افتتاحية الثورة
كان يوم أمس السابع من أكتوبر تشرين 2023م، يوما فارقا في تاريخ الأمة العربية والإسلامية التي عاشت انتصارات عظيمة وغير مسبوقة حققتها المقاومة الفلسطينية في غزة بعملية طوفان الأقصى، العملية غير المسبوقة التي رعفت الصهاينة خسائر غير مسبوقة منذ إنشاء كيانهم اللقيط، تؤكد على أن إزالة الكيان الصهيوني قرار وإرادة وروح جهادية، طوفان القدس التي عكست التجربة الجهادية العظيمة لفصائل المقاومة الفلسطينية أعادت لكل العرب الاعتبار والكرامة بعد عقود من الانتكاسات، أحداث هذه المعركة البطولية ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة كلها، وهي بداية طوفان سيجرف اليهود الصهاينة إلى مزبلة التاريخ بإذن الله.
طوفان القدس في صباح السابع من تشرين غزة، أسقط بها المجاهدون الفلسطينيون ما تبقى من فقاعات أسطورة الجيش الذي لا يقهر، كسروا معادلات الأمن الحديدي الصهيوني، هدموا الجدار العازل الذي سوره الكيان الصهيوني على قطاع غزة واجتازوه، اقتحموا معسكرات وقواعد العدو الصهيوني واغتنموا سلاحه ومعداته من مدرعات ودبابات وأسلحة، اقتحموا الثكنات الصهيونية وساقوا المئات من الجنود الصهاينة أسرى مكبلين ومقيدين، وأثخنوا فيهم قتلا وفتكا وجرحا ، اجتاحوا المستوطنات المغتصبة وتقدموا، قصفوا مدن الكيان الغاصب بآلاف الصواريخ، لقد استعادوا الكرامة العربية كلها، لقد شاهدنا يوم أمس عدواً هشاً أوهن من بيت العنكبوت يتهاوى تحت عمليات طوفان القدس.
الهجوم الكاسح الذي شنه أبطال المقاومة الفلسطينية أمس على العدو الصهيوني في مستوطنات غلاف غزة، من فوق الأرض، ومن الجو، ومن البحر، لم يكن مفاجئا فحسب بل كاسرا للأوهام والحصون التي ظل الصهاينة يشيدونها منذ احتلالهم لفلسطين قبل 75 عاما، وظنوها مانعتهم من بأس الله والمجاهدين في سبيله، لقد أسقطوا كل التحصينات والجدارات الخرسانية العازلة التي تسور غزة، وهدموها بالجرافات، وكسروا خطوط الدفاع المدججة بالأسلحة والدبابات والثكنات العسكرية واجتازوها، وبأكثر من 10 آلاف صاروخ أمطروا مدن الكيان اليهودي ليسقطوا بذلك أوهام منظومة القبة الحديدية التي توهم الصهاينة فولاذيتها وصلابتها في مواجهة الصواريخ.
العدو الصهيوني أوهن من بيت العنكبوت هذه حقيقة رأيناها من خلال ما شاهدناه يوم أمس، وها هي طوفان القدس تكشف هشاشته وضعفه، لقد اخترق المجاهدون كل التحصينات ومنظومات الحماية، ونكلوا بجنوده وقطعانه أشد تنكيل قتلا وفتكا وأسرا، وباغتوه في معاقله وثكناته وهو الذي يسيطر على أجواء غزة من خلال طائراته المسيّرة، ومن خلال جواسيسه ومخبريه المنتشرين في كل مكان، ومن خلال اختراقه شبكة الاتصالات السلكية والجوّالة في غزة، ومن خلال رصد كل شاردة وواردة، ومع ذلك لم يكن يحسب حساب ما حدث.
هذه الهجوم الاستراتيجي أحدث صدمة مرعبة داخل الكيان الصهيوني، لم يحسب الصهاينة أن يحدث شيئا مشابها لذلك، ذلك أنهم ظلوا عقودا يعربدون ويتجبرون على الشعب الفلسطيني ويجتاحون بلدانا وبلدات عربية وفلسطينية طيلة عقود دون أن يواجهوا بأسا وتنكيلا كما حدث أمس، لقد استيقظ اليهود الصهاينة في يوم سبتهم على أبطال المقاومة يجولون في ديارهم داخل المستوطنات، ولم يكن يدور في خلدهم أو حتى في أسوأ كوابيسهم أن يروا من نوافذ بيوتهم التي اعتقدوا أنها آمنة أبطال الأمة ومجاهديها يتجولون في شوارع مستوطناتهم، ويطرقون على الأبواب بكل قوة، بل ويسوقون مئات الجنود أسرى مكبلين.
ولهذا وذاك فما جرى في طوفان القدس يؤرخ بأنه من الأحداث المفصلية الكبرى في تاريخ الأمة وليس في تاريخ الشعب الفلسطيني فحسب، وهذا التاريخ يسجل بداية النهاية والزوال لكيان العدو الصهيوني الذي رزح على فلسطين منذ 75 عاما، فهي المرة الأولى التي يتمكن المجاهدون من اقتحام عشرات المستوطنات ويحكمون قبضتهم عليها، ويباغتون الصهاينة إلى معسكراتهم، ويحدثون القتل والخسائر في صفوفهم بهذا الحجم، بالتوازي مع هجوم صاروخي وجوي واسع على مدن الكيان، وهي المرة الأولى التي يعيش فيها اليهود الصهاينة هذا الانهيار والرعب والذعر والبكاء والذلة والهوان والضعة، ولأول مرة يعترف العدو الصهيوني بأن كارثة مميتة وقاتلة تعرض لها، ولأول مرة يجد نفسه مشتتا ومرتبكا بين أن يواجه الهجوم البري، أو ينشغل بأنظاره نحو السماء لمواجهة الصواريخ التي تنهمر على مدنه المؤقته، ولأول مرة ينكشف برا وبحرا وجوا، ويفشل بقبته الحديدية ودفاعاته وحصونه في تفادي الهجوم، ولأول مرة يفشل في تفعيل خطة الملاجئ ويفشل جنوده وقطعانه حتى من الهروب والنجاة، ولأول مرة يتمكن الأبطال من إرباك العدو وإفقاده الحركة والتموضع، ويعجز عن القيام بأي تحرك مشابه، بل ومكبل عن فعل ذلك، لأن غزة باتت ممتلئة بالأسرى الصهاينة وأي قصف صهيوني سيطالهم في المقام الأول.
طوفان القدس العظيم أعاد للأمة مجدها وعزتها وكرامتها التي أهدرتها عقود الخيبات والانتكاسات، فما جرى أمس كان انتصارا غير مسبوق في تاريخ الأمة منذ خيبر والفتوحات الإسلامية، وابتدأ مرحلة النهاية والزوال للكيان الصهيوني، فما جرى أمس هزيمة استراتيجية ساحقة تعرض لها كيان العدو الصهيوني في عقر داره كما يقال، ارتدادات وتداعيات هذه الهزيمة ستستمر حتى يزول هذا الكيان وينتهي من الوجود..
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: العدو الصهیونی طوفان القدس ولأول مرة من خلال
إقرأ أيضاً:
في ذكرى النكبة.. الأعلام الإسرائيلية تغزو القدس والمستوطنون يتوعدون الأقصى
القدس المحتلة - الوكالات
في الوقت الذي يحتفل فيه الإسرائيليون بما يُعرف بـ"يوم الاستقلال"، والذي يصادف هذا العام يوم الخميس 1 مايو، تتجدد المخاوف من تصعيد الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك، مع تصاعد دعوات الجماعات اليهودية المتطرفة لاقتحام المسجد ورفع الأعلام الإسرائيلية داخله.
ويوافق هذا اليوم، وفق التقويم العبري، ذكرى إعلان قيام "دولة إسرائيل" في الخامس من مايو عام 1948، قبل يوم واحد من انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين. غير أن هذه المناسبة تمثل للفلسطينيين ذكرى نكبتهم الكبرى، التي تم خلالها تهجير مئات الآلاف من ديارهم وتحويلهم إلى لاجئين داخل وخارج وطنهم.
وفي السنوات الأخيرة، تحوّل هذا اليوم إلى محطة بارزة في أجندة الاقتحامات الجماعية للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين، الذين يحظون بحماية من شرطة الاحتلال. ووفق دائرة الأوقاف الإسلامية، بلغ عدد المقتحمين في المناسبة ذاتها العام الماضي 526 مستوطنًا، بزيادة 11% عن عام 2023، حيث سُجل اقتحام 474 مستوطنًا للأقصى.
وخلال هذه الاقتحامات، شهدت ساحات المسجد انتهاكات لحرمة المكان، تمثلت في ترديد النشيد الإسرائيلي "هاتيكفا"، ورفع الأعلام، وأداء طقوس تلمودية منها "السجود الملحمي"، في محاولة متكررة لفرض واقع جديد داخل أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
من جهته، حذر خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري من خطورة هذه الدعوات، مؤكدا أن "هذه الجماعات تستغل المناسبات الوطنية والدينية لتكثيف الاقتحامات"، واصفا ما يجري بأنه "عدوان واستباحة واستفزاز لمشاعر المسلمين يجب التصدي له بشدّ الرحال إلى الأقصى".
وفي سياق متصل، نشرت منظمة "بيدينو" المتطرفة دعوة صريحة لرفع الأعلام داخل المسجد الأقصى، مصحوبة بتصميم يظهر قبة الصخرة محاطة بعشرات الأعلام الإسرائيلية، وعلّق رئيس المنظمة توم نيساني قائلاً: "برأيي، أهم مكان للتلويح بالعلم في يوم الاستقلال هو على جبل الهيكل".
التحركات الإسرائيلية لم تقتصر على وسائل التواصل أو الشعارات، بل امتدت إلى الفضاء العام في القدس، حيث نشرت بلدية الاحتلال آلاف الأعلام الإسرائيلية في مختلف الشوارع، بما في ذلك محيط البلدة القديمة، مما اعتبره المقدسيون استفزازًا مباشرًا في مدينة محتلة.
من جانبه، قال المحامي المقدسي بلال محفوظ إن تكثيف الدعوات لاقتحام الأقصى في مناسبة وطنية لا دينية يمثل استفزازًا واضحًا، ومحاولة لفرض السيادة الإسرائيلية على المكان، في خطوة تهدد الاستقرار وتستفز مشاعر المسلمين في أنحاء العالم.
وتستعد جماعات "جبل الهيكل" لما تسميه "أكبر مشاركة جماعية في يوم الاستقلال داخل الحرم"، وسط توقعات بأن يتكرر سيناريو العامين الماضيين برفع الأعلام داخل باحات الأقصى، مما ينذر بتصعيد محتمل في مدينة القدس المحتلة.