ملتقى أهل مصر بالعريش.. لقاءات توعوية حول صحة المرأة والحفاظ على التراث
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
شهد قصر ثقافة العريش، السبت، لقاء توعويا بعنوان "دور التوعية في الحد من الأمراض التي تصيب المرأة.. الوقاية والعلاج"، ضمن فعاليات الملتقى الثقافي الثالث عشر لثقافة وفنون المرأة، المقام ضمن مشروع "أهل مصر" برعاية د. نيفين الكيلاني وزير الثقافة، والذي تنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، تحت شعار "يهمنا الإنسان"، للدمج الثقافي لسيدات وفتيات ٦ محافظات وهي مطروح، الوادي الجديد، أسوان، البحر الأحمر، شمال سيناء وجنوب سيناء، إلى جانب حي الأسمرات بالقاهرة.
استهلت د. منى الشناوي - أخصائي مكافحة العدوى بمستشفى العريش العام، اللقاء بطرح تساؤل على المشاركات بالملتقى وهو "كيف تحافظين على صحتك؟" موضحة أن ذلك يأتي من خلال عدة أمور أهمها ممارسة التمارين الرياضية بشكل يومي، تناول الغذاء الصحي، وإجراء الفحوصات الدورية للوقاية من الأمراض الخطيرة ومنها سرطان الثدي الذى يعتبر من أكثر أنواع السرطانات شيوعا بين النساء، وهناك أيضا سرطان عنق الرحم الذي قد يحدث نتيجة تغيرات في خلايا عنق الرحم، أو ضعف الجهاز المناعي، أو بسبب التدخين، لتختتم حديثها بذكر أهم طرق الوقاية والعلاج.
أعقب ذلك محاضرة بعنوان "القضايا والتحديات التى تواجه المرأة في الحفاظ على التراث الثقافي" تحدثت خلالها د. نبيلة عبد الرؤوف أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية التربية جامعة العريش، عن مفهوم التراث وأنواعه مشيرة إلى أنه يعني الحفاظ على الإرث المعرفي والحضاري لكل مجتمع، أما عن أنواعه فتتمثل في التراث المادي مثل التراث الثقافي المنقول (المصنوع بشكل يدوي)، وتراث ثقافي غير منقول كالمعالم والمواقع الأثرية.
بخلاف التراث الثقافي غير المادي المتمثل في المعارف والمهارات والفنون القولية بأنواعها، كما أوضحت خلال حديثها كيفية الحفاظ على هذا الإرث الثقافي وذلك من خلال عقد الندوات التثقيفية لتوعية الشباب بأهمية التراث الشعبي، إقامة عروض الأزياء الخاصة بالتراث فى المعارض لتعظيم الموروث الثقافي لدى الشعوب، وأخيرا نشر الوعي الكافي عن أهمية الموروث الشعبي، بإقامة ورش تراثية للحفاظ عليها من الاندثار.
جاء ذلك بحضور كل من د. دينا هويدي مدير عام الإدارة العامة لثقافة المرأة والمشرف التنفيذي للملتقى، المخرج أحمد السيد عضو اللجنة العليا لمشروع أهل مصر، أمل عبدالله رئيس إقليم القناة وسيناء الثقافى، وأشرف المشرحاني مدير عام فرع ثقافة شمال سيناء.
مشروع "أهل مصر" يضم في لجنته العليا المخرج هشام عطوة مستشار وزارة الثقافة لشئون الأنشطة الثقافية والفنية، وتقام فعاليات الملتقى بالعريش بالتنسيق بين الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د.حنان موسى وإقليم القناة وسيناء الثقافي، وفرع ثقافة شمال سيناء.
ويشهد الملتقى عددا كبيرا من الفعاليات الثقافية والفنية والزيارات الميدانية داخل المحافظة بالتزامن مع احتفالات اليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر المجيد، باعتباره أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة لأبناء المحافظات الحدودية التي تهدف إلى التعريف بالتراث والثقافة المحلية، من أجل الحفاظ على الهوية الثقافية، وتعزيز قيمة الانتماء للوطن.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ثقافة التراث الثقافي الهيئة العامة لقصور الثقافة الوادى الجديد هشام عطوة الحفاظ على أهل مصر
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: لسان الثقافة
للثقافة لسانها الخاص وهناك مواقف تكشف عن هذا اللسان المخبوء من تحت ألسنة المتحدثين، نجده في أمثلة للأحاديث والوقائع المرتجلة، ويشبه ما سماه فرويد بسقطات اللسان، ولكنه أكثر من مجرد سقطات، وإنما هو من فعلِ ما سميناه (المؤلف المزدوج)، أي الثقافة حين تتسلّل عبرنا لتشاركنا قولنا وكتاباتنا.
ونستدعي هنا موقفاً جرى في البرلمان البريطاني زمن رئاسة تيريزا مي رئاسة الحكومة (2019)، حيث واجهها أحد نواب المعارضة محيلاً إليها بقوله: هذه المرأة الغبية، مما فجر غضباً ثقافياً هائلاً، امتّد للإعلام بكل وسائله، وهنا يتكشف النسق الثقافي بأعلى درجاته، وأشد معانيه هو وصف المرأة بالغباء، الذي يحيل لتاريخٍ ممتّد عبر الأزمنة والثقافات، من حيث حشر المرأة بصفات الجهل، بينما العقل للرجل، ولها كل صفات السلب كالحماقة، ومنها قولهم إن الرجل كلما كبر، زاد حكمةً، وكلما كبرت المرأة، زادت حماقةً، ولو أن النائب مثلاً قال عن زميلٍ له هذا الرجل الغبي لظلّت الجملة عاديةً، ومجرد شتيمة شخصية، ولن تُحمل على أنها تعني جنس الرجال، على عكس جملة (هذه المرأة الغبية) التي تتجاوز الذاتي لتشمل الجنس، وإن جاءت لغوياً بصيغة الإفراد عبر اسم الإشارة لكن حالات استقبالها كشفت مدى تجذر سياقها الثقافي، أي أننا أمام نسقٍ ثقافي متجذّر، وهي التي فجرت الغضب العارم ضد جملة النائب المتورط ثقافياً.
ومثل ذلك المثل المشهور (قطعت جهيزةُ قول كل خطيبٍ)، وهذه جملة في ظاهرها مجرد جملة إخبارية، وقد يتبدى عليها الثناء بما أن هذه المرأة تفوقت على الفحول من الخطباء، وكسرت بلاغتهم وأسكتتهم، ولكن إذا تتبعنا سيرة هذه الجملة، فسنرى أنها جملة نسقيّة، وعلامة ذلك أن الميداني أورد هذه المثل ليعلق عليه بتعليقين متواليين، أولهما شرحٌ للمقولة وهذا تصرفٌ علمي خالص العلمية، ولكنه يختم حديثة بجملةٍ تكشف البعد النسقي لها، إذ يشير إلى أن هذا المثل يصف حماقة من يقطع أحاديث الرجال، ومن هنا تصبح جهيزةُ حمقاءَ ويسري المعنى ليعزّز هذه التوصيفات للمرأة.
وهنا نكتشف مدى قوة لسان الثقافة، الذي يقوم مقام المؤلف المزدوج، ولم يستطع الميداني تمرير المقولة دون التأويل الثقافي لها كما حدث مع جملة (المرأة الغبية) التي ما كان لها أن تمر دون تأويل ثقافي لها.
وهذه كلها صيغٌ ثقافية تعني أن البشر كائناتٌ سرديةٌ يتصرفون ويفكرون وفق أنظمة ذهنيةٍ قسرية، وهي التي تحرك مشاعرهم اللغوية وردود فعلهم في حروب كلامية عنصرها إقصائي ومكوّنها طبقي، ومهما تعلموا يظلون نسقيين رغم علميتهم ورغم عقلانيتهم، لأنهم تحت سلطة أنساقٍ مضمرةٍ سابقة عليهم، وقد تولدوا فيها ويستمرون معها، وهي فيهم ومن ثم يستمرون في إعادة إنتاجها.
ولسان الثقافة يظل تحت لسان البشر، وللثقافة حيلها في التخفي والإضمار عبر لسانها المخفي، ولكنه يمتلك القدرة على فرض معناه ومن ثم احتلال الأذهان في الإرسال والاستقبال معاً. وما تخفيه اللغه يختلف عما تبديه، وربما هو الأخطر والأكثر تحدياً.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض