عبدالرزاق الربيعي يكتب: حلّاق (روسيني) الظريف
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
أثير- عبدالرزّاق الربيعي
قبل أن أشاهد أوبرا (حلّاق اشبيلية) في دار الأوبرا السلطانية مسقط للمرّة الأولى عام 2013م كنت قد سمعت موسيقاها التي وضعها الموسيقار الإيطالي جواكينو روسيني، المولود عام 1792 في بيزارو الإيطالية، والمتوفّى سنة 1868م بباريس، وكان بداية تعرّفي عليها حين علمت أن المقدّمة الموسيقية للبرنامج التلفزيوني (الرياضة في أسبوع) الذي قدّمه الراحل مؤيد البدري على مدى ثلاثين سنة، في تلفزيون العراق، مأخوذة من هذا العمل الموسيقي الكلاسيكي الخالد، للموسيقار روسيني الذي احتفت دار الأوبرا السلطانية مسقط بذكراه العام الماضي بحفل موسيقيّ قدّمته أوركسترا جواكينو روسيني السيمفونية بعد (155) عاما من رحيله، وصار هاجسي أن أسمع( حلّاق إشبيلية ) كاملة، حتى أتيحت لي سماعها في برنامج تلفزيوني يختصّ بالموسيقى الكلاسيكيّة، وحين عزفت الفرقة ذلك المقطع، تداعت في ذاكرتي صور محفورة في طيّاتها، وجدت ممرّا لتنتعش مجدّدا، هذا الممرّ فتحته مقطوعة موسيقيّة لم تتجاوز الدقيقة، وهذا هو سحر الموسيقى التي يراها شوبنهاور ” عالما قائما بذاته، وليست شيئا يُضاف إليه” .
والأسبوع الماضي عاد (حلّاق اشبيلية) مجدّدا إلى مسقط، ليستمتع جمهور دار الأوبرا السلطانيّة مسقط، بعرض استثنائي، قصّ شريط موسمها الجديد (2023-2024م) الذي حمل عنوان ( نجوم وأساطير وأحلام)، وكان العرض من أداء أوركسترا راي الوطنية السيمفونية للإذاعة والتلفزيون وكورال انترميزو بقيادة أنطونيو فولياني، وهو في الأصل مسرحية كتبها الفرنسي بيير أوجستين بومارشية عام 1782م، قدّم العرض الأول منه في 20 فبراير عام 1816م على مسرح (أرجنتينا) في مدينة (روما)، وكسائر أعمال روسيني، حمل العرض طابعا كوميديّا، هذا الطابع صنعته مقالب (فيغارو) حلّاق البلدة المراوغ الخادم السابق لـ(الكونت ألمافيفا) الذي أحبّ (روزينا) الثريّة، لكن ثروتها كانت تخضع لوصاية (الدكتور بارتولو) الذي طمع بتلك الثروة، فخطّط للزواج من ( روزينا) عند بلوغها سنّ الرشد، وحاول التخلص من غريمه (الكونت ) من خلال تشويه سمعته، لكن عرف (فيغارو) بذلك، ونبّه( روزينا)، ليفشل مخطّط الدكتور العجوز، وفي النهاية نجحت جهود (فيغارو) في الجمع بين قلبي (ألمافيفا) و(روزينا) في سعي تكلّل بزواجهما، عبر مشاهد ممتعة اختلطت بها الكوميديا الظريفة، والأداء الجميل، وموسيقى روسيني الرائعة، وزاد من ذلك تصاميم الديكورات الفخمة، والإضاءة والأزياء التي نقلتنا إلى أجواء أوروبا القرن التاسع عشر، وهي من تنفيذ مسرح مايسترانزا في إشبيلية، وازدان العرض جمالا بأصوات نجوم مغنيي الأوبرا، الذين يقف في مقدّمتهم: فيتو بريانتي في دور فيجارو، وماريا كاتيفا في دور روزينا، وأنطونيو سيراجوسا في دور كونت المافيفا، وكارلو ليبوري في دور دكتور بارتولو، ونيقولا أوليفييري في دور دون باسيليو، بمشاركة فريق الانشاد الأوبرالي العماني، المؤلّف من(إبراهيم الحوسني، والقائد العبري، ونايف الحوسني، وسهيل البريكي)، لتعزيز المشاركة المحلّيّة في العروض الأوبرالية، كلّ هذه العناصر اجتمعت لتخرج بتحفة فنّيّة ابتكرها روسيني.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: فی دور
إقرأ أيضاً:
د. منجي علي بدر يكتب: مشاركة مصر في «قمة العشرين»
بدعوة من الرئيس البرازيلي، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى قمة مجموعة العشرين يومى 18و19 نوفمبر 2024، وألقى سيادته كلمة حول جهود مصر للتنمية والتحديات التى تواجه الدول النامية والأوضاع الإقليمية والتصعيد الإسرائيلى فى فلسطين ولبنان، وعلى هامش القمة التقى سيادته مع بعض قادة وزعماء العالم، لتكون هذه هى المشاركة الرابعة لمصر فى قمم المجموعة عقب المشاركة فى قمم الرئاسة الصينية عام 2016، واليابانية عام 2019، والهندية عام 2023، بما يعكس التقدير المتنامى لثقل مصر الدولي، ولدورها المحوري على الصعيد الإقليمى.
كما ناقشت القمة عدداً من الموضوعات ذات الأولوية، منها «الشمول الاجتماعى ومكافحة الفقر والجوع» و«إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية» و«تحول الطاقة فى إطار التنمية المستدامة»، والأوضاع الإقليمية، والأزمة التى تواجه منطقة الشرق الأوسط فى ظل ما تشهده من عدم استقرار مع استمرار التصعيد الإسرائيلى فى فلسطين ولبنان، والحرب في أوكرانيا.
هذا، وتمثل مجموعة العشرين 80% من الناتج الإجمالى العالمى و60% من سكان العالم ويبلغ عدد الدول الأعضاء 19 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي الذى انضم فى قمة الهند عام 2023 والاتحاد الأوروبي.
وأكد الرئيس السيسى فى القمة أن مصر تؤمن بأنه لا سبيل لمكافحة الجوع والفقر وتحقيق أهداف التنمية المستدامة إلا بإقامة شراكات دولية متوازنة مع الدول النامية تتضمن توفير التمويل الميسر للتنمية ونقل وتوطين التكنولوجيا والأدوات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعى، ودعم جهود تحقيق الأمن الغذائى، كما تجدد مصر دعوتها لتدشين مركز عالمى لتخزين وتوزيع الحبوب والمواد الغذائية على أرضها لضمان أمن الغذاء وتعزيز سلاسل الإمداد ذات الصلة.
كما أشار الرئيس إلى الجهود الوطنية الحثيثة فى مجال التنمية البشرية ومن ضمنها مشروع «حياة كريمة» الذى يهدف لتحسين مستوى معيشة نصف سكان مصر فى المناطق الريفية وهم حوالى 60 مليون مصرى حيث يتم تطوير جميع مناحى حياتهم بداية بالبنية التحتية وصولاً لمستوى الخدمات العامة وفرص العمل.
وطبقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ارتفع حجم التبادل التجارى بين مصر ومجموعة دول العشرين ليسجل 61 مليار دولار خلال الـ9 أشهر الأولى من عام 2024، مقابل 55.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023.
وفى ختام القمة، دعا الإعلان الختامى لأن يكون مجلس الأمن الدولى أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفعالية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة»، والاتفاق على تدشين التحالف العالمى لمكافحة الجوع والفقر، حيث إن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن حوالى واحد من كل 10 أشخاص على مستوى العالم، أو أكثر من 780 مليون شخص يعانون الجوع، كما أنه يمكننا النظر إلى الفقر المتعدد من منظور أوسع، بما فى ذلك الحرمان من التعليم والصحة والخدمات الأساسية.
كما أعرب الإعلان الختامي للقمة عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنسانى الكارثى فى قطاع غزة والتصعيد فى لبنان» وضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين.
وأكدت مجموعة العشرين «حق الفلسطينيين فى تقرير المصير» و«الالتزام الذى لا يتزعزع بحل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب فى سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».
وأشار الرئيس البرازيلي إلى أن مبادرة مكافحة الجوع والفقر لقيت دعماً من 81 دولة وهى شرط أساسى لبناء عالم سلمى، وتعهد بنك التنمية الأمريكى بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة، ودعا الرئيس لتعزيز التعددية، والحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وبأنه ضرورى لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.
ومن الجدير بالذكر أن قمة العشرين بقيادة البرازيل وهى قمة الأغنياء، حاولت إرساء مبدأ عدالة التوزيع بفرض ضرائب على أغنياء العالم وتدشين مبادرة مكافحة الجوع والفقر وضرورة تحمل الكبار لتكاليف تغير المناخ، والدعوة للسلام والأمن الدوليين وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة فى توزيع مقاعد مجلس الأمن الدولى والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، بما يضمن التمثيل العادل والتمويل الدولى للتنمية بشروط ميسرة.
فهل حان الوقت لتحقيق التنمية المستدامة الشاملة، أم بداية الاستعداد لحرب عالمية ثالثة؟