ورد في نصوص الشرع الحث على إقراض الآخرين قرضًا حسنًا من باب التعاون على البر والتقوى. فما المقصود بالقرض الحسن؟ وما هو ضابطه؟ وما كيفية سداده؟

حكم إطلاق لفظ العيد على المناسبات السعيدة.. دار الإفتاء ترد دار الإفتاء تحقق 13 مليون متابع عبر صفحتها الرسمية على فيس بوك

قالت دار الإفتاء إن القرضُ الحسنُ: هو ما يُعطيهِ الشخصُ المُقرِضُ مِنَ المالِ ونحوِهِ قُرْبةً وإرْفَاقًا للشَّخصِ المقترِضِ دونَ اشتراطِ زيادة، لِيَرُدَّ إليْهِ مِثلهُ؛ وقد عبَّر عن حقيقته الإمام الطاهر ابن عاشور بقوله في "التحرير والتنوير" (27/ 377، ط.

الدار التونسية): [القرض الحسن: هو القرض المُسْتَكْمِلُ محاسِنَ نَوْعِهِ من كَوْنِهِ عن طِيب نفسٍ وبشاشةٍ في وجه الْمُسْتَقْرِضِ، وخُلُوٍّ عن كل ما يُعَرِّضُ بالْمِنَّةِ أو بتضييق أجل القضاء] اهـ.

وأضافت الدار في فتوى أن إقراض المحتاج رفقًا به وإحسانًا إليه دون نفعٍ يبتغيه أو مقابلٍ يعود عليه هو من قبيل تنفيس الكربات التي يضاعف الله بها الأجر والثواب؛ مصداقًا لقول المولى تبارك وتعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة: 245]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ [الحديد: 11].

ضابط القرض الحسن
إذا كان الشرعُ الشريفُ قد رغَّبَ في القَرْضِ الحَسَنِ وأجزل الثواب للمُقْرِضِ، وحثَّ على قضاء حوائج الناس وتفريج كروبهم، فإنَّه أيضًا قد نهى عن استغلال حوائج الناس وإيقاعهم في الحرج الذي يدفعهم لارتكاب المحظور؛ لذا كان الأصل في القرض ألَّا يَجُرَّ للمقرِض نفعًا، وأن يكون غير مشروط بزيادةٍ على أصله، وأن يكون على سبيل الترفُّق لا التربُّح؛ لأنَّه من عقود التبرعات لا المعاوضات. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (7/ 395، ط. دار الكتب العلمية)، و"الكافي" للحافظ ابن عبد البر المالكي (2/ 728، ط. مكتبة الرياض الحديثة)، و"المجموع" للإمام النووي (13/ 170، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (4/ 240، ط. مكتبة القاهرة).

كيفية سداد القرض
الأصل أن يتم سداد القرض بمثله؛ فإنه من المقرر شرعًا وفاء القرض بمثلهِ قدرًا وصفةً بالنسبة للنقود الورقية، لأنها من الأموال المثلية، وتُرد بمثلها طالما لم ينقطع التعامل بها، ولا أثر لغلائها أو رخصها في سداد القرض ما دامت صالحة للتعامل ولم يحصل لها انهيار في القيمة.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (7/ 395) في شرائط القرض: [أن يكون مما له مثل كالمكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة، فلا يجوز قرض ما لا مثل له من المذروعات، والمعدودات المتقاربة؛ لأنه لا سبيل إلى إيجاب رد العين ولا إلى إيجاب رد القيمة؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة لاختلاف القيمة باختلاف تقويم المقومين؛ فتعين أن يكون الواجب فيه رد المثل؛ فيختص جوازه بما له مثل] اهـ.

وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (2/ 162، ط. دار الفكر): [(وإن كان) مثليًا (مما يوزن أو يكال) أو يعد (فليرد مثله..)] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(ويرد) في القرض (المثل في المثلي)؛ لأنه أقرب إلى حقِّه] اهـ.

وقال الإمام الرُّحَيْبَانِي الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (3/ 242- 243، ط. المكتب الإسلامي): [(ويجب) على مقترض (رد مثل فلوس) اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها.. قَالَ الْمُوَفَّقُ: إذا زادت قيمة الفلوس أو نقصت؛ رد مثلها؛ كما لو اقترض عرْضًا مثليًّا؛ كبُرٍّ وشعير وحديد ونحاس، فإنه يرد مثله وإن غلا أو رخص؛ لأن غلو قيمته أو نقصانها لا يسقط المثل عن ذمة المستقرض] اهـ.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء كيفية سداد القرض القرض الحسن أن یکون

إقرأ أيضاً:

الشيخ خالد الجندي: الدور الفعال في قصة أصحاب الكهف هو للشباب

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الدور الفاعل في قصة أصحاب الكهف هو للشباب، مشيرًا إلى أن أجواء القصة مرتبطة بشكل كبير بالشباب وواقعهم في الحياة. 

وتحدث الجندي عن المعنى المقصود من قوله تعالى: "وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ"، موضحًا أن الاعتزال هنا لا يعني العزلة التامة عن المجتمع.

وخلال تقديمه لبرنامج "لعلهم يفقهون" على قناة "دي إم سي"، أوضح الجندي أن أصحاب الكهف لم يكونوا في عزلة كاملة كما يُفهم أحيانًا. وقال: "اللفظ القرآني 'إذا اعتزلتموهم' يُقصد به الاجتناب لقوم وليس الانفراد عن المجتمع أو الابتعاد عن الحضارة". وأكد أن المقصود ليس ترك الحضارة والمدنية والعيش في كهف أو الصحراء.

وأضاف الجندي أن الإسلام لا يدعو إلى ترك الدنيا وحضارة الحياة من صناعة وزراعة أو الابتعاد عن البشر، مشيرًا إلى أن العزلة في الإسلام ليست بمعنى الابتعاد عن المجتمع، بل هي عن تجنب الفتن والمعاصي.

مقالات مشابهة

  • حكم تأجيل الصلاة أثناء العمل وأداءها في المنزل.. الإفتاء توضح
  • الشيخ خالد الجندي: الدور الفعال في قصة أصحاب الكهف هو للشباب
  • «الإفتاء» توضح حكم إعطاء الابن من زكاة المال (فيديو)
  • حكم قراءة القرآن بدون وضوء «الإفتاء توضح»
  • روبيو: لم يكن المقصود من خطة ترامب لغزة أن تكون خطوة عدائية
  • حكم شراء السلعة بالتقسيط.. دار الإفتاء توضح
  • هل توجد علاقة بين زيادة المشاكل وكثرة العبادة؟.. الإفتاء توضح
  • حكم الرقية بالقرآن الكريم.. الإفتاء توضح
  • بعد واقعة الشيخ محمود الشحات.. الإفتاء توضح حكم من يتقاضى أجرا لقراءة القرآن
  • خاشقجي: القرض يضبط تمدد المصاريف من أجل سداده.. فيديو