تغيرات هرمونية يمكن أن تفسر ظاهرة "دماغ الطفل" لدى النساء قبل الولادة
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
أفاد فريق من الباحثين أنه اكتشف أن هرمونات الحمل لديها القدرة على التأثير على مجموعة صغيرة من الخلايا العصبية في أدمغة إناث الفئران لتنشيط سلوك الأمومة حتى قبل الولادة.
ومن المعروف أن الأمومة تؤدي إلى تغيرات سلوكية في العديد من الأنواع، مثل تغيير إجراءات التغذية ومستويات العدوان. وعلى الرغم من أنه تم توثيق حدوث هذه التعديلات السلوكية أثناء الحمل، إلا أنه لم يكن معروفا كيف قامت بعض الهرمونات بتعديل الدوائر العصبية لتحفيز غريزة الأمومة.
وتعرف هذه السلوكات باسم "دماغ الطفل"، أو "دماغ الحمل"، وهي تشوش ذهني يحدث أثناء الحمل، نتيجة تغيرات في دماغ الأم لتتكيف مع الطفل القادم.
ومن الصعب فحص تأثير ارتفاع هرمونات الحمل لدى النساء. ولكن في الفئران الحوامل، وجد أن خلايا المخ المتأثرة بهذه الهرمونات تجعلها أكثر اهتماما بالأطفال من الطعام أو الجنس الآخر أو التجارب الجديدة.
ومن المثير للاهتمام أن هذا التأثير اختفى بعد نحو 30 يوما من الولادة في الفئران.
وإذا كان الأمر نفسه صحيحا بالنسبة للنساء، كما يتوقع الباحثون، فإن هذا يعني أنه سيكون لديهن اهتمام أكثر بأشخاص آخرين غير أطفالهن بعد نحو عام من الولادة. وهذا هو الوقت الذي قد يرغبن فيه في الاهتمام بشريكهم مرة أخرى، إذا كن يرغبن في إنجاب طفل آخر.
وتساعد الدراسة في تفسير "دماغ الطفل" لدى النساء حيث تكون شديدة الاستجابة لبكاء طفلها واحتياجاته، ولكن ليس كما يستخدم المصطلح أحيانا في ما يتعلق بالنسيان والتشوش والتوتر.
وفي الدراسة الجديد التي نُشر في مجلة Science، وأجراه باحثون من معهد فرانسيس كريك، أفيد أن إناث الفئران أظهرت سلوك الأمومة بشكل أكبر في المراحل المتأخرة من الحمل، لذلك تبين أن التعرض للذرية لم يكن ضروريا لحدوث هذا التغيير في السلوك.
إقرأ المزيدوأثبت الباحثون أن اثنين من الهرمونات التي تزيد بشكل كبير في النساء الحوامل والفئران، وهي الإستروجين والبروجستيرون، من المحتمل أن تجعل الفئران تتصرف بشكل أكثر أمومة في أواخر الحمل.
وتوصل الباحثون إلى هذه النتيجة بعد أن وجدوا أن هرمون الإستروجين والبروجستيرون يعملان بشكل مباشر على مجموعة من الخلايا العصبية الموجودة في منطقة ما تحت المهاد المعروفة باسم المنطقة أمام البصرية الوسطى (MPOA)، والتي توجد أيضا عند النساء، وترتبط بتربية الأطفال.
وأظهرت مراقبة الدماغ بعد ذلك أن هذا الجزء من الدماغ كان أكثر نشاطا عندما تفاعلت الفئران الحوامل مع الفئران الصغيرة مقارنة بالاستجابة للطعام، أو فأر ذكر، أو شيء لم يروه من قبل.
وأوضح العلماء أن تسجيلات الدماغ أظهرت أن هرمون الإستروجين قلل من النشاط الأساسي لهذه الخلايا العصبية، لكنه جعلها أكثر استثارة استجابة للإشارات الواردة. بينما قام البروجسترون بإعادة تشكيل مدخلاته، ما تسبب في تكوين المشابك العصبية (الاتصال العصبي)، لتكون هذه الخلايا العصبية متصلة بأجزاء أخرى من الدماغ، بحيث تبدو التغيرات السلوكية دائمة.
وعندما تم منع الهرمونات من الوصول إلى خلايا الدماغ باستخدام التحرير الجيني، كانت الفئران الإناث أقل اهتماما بكثير بإبقاء أطفالها معها أو إطعامهم أو إبقائهم دافئين. ما جعل المتخصصين يعتقدون أن هناك فترة حرجة في الحمل تعمل فيها هذه الهرمونات على الخلايا العصبية.
إقرأ المزيدوقال الدكتور جوني كول، كبير مؤلفي الدراسة من معهد فرانسيس كريك في لندن: "وجدنا أن التغييرات في الدماغ للاستعداد لرعاية الطفل تبدأ أثناء الحمل - وليس بعد الولادة فقط. ربما يكون هذا هو السبب وراء استعداد الأمهات لرعاية الأطفال، والاستجابة المفرطة لطفل يبكي - وربما إعطاء الأولوية لطفلهن على الآخرين في البداية. ويبدو أن بعض هذه التغييرات التي رأيناها في الدماغ تستمر مدى الحياة".
ووجد الباحثون أيضا أن الفئران الإناث استجابت أموميا لصغار رأتها مرة واحدة فقط، ما يشير إلى أن هذا سلوك متأصل في الدماغ.
وأظهرت النتائج بذلك، أن هرمونات الحمل "تعيد توصيل" أدمغة القوارض لإعدادها للأمومة.
واقترح الخبراء أن دماغ البشر يمكن أيضا إعادة تشكيله بطريقة مماثلة أثناء الحمل، حيث يُعتقد أن نفس التغيرات الهرمونية التي تؤثر على مناطق معينة من أدمغة الفئران يمكن أن تحدث في البشر.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا أخبار الصحة الصحة العامة تجارب عالم الحيوانات نساء هرمونات الخلایا العصبیة أثناء الحمل
إقرأ أيضاً:
العشيرة.. دفء الانتماء لا نار العصبية
صراحة نيوز- بقلم / أ.د.بيتي السقرات/ الجامعة الأردنية
حين قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين: «أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب»، كان في قوله تأكيد على صدق نبوته واعتزازه بأصله ونَسَبه، فهو من بني عبد المطلب، أحد فروع قريش الكبرى، لكنّ تأكيده هذا لم يكن مباهاة بالنسب أو العصبية، بل تعبيرًا عن الفخر بالانتماء الأصيل الذي يجمع بين الرسالة والقيم، ويؤكد أن النسب الشريف مقرون بالحق والثبات والإيمان.
وهذا المعنى العميق في الاعتزاز بالأصل والانتماء القيمي هو ما يعكس جوهر مفهوم العشيرة في المجتمع الأردني.
فالعشيرة ليست مجرد رابطة دم أو اسم، بل منظومة قيمية واجتماعية تقوم على الدفا والوفا، وعلى التكافل والتراحم، وعلى الوقوف مع الحق، وحماية النسيج المجتمعي من التشرذم والانقسام.
العشيرة الأردنية هي الامتداد الطبيعي للأصالة، وهي البذرة التي نبتت منها الدولة الأردنية الحديثة، فكانت على الدوام الرافعة والسند، وحاضنة القيم التي تربى عليها الأردنيون جيلاً بعد جيل.
ولذلك، لا يجوز أن تُشيطن العشيرة أو تُختزل في سلوكيات فردية أو مظاهر خاطئة، فالعشيرة ليست مثار جدل ولا أداة للاستقواء أو التعصب. بل هي منظومة وفاء وانتماء، نابعة من تاريخ من المروءة والشهامة والكرم والنخوة، تعزز الاستقرار، وتعمق الانتماء، وتشكل عماد البناء الاجتماعي والوطني.
إن تشويه صورة العشيرة أو تصويرها وكأنها رمز للهمجية أو التخلف هو جهل بحقيقتها ودورها، فالعشيرة الأردنية كانت وستبقى صمام الأمان للمجتمع، ومصدر الدفا الاجتماعي الذي يحفظ الناس في الشدة والرخاء، وهي الأصل الذي لا نستغني عنه ولا نقبل المساس به.
وقد عبّر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، عن مكانة العشائر الأردنية بقوله:
“العشائر الأردنية كانت وستبقى صمام الأمان للوطن، ورافعة الدولة الأردنية، وشريكة في مسيرة البناء والتحديث.”
كلمات جلالته تمثل بوصلة الانتماء الحقيقي، فالعشيرة الأردنية قلبًا وقالبًا مع الملك ومع ولي عهده الأمين، يعلنون الولاء والوفاء والانتماء الدائم، ويقفون صفًا واحدًا خلف الوطن في مواجهة كل محاولات الإساءة أو الفتنة أو زرع الشكوك بين أبناء المجتمع الواحد.
العشائر الأردنية ترفض العشائرية المميتة التي يُراد بها الاستقواء أو الإساءة أو إثارة الفتن، لأن العشيرة ليست وسيلة للنفوذ، بل عنوان للعطاء، وليست سلاحًا للتفرقة، بل جسرًا للوحدة.
هي نموذج للتماسك الاجتماعي، تستمد شرعيتها من تاريخها وقيمها، وتترجم ولاءها بالفعل لا بالقول، في العمل والعطاء والالتزام.
فالعشيرة الأردنية، التي بنت الدولة ووقفت في خندق الوطن منذ بدايات التأسيس، ستبقى صامدة على هذا النهج الأصيل:
دفا في العلاقات، وفاء في الانتماء، ونبلاً في الموقف، لا تسمح لأحد أن يشوه صورتها أو يقلل من دورها.
فهي الأصل الذي نحتمي به، والهوية التي نفخر بها، والدرع الاجتماعي والإنساني الذي يجمعنا على المحبة والاحترام، في ظل قيادة هاشمية حكيمة ومخلصة، تقود السفينة بثبات نحو المستقبل.