وأكدت أن الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة بين صنعاء والرياض، والتي تم الإعلان عنها في أبريل 2022 وانتهت في أكتوبر، قد أغرقت اليمن في لا سلام ولا حرب.. لم تفشل الهدنة تماما في تخفيف الأزمة الاقتصادية الأليمة التي تعانيها البلاد بسبب العدوان السعودي والإماراتي المدعوم من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ولكنها أدت أيضا إلى تفاقم الأزمة إلى درجة لم نشهدها منذ سنوات.

وذكرت أن الخيار العسكري لحل الحرب قد انتهى منذ فترة طويلة وفي السنوات الأخيرة، مع تحول الحرب لصالح قوات صنعاء ، تم ضرب توازن الردع في عمق الأراضي السعودية، مما أجبر قوات التحالف الأجنبية على وقف عسكري لإطلاق النار.. وفي طريق مسدود، قاموا بدلاً من ذلك بتصعيد الضغوط الاقتصادية على اليمنيين في محاولة لتأليب السكان ضد حكومة صنعاء.

وأفادت أن في ظل هذه الخلفية المثيرة للقلق، بدأ المحتلون الأجانب في اليمن عملية غير مشروعة لبيع أصول البلاد.. وقد باع فصيل حكومة المرتزقة المتحالف مع السعودية مؤخراً 70% من شركة الاتصالات اليمنية عدن نت إلى  إلى شركة إماراتية.. ومع ذلك ثارت الصفقة ردود فعل غاضبة وكشفت عجز حكومة رئيس الوزراء معين عبدالملك أمام المطالب والإملاءات السعودية.

وتابعت أن تلك الحكومة قد قامت بتمكين المعتدين الأجانب من ممارسة المزيد من السيطرة بشكل تدريجي على اليمن وموارده وأصوله، ومواصلة استغلال شعبه.. ومن المؤسف أن عملية بيع السيادة الوطنية اليمنية لدول التحالف لم تكن الأولى من نوعها.. وكانت حكومة المرتزقة المنفية في الرياض، والتي تسيطر على الموارد الطبيعية في المحافظات الغنية بالنفط والغاز في جنوب وشرق اليمن، قد تنازلت بالفعل عن الأصول والعائدات اليمنية لمختلف الدول والشركات الأجنبية مقابل الدعم المالي المنتظم.

وأوردت أن بعد المفاوضات الكويتية التي جرت في منتصف عام 2016 بشأن أسرى الحرب، وحتى هذه اللحظة، يمكننا أن نرى أن الأمريكيين هم الذين قادوا الحرب والحصار الاقتصادي على اليمن..وفي تلك المفاوضات، هدد السفير الأمريكي علناً وفد حكومة صنعاء الوطني بأنه إذا لم نقبل مطالب التحالف، فسوف يستهدفون الريال "اليمني" بحيث لا يساوي قيمة الورقة التي طبع عليها. وبعد ذلك، مع وبدون سلطة قانونية، تم اتخاذ قرار بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن.

في حين تؤكد الأحداث على مدى السنوات الثماني الماضية الدور الرئيسي الذي لعبته القوى المالية الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا في تخطيط وتنظيم حرب اقتصادية معوقة في اليمن.. ويبدو أن هدفهم هو السيطرة على المناطق الغنية بالموارد في جنوب اليمن مع استغلال الأزمة الإنسانية كوسيلة ضغط ضد صنعاء.

الصحيفة كشفت أنه من المفارقات أن المحافظات اليمنية الخاضعة تحديداً لسيطرة التحالف الأجنبي، تشهد "تضخماً اقتصادياً ارتفع إلى أكثر من 450 بالمئة منذ عام 2015 بسبب انهيار سعر صرف العملة.. وتتصارع هذه المناطق أيضًا مع حالة مستمرة من انعدام الأمن بسبب الاشتباكات بين الفصائل المحلية المختلفة – كل منها مدعوم من راعي أجنبي مختلف – مما يؤدي بدوره إلى تفاقم الظروف المعيشية وإعاقة النمو والاستثمار.

وأضافت أن على مدى السنوات الثماني الماضية، استهدف تحالف الحرب الأجنبية بشكل متعمد ومستمر البنية التحتية التجارية والعامة في المحافظات الشمالية.. لقد فعلوا ذلك من خلال عرقلة دخول المواد الأساسية والسلع الأولية اللازمة للصناعات الخفيفة وقطاع الأغذية، وعرقلة مبادرات الاستثمار، ورفع تكاليف المنتجات المحلية، مما تسبب في أزمة معيشية خانقة.

 وأوضحت أن صنعاء طرحت باستمرار ثلاثة مطالب رئيسية خلال هذه المفاوضات: رفع الحصار بالكامل عن اليمن، إعادة فتح مطار صنعاء لدولي؛ ودفع رواتب موظفي الدولة المدنيين والعسكريين والمتقاعدين التي توقفت منذ انتقال البنك المركزي من صنعاء إلى عدن.. ومع ذلك أن تلبية هذه المطالب الأساسية "سينعكس إيجابا على حياة الناس في حال تنفيذها.

الصحيفة رأت أن المبعوث الأمريكي ليندركينغ يعتقد أن دفع رواتب موظفي الدولة سيشكل هزيمة كبيرة للولايات المتحدة ودول التحالف.. في حين يتجاهل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ، بشكل غير مفيد، هذه "البدايات" ويتظاهر بأن المفاوضات هي مفاوضات يمنية داخلية، حيث تلعب الولايات المتحدة والسعودية دور الوسيط بدلاً من كونهما طرفين مسؤولين فعليين عن الحرب.

ومع ذلك إذا فشل كل شيء آخر، فقد يطلب اليمنيون الباحثون عن السلام إشراك وسطاء موثوقين يتمتعون بسجل حافل ــ على غرار الدور الذي تلعبه الصين في تسهيل المحادثات التاريخية بين السعودية وإيران ــ للتوسط بهدوء للتوصل إلى اتفاق يستبعد الولايات المتحدة وغيرها من أصحاب المصلحة الأجانب.

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الولایات المتحدة على الیمن

إقرأ أيضاً:

اليمن ما بعد الإسناد: قوة صاعدة في إقليم متحرّك

يمانيون../
نجح اليمن في الانتقال من الدولة المهمّشة الملحقة باللجنة الخاصة ووزارة الخارجية السعوديتين والسفارة الأمريكية في صنعاء، إلى صنع المعادلات الاستراتيجية والاستثمار في موقعه الجغرافي المميّز كلاعب أساسي في الصراع العربي الإسرائيلي، في ما يمثل لحظة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ هذا الصراع. ويكاد يكون دخول اليمن في جبهة إسناد غزة، تعويضاً كاملاً عن فترة ضموره وتخاذل قيادته السابقة عن الوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية. وعلى رغم العروض المغرية التي تقدمت بها واشنطن لحركة “أنصار الله”، إلا أن الأخيرة رفضتها كلها وكان شرطها الأول على الدوام وقف الإبادة الجماعية لسكان القطاع، لوقف الحصار البحري وإطلاق المسيّرات والصواريخ على “إسرائيل”.

وفيما راهنت واشنطن ولندن وتل أبيب على كسر إرادة الشعب والقيادة اليمنيين، برز اليمن قوةً عسكرية صاعدة في الإقليم، محطِّماً التوقّعات، ومستعرضاً قدراته العسكرية المتقدمة، وفارضاً نفسه ليس فقط في الجغرافيا اليمنية، بل في البيئة الاستراتيجية المحيطة بالبلاد.

في المقابل، أثبتت صنعاء بصمودها أن القوة الأمريكية وهيمنتها على المنطقة والعالم ليستا قدراً محتوماً، بل إن البحرية الأمريكية التي استعدّت على مدى عقود لاحتمال محاربة الاتحاد السوفياتي، ثم روسيا والصين، وجدت نفسها تخوض قتالاً مع جماعة تعادي الولايات المتحدة وتتمركز في موقع جغرافي مميت يهدّد مصالحها في الهيمنة على البحار والممرّات المائية.

وبعد سنة على التدخل الأمريكي في البحرين الأحمر والعربي لمصلحة الكيان الإسرائيلي، أجمع كثير من المؤسسات البحثية، إلى جانب تقارير صادرة عن الاستخبارات الأمريكية وآراء عدد من المختصين والمسؤولين الأمريكيين، على أن الإدارة فشلت في وقف هجمات حركة “أنصار الله”، بل أدى استهداف حاملات طائرات أمريكية إلى خلق وضع استثنائي وغير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، لتجد واشنطن نفسها أمام واحدة من أكبر الصعوبات التي تواجهها، وهي الطبيعة الجغرافية والديموغرافية لليمن، والتي تجعل من الصعب توقّع التحركات العسكرية وتحديد استراتيجيات فعالة، فضلاً عن صلابة المقاتل اليمني وإصراره على الفوز مهما كانت التكلفة.

وفيما لم تتصوّر “إسرائيل” أن يشكّل اليمن تهديداً مستقبلياً لأمنها، فإنه وبشكل غير متوقع ارتقى إلى مستوى التهديد الوجودي، ما دفع كيان الاحتلال إلى إعادة تقييم أولوياته الأمنية والاستراتيجية، علماً انه إلى الآن لم يحسم أمره في المفاضلة بين ضرب اليمن أو ضرب إيران كخيار أفضل لأمنه ومشروعه التوسعي. وما كان يُعتقد أن من المستحيل حصوله قبل سنوات، تحقّق عندما تجاوزت الطائرات اليمنية المسيّرة والصواريخ الباليستية المتطوّرة، منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية والأمريكية، محقّقة أهدافها داخل الكيان، الأمر الذي زاد من الضغوط على “إسرائيل”، التي وجدت نفسها في مواجهة تحديات غير مسبوقة، مع استعدادات اليمن لتطوير قدراته العسكرية وتعميقها.

كذلك، لا يمكن إغفال أن اليمن انطلق في إسناد أبناء فلسطين من منطلق ديني وآخر قومي وثالث إنساني؛ وبهذا جسّد انتماءه إلى الأمة، وأعاد فلسطين التي هي في صميم الوعي اليمني إلى طليعة الاهتمامات، معتبراً أن موقفه المتضامن مع فلسطين ليس خياراً بل واجب، الأمر الذي ساهم في خلق حالة استنهاض في مساحة واسعة من العالمين العربي والإسلامي.

الاخبار اللبنانية – لقمان عبدالله

مقالات مشابهة

  • غارات أمريكية على صنعاء تستهدف مواقع للحوثيين
  • اليمن ما بعد الإسناد: قوة صاعدة في إقليم متحرّك
  • بنك اليمن والكويت: قرار الخزانة الأمريكية مدفوع بخلفية سياسية تتعلق بالتصعيد بين واشنطن وحكومة صنعاء
  • بعد عقوبات أمريكية على بنك اليمن والكويت.. خبراء اقتصاد يحذرون البنوك في صنعاء
  • عقوبات أمريكية جديدة على بنك اليمن و الكويت
  • واشنطن تفرض عقوبات على بنك اليمن والكويت لعلاقته بمليشيا الحوثي
  • إعلام حوثي: غارات أمريكية تستهدف عمران شمال اليمن
  • ما الرسائل التي ارادت “صنعاء” ايصالها لـ”احتلال” و”الفلسطينيين” على السواء
  • حكومة السودان ترفض قرار صادر من واشنطن
  • غارات أمريكية تستهدف مواقع الحوثيين شمال صنعاء فجر اليوم