نتابع على الشاشات، أخبارًا عن تفجيرات في دولة ما أو فى غيرها، ونفهم منها أنه مهما توالت إعلانات العواصم عن القضاء على الإرهاب إلا أن هذه الإعلانات لا يمكن أن تجعلنا نغفل لحظة بحكم معرفتنا بألعاب التطرف الذي يختