عربي21:
2025-03-07@07:57:50 GMT

طوفان الأقصى وتداعياتها على المشهد المصري

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

لا تختلف مشاعر المصريين عن غيرهم من الشعوب العربية والإسلامية تجاه عملية طوفان الأقصى رغم عدم قدرتهم على التعبير عنها شعبيا بحكم القبضة الأمنية، بل هي أكثر تفاعلا عن غيرها بحكم العلاقة الجغرافية والتاريخية مع القطاع الذي كان جزءا من الإدارة المصرية بعد نكبة 1948.

غياب التعبير الشعبي العاجل عوّضه مؤقتا مواقف وبيانات مؤسسات مصرية رسمية أو أهلية، فبيان الخارجية المصرية كان متوازنا هذه المرة، إذ حمّل سلطات الاحتلال المسئولية عبر اعتداءاتها المتكررة ضد الشعب الفلسطيني، كما حذرها من مغبة الانتقام من الشعب الفلسطيني.

كما أصدر الأزهر الشريف بيانا داعما ومحييا للمقاومةـ وهو ما تكرر في بيان لنقابة الصحفيين وبعض الهيئات الأهلية الأخرى، ناهيك بطبيعة الحال عن موقف القوى الإسلامية وفي صدارتها جماعة الإخوان المسلمين الداعمة دوما للمقاومة.

ليس متوقعا أن يتأخر كثيرا رد الفعل الشعبي حال استمرار المعارك، فالشارع المصري محتقن هذه الأيام بسبب الأزمات الاقتصادية، وأضيفت إليها الأزمة السياسية الناتجة عن منع المواطنين من عمل توكيلات للمرشح المعارض أحمد طنطاوي وتجمهر أنصاره يوميا أمام مكاتب الشهر العقاري، وهو ما يشي باحتمال تحول تلك التجمعات إلى مظاهرات رافضة للعدوان الإسرائيلي أيضا، خاصة أن المرشح ذاته أصدر بيانا رافضا للعدوان الإسرائيلي وداعما للمقاومة الفلسطينية، وهو ليس محض موقف انتخابي تكتيكي بل تعبير عن موقف ثابت له بحكم انتمائه القومي، وبشكل عام ستنعكس تطورات المعارك في فلسطين على المشهد الانتخابي في مصر.

حالة التطبيع البارد بين مصر والكيان الصهيوني تلقت ضربة جديدة أيضا بعد هذه المعركة، لقد ثبت أن ذلك المسار وهو مسار التطبيع كان مسارا فاشلا لم تستفد منه سوى سلطات الاحتلال للتمكين لنفسها ولتحقيق أمن واستقرار الكيان، دون قبول أي جهود تسوية عربية للقضية الفلسطينية
من المفارقات أن تنطلق عملية طوفان الأقصى وتحقق انتصاراتها السريعة في ذكرى اليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر 1973، ومن المفارقات أيضا أن عنصر المفاجأة كان حاسما في المرتين، وكان سببا في إرباك العدو، وشل قدرته على مواجهة الهجمات الأولى المركزة التي أصابت أهدافها بدقة، وأوقعت تلك الخسائر الكبيرة في صفوفه، سواء في حرب 1973 أو في طوفان الأقصى 2023، ومن المفارقات أن العدو وداعمه الأكبر الولايات المتحدة لم يستطيعا التنبؤ به رغم امتلاكهما لأحدث وسائل الرصد والتجسس قديما وحديثا، ومن المفارقات أن يعلن نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري أن نجاح المجنّد المصري محمد صلاح في اقتحام الحدود الإسرائيلية ألهم المقاومة الفلسطينية بتكرار هذا العمل على نطاق أوسع.

بعيدا عن ردود الفعل المعلنة أو المحتملة، فإن لعملية طوفان الأقصى تداعيات حالية وآجلة على مصر؛ الجار الجنب للقطاع. فالنظام المصري الذي سارعت خارجيته بإصدار بيان حمّل المسئولية للجانب الإسرائيلي يستعد للعب دور وسيط، وهو سيحاول توظيف الحدث لصالحه، وتقديم نفسه للمجتمع الغربي تحديدا بقدرته على تحقيق تهدئة تضمن أمن الكيان الصهيوني، وهو الدور الذي لعبه من قبل ونال بفضله الكثير من الدعم السياسي والمادي الغربي، غير أن دولا أخرى في المنطقة سحبت البساط من تحت أقدامه تدريجيا بقيادتها قاطرة التطبيع الجديدة.

لكن من جانب آخر فإن انكسار المشروع الصهيوني سيكون انكسارا لمشروع السيسي وغيره من المستبدين المستندين للدعم الصهيوني واللوبيات الداعمه له في الغرب، ومن هنا سيحرص السيسي على تجنيب الكيان لهذه الهزيمة رغم البيان سالف الذكر والذي قد يكون استباقا لردود فعل شعبية مصرية غاضبة، أو كسبا لدعم شعبي في هزليته الانتخابية، أو حتى استقطابا لحماس لقبول وساطته.

الأمر الخطير المحتمل هو ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حين طلب من أهل غزة مغادرتها تجنبا لضربات جيشه، والمعروف أنه لا يوجد مكان للهرب سوى سيناء المجاورة، وها يعني تنفيذا عمليا لخطة إسرائيلية قديمة بتسكين الفلسطينيين في سيناء كوطن بديل، أو حتى كامتداد لقطاع غزة
حالة التطبيع البارد بين مصر والكيان الصهيوني تلقت ضربة جديدة أيضا بعد هذه المعركة، لقد ثبت أن ذلك المسار وهو مسار التطبيع كان مسارا فاشلا لم تستفد منه سوى سلطات الاحتلال للتمكين لنفسها ولتحقيق أمن واستقرار الكيان، دون قبول أي جهود تسوية عربية للقضية الفلسطينية، ومن ذلك المبادرة العربية للسلام التي أقرتها القمة العربية في بيروت 2002. وإذا كان المصريون لم يتساوقوا مع جهود التطبيع الشعبي من قبل فإن عملية طوفان الأقصى قدمت لهم مددا جديدا لمواجهة أي محاولات جديدة لإحيائه، وهو ما سيتكرر في الدول العربية الأخرى التي لحقت بقطار التطبيع أو تستعد للحاق به.

الأمر الخطير المحتمل هو ما أشار إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو حين طلب من أهل غزة مغادرتها تجنبا لضربات جيشه، والمعروف أنه لا يوجد مكان للهرب سوى سيناء المجاورة، وها يعني تنفيذا عمليا لخطة إسرائيلية قديمة بتسكين الفلسطينيين في سيناء كوطن بديل، أو حتى كامتداد لقطاع غزة. وهو مشروع يلقى رعاية دولية، وقد يروق للسيسي حتى وإن أظهر تمنعا شكليا، إذ قد يتم تقديم وعود غربية له بتعويمه اقتصاديا حال قبوله هذا المشروع الذي هيأ السيسي بعض الخطوات لتنفيذه مثل تهجير أهل سيناء من شريط حدودي عريض، وليس مستبعدا قبوله للفكرة تحت وطأة الديون وأقساطها الكبيرة التي حل أجل دفعها، وكذا في ظل تجربة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير اللتين سالت عليها ومن أجلهما دماء المصريين في حربي 1967 و1973، وتنازله عن حقوق مصر من مياه النيل.

معركة طوفان الأقصى لا تزال مشتعلة، ولا يمكن التنبؤ بنهايتها من حيث الموعد أو من حيث النتائج النهائية، وكلما طال أمدها فإن المعطيات الإقليمية والدولية ستتغير تبعا لتطوراتها، وستكون مصر بالتأكيد من أكثر المتأثرين بتلك التداعيات سلبا أو إيجابا.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المصريين الفلسطيني غزة سيناء مصر فلسطين غزة سيناء طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

طوفان انتصار.. لا انكسار

أحمد المساوى

هل رأيت جسد طفل دون رأس؟ نعم، في غزة، هل رأيت أمًا فقدت كُـلّ أبنائها في غارة واحدة؟ نعم، في غزة، هل رأيت عشرات الجثث المتفحمة، ولم تتمكّن كُـلّ أسرة من التعرف على ابنها؟ نعم، في غزة، هل رأيت شخصًا خرج لشراء الخبز، وعند عودته شاهد الصاروخ الذي ضرب منزله، وأسرته بداخله؟ نعم، في غزة، هل رأيت شابًا يحمل أشلاء أخيه الممزقة في كيس؟ نعم، في غزة، هل رأيت مقاتلًا يواجه عدوه بشجاعة تجعله يتجاوز الموت، وهو يسابقه إلى أن يصافحه بشرف؟ نعم، في غزة.

هل نقول عن ذلك قتلًا وهدمًا ودمارًا وعبثًا؟ كلا، ذلك ارتقاء إلى حياة العزّ، وتمكينٌ لمن خلفهم، وثباتٌ لمن يشاهدهم، وعزةٌ وكرامةٌ للأُمَّـة جمعاء، هل في ذلك هزيمة؟ كلا، فتلك ضريبةٌ لعزة الأُمَّــة، وأُولئك شهداءٌ أعزّهم الله بحياةٍ كريمة، لا يمكن تخيل جمالها وهم أحياء عند ربّنا، يرزقون ويضحكون ويمرحون.

هل يعقل أن يكون الشهيد منتصرًا، والنازح منتصرًا؟ نعم، عندما يكون التحَرّك لإعلاء كلمة الله.

هل الصهاينة يقصفون ويعبثون؛ لأَنَّه لا يوجد شُجعان يوقفونهم عند حدّهم؟ كلا، الشجعان كثيرون، لكن الأنظمة عميلة، وهي تقف بجانب “إسرائيل”، وتنتظر خلاص المقاومة قبل الصهاينة أنفسهم.

يعني.. السعوديّة والإمارات ومصر والأردن.. تريد التخلص من أهل غزة؟ نعم، هل يعقل هذا؟ نعم، كيف ذلك، وما السبب؟؛ لأَنَّ “الشيطان” (أمريكا وإسرائيل) هو من أوصلهم إلى الحكم، فيكون بقاؤُهم ببقائه، والسبب أن أهل غزة أرادوا أن يكونوا أحرارًا في زمن العبيد؛ ولأنّهم أرادوا العيش بكرامة، اختار لهم القريب والبعيد الموتَ؛ لأَنَّ القريب عبدٌ للبعيد، والعبد لا يزعجه القيد، إنما أن يشاهد أحدهم متمسكًا بحريته.

هل يمكن أن يستمر الوضع هكذا؟ كلا، فقبل الطوفان ليس كما بعده، وفي استشهاد أُولئك العظماء فجر الأُمَّــة الجديد.

ابحث عن قصة أصحاب الأخدود الذين أُحرقوا بالنار، والمجرمون على قتل المؤمنين شهود، والذنب الوحيد للمؤمنين هو إيمانهم بالله العزيز الحميد، والقصة جلية في سورة البروج؛ ففي استشهاد كُـلّ شهيد فجر الأُمَّــة القادم؛ وهذه هي سنن الله، وستسير هذه السنن رغم أنف أمريكا، ورغم الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية.

هكذا هي الأحداث العظام، فارقةٌ من عهد أبينا آدم، فهابيل وقابيل، امتداد لطوفان نوح، وُصُـولًا إلى طوفان الأُمَّــة الهادر الذي كتب الله لنا أن نشهده، فإيانا والتهاون عن نصرة إخواننا بكل ما نستطيع: بالدعم لهم، والدعم للقوات المسلحة اليمنية، والمقاطعة، والمسيرات التضامنية، والإعداد النفسي والجسدي، والكلمة، ناهيك عن الدعاء لحظة بلحظة.

هكذا هي أقدار الله: أن يكون الحق والباطل في صراع؛ فيصنع الله رجالًا للحق، الفرد منهم بأمة، قادرون على مواجهة التحديات مهما كانت؛ لأَنَّ سقوط الباطل لن يكون بيوم وليلة، بل إن الباطل يكون بهيجانٍ عنيفٍ، وبحضورٍ خاطفٍ يؤثر بالضعفاء، بهجمةٍ شيطانيةٍ تتفاخر بالرذائل، وبحضورٍ دنيويٍّ بحت، وبسلطةٍ وقوةٍ ونفوذٍ تحارب من ينتمي إلى الحق، وهنا يتساقط المرجفون والضعفاء والخائفون خوفًا من التنكيل، وبهذه اللحظة يحتفل الباطل بقضائه على الحق، وعندما يصل الباطل إلى قمة جبروته وظلمه وبطشه وعبثه، يتحول كُـلّ شيء إلى جندي للحق، والبحر الذي التهم جيش فرعون بعد سنين من تضحيات موسى ومن معه، هو نفس البحر الذي هاجت رياحه وأمواجه فعاث بالميناء العائم الأمريكي في غزة، وعندما لحقت ثلاث سفن لإنقاذه، جرفهن بجانب جزء من الميناء العائم إلى شواطئ أسدود، والنيران التي جعلها الله بردًا وسلامًا على إبراهيم هي النيران التي يُقدر الله أن تصنع بها كتائب الجهاد الذائدة عن الحق، وهي النيران التي تمنح أهل غزة القوة والبسالة والصمود، فتنشأ أجيال لا تخشى شيئًا، ولا تخاف لومة لائم.

مقالات مشابهة

  • محللون: تحقيق الشاباك حول طوفان الأقصى يغذي التوتر بإسرائيل
  • طوفان انتصار.. لا انكسار
  • تحقيقات جيش الاحتلال تكشف تفاصيل تصدم الإسرائيليين عن معركة نتيف هعسرا في هجوم “طوفان الأقصى”
  • “الشاباك” يكشف تفاصيل فشله المدوي في عملية طوفان الأقصى
  • تحقيق “الشاباك” يكشف الإخفاقات الكبرى قبل ملحمة طوفان الأقصى
  • الشاباك يعلن فشله بشأن طوفان الأقصى ويتحدث عن 5 أسباب أدت إليه
  • التحقيقات الإسرائيلية في طوفان الأقصى تضع نتنياهو تحت الضغط
  • بينهم أسيرة محررة في “طوفان الأقصى”.. قوات العدو تعتقل عدة فلسطينيين بالضفة
  • على خلفية الفشل في 7 أكتوبر.. رئيس “الشاباك” يعلن أنه سيستقيل من منصبه
  • اعتقالات واسعة في الضفة المحتلة بينهم اسيرة محررة في صفقة طوفان الأقصى