انقلاب قواعد الاشتباك: غزّة تعلن الحرب
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
مبكّر، ساعة تحرير هذه السطور على الأقلّ، أيّ مسعى تحليلي يستكشف عملية «طوفان الأقصى» التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في عمق معسكرات جيش الاحتلال وبعض المستوطنات والكيبوتزات، أو يخرج بخلاصات تتلمس عمق الحدث الفارق في جوانبه المختلفة، السياسية والمعنوية أو حتى العسكرية الصرفة.
العناوين الوجيزة، في ذاتها وابتداء بها، تغطي قسطاً غير ضئيل من دلالات الاختراق المباغت، الفعال على أكثر من صعيد وحتى قبيل تكشّف المعطيات: 35 أسيراً إسرائيلياً، حسب معلومات متضاربة؛ وقتال دائر، ضارٍ أغلب الظنّ، في أكثر من 20 موقعاً على تخوم غلاف غزّة؛ وآليات عسكرية إسرائيلية تُقاد إلى داخل القطاع المحاصر، ليس لكي تمارس الفظائع المعتادة ضدّ غزّة وجوارها هذه المرّة، بل لأنها غنائم حرب استولى عليها رجال المقاومة.
في موقع صحيفة «هآرتز» الإسرائيلية، سارت العناوين هكذا: غزّة تعلن الحرب. تسلل/ اختراق مفاجئ. وابل من الصواريخ يهزّ إسرائيل، العديد من القتلى، ومئات الجرحى، وعدد غير معروف من الرهائن. أعداد من جنود الاحتياط المنخرطين في الحراك ضدّ الإصلاحات القضائية التحقوا سريعاً بالواجب العسكري نظراً للظروف الراهنة. صحافي فلسطيني يظهر في نقل حيّ من داخل كيبوتز نير أوز وكيبوتز نير عام، ويغطّي المجريات على الأرض وسط أزيز الرصاص.
«جيروزاليم بوست»، من جانبها، شددت على مقتل 20 إسرائيلياً، ودوي صفارات الإنذار في تل أبيب والقدس، وقرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بإطلاق عملية «سيوف الفولاذ»؛ هذا هجوم ساحق مفاجئ، لا سابق له منذ أن صعدت «حماس» في القطاع، لأنه جمع بين الهجمات الصاروخية والتسلل البرّي؛ نتنياهو يقول: هذه ليست عملية، هذه حرب. سيدفع العدو ثمناً لم يعرفه من قبل؛ «حماس» تزعم خطف 5 جنود إسرائيليين…
واضح، كذلك، أنّ سياقات هذا الطوفان باغتت المسؤولين الإسرائيليين أنفسهم، فتراوحت بين صمت استغرق ساعات، وتأتأة جوفاء من وزير الدفاع، وقلق وجودي من رئيس الكيان؛ قبل أن تتعالى مجدداً وتيرة الغطرسة الإسرائيلية، التي لم تفلح مع ذلك في طمس الدلالات الموجعة لمستوطنين يهيمون على وجوههم في فلوات غلاف غزّة، ودبابات تواصل الاحتراق.
غير أنّ الوقت لم يكن مبكراً بالنسبة إلى ستيفاني هوليت، القائمة بأعمال السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، التي سارعت إلى التعبير عن «الاشمئزاز» إزاء الصور المتلاحقة عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الإسرائيليين. جيمس كليفرلي، وزير الخارجية البريطاني، لم يتأخر بدوره: المملكة المتحدة تدين الهجمات المرعبة ضدّ المدنيين الإسرائيليين وستقف دائماً مع حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها. جوزيف بوريل، ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، لم يتخلف عن الركب: ندين بالمطلق هجمات «حماس». وزير خارجية السويد، توبياس بيلستورم، سارع بدوره إلى التغريد داخل السرب: لا أعذار لهجمات المجموعات «الإرهابية» ضدّ إسرائيل…
هذا غيض من فيض، بالطبع، لا يعكس جديداً في الانحيازات العمياء التي تتخذها هذه الدول، وسواها، عند النظر إلى أية معادلة تخصّ الفارق بين الجلاد والضحية، وبين قطاع خاضع لحصار خانق همجي ونظام عسكري استيطاني عنصري لا يكتفي بالحصار بل يشنّ الحرب تلو الحرب ضدّ البشر والعمران والبنى التحتية والسهول والشطآن. ومن غير المنتظَر أن تتبدّل لهجة هؤلاء حين يبلغ العدوان الإسرائيلي الجديد على غزّة ذروة قصوى إضافية من البربرية، حتى إذا تخللت المواقف هذه الجرعة أو تلك من نبرة القلق على دولة الاحتلال؛ سواء من داخلها وما تفعله بذاتها وعبر حكومتها الأكثر يمينية وفاشية وعنصرية، أو بسبب التطورات النوعية في أساليب المقاومة الفلسطينية وأدواتها وميادينها.
ذلك لأنّ قواعد الاشتباك آخذة في التبدّل، جذرياً على أصعدة عديدة، وغزّة هذه المرّة هي التي تعلن الحرب؛ وقد يكون القادم أعظم و… أيسر قراءة وتحليلاً أيضاً.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة امريكا المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
حماس تعلن مقتل رهينة إسرائيلية وتنذر نتانياهو
أعلنت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، اليوم السبت، مقتل رهينة إسرائيلية تحتجزها شمال قطاع غزة، الذي يشهد عملية عسكرية إسرائيلية واسعة منذ 48 يوماً، تسببت بدمار واسع في مخيم جباليا للاجئين.
وقال المتحدث باسم القسام إن "إحدى الأسيرات قتلت في منطقة تتعرض لعدوان شمال قطاع غزة، فيما لا يزال الخطر محدقاً بحياة أسيرة أخرى، كانت معها".وأضاف في تصريحات مقتضبة، عبر حسابه على تيليغرام،: "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته وقادة جيشه يتحملون المسئولية الكاملة عن حياة أسراهم، وهم الذين يصرّون على الإمعان في التسبب بمعاناتهم ومقتلهم"، وفق قوله.
مكافأة مالية و"خروج آمن".. نتانياهو يقدم عرضاً لخاطفي الرهائن في غزة - موقع 24أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء، أن إسرائيل تعرض مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار لكل من يعيد رهينة محتجزاً في غزة، وفق بيان صادر عن مكتبه. وقال إن "على إسرائيل أن تستعد للتعامل مع معضلة اختفاء جثث الأسرى القتلى، بسبب التدمير الواسع، وبسبب مقتل بعض الآسرين".
ونشرت "القسام" صورة قالت إنها للرهينة الإسرائيلية، التي قتلت دون الكشف عن هويتها، وعلّقت عليها بالقول: "ضحية جديدة لنتانياهو".