8 أكتوبر، 2023

بغداد/المسلة الحدث:  حينما بدأت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) هجومها المباغت على إسرائيل فإنها استهدفت أيضا الجهود المبذولة لتشكيل تحالفات أمنية إقليمية جديدة تتعلق بآمال الفلسطينيين في إقامة دولة وكذلك طموحات إيران الداعم الرئيسي للحركة.

وتزامن الهجوم الذي بدأ يوم السبت، وهو أكبر توغل داخل إسرائيل منذ عقود، مع تحركات تدعمها الولايات المتحدة لدفع السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاق دفاعي بين واشنطن والرياض، وهو أمر قد يبطئ وتيرة التقارب السعودي الإيراني في الآونة الأخيرة.

ويقول مسؤولون فلسطينيون ومصدر إقليمي إن المسلحين الذين اقتحموا بلدات إسرائيلية وقتلوا 250 إسرائيليا واحتجزوا رهائن يوجهون أيضا رسالة مفادها أنه لا يمكن تجاهل الفلسطينيين إذا ما أرادت إسرائيل أن تنعم بالأمن، وأن أي اتفاق سعودي من شأنه أن يقوض التقارب مع إيران.

وقتل أكثر من 230 من سكان غزة في الرد الإسرائيلي على الهجوم.

وقال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تحكم غزة على قناة الجزيرة التلفزيونية “نقول لكل الدول بما فيه الأشقاء العرب… هذا الكيان الذي لا يستطيع أن يحمي نفسه أمام هؤلاء المقاتلين ما بيقدر يوفرلكم أمن ولا حماية، وكل التطبيع والاعتراف بهذا الكيان… لا يمكن أن تحسم هذا الصراع… الصراع يتم حسمه في أرض الميدان”.

وأضاف مصدر إقليمي على اطلاع بتفكير إيران وجماعة حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران “هذه رسالة للسعودي الزاحف نحو الإسرائيلي غير آبه بالشعب الفلسطيني، وهذه رسالة للأمريكان الداعمين للتطبيع وللإسرائيلي، ما في أمن بكل المنطقة طالما الفلسطينيين خارج معادلاتهم”.

وتابع المصدر أن الذي “صار خارج كل التوقعات والتحليلات والسيناريوهات… هذا يوم مفصلي بالصراع”.

يأتي هجوم حماس بعد أشهر من تصاعد العنف في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وسط تزايد المداهمات الإسرائيلية وهجمات الفلسطينيين في الشوارع وهجمات المستوطنين اليهود على القرى الفلسطينية. وتدهورت أوضاع الفلسطينيين في ظل الحكومة اليمينية المتشددة التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما أن عملية السلام متوقفة منذ سنوات.

في غضون كل ذلك، أشارت السعودية وإسرائيل إلى أنهما تقتربان من اتفاق للتطبيع. إلا أن مصادر سبق أن قالت لرويترز إن تمسك المملكة بالتوصل إلى اتفاق دفاعي مع الولايات المتحدة يعني أنها لن تعطل اتفاق التطبيع من أجل الحصول على تنازلات جوهرية للفلسطينيين.

وقالت لورا بلومنفيلد، محللة شؤون الشرق الأوسط في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، إن هجوم حماس ربما جاء بسبب الشعور بالتهميش مع تقدم الجهود توسيع العلاقات إسرائيلية العربية.

وأضافت “بينما كانت حماس تراقب الإسرائيليين والسعوديين يقتربون من التوصل إلى اتفاق، قرروا: لا يوجد (لنا) مقعد على الطاولة؟ سمموا الطعام”.

* توقيت الهجوم

قال أسامة حمدان القيادي بحركة حماس لرويترز إن عملية السبت يجب أن تجعل الدول العربية تدرك أن قبول المطالب الأمنية الإسرائيلية لن يحقق السلام.

وأضاف أن “إنهاء الاحتلال” يجب أن يكون نقطة البداية لمن يتطلعون إلى تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وعبر عن الأسف أن بعض الدول العربية بدأت تتصور أن إسرائيل يمكن أن تكون البوابة لواشنطن للدفاع عن أمنها.

وتوعد نتنياهو “بانتقام قوي عن هذا اليوم الأسود” يوم السبت، الذي جاء بعد يوم من الذكرى الخمسين لانطلاق حرب 1973.

وعن تقارب التوقيت والظروف مع حرب 1973، قال علي بركة عضو قيادة حماس في الخارج “كان لابد لقيادة المقاومة أن تأخذ قرارها في الوقت المناسب وهو وقت يكون فيه العدو ملتهيا بحفلاته، يعني العملية شبيهة بحرب 73”.

وتابع أن الهجوم الذي بدأ فجأة من البر والبحر والجو كان بمثابة “صدمة للعدو وأثبت إنه الاستخبارات العسكرية الصهيونية فشلت في التنبه لهذه المعركة”.

وفي السنوات التي تلت عام 1973، وقعت مصر معاهدة سلام مع إسرائيل، كما قامت العديد من الدول العربية الأخرى منذ ذلك الحين بتطبيع العلاقات، بما في ذلك بعض دول الخليج العربية المجاورة للسعودية. إلا أن الفلسطينيين لم يقتربوا أكثر من تحقيق تطلعاتهم في إقامة دولة، وهو أمر يبدو أنه صار بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى.

وكتب ريتشارد ليبارون الدبلوماسي الأمريكي السابق لشؤون الشرق الأوسط والذي يعمل الآن في المجلس الأطلسي للأبحاث “على الرغم من أنه من غير المحتمل أن يكون هذا هو الدافع الرئيسي للهجمات، فإن تحركات حماس تبعث رسائل واضحة للسعوديين بأن القضية الفلسطينية لا ينبغي التعامل معها كمجرد موضوع فرعي في مفاوضات التطبيع”.

* نفوذ إيران

وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للصحفيين إنه “من السابق لأوانه حقا التكهن” بشأن تأثير الصراع بين إسرائيل وحماس على الجهود الرامية إلى التطبيع السعودي-الإسرائيلي.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته “أود أن أقول لحماس، الجماعات الإرهابية مثل حماس، لن تعرقل أي نتيجة من هذا القبيل. لكن هذه العملية أمامها طريق طويل”.

وسبق أن قال نتنياهو إنه لا ينبغي السماح للفلسطينيين بعرقلة أي اتفاقات سلام إسرائيلية جديدة مع الدول العربية.

وقال مصدر إقليمي مطلع على المفاوضات السعودية الإسرائيلية الأمريكية بشأن التطبيع والاتفاق الدفاعي للمملكة إن إسرائيل ترتكب خطأ برفضها تقديم تنازلات للفلسطينيين.

وفي تعليقها على هجمات السبت، دعت السعودية إلى “وقف فوري للعنف” بين الجانبين.

وفي الوقت نفسه، لم تُخف إيران دعمها لحماس ولا تمويلها وتسليحها لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية. ووصفت طهران هجوم يوم السبت بأنه عمل من أعمال الدفاع عن النفس من جانب الفلسطينيين.

وقال يحيى رحيم صفوي مستشار الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن طهران ستقف إلى جانب المقاتلين الفلسطينيين “حتى تحرير فلسطين والقدس”.

وقال مسؤول فلسطيني مقرب من الفصائل الإسلامية المسلحة بعد أن بدأ هجوم حماس برشقات من الصواريخ من غزة “لإيران أياد وليس يد واحدة في كل صاروخ يطلق نحو إسرائيل”.

وتابع المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته “هذا لا يعني أن إيران هي من أمرت بشن الهجوم يوم السبت ولكن من المعروف أن لإيران الفضل في المساعدة في تطوير القدرات العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي”.

والفصائل الفلسطينية جزء من شبكة أوسع من الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران في أنحاء الشرق الأوسط، بما يمنح طهران نفوذا قويا في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فضلا عن غزة.

وقال محللون إن إيران أرسلت على ما يبدو بالفعل إشارة الأسبوع الماضي بأن الاتفاق السعودي سيلحق الضرر بتقارب العلاقات مع الرياض عندما قتلت جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من طهران أربعة جنود بحرينيين في ضربة عبر الحدود بالقرب من الحدود السعودية اليمنية. وقد قوض هذا الهجوم محادثات سلام تهدف لإنهاء الصراع اليمني المستمر منذ ثماني سنوات.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: الدول العربیة الشرق الأوسط یوم السبت

إقرأ أيضاً:

ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟

ما تناقله الاعلام عن حديث دار بين الرئيس دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس وبين الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض لم يكن مفاجئًا كثيرًا لسياسيي العالم، سواء أولئك الذين يؤيدون السياسة الأميركية الجديدة المتبعة حاليًا، أو الذين لا تتوافق نظرتهم مع "النظرة الترامبية" لطريقة إدارة الأزمات العابرة للكرة الأرضية بطولها وعرضها، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر الحرب الروسية – الأوكرانية، والحروب المتنقلة في الشرق الأوسط، وأهمها الحرب التي تشنّها إسرائيل في كل الاتجاهات في كل من قطاع غزة، واستمرار احتلالها لمواقع استراتيجية في جنوب لبنان، وتمدّد سيطرتها على أجزاء واسعة من الجنوب السوري، مع ما يرافق ذلك من قلق متزايد عن مصير فلسطينيي القطاع، ولاحقًا مصير الفلسطينيين في الضفة الغربية بعد الاقتراحات غير المطمئنة عن هذا المصير للرئيس الأميركي عبر عملية "ترانسفير" من القطاع إلى صحراء سيناء، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، مع إصرار تل أبيب على إبقاء احتلالها للمواقع الجنوبية اللبنانية بغطاء أميركي، وبالتزامن مع التوسع الممنهج في اتجاه الجنوب السوري.      وهذا النهج غير المعتاد الذي ينتهجه الرئيس ترامب مع الحرب الروسية – الأوكرانية، ومع الحرب في منطقة الشرق الأوسط، ولاحقًا في القارة السوداء وفي أميركا اللاتينية، من شأنه أن يعيد خلط أوراق التحالفات الأميركية القديمة في أكثر من منطقة من العالم، وبالأخص مع جارتي الولايات المتحدة الأميركية من حدودها الشمالية مع كندا، ومن حدودها الجنوبية – الغربية مع المكسيك، وامتدادًا إلى القارة الأوروبية وإلى آسيا الوسطى ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط، حيث لإسرائيل أطماع توسعية تعود بخلفياتها وأبعادها إلى العقيدة التوراتية القائمة على فرضية توسعية لتمتدّ حدودها من البحر إلى النهر.   ولو لم تلتقِ المصالح المشتركة ذات الخلفيات الاستراتيجية والاقتصادية بين سياستي كل من الرئيسين ترامب والروسي فلاديمير بوتين لما كان سُمح للإعلام بنقل ما دار في هذا اللقاء بين ترامب وزيلينسكي من أحاديث بدأت عادية قبل أن تتصاعد لهجتهما في شكل غير مسبوق، والذي بدأه فانس باتهام الرئيس الأوكراني بالقيام بجولات "دعائية"، فردّ عليه زيلينسكي بدعوته إلى زيارة أوكرانيا الامر الذي لم يلق ترحيبًا من جانب نائب الرئيس الأميركي.
وبدوره، صعّد ترامب من حدة خطابه قائلا: "أنت تقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. فإما أن تبرم اتفاقًا أو أننا سنبتعد"، مضيفا: "أنت لا تتصرف على الإطلاق وكأنك ممتن. هذا ليس تصرفا لطيفا".   ونتيجة هذا التوتر غادر زيلينسكي مبكرًا البيت الأبيض وخرج وحيدا من البيت الأبيض من دون أن يرافقه ترامب لتوديعه. وتم إلغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي كان من المقرر أن يعقد بعد الاجتماع. كما أفيد عن إلغاء توقيع الاتفاق الذي كان من المنتظر بين الجانبين حول استغلال موارد أوكرانيا من المعادن.
بعد المواجهة، اتهم ترامب الرئيس الأوكراني بأنه "غير مستعد للسلام"، معتبرا أنه يستغل انخراط الولايات المتحدة في النزاع لتحقيق أفضلية في المفاوضات مع روسيا. وقال ترامب عبر منصته "تروث سوشال": "الرئيس زيلينسكي غير مستعد للسلام لأنه يعتقد أن انخراطنا يمنحه أفضلية كبيرة".
وأضاف: "لقد أظهر عدم احترام للولايات المتحدة في مكتبها البيضاوي الغالي. يمكنه العودة عندما يكون مستعدا للسلام".
في وقت لاحق، ذكر زيلينسكي على حسابه الرسمي في "إكس": "شكرا لأميركا، شكرا لدعمك، شكرا لهذه الزيارة. شكرا لك الرئيس ترامب.  والكونغرس والشعب الأميركي".
وأضاف: "إن أوكرانيا بحاجة إلى السلام العادل والدائم، ونحن نعمل على تحقيق ذلك بالضبط".
في المقابل، فإن ردود الفعل الدولية سواء من قِبل المسؤولين الروس أو المسؤولين الأوروبيين المعنيين مباشرة بالحرب في أوكرانيا من شأنها أن تتصاعد وتتفاعل، بحيث سيكون لها تأثير مباشر على إعادة رسم خارطة التحالفات الدولية، خصوصًا بعد انسحاب ترامب من خطة المناخ، وتلويحه من الانسحاب من منظمة الصحة العالمية ومن "الناتو". وقد ذهب البعض إلى مطالبة الرئيس الأميركي بمعاملة رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو بالطريقة نفسها التي عامل فيها الرئيس الأوكراني بعدما اتهمه بأنه يقامر بإشعال حرب عالمية ثالثة. وهذا الاتهام ينطبق أكثر على نتنياهو، الذي يضرب بعرض الحائط المقررات الدولية وقرارات محكمة العدل الدولية، ويهدّد السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط يوميًا وفي شكل مضطّرد.
فمفهوم السلام، كما يقول هذا البعض، واحد سواء أكان في أوكرانيا أو في الشرق الأوسط. فهذا المفهوم المجتزأ للسلام لا يمكنه أن يكون في أوكرانيا بـ "زيت" وفي تل أبيب بـ "سمنة".
على أي حال، فإن ما شهده المكتب البيضاوي سابقة لا يمكن لأحد التنبؤ بما يمكن أن تقود إليه مستقبلًا في أي بقعة من العالم حيث يبدو السلام فيها مهدّدًا.
    المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • جنبلاط: إسرائيل تستخدم الدروز لقمع الفلسطينيين
  • إيران: يمكن شراء الأمن من خارج منطقة الشرق الأوسط
  • إيران: الأمن في منطقة الشرق الأوسط يجب أن يتم داخلياً
  • ماذا يخطط ترامب لمنطقة الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل تدرس التصعيد ضد غزة.. وبيان مصري شديد اللهجة
  • ماذا بعد المشادة غير المسبوقة في المكتب البيضاوي؟
  • نائل البرغوثي.. عميد الأسرى الفلسطينيين حراً بعد 45 عاماً
  • مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط يؤجل زيارة إسرائيل
  • نتانياهو: دعاية حماس "لن ترهب" إسرائيل
  • حماس: تمديد اتفاق غزة بصيغة الاحتلال مرفوض