البوابة نيوز:
2025-01-31@04:50:35 GMT

الآثار النفسية لحرب أكتوبر على الإسرائيليين

تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT

في كتاب «إسرائيل انتهاء الخرافة» قال المعلق العسكري  أمنون كابليوك: «تقول الحكومة البريطانية كلما كان الصعود عاليًا كان السقوط قاسيًا.. وفي السادس من أكتوبر سقطت إسرائيل من أعلي برج السكينة والاطمئنان الذي كانت قد شيدته لنفسها، وكانت الصدمة على مستوى الأوهام التي سبقتها قوية ومثيرة، وكأن الإسرائيليين قد أفاقوا من حلم طويل جميل لكي يروا قائمة طويلة من الأمور المسلم بها والمبادئ والأوهام والحقائق غير المتنازع عليها التي آمنوا بها لسنوات عديدة وقد اهتزت بل وتحطمت في بعض الأحيان أمام حقيقة جديدة غير متوقعة وغير مفهومة بالنسبة لغالبية الإسرائيليين».

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية ٦ نوفمبر ١٩٧٣ «إن جولدا مائير اعترفت - في حديث لها بعد حرب أكتوبر- بأنها فكرت في الانتحار».


ووفق مجلة بماحنيه الإسرائيلية ٢٠ سبتمبر ١٩٩٨، فإن «هذه الحرب تمثل جرحًا غائرًا في لحم إسرائيل القومي».. إن جرح حرب أكتوبر ما زال غائرًا في التركيبة البشرية الإسرائيلية، يستعيدون الذكرى كل عام، ورغم مرور كل هذه السنوات، ما زال السؤال الاستنكاري عندهم هو: هل هُزمنا حقًا؟، هل هُزمنا بما لدينا من قنابل ذرية واستخبارات لا تجارى وتحالفات مع أقوى دولة في العالم؟، كيف حدث ذلك؟، ويظل الهاجس المؤرق يتردد: هل يمكن أن نفاجأ مرة أخرى؟
في الاجتماع السنوي للجمعية الدولية لعلماء النفس عام ١٩٧٥ والمنعقد في تل أبيب، والذي كان موضوعه الرئيسي هو «الضغوط النفسية، والتوافق النفسي في الحرب والسلام»، كان من بين المتحدثين الرئيسيين في هذا المؤتمر عالم النفس الاجتماعي اليهودي الأمريكي الشهير ريتشارد لازاروس، والذى اختار موضوعًا لخطابه إلى المؤتمرين هو: سيكولوجية المواقف العصيبة ومواجهتها مع إشارة خاصة إلى إسرائيل، وقال «لازاروس» في البداية بأنه يشعر بتوحد كامل مع نضال إسرائيل القومي من أجل خلق وتأمين مكان ليهود العالم في مجتمع إنساني متسامح. ويمضى «لازاروس» موضحًا لآثار حرب أكتوبر على الفعل الإسرائيلى قائلًا: لقد أدت حرب «يوم الكيبور» بخسائرها الكبيرة إلى تغير التقييمات الإسرائيلية السابقة تغيرًا جذريًا، وقد حدد لى بعض أصدقائى وزملائى الإسرائيليين عددًا من المسلمات والافتراضات الشائعة التى انهارت نتيجة لهذه الخبرة، ومنها على سبيل المثال: إن العرب لن يتّحدوا أبدًا ضد إسرائيل، إنهم لن يحاربوا بشجاعة أبدًا، أن قوات الدفاع الإسرائيلية على درجة عالية من الكفاءة، وأن المخابرات الإسرائيلية تضمن انتصارًا دائمًا بأقل قدر من الخسائر، إن لدى قيادة الدولة من الحكمة والخبرة ما يسمح بترك كل شىء لتصرفها، إن الرأى العالمى سوف يبقى مؤيدًا لإسرائيل، إن الوقت فى صالحنا..، ولذلك جاء في مجلة نيوزويك الأمريكية في ١٤ أكتوبر ١٩٧٣: «إن كل يوم يمر يحطم الأساطير التي بنيت منذ انتصار إسرائيل عام ١٩٦٧ وكانت هناك أسطورة أولًا تقول إن العرب ليسوا محاربين وأن الإسرائيلي سوبرمان، لكن الحرب أثبتت عكس ذلك». كما نشر في صحيفة هاآرتس الإسرائيلية في ٢ نوفمبر ١٩٧٣: «لقد أوجدت حرب أكتوبر مفهومًا يبدو إننا لم نعرفه من قبل (منهكي الحرب)، ونعني به أولئك الذين عانوا من الصدمات النفسية والمنتشرين الآن في المستشفيات ودور النقاهة يعالجون من أجل تخليصهم من الآثار التي خلفتها الحرب الضارية..، لقد عرف الجنود الاسرائيليون خلال تلك الحرب ولأول مرة في حياتهم تجربة الحصار والعزلة أثناء القتال وعار الأسر والخوف من نفاذ الذخيرة».
ويؤكد «لازاروس» أن الجمهور الإسرائيلي كان على ثقة فى بداية حرب «الكيبور» من القدرة على التصدى لما يواجه الأمة من مصاعب، ولم يفقد الثقة كثيرًا فى القدرة القتالية لقوات الدفاع الإسرائيلية فى البداية، إلا أن مسار الحرب بعد ذلك قد تطلب تعديلات أساسية لتقييم طبيعة ومدى التهديدات، وكيف ينبغى مواجهتها، ويستشهد «لازاروس» بما نشرته إحدى الصحف الإسرائيلية بعد مضى عام على الحرب حيث قالت: ثمة شيء ما قد تحطم فى حرب يوم «الكيبور» فى العام الماضى، لقد أُنقذت الدولة حقًا، ولكن: إيماننا قد تداعى، ويقيننا قد تحطم، وقلوبنا قد تمزقت حتى الأعماق، وفقدنا ما يقرب من جيل كامل، ويشير «لازاروس» إلى ما لاحظه من انتشار اللامبالاة لدى العديد من الإسرائيليين، ويؤكد «لازاروس» بوضوح: لقد كانت حرب يوم «الكيبور» كارثة سيكولوجية، بمعنى أنها قد هددت أو دمرت عقيدة الإسرائيليين، ولسنا نعرف على وجه اليقين ما الذى حل أو سوف يحل محلها، والخطر الأعظم هو أنها يمكن أن تستبدل بتعاظم الإحساس بالتهديد وانعدام الحياة.
إذا كان أهل الاختصاص فى الأمور العسكرية يحسبون الهزيمة والنصر بمؤشراتها المادية ونتائجها الملموسة على الأرض، فإن علماء النفس يتحدثون عن الوعي بالهزيمة مقابل الوعى بالانتصار، واضعين فى اعتبارهم ومن واقع تخصصهم أيضًا تأثيرات عمليات تزييف الوعى التى قد ترسخ لدى المهزوم وعيًا مصنوعًا أو زائفًا بالانتصار، كما أنها قد ترسخ لدى المنتصر وعيًا زائفًا بالهزيمة.
في العيد الخمسين لانتصارات أكتوبر المجيدة، تحية إجلال وتقدير للقوات المسلحة المصرية، وتهنئة لمصر وشعبها.
محمد أبو حامد: كاتب معنى بقضايا التنمية البشرية

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الجمهور الإسرائيلي جولدا مائير الإسرائيليين حرب أکتوبر

إقرأ أيضاً:

لوموند: إسرائيل تشهد هجرة لم يسبق لها مثيل

قالت صحيفة لوموند إن آلاف الإسرائيليين غادروا البلاد للاستقرار في الخارج، وإن مزيدا من الناس قد يفعلون ذلك في المستقبل، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادي له تأثير في ذلك، ولكن انعدام الأمن والحرب في غزة وسياسات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمكانة المتعاظمة للدين في المجتمع؛ كلها عوامل جعلت هذا الاتجاه يتسارع.

وانطلقت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلتها من تل أبيب إيزابيل ماندراود- من قصة الموسيقي روي (34 عاما) الذي لم يعد يرى مستقبلا له في إسرائيل التي ولد فيها، رغم أنه منتج ومغنّ وعازف قيثارة ناجح.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع أميركي: وقف النار في غزة سلام مؤقت أم شرارة لصراع جديد؟list 2 of 2إيكونوميست: خطة رواندا المتهورة لإعادة رسم خريطة أفريقياend of list

وهذا الشاب -الذي لا يريد الكشف عن هويته- يستعد، وفقا للصحيفة، للهجرة إلى إسبانيا مع زوجته، ويقول "نحن لا نصرخ من فوق أسطح المنازل، لأننا نخجل من المغادرة قبل أن تنتهي الحرب تماما، إنها لحظة معقدة. أنا أحب بلدي، لكني أرى أن سنوات مظلمة في انتظارنا". ويضيف "لقد تجاوزت حكومة نتنياهو عتبات عدة تشكل خطرا على الديمقراطية، وثمة تناقض بين القانون والدين، كما أن عدد المتطرفين ما فتئ يزداد".

مستويات قياسية

أما ميكي (30 عاما) فقد اتخذ الخطوة بالفعل، وانتقل مؤخرا مع زوجته وطفليه الصغيرين إلى بافوس، حيث أسس شركة للتجارة الإلكترونية في البلدة الواقعة على الساحل الغربي لقبرص، وهو لا يرغب في الكشف عن اسمه، كما تقول المراسلة.

إعلان

يقول ميكي "كان اتخاذ القرار صعبا ولكن بين الصعوبات الاقتصادية المتزايدة في إسرائيل وانعدام الأمن، أدركنا أن علينا أن نرحل.. في كل مرة كنت أخرج مع أطفالي، كنت أحمل سلاحًا مثل كثير من المدنيين الإسرائيليين".

ساسون: 82 ألفا و700 إسرائيلي غادروا البلاد ولم يعد إليها سوى 24 ألفا خلال عام 2024 وثمة مخاوف من أن تشهد إسرائيل هجرة للأدمغة.

وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة بافوس أصبحت وجهة جذابة بشكل متزايد، كما تؤكد أليس شاني، وهي إسرائيلية تملك شركة عقارات أُسّست هناك منذ سنوات، وقالت في اتصال هاتفي "في العام الماضي وصلت 200 أسرة ولا يزال المزيد يصلون"، وأضافت "أتلقى كل يوم أسئلة عن المدارس والحياة اليومية. معظم الوافدين أعمارهم في الثلاثينيات ويعملون في مجال التكنولوجيا الفائقة".

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2024، وصلت أعداد المغادرين إلى مستويات قياسية، إذ غادر البلاد 82 ألفا و700 إسرائيلي من دون أن تكون الحرب هي السبب. ويوضح إسحاق ساسون وهو أستاذ لعلم الاجتماع في جامعة تل أبيب أن 24 ألف إسرائيلي فقط عادوا في عام 2024 حسب التقرير، مما يعني أن هذه الفجوة "تمثل تغييرًا جذريا مقارنة بالعقد السابق".

مخاوف سياسية

ويوضح إسحاق ساسون أن "العديد من المهاجرين غادروا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أعتقد أن بعضهم غادر البلاد بسبب عدم الاستقرار السياسي في إسرائيل والإصلاح القضائي المثير للجدل. هذه الزيادة في الهجرة مثيرة للقلق؛ هناك اعتقاد بأن المهاجرين لديهم مستويات تعليمية أعلى من المتوسط. إن الخطر الرئيسي هو أن تشهد إسرائيل هجرة للأدمغة".

ومع مرور الأشهر الأولى على بدء الحرب في غزة ثم في لبنان، أصبح هذا الاتجاه أكثر وضوحا -كما تقول المراسلة- إذ يقول إيلان ريفيفو (50 عاما) "لم أشاهد شيئا مثل هذا على الإطلاق خلال 30 عاما من مسيرتي المهنية"، علما أن شركته متخصصة في مساعدة اليهود القادمين للاستقرار في إسرائيل، وهو يقول الآن إن ما يحدث هو العكس.

ريفيفو: الذين يغادرون هم أكثر خوفًا من الوضع السياسي، وهم غير متفائلين بالمستقبل ويفكرون في أطفالهم، كما أنهم يسعون للحصول على جنسية ثانية.

ويرى رجل الأعمال هذا أن الحرب ليست الدافع الوحيد وراء هذا الخروج، قائلا "إن الذين يغادرون هم أكثر خوفًا من الوضع السياسي، وهم غير متفائلين بالمستقبل ويفكرون في أطفالهم، ويسعون للحصول على جنسية ثانية. أعتقد أن ثقل التدين في البلاد يلعب دورا كبيرا في قرارهم".

إعلان

وخلصت الصحيفة إلى أنه لا أحد يعرف اليوم هل الهدنة الهشة في غزة ستكون كافية لوقف النزوح خاصة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حذر من أن الحكومة تحتفظ "بالحق" في استئناف الحرب إذا رأت ذلك مناسبا، والحقيقة هي أن العديد من الإسرائيليين معادون للسياسات التي ينتهجها الائتلاف الحاكم الذي يهيمن عليه اليمين المتطرف، وذلك ما يلخصه روي في جملة واحدة قائلا "إذا لم يتغير شيء في الانتخابات المقبلة سوف يغادر مزيد من الناس".

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: بعد إتمام هدنة غزة كل أحداث المنطقة تأتي تحت شعار الحرب النفسية
  • معهد صهيوني: صورة قاتمة لـ”وضع إسرائيل” في الحرب منذ 7 أكتوبر 
  • إسرائيل تفرج عن سجناء فلسطينيين بعد تأجيل بسبب تسليم الأسرى الإسرائيليين
  • لوموند: إسرائيل تشهد فرارا لم يسبق له مثيل
  • الفاو: الحرب الإسرائيلية على غزة تدمر 75% من الزراعة ومياه الري
  • لوموند: إسرائيل تشهد هجرة لم يسبق لها مثيل
  • خامنئي: "غزة الصغيرة ركّعت إسرائيل".. ووزير الخارجية الإيراني يقترح "نقل الإسرائيليين إلى غرينلاند"
  • من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
  • ‏مصادر طبية في غزة: ارتفاع حصيلة الحرب إلى 47354 قتيلا و111563 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023
  • إسرائيل تعلن إصابة أكثر من 15 ألف جندي منذ 7 أكتوبر 2023