور الصراعات السياسية الإقليمية والعالمية في تغيير الاتجاهات نحو الاعتقاد بعدالة العالم ونجاعة القوانين والمؤسسات الدولية، وقد شملت عينة الدراسة 303 شخصا، تراوحت أعمارهم بين 16 و44 عاما، وقد كشفت نتائج الدراسة عن تراجع الثقة بالقانون الدولي والمؤسسات الدولية في التعامل مع الأزمات.
الورقة الخامسة: "الخطاب النسوي يتوشح السردية الفلسطينية: غزة تعري إمبريالية النسوية العالمية" قدمتها الباحثة كلثومة أقيس.وتسعى الباحثة في ورقتها إلى استكشاف تفاعل الحركات النسوية مع جرائم الإبادة الجماعية المرتكبة في غزة، مستخدمة في دراستها المقاربة الأنثروبولوجية في تحليل مواقف وأنشطة هذه الحركة.
الورقة السادسة: وقد قدمتها الباحثة زهراء زواوي تحت عنوان "مدى ملاءمة الملاحظة الهرمية عند فوكو في تفسير حالة الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر 2023"تناقش الباحثة في ورقتها المراقبة الهرمية: المراقبة والرؤية، التي يرى فوكو أنها استخدمتها السلطة التأديبية لمراقبة الناس وبسط سيطرتها عليهم، وترى الورقة أن مفهوم المراقبة لفرض الانضباط حسب مفاهيم فوكو لايزال قادرا على تفسير طبيعة الأدوات التي لجأت إليها إسرائيل لبسط سيطرتها على الضفة الغربية.
الورقة السابعة: "مدى كفاءة نظريتي الواقعية الجديدة والليبرالية الجديدة في تفسير الحرب على غزة أكتوبر 2023" وقدمها لورد حبش وإبراهيم ربايعة.وتقدم الروقة دراسة نقدية لقيود النظريات الوضعية في العلاقات الدولية عبر استجلاب الحرب على غزة بوصفها حالة دراسة، وتبحث في الفجوة التفسيرية لدى النظريات الوضعية، وتحديدا الواقعية الجديدة والليبرالية الجديدة، لا سيما في عدم قدرتهما على تفسير الديناميكيات المعقدة لهذه الحرب.
الورقة الثامنة: من تقديم الباحثة منال محمد هشام سعيد النجار بعنوان "مدى كفاءة نظرية فان ديك المعرفية الاجتماعية في تحليل خطاب أبي عبيدة في معركة طوفان الأقصى"وتحاول الورقة البحثية دراسة نظرية فان ديك المعرفية الاجتماعية، وبيان كفاءتها التفسيرية في تحليل الخطاب، وخلصت الباحثة إلى أن هذه النظرية كان لها الأثر الفاعل في فهم خطاب أبي عبيدة، ومعانيه الحقيقية والخفية ومقاصده ومواقفه معتقداته، فمن المتعذر فهم خطابه على الوجه الأكمل دون الجاهزية المسبقة المتمثلة بالمعارف الإنسانية.
وبهذه الورقة ينتهي القسم الأول من الكتاب الذي ضم الأوراق البحثية المنهجية ليأتي القسم الثاني من الكتاب حاملا الأوراق والمقالات التي تمثل الانطباعات الذاتية على النحو الآتي.
الورقة التاسعة: للباحث عبد الله الطحاوي وجاءت تحت عنوان "أنا من بعد الطوفان"وقد قدم فيها 3 ملاحظات تمثل تجربته الذاتية وقراءته للحدث، التي يمكن اعتبارها خلاصة عدد كبير من المطولات والتحليلات والمعالجات التي نشرت في وحدة "أبعاد" التي يشرف عليها في موقع الجزيرة نت.
الورقة العاشرة وتحمل عنوان "عزم الطوفان ودراستي للعلاقات الدولية" للباحث مشاري الرويحمستعرضا فيه ما أنتجه طوفان الأقصى من بداهة البحث في العلاقات الدولية من منطلقات إسلامية للباحث المسلم، وما أثاره في نفوس الباحثين المسلمين من اللوم والارتباك والمراجعة.
الورقة الـ11: "عملية طوفان الأقصى وخطورة الانفصام بن الوجدان والفكر عند النخب الأكاديمية العربية في حقل العلوم الاقتصادية" للباحث حلو بوخاريمستعرضا فيها ما عاينه في واقع الجامعات العربية عموما وحقل العلوم الاقتصادية خصوصا من حالة انفصام شبه تام بين مرجعيتها الرئيسة والمناهج والمقررات وبرامج البحث والسياسات المنبثقة عنها، وهو ما ترتب عليه انفصاله لا عن الموضوعات التي يحتاجها المجتمع والقضايا التي يهتم بها فقط بل عن القيم والرؤى المعرفية ومنهجيات البحث التي تكونت إبان النهضة العربية الإسلامية.
الورقة الـ12: "المرء يرى العالم بوضوح أعظم من داخل نفق: اقتراب من الذات وابتعاد عن بهرج الأكاديميا" للباحثة أسماء حسين ملكاويتتحدث فيه عن تجربتها مع قراءة كتاب "تدبير المتوحد" للفيلسوف الأندلسي ابن باجه، الذي خطه في فترة حكم ملوك الطوائف للأندلس، لتقوم بإسقاط ما في الكتاب من مفاهيم على طوفان الأقصى، مستعرضة ثمرات كل من التوحد المعرفي والاشتباك المعرفي في التعامل مع المعركة التي تدور رحاها في غزة.
الورقة الـ13: "تأثير الأزمات الدولية على العمل الأكاديمي في مجال التسويق: الحرب على غزة وصورة العلامة التجارية" للباحث عثمان الذوادييهدف الباحث إلى استكشاف تأثير الصراعات الجيوسياسية والأزمات الدولية على العمل الأكاديمي في مجال التسويق، مع التركيز على الحرب على غزة وتأثيراتها في هذا المجال، كما يبحث في تأثير مقاطعة العلامات التجارية العالمية التي اعتبرت داعمة لإسرائيل خلال الحرب على جهود المسؤولية الاجتماعية للشركات وصورة العلامة التجارية.
يعد الكتاب مرجعا مهما للباحثين في العلوم الاجتماعية لسبر أغوار تأثيرات الحرب على غزة من زاوية العلوم الاجتماعية التي لا يستغني عنها باحث في العلوم الإنسانية والشرعية عموما ومن يتصدرون للقرار السياسي أيضا، ومن هنا تبرز أهمية الكتاب وفرادته.