لم تمر 24 ساعة على ذكرى مريرة بالنسبة للإسرائيليين، وهي حرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، أو حرب يوم كيبور وفقاً للتسمية الإسرائيلية، ليجدوا أنفسهم أمام تجربة أعادت للأذهان ما حدث قبل 50 عاماً.

فاستيقظت إسرائيل على صفارات الإنذار التي دوت في عديد المدن، ومن بينها تل أبيب والقدس، على وقع عملية نوعية غير مسبوقة تبنتها كتائب القسام الجناح، العسكري لحركة حماس وأطلقت عليها اسم "طوفان الأقصى"، وقالت إنها رد على "اعتداءات المستوطنين" في القدس، واستمرار الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة.

ولم يقتصر الأمر هذه المرة على إطلاق آلاف الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، فبالتزامن اجتاز المئات من المسلحين الفلسطينيين السياج الفاصل بين القطاع والمستوطنات الواقعة في محيطه.

كيف ستتعامل #حماس و #إسرائيل مع المواجهة الجديدة؟ https://t.co/DKoyf9E17O

— 24.ae (@20fourMedia) October 7, 2023

ومع اختراق السياج الفاصل وشن إسرائيل سلسلة غارات على قطاع غزة، تحولت تلك المنطقة إلى ساحة مواجهات شاملة. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها كتائب القسام ترتيبات العملية من بدايتها وتسلل مئات المسلحين إلى بعض المستوطنات الإسرائيلية، ومقاطع أخرى تظهر العديد من القتلى والجرحى والرهائن الإسرائيليين، ومن بينهم العديد من العسكريين وسيطرة المسلحين الفلسطينيين على آليات ومدرعات عسكرية إسرائيلية، وسحبها إلى داخل غزة والتجول بها وسط احتفالات شعبية في شوارع القطاع.

وأربكت العملية حسابات الجانب الإسرائيلي، ليخرج الرئيس إساحق هرتسوغ ويقر بأن إسرائيل تمر بأوقات عصيبة، بينما وصف رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ما حدث بأنه "يوم أسود"، مضيفاً أن إسرائيل "في حالة حرب"، واعتبر أن حماس "ارتكبت خطأ فادحاً"، متوعداً إياها بدفع "ثمن باهظ".

وعلى الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي حالة التعبئة العامة واستدعائه قوات الاحتياط، وإطلاق عملية عسكرية سماها "السيوف الحديدية" رداً على عملية "طوفان الأقصى"، يرى العديد من الخبراء العسكريين أن ما حدث كشف عن فشل استخباراتي كبير وتقصير أمني في الجانب الإسرائيلي.

وذهبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى الرأي نفسه في تحليل لها، ملقية اللوم والاتهام على الأجهزة الأمنية والدفاعية، ووصفت ما حدث بأنه "فشل للحكومة"، معتبرة أن "الازدراء طويل الأمد للمنظمات الإرهابية الوهمية تحول هذا الصباح (السبت) إلى كابوس، يصعب الهروب منه وصدمة ستطارد الإسرائيليين لفترة طويلة".

هجوم من #غزة وإعلان الحرب في #إسرائيل.. ماذا الآن؟ https://t.co/qCjniTKsDR pic.twitter.com/VgrqUPZaxc

— 24.ae (@20fourMedia) October 7, 2023

وقالت الصحيفة: "لقد ترك الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل هذا الصباح الشعب الإسرائيلي في حالة صدمة. كان الجميع يعلمون أن شيئاً ما قد يحدث، يذكرنا بعام 1973 والفشل الذريع لحرب يوم الغفران 6 أكتوبر(تشرين الأول). دارت المناقشات في كل مكان هذا العام حول الإخفاقات والأخطاء ومواطن الخلل. ومع ذلك، لم يتوقع أحد ما حدث في الساعات الأخيرة، إرهابيون يتجولون في المدن الجنوبية وعمليات اختطاف وإطلاق نار في الشوارع ومظليون وآلاف الصواريخ التي تهاجم مناطق مختلفة من البلاد في وقت واحد".

كما حملت يديعوت أحرونوت القيادة السياسية في إسرائيل المسؤولية، قائلة إن "التاريخ سيسجل ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على أنه فشل في كل النواحي. لقد انهار المفهوم (مجدداً)، وأصبح الثمن الباهظ الذي دفعه المواطنون، نتيجة للسلوك المعيب لصناع القرار، أمراً مروعاً لا يحتمل. لقد فشل المستوى السياسي، وهذا واضح".

وأما صحيفة "هآرتس"، فتحدثت عن "السيناريو الكابوس"، معتبرة أن "انتصار حماس هو فشل إسرائيلي على نطاق واسع". وكتبت صحيفة "جيروزاليم بوست": "صدمت حماس إسرائيل يوم السبت بهجوم مفاجئ، ألحق أكبر الخسائر براً وبحراً وجواً بإسرائيل منذ عقود، واستشهد البعض بحربي 1973 و1948".

وفي ظل تهديد إسرائيل برد قاس وحديث قادتها عن حرب طويلة وأيام صعبة، تباينت ردود الفعل الدولية حيال ما جرى، ما بين أصوات تدعو إلى ضبط النفس وعدم التصعيد خشية الانزلاق إلى موجة عنف غير مسبوقة لا يعلم إلا الله مداها، وأصوات تعبر عن الدعم التام لإسرائيل في "الدفاع عن نفسها".

ولكن تظل التصريحات الأمريكية هي اللافتة في ضوء ما أعلن عن فحوى اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث قال بايدن إن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ولن نتوانى أبداً عن دعمها. سنتأكد من أن لديهم ما يحتاجه مواطنوهم لمواصلة الدفاع عن أنفسهم... لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها... دعم إدارتي لأمن إسرائيل راسخ".

إسرائيل تقطع الإمدادات عن غزة.. وتواجه حرباً طويلة وصعبة https://t.co/qCuo15OZ5f

— 24.ae (@20fourMedia) October 8, 2023

كما أكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في بيان، أن الولايات المتحدة ستعمل خلال الأيام المقبلة على ضمان "حصول إسرائيل على ما تحتاجه للدفاع عن نفسها وحماية المدنيين من العنف العشوائي والإرهاب".

ويأتي هذا بينما حذرت ألمانيا على لسان وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك من "تصعيد إقليمي كبير"، وقالت: "هذا يوم يمثل منعطفاً وعمل غير مسبوق للتصعيد من جانب حماس"، وأضافت "من خلال هذه الهجمات الإرهابية، نشأ خطر لا يمكن التنبؤ به يتعلق بحدوث تصعيد إقليمي كبير"، وأوضحت أنها لا يسعها سوى أن تحذر "بأشد العبارات من احتمال انضمام آخرين إلى هذا الإرهاب".

ويرى محللون أن المعادلة الأمنية في المنطقة ستعاد صياغتها بعد ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، معتبرين أن وجود عشرات الأسرى ومئات الرهائن من المستوطنين في قبضة حركة حماس وسكان قطاع غزة، سيجعل إسرائيل على الرغم من التهديد والوعيد الإسرائيلي، تعيد حساباتها أكثر من مرة قبل الإقدام على أي عمل غير محسوب في محاولة لاستعادة هيبة اهتزت بشدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: غزة وإسرائيل زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل حماس فلسطين أمريكا تشرین الأول ما حدث

إقرأ أيضاً:

مجلس الحرب الإسرائيلي.. حكومة طوارئ مصغرة أملتها عملية طوفان الأقصى

هيئة سياسية وأمنية مؤقتة لاتخاذ القرارات السياسية أثناء الحرب، تأسس عقب عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة. يحدد أهداف الحرب وآلية تنفيذها بالتنسيق مع المستوى السياسي، ويقوم بدور مركزي في إدارة سير العمليات العسكرية في قطاع غزة.

النشأة والتأسيس

تشكل مجلس الحرب الإسرائيلي في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عقب عملية طوفان الأقصى، بهدف اتخاذ قرارات سريعة دون الرجوع للحكومة وخوض نقاشات مطولة، ويعتبر الأول من نوعه منذ حكومة الطوارئ التي شكلها مناحيم بيغن عقب حرب الأيام الستة عام 1967.

يضم المجلس أعضاء من أحزاب المعارضة والأحزاب المشكلة للحكومة، ويعتبر أضيق مجلس أمني وسياسي في إسرائيل.

وذكر موقع الكنيست الإسرائيلي أن تشكيل هذا المجلس خلال هذه الحرب دليل على أن إسرائيل تمر بظروف استثنائية، لأن اللجوء لهذه الخطوة يكون في حالة الحرب أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية أو الطبية.

ويرى محللون أن هدف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تشكيل المجلس هو توزيع مسؤولية النتائج التي ستؤول إليها الحرب على عدة أطراف عند إقامة لجان تحقيق رسمية بعد انتهاء الحرب.

المهام والأهداف يحدد أهداف الحرب وآلية تنفيذها بالتنسيق مع المستوى السياسي. يقوم بدور مركزي في إدارة سير العمليات العسكرية في قطاع غزة. يهدف للقضاء على حركة حماس وتحرير الأسرى الإسرائيليين، ومنع التهديدات الأمنية المستقبلية على إسرائيل. الأعضاء

يضم المجلس 5 أعضاء وهم إضافة إلى نتنياهو: رئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس، ووزير الدفاع يوآف غالانت، إضافة لوزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، والقائد السابق للجيش غادي آيزنكوت مراقبين.

خلافات داخلية واستقالات

شهد مجلس الحرب خلافات داخلية متزايدة تتمثل في إدارة قطاع غزة بعد الحرب وكيفية إدارة العلاقات مع الحلفاء وتحديدا واشنطن، وتتفرع في إستراتيجية القتال والتعامل مع الضغوط الدولية.

وفي 18 مايو/أيار 2024 هدد غانتس نتنياهو بالاستقالة إذا لم يتخذ إستراتيجيات واضحة للحرب على غزة وما بعدها.

وفي التاسع من يونيو/حزيران الماضي أعلن غانتس وآيزنكوت انسحابهما من مجلس الحرب، واتهما نتنياهو باتباع سياسات تخدم مصالحه السياسية الخاصة، وقال غانتس في مؤتمر صحفي إن "نتنياهو يمنعنا من التقدم نحو النصر الحقيقي، ولهذا السبب نترك حكومة الطوارئ اليوم بقلب مثقل ولكن بثقة كاملة".

وفي السياق نفسه قال آيزنكوت "رأينا مؤخرا أن القرارات التي اتخذها نتنياهو ليست بالضرورة بدافع مصلحة البلاد".

حل المجلس

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية في 17 يونيو/حزيران 2024 أن نتنياهو حل مجلس الحرب بعد طلب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش الانضمام إليه، عقب استقالة الوزيرين غانتس وآيزنكوت.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن نتنياهو شكل مجلسا سياسيا مصغرا يضم وزيري الدفاع والشؤون الإستراتيجية ورئيس مجلس الأمن القومي.

مقالات مشابهة

  • حسن نصر الله: ما ترضى به "حماس" سنرضى به.. ونتنياهو لا يدرك ما يقول
  • مواجهة طويلة بين حماس ونتنياهو.. هل تكون طوفان الأقصى الأخيرة؟
  • مجلس الحرب الإسرائيلي.. حكومة طوارئ مصغرة أملتها عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ278 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • اعتقال المفكر الفرنسي فرانسوا بورغا بسبب تصريح عن قرب نهاية إسرائيل
  • البيت الأبيض: اثنين من المسؤولين موجودان في القاهرة لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار بغزة
  • تطورات اليوم الـ277 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • رسائل أبو عبيدة للاحتلال الإسرائيلي بعد 9 أشهر من طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ276 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ275 من "طوفان الأقصى"