كتب طوني عيسى في" الجمهورية": لبنان سيكون في السنوات المقبلة في الوضعية الآتية:
1- سيبقى القرار السياسي الداخلي في يد المحور الحليف لطهران، مقابل التزامه الضمانات التي تطلبها الولايات المتحدة والغرب، خصوصاً في ما يتعلّق بأمن الحدود والطاقة. وهذا ما بدأ يظهر بوضوح منذ توقيع اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل، قبل عام.
2- سيحصل هذا الفريق على امتياز التحكّم بعشرات مليارات الدولارات التي هي حصّة الدولة اللبنانية من عائدات الغاز، مقابل رعايته مصالح الأطراف والشركات الإقليمية والدولية التي لها حصصها من الغاز أيضاً.
3- سيتمكن هذا الفريق من إدارة ما بقي في مصرف لبنان من موجودات بالعملات الأجنبية ومن الذهب، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، والتحكّم ببنود الموازنة ومالية الدولة عموماً.
وفي الخلاصة، سيمتلك فريق السلطة قدرة على التحكّم بعشرات المليارات من الدولارات، بتغطية من القوى الإقليمية والدولية، وهو ما سيفتح أمامه الأبواب لإسكات أصوات المعارضة بأشكال مختلفة، وسط صمت دولي وغضّ نظر أو عجز عربي.
وسيذكّر ذلك بمرحلة الحكم التي أعقبت اتفاق الطائف، والتي جرت فيها الصفقة ما بين دمشق من جهة والولايات المتحدة والغربيين والعرب من جهة أخرى. وفيها تمكنت سوريا من إدارة لبنان واستثمار ما أمكن من طاقاته، مقابل «رشوة» الغرب والعرب بالاستقرار والتصدّي للإرهاب.
يعني ذلك أنّ الثروات المُنتظر أن تتدفق من بلوكات الغاز، في غضون فترة تراوح ما بين 5 أعوام و7، ستتوزع فيها الحصص على الأقوياء في الداخل والخارج. واتفاق الترسيم البحري، قبل عام، كان أول الغيث.
واليوم، جرى استعجال فضّ العروض في البلوكين 8 و10، لمنح كونسورتيوم الغاز الثلاثي (الفرنسي- الإيطالي- القطري) إيّاه رخصة التنقيب، على رغم أنّ الخبراء نصحوا بتأجيل هذه الخطوة إلى ما بعد صدور النتائج الإيجابية المحتملة لعملية التنقيب في البلوك 9، والتي باتت على وشك الظهور، ما كان يمكن أن يرفع من حصّة الدولة اللبنانية.
وبناءً على ذلك، يتبيّن أنّ هناك تفاهمات ضمنية مسبقة على الحصص بين كل المعنيين، في الداخل والخارج، حول ملف الغاز والنفط، ما يثير القلق من ضياع هذه الثروة الثمينة التي هي ملك الأجيال الحالية والآتية من الشعب اللبناني.
فالمنظومة التي نهبت موارد الدولة وأموالها وودائع اللبنانيين في القطاع المصرفي، وما زالت تبحث عن الصفقات التي تؤمّن لها المزيد، لا يمكن إئتمانها على عشرات المليارات من دولارات الغاز، أو عشرات المليارات من دولارات الذهب والاحتياط بالعملات الصعبة، أو المليارات المحتمل أن تصل في شكل مساعدات من الجهات المانحة.
كما أنّ التشريعات التي سيتمّ إقرارها في الفترة المقبلة، ولاسيما تركيبة «الصندوق السيادي» المخصّص لحفظ أموال الغاز، يُخشى أن تكون مدروسة للقبض على الموارد كلها، بدءاً بالغاز الذي ستتبخر أمواله في هذه الحال، وسط مناخات من الغموض، كما تبخّرت وتتبخّر موجودات الدولة وودائع اللبنانيين، من دون أن يرفّ جفن لأي كان في السلطة، أو يُقدَّم مذنب واحد إلى المحاسبة.
وفي الدرجة الأولى، ستعتمد هذه المنظومة موارد الغاز مادة مساومة لإجراء المقايضات اللازمة مع القوى الإقليمية والدولية، لتحصل منها على التغطية اللازمة، كي تتمكن من القبض على البلد ومؤسساته وثرواته، فوق الأرض كما تحتها.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
قرار قضائي جديد يقيد العمل بالمادة 9 التي تمنع الحجز على ممتلكات الدولة في حال عدم احترام شروط تطبيقها
صدر مؤخرا قرار عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط يؤيد عملية الحجز على أموال الجماعة الحضرية لمدينة الدار البیضاء، لدى الخازن الإقليمي للدار البیضاء منطقة الشرق، لفائدة الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية.
ورفضت المحكمة استعمال المادة 9 من مشروع قانون المالية 2019 التي تنص على منع الحجز على أموال الدولة و الجماعات الترابية لكون مباشرة عملية الحجز تمت قبل تاريخ نشر قانون المالية لسنة 2019.
وجاء في القرار أنه بتاريخ 2024/04/29 تقدمت الشركة بمقال المصادقة على حجز ما للمدين لدى الغير أمام المحكمة الإدارية بالدار البيضاء جاء فيه أنها استصدرت عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء بتاريخ 2010/01/27 تحت عدد 131 ملف رقم 2008/13/67 القاضي بأداء الجماعة الحضرية للدار البيضاء مقاطعة سيدي مومن للشركة مبلغ 1937379,68 درهم وتحميلها الصائر وتم تأييده بموجب القرار عدد 2450 الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بتاريخ 2014/05/26 ملف رقم 7/10/90 القاضي بتأييد الحكم المستأنف مع حصر المبلغ المحكوم به في 1.936.129,00 درهم.
الشركة باشرت إجراءات التنفيذ في إطار الملف التنفيذي وانتهى بتحرير مأمور إجراءات التنفيذ لمحضر امتناع الجماعة الحضرية. فتم إجراء حجز ما للمدين لدى الغير على الأموال العائدة للجماعة بين يدي الخازن الإقليمي لمنطقة الشرق الدار البيضاء.
والمثير هو ما عللت به المحكمة قرارها في الحيثيات.
إذ اعتبرت المحكمة أنه في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين، فإنه يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون (90) يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض، وفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية أن يوضح جدولة الأداء في الميزانية، وإلا يتم الأداء تلقائيا من طرف المحاسب العمومي داخل الآجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها العمل في حالة تقاعس الآمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل أعلاه. وإذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم عندئذ تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الآمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع (4) سنوات ووفق الشروط المشار إليها أعلاه، دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز لهذه الغاية « ، إلا أنه يتحقق وقوع الإعذار والامتناع والتقاعس البين عن الأداء داخل اجل التسعين يوما (90) من طرف الأمر بالصرف فيعتبر متخليا طواعية واختيارا عن المكنة القانونية التي تتيح له الأمر بصرف النفقة في حدود الاعتمادات المتوفرة و إدراج المتبقى في الميزانيات اللاحقة وفي أجل أقصاه أربع سنوات، ويصبح بإمكان حامل السند التنفيذي اللجوء إلى المحاسب العمومي من اجل الأداء التلقائي.
واضافت المحكمة في جديد تعليلاتها أن الحماية القضائية الموضوعية للحق لا تتم إلا باللجوء للقضاء، وأن هذا المبدأ يوازيه الإستفادة من الحماية التنفيذية للحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به، باعتبار أن الدولة قد تولت بنفسها تنظيم هذا الجانب من عمل السلطة القضائية بوضع أنظمة دقيقة ضمنتها قواعد وإجراءات كفيلة بإحداث نوع من التوازن بين مختلف الحقوق والمصالح المتصارعة في المرحلة التنفيذية،
كما أعطت المحكمة درسا أخلاقيا للآمرين بالصرف عندما قالت في تعليلها أن تنفيذ الاحكام القضائية فضلا عن كونه التزام قانوني على عاتق الدولة يعتبر كذلك واجبا أخلاقيا ومعنويا يقع على كاهل الادارة، بالإضافة الى ارتباطه بما تتمتع به هذه الاحكام والقرارات من حجية والتي تعتبر قرينة قانونية قاطعة لا يمكن مخالفتها.
ويتساءل المحامون هل ستسير المحاكم الإدارية جميعها في اتجاه هذا القرار الجريء؟ علما أن استئناف إدارية الرباط يجمع تحته محاكم إدارية كثيرة و هي الرباط و البيضاء و فاس و مكناس. وبالتالي، شمول الاتجاه لثلثي توجه المحاكم في المملكة. و هو ما سيسلط الضوء أكثر فأكثر على محكمة النقض إذا ما اتجهت هذه القرارات نحو النقض.