في ذكراه.. أسرار عن الطوباوي مارزيو الناسك الفرنسيسكاني في أومبريا بإيطاليا
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
تحيي الكنيسة الكاثوليكية اليوم ذكرى وفاه الطوباوي مارزيو الناسك الفرنسيسكاني في أومبريا.
والطوباوي مارزيو الناسك عاش في القرن الثالث عشر في مقاطعة أومبريا بإيطاليا، نقل لنا معلومات مختصرة عن حياته بعض الكتاب الذين كانوا معاصرين له مثل الصغير أودوريكو دا فورلي، الذي ذكره في كتابه" التاريخ" من نشأة العالم الى عام 1330م.
ولد مارزيو عام 1210 في بيفي دي كومبريسيتو، قرية صغيرة تابعة لجوالدو تادينو، أبرشية نوسيرا أومبرا التي كانت تخضع في ذلك الوقت لدوقية سبوليتو.
وفي عائلة بسيطة من عامة الناس، كان لديه ثلاثة أشقاء سيلفسترو، ليوناردو، وفيليبو الذي أصبح كاهنًا. وعمل مارزيو لبعض الوقت في البناء ولم يحتفظ لنفسه إلا بالمال الضروري للعيش، وفي أيام العطلات كان يوزع الباقي على الفقراء. وكرس نفسه لرعاية المرضى ومساعدة المحتاجين والسجناء والمتروكين في دور الرعاية، في حوالي عام 1235،
وتغيرت حياة مارزيو فجأة بعد لقائه مع أتباع فرنسيس الأسيزي، الذي استقروا عام 1219 في منسك في فالديغورغو، حيث عاش هناك القديس فرنسيس نفسه عام 1224م.
وكان مارزيو معجباً بالقديس فرنسيس الأسيزي الذي توفي قبل خمسة عشر عامًا والذي أحدث ثورة في منطقة أمبريا بأكملها، عائشاً الفقر الإنجيلي. كما كان معجبًا بحياة هؤلاء الرهبان؛ فعاش معهم لبضع سنوات دون الانضمام إلى الرهبنة، حتى حدث غير متوقع، وهو الحريق الذي دمر جوالدو تادينو عام 1237، وغير وجوده.
وفي عام 1241، قرر الرهبان التخلي عن هذا المكان للانتقال إلى داخل المدينة لتبشير السكان ومساعدتهم، إلا أنه قرر عدم اتباعهم، ولما بلغ الحادية والثلاثين من عمره، تقاعد مارزيو إلى منسك بالقرب من جوالدو تادينو - بيروجيا، الذي هجره الفرنسيسكان. عائشًا حياة النسك الشديدة، وكرس نفسه للصلاة والتكفير عن الذنب، "يرتدي سترة خشنة (ثوب الرهبنة الثالثة العلمانية الفرنسيسكانية) ويمشي حافي القدمين بين الصخور والثلج والجليد".
ومكث في المحبسة حوالي 60 سنة، مع بعض رفاقه، وبني كنيسة وديرًا صغيرًا، وعند ذلك اختير ليكون رئيسًا لهذه الجماعة الرهبانية. وقد قام بتثقيف السكان المحيطين بكلمته ومثاله، وآمن كثير من الناس بالسيد المسيح من عظاته وأفعاله، كان يجسد الانجيل في حياته.
وفي سنواته الأخيرة أصبح أعمى، وهو المرض الذي تحمله بصبر رائع. في 8 أكتوبر 1301، في ظل بابوية بونيفاس الثامن، عن عمر يناهز 91 عامًا، توفي مارزيو في فقر كما كان يعيش دائمًا.
ولدى سماع نبأ وفاته اجتمع حشد من المؤمنين وشهدوا معجزات عديدة مما زاد من شهرته بالقداسة.
وقام سكان جوالدو ببناء كنيسة ليست بعيدة عن المدينة، سميت فيما بعد “سان مارزيو”، حيث دفن الطوباوي تحت المذبح.
تدهورت الكنيسة بمرور الوقت وقام أسقف نوسيرا أومبرا في عام 1607 بنقل جسد الطوباوي مارزيو إلى كنيسة القديس روكو خارج جوالدو.
وفي 8 أكتوبر 1995، أُعلن شفيعًا، مع القديس مكاريوس، لرعية "انتقال مريم العذراء" في بيفي دي كومبريسيتو من قبل أسقف أسيزي سيرجيو جوريتي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط
إقرأ أيضاً:
يساعدك في اتخاذ القرار.. كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صورة الإنسان عن نفسه؟
يشهد العالم المعاصر تحوّلًا غير مسبوق في تاريخ الوجود البشري، تقوده التكنولوجيا بصفتها القوة الأكثر تأثيرًا في تشكيل ملامح الحياة الحديثة.
لم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات أو منصات مساعدة، بل أصبحت بحد ذاتها بيئةً كلية نعيش فيها، وعاملًا حيويًا يُعيد صياغة مفاهيم الإنسان عن ذاته، وعن العالم، وعن الآخرين من حوله. وفي قلب هذا التحول تقف الأجيال الجديدة لا كمتلقٍّ سلبي، بل كنتاجٍ حيّ لهذا العصر الرقمي بكل تعقيداته وتناقضاته.
نتحدث هنا تحديدًا عن جيل Z (المولود بين 1997 و2012)، وجيل ألفا (المولود بعد 2013)، وهما جيلان نشآ في ظل تحوّل تكنولوجي عميق بدأ مع الثورة الرقمية في نهاية القرن العشرين، وتفاقم مع دخول الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والميتافيرس والبيانات الضخمة إلى صلب الحياة اليومية.
جيل Z يمثل الجسر بين عالمين: عالم ما قبل الثورة الرقمية، وعالم أصبحت فيه الخوارزميات هي "العقل الجمعي" الجديد.
لقد عاش هذا الجيل مراحل الانتقال الكبرى: من الكتب الورقية إلى الشاشات، من الاتصالات الهاتفية إلى الرسائل الفورية، من الصفوف المدرسية إلى التعليم عن بُعد. أما جيل ألفا، فهو الجيل الذي لم يعرف سوى الرقمية منذ لحظة الميلاد، إذ تفتحت حواسه الأولى على شاشة، وتكوّنت مهاراته اللغوية من خلال مساعد صوتي، وتعلّم المفاهيم الأولى عن طريق تطبيقات ذكية وخوارزميات دقيقة تستجيب لسلوك المستخدم لحظيًا.
إعلانإننا لا نتحدث عن تغيّر في أنماط الحياة فقط، بل عن إعادة تشكيل حقيقية للذات الإنسانية. ففي السابق، كانت الهوية تُبنى عبر التفاعل مع الأسرة، والمدرسة، والثقافة المحلية، وكانت تنشأ ضمن سياق اجتماعي واضح المعالم.
أما اليوم، فالأجيال الرقمية تبني صورها الذاتية في فضاءات افتراضية عالمية، تتخطى الحواجز اللغوية والثقافية والجغرافية. إنها هوية "مُفلترة"، تُنتجها الصور والمنشورات والتفاعلات المرسومة وفق خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، وتُقاس بكمية "الإعجابات" والمشاهدات، لا بتجربة الذات العميقة.
هذا التحول لا يخلو من مفارقات. فعلى الرغم من الكمّ الهائل من التواصل الرقمي، تشير دراسات عديدة إلى تصاعد مشاعر الوحدة والعزلة، خصوصًا بين المراهقين والشباب.
وقد ربطت تقارير صحية بين الإفراط في استخدام التكنولوجيا وبين ارتفاع معدلات القلق، واضطرابات النوم، وضعف التركيز، وتراجع المهارات الاجتماعية.
