أعربت الصين -اليوم الأحد- عن قلقها جراء التصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين، ودعت جميع الأطراف لضبط النفس، فيما أكد الرئيس الأميركي جو بايدن على دعم بلاده لتل أبيب.

وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان إن بكين "تشعر بقلق عميق إزاء تصاعد التوتر والعنف بين فلسطين وإسرائيل، وتدعو جميع الأطراف المعنية لالتزام الهدوء ضبط النفس ووقف إطلاق النار فورا وحماية المدنيين ومنع تدهور الوضع أكثر".

ورأت بكين في بيانها أن "الاشتباكات المتكررة بين الفلسطينيين والإسرائيليين مؤشر على أن الركود الطويل الذي تشهده عملية السلام لم يعد قابلا للاستمرار.

وقالت إن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو تنفيذ حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ودعت الصين المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لحل الصراع واستئناف محادثات السلام بين الطرفين، والسعي إلى التوصل إلى سلام دائم، مؤكدة عزمها على بذل جهود حثيثة مع المجتمع الدولي لتحقيق هذه الغاية.

من جانبه وعد الرئيس الأميركي جو بايدن أمس السبت إسرائيل بدعم بلاده، وذلك في تعليقه على العملية العسكرية التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي وأطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى".

وقال بايدن إن دعم إدارته لأمن إسرائيل صلب وثابت، وأكد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وشعبها، كما حذّر من وصفها بـ"الأطراف الأخرى المعادية التي قد تسعى لتحقيق مكاسب في هذا الوضع" من المساس بأمن إسرائيل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

التداعيات الجيوسياسية ‏ لعملية طوفان الأقصى

دخل اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن بين حركة حماس وإسرائيل حيز التنفيذ صباح الأحد (19 كانون الثاني/ يناير 2025)، بعد حرب طويلة دامت قرابة 466 يوما، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي عصفت بأمن المستعمرة الصهيونية واستدعت تنفيذ حرب إبادة استعمارية إسرائيلية وحشية بمساندة الإمبريالية الأمريكية، بهدف تحقيق نصر استراتيجي بالقضاء على حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية واستعادة الرهائن، وإعادة تشكيل الشرق الأوسط. لكن الوقائع كشفت عن وهم وحدود القوة والغطرسة، وأسفرت حرب الإبادة الصهيونية عن تحقيق نجاحات تكتيكية بأكلاف سياسية باهظة وفشل استراتيجي له تداعيات جيوسياسية عميقة، وبرهنت أن السياسة الإسرائيلية الشاملة المتمثلة بتجاهل الفلسطينيين وإدارة الصراع، من خلال قوة الردع وعملية بناء المستوطنات والتقارب مع الدول العربية مجرد وهم خطير، فعملية "طوفان الأقصى" تشكل جزءا من عملية تحول جيوسياسي عالمي.

ثمة خرافات حول أسباب موافقة المستعمرة على الاتفاق مع حركة حماس، وفي مقدمتها ضغوطات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن الحقيقة أن ترامب سبب ثانوي، فالسبب الحقيقي هو فشل رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في تحقيق نصر استراتيجي نظامي بالقضاء على حركة حماس والمقاومة واستعادة الرهائن، ودخول الكيان الاستعماري في حرب استنزاف دون أفق. فهذه الصفقة لا تختلف كثيرا عن تلك التي كانت مطروحة على الطاولة في أيار/ مايو 2024، بل وقبل ذلك، فقد أعادت حماس بناء قوتها، وازدادت عزلة إسرائيل وعدد من الرهائن لقوا حتفهم، وبات الشرق الأوسط أبعد من تصورات الولايات المتحدة والمستعمرة الصهيونية، وتعد سوريا مثالا لصورة الشرق الأوسط الجديد.

في سياق الهزيمة والفضيحة خاضت إسرائيل الحرب على غزة دون وجود خطة استراتيجية واضحة بأهداف محددة، ولم تتمكن من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب باستعادة الرهائن والقضاء على حركة حماس وتدمير حزب الله وأنصار الله وجبهات المساندة، وهو ما أفضى بإسرائيل إلى التورط في فخ حرب استنزاف والوقوع في مصيدة متعددة الجبهات، ذلك أن الحرب الإسرائيلية الحالية على القطاع تحولت إلى هدف بحد ذاتها وليس وسيلة لتحقيق أهداف سياسية
لم تكن عملية "طوفان الأقصى" المباغتة سوى استجابة طبيعية لما أفضت إليه محاولات تصفية القضية الفلسطينية، والعنف الاستعماري الإسرائيلي الممنهج في قطاع غزة الذي حولته إلى معتقل وسجن كبير بدعم من الإمبريالية الأمريكية والغربية وخنوع الأنظمة العربية، التي تجاهلت الخلفية التاريخية والسياقية للمشروع الاستعماري الاستيطاني لإسرائيل، الأمر الذي جعل من تكرار إسرائيل لجرائمها في غزة روتينا عاديا، حيث أصبح الوهم القائل بأن الفلسطينيين والمقاومة الفلسطينية يمكن محوها أو نسيانها حقيقة مقبولة لدى المستوطنين الإسرائيليين وحلفائهم الدوليين والإقليميين، وتنامى الاعتقاد بأن المسألة الفلسطينية باتت قضية منسية ومهجورة، وأن إسرائيل قادرة على الحفاظ على وجودها غير القانوني إلى أجل غير مسمى من خلال القوة العنيفة، وقد عززت مسارات تطبيع الكيان الاستعماري مع الدول الاستبدادية العربية برعاية إمبريالية أمريكية في جعل الاحتلال حقيقة دائمة وحالة طبيعية.

حطمت العملية العسكرية التي قادتها حماس جملة الأساطير التي زعمت أن إسرائيل قوة لا تقهر، وأطاحت بتخرصات وتوقعات مواطنيها بالهدوء إلى الأبد في الوقت الذي تهدر فيه حياة الفلسطينيين. فقبل أسابيع فقط من عملية "طوفان الأقصى"، كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتباهى بأن إسرائيل نجحت في "إدارة" الصراع، إلى درجة أن فلسطين لم تعد تظهر على خريطته "للشرق الأوسط الجديد". ومع "اتفاقيات إبراهام" العلنية الوقحة، والتحالفات السرية المشينة الأخرى، كان معظم لقادة العرب يحتضنون إسرائيل. وكانت الولايات المتحدة تروج لخطة "صفقة القرن"، حيث ركز الرئيسان دونالد ترامب وجو بايدن على "التطبيع" مع الأنظمة العربية التي كانت على استعداد لترك الفلسطينيين عرضة للاحتلال ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وبدا أن الطريق بات ممهدا لتصفية القضية الفلسطينية ومحو اسم فلسطين من الوجود.

شنت المستعمرة الصهيونية حرب إبادة على غزة وصعدت من الهجمات على جنوب لبنان في لحظة شك وجودي، في محاولة يائسة لاستعادة المكانة المفقودة وقوة الردع المهدورة، فالهزيمة الأكبر في تاريخ إسرائيل هي حرب غزّة، والتي ستسجّل للأبد باعتبارها الهزيمة الأكثر خزيا في تاريخ المستعمرة، وهذا من دون أن نأخذ في الحسبان فضيحة السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 العسكرية والفشل الاستخباري الأمني والعملياتي العسكري.

ففي سياق الهزيمة والفضيحة خاضت إسرائيل الحرب على غزة دون وجود خطة استراتيجية واضحة بأهداف محددة، ولم تتمكن من تحقيق الأهداف المعلنة للحرب باستعادة الرهائن والقضاء على حركة حماس وتدمير حزب الله وأنصار الله وجبهات المساندة، وهو ما أفضى بإسرائيل إلى التورط في فخ حرب استنزاف والوقوع في مصيدة متعددة الجبهات، ذلك أن الحرب الإسرائيلية الحالية على القطاع تحولت إلى هدف بحد ذاتها وليس وسيلة لتحقيق أهداف سياسية كما هو شأن الحروب السابقة.

إن محاولة تسويق صورة للنصر في غزة يتناقض مع مقومات مفهوم النصر الإسرائيلي، بينما يتطابق مع مفهوم النصر عند المقاومة الفلسطينية وحركة حماس. فمفهوم النصر يشكل أحد الأسس الأربعة التي تقوم عليها عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي، إلى جانب الردع، والإنذار المبكر، والدفاع، حيث تميز العقيدة الإسرائيلية بين أربعة أنواع من النصر وهي: النصر التكتيكي بإبطال قدرات العدو القتالية، والنصر العملياتي بتفكيك نظام القتال للعدو من خلال سلسلة من الاشتباكات أو المعارك، والنصر العسكري الاستراتيجي بإزالة التهديد العسكري لسنوات قادمة، والنصر النظامي بتغيير الوضع الاستراتيجي بشكل أساسي سياسيا وعسكريا واقتصاديا. وثمة إجماع على أن إسرائيل عجزت عن تحقيق نصر نظامي، بإحداث تغيير جوهري في وضعها الاستراتيجي، من خلال إزالة التهديد الذي تفرضه حماس.

فالنصر النظامي لا يتحقق من خلال الوسائل العسكرية فحسب؛ بل يتطلب إجراءات سياسية ومدنية واقتصادية تؤدي تدريجيا إلى تغيير في المنطق الكامن خلف سلوك حماس، والذي يتطلب إضعاف الحاضنة الشعبية الداعمة لحماس والمقاومة، وهو ما فشلت فيه الآلة العسكرية والمؤسسة السياسية الإسرائيلية. أما مفهوم النصر لحركة المقاومة والتحرير فيقوم على أسس مختلفة، تستند إلى الصمود ودعم الحاضنة الشعبية، فحركة حماس، باعتبارها حركة مقاومة، تركز على عنصر بسيط وهو الصمود والبقاء، وقدرة الحركة على إعادة بناء بنيتها التحتية العسكرية والمدنية، وإدارة المقاومة والرأي العام، وممارسة النفوذ على حكم غزة ما بعد الحرب، ولذلك تخوض حماس باقتدار مفاوضات صعبة مع إسرائيل بشأن الرهائن، بما في ذلك المطالبة بضمانات أمريكية لوقف إطلاق نار دائم والانسحاب الإسرائيلي من غزة.

إن التداعيات الجيوسياسية للحرب الإسرائيلية على غزة لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط، بل تمتد إلى مختلف أنحاء العالم. فقد أعاد الصراع بين المستعمرة الصهيونية والمقاومة الفلسطينية مرة أخرى إلى الواجهة السعي الفلسطيني إلى إقامة دولة قابلة للحياة، وقد أدى الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر والرد الإسرائيلي على ذلك الهجوم إلى تدمير خرافة السلام في الشرق الأوسط دون حل القضية الفلسطينية الذي تصاعد عقب توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية في أيلول/ سبتمبر 2020، بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، بتسهيل من الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب آنذاك، وكانت السعودية على وشك التوقيع، وقد اعترفت الاتفاقيات بسيادة إسرائيل وأقامت علاقات دبلوماسية كاملة بين الموقعين عليها، وفي الوقت نفسه، تم تهميش القضية الفلسطينية. وتبع الاتفاقيات الإبراهيمية اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والمغرب والسودان، واصل الرئيس الأمريكي جو بايدن سياسة ترامب في الشرق الأوسط، ورفعها إلى مستوى آخر من خلال محاولة تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.

لقد فشل الافتراض الأساسي الذي استندت إليه الاتفاقيات الإبراهيمية، بإمكانية تحقيق السلام في الشرق الأوسط دون معالجة القضية الفلسطينية، وأصبحت عملية التطبيع العربي الإسرائيلي في حالة يرثى لها، وحتى الدول العربية التي سعت إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل اضطرت إلى التراجع وانتقاد تل أبيب، بل شكلت السعودية تحالفا دوليا للوصول لحل الدولتين، وذلك بعد أن انتفضت الشعوب العربية وأكدت على مركزية ومكانة فلسطين، واتساع الهوة بين الشعوب العربية والأنظمة الاستبدادية، التي وقعت في حرج بعد أن وقفت بلدان الجنوب العالمي إلى جانب الفلسطينيين، شجعت عملية "طوفان الأقصى" قوى عديدة على إمكانية تحمل مخاطر أكبر في مختلف أنحاء العالم لإحداث تغيير، ودفعت روسيا إلى الذهاب بعيدا في الحرب على أوكرانيا، وتشعر الصين بالجرأة للضغط على تايوان باجراء مناورات جريئة متزايدة، وفي الوقت الذي خسرت فيه إيران بعض نفوذها في المنطقة، شهدت سوريا تغيرات دراماتيكية بسيطرة حركة جهادية سنية على الحكم، وثمة خشية من عودة الانتقاضات العربية وحدوث تحولات بنيوية للسلطة بطرق متنوعةحيث صوتت أغلب هذه البلدان لصالح "هدنة إنسانية" في القتال في غزة في قرار أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث صوتت 121 دولة لصالح القرار و14 دولة ضده، وامتنعت 44 دولة عن التصويت، وبعد أن سحبت عدة دول، بما في ذلك جنوب أفريقيا، سفراءها أو جميع دبلوماسييها من إسرائيل، احتجاجا على العنف في قطاع غزة.

خلاصة القول أن إسرائيل وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن دخلت في حرب استنزاف وتلبست بهزيمة استراتيجية، ولن تفلح غطرسة القوة والخطابات الاستعلائية المنمقة للتفوقية العرقية اليهودية الاستيطانية في محو وتصفية القضية الفلسطينية. فقد دشنت عملية "طوفان الأقصى" ديناميكية تحول جيوسياسية عالمية، بدأت من الشرق الأوسط الذي حلم نتنياهو بإعادة تشكيله، وهو فعلا دخل في مسارات إعادة التشكل من البوابة السورية ببروز قوة إسلامية سنية جديدة.

وأعطت عملية "طوفان الأقصى" زخما لعملية روسيا الخاصة على أوكرانيا، وتعزز الحديث عن بروز "عالم متعدد الأقطاب" أكثر عدالة ومساواة، حيث لا توجد هيمنة غربية مطلقة، ولا "شرطي عالمي" أمريكي متفرد يتحكم في مصائر الكوكب. وفي ظل هذا النظام العالمي الجديد، تشعر العديد من القوى بالتشجيع على تأكيد مصالحها بطريقة كانت متاحة في السابق للقوى الكبرى فقط، وتأمل العديد من البلدان في ما يعرف بالجنوب العالمي أن تؤدي هذه التعددية القطبية إلى توزيع عالمي أكثر عدالة للقوة، فقد شجعت عملية "طوفان الأقصى" قوى عديدة على إمكانية تحمل مخاطر أكبر في مختلف أنحاء العالم لإحداث تغيير، ودفعت روسيا إلى الذهاب بعيدا في الحرب على أوكرانيا، وتشعر الصين بالجرأة للضغط على تايوان باجراء مناورات جريئة متزايدة، وفي الوقت الذي خسرت فيه إيران بعض نفوذها في المنطقة، شهدت سوريا تغيرات دراماتيكية بسيطرة حركة جهادية سنية على الحكم، وثمة خشية من عودة الانتقاضات العربية وحدوث تحولات بنيوية للسلطة بطرق متنوعة.

x.com/hasanabuhanya

مقالات مشابهة

  • رئيس الحكومة الفلسطينية يكشف خطوات التصعيد ضد إسرائيل
  • الاجتماع الوزاري في نيويورك يتعهد بدعم اليمن لتحقيق السلام والاستقرار
  • مركز الأطراف الصناعية في مأرب يُقدم خدماته لـ 484 مستفيدًا خلال شهر ديسمبر الماضي.. بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة
  • طوفان الأقصى.. جين الشجعان وجين الجبناء
  • الصين تدعو أمريكا إلى نظرة "عقلانية" قبل حظر تيك توك
  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار في غزة
  • التداعيات الجيوسياسية ‏ لعملية طوفان الأقصى
  • خبراء إيرانيون يقيّمون طوفان الأقصى بعد اتفاق غزة
  • البابا فرنسيس يدعو لاحترام فوري لوقف إطلاق النار في غزة
  • أبرز من هزمتهم عملية طوفان الأقصى