جيل Z، برغم إتقانه المذهل للتكنولوجيا، يواجه صعوبة متزايدة في بناء علاقات واقعية مستقرة. أما جيل ألفا، فيُظهر مبكرًا قدرة رقمية خارقة، لكنها تقترن أحيانًا بضعف في التطور اللغوي والعاطفي، وكأن المهارات الإنسانية الكلاسيكية باتت تُستبدل تدريجيًا بكفاءات رقمية جديدة.
هذا لا يعني أن الأجيال الرقمية "أقل إنسانية"، بل إنها مختلفة في تركيبها المعرفي والعاطفي والاجتماعي. إنها أجيال تعيش فيما يمكن تسميته "الواقع الموسّع"، حيث تتداخل فيه الذات البيولوجية بالذات الرقمية، ويذوب فيه الخط الفاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي.
وهذه الحالة تطرح سؤالًا وجوديًا جوهريًا: من أنا في عالم يُعاد فيه تشكيل الذات بواسطة أدوات لا أتحكم بها بالكامل؟ من يوجّهني فعلًا: أنا، أم البرمجية التي تختار لي ما أقرأ وأشاهد وأرغب؟
في هذا السياق، تتزايد الحاجة إلى تفكيك العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا من جديد. فنحن لم نعد فقط نستخدم التكنولوجيا، بل يُعاد تشكيلنا من خلالها، وقد أصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا خفيًا في اتخاذ القرارات، وتوجيه السلوك، وحتى في تكوين القيم وتصورات العالم. منصات مثل تيك توك ويوتيوب وإنستغرام لم تعد وسائط ترفيهية فحسب، بل منصات لإنتاج الثقافة والهوية والسلوك الاستهلاكي.
إعلانولعل المفارقة الكبرى تكمن في أن هذه التكنولوجيا التي وُعدنا بها كوسيلة لتحرير الإنسان، باتت تخلق أشكالًا جديدة من التبعية. فمن جهة، تسهّل الحياة وتختصر الوقت، لكنها من جهة أخرى تُعيد تشكي إدراكنا بطريقة غير مرئية. إنها "القوة الناعمة" الأشد تأثيرًا في تاريخ البشرية.
في ظل هذا الواقع، لا يكفي أن نُحمّل الأفراد مسؤولية التكيف. المطلوب هو تفكير جماعي لإعادة توجيه العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا. المؤسسات التعليمية مطالبة بأن تراجع مناهجها، لا فقط لتُدخل التقنية، بل لتُعيد التوازن بين ما هو رقمي وما هو إنساني.
الأسرة، بدورها، لم تعد فقط مصدرًا للقيم، بل أصبحت "ساحة مقاومة" للحفاظ على الحميمية في وجه التمدد الرقمي. أما صانعو السياسات، فعليهم مسؤولية أخلاقية وتشريعية للحدّ من تغوّل التكنولوجيا في تفاصيل الحياة اليومية، ووضع ضوابط تحمي الأجيال من فقدان الجوهر الإنساني.
ينبغي ألا يكون السؤال: كيف نُقلل من استخدام التكنولوجيا؟ بل: كيف نستخدمها بطريقة تحافظ على إنسانيتنا؟ كيف نُدرّب أبناءنا على التفكير النقدي، والقدرة على التأمل، والانفتاح العاطفي، لا فقط على البرمجة والتصميم؟
نحن نعيش لحظة مفصلية، لحظة يُعاد فيها تعريف الإنسان، لا بالمعنى البيولوجي، بل بالمعنى الوجودي. وإذا لم نُحسن إدارة هذا التحوّل، فإننا قد نخسر القدرة على أن نكون ذاتًا فاعلة حرة في عالم تتزايد فيه السيطرة غير المرئية للأنظمة الذكية.
المستقبل لا تصنعه الآلات، بل الإنسان الذي يعرف كيف يتعامل معها. ولهذا، فإن المعركة الأهم ليست بين الأجيال والتكنولوجيا، بل بين الإنسان وإنسانيته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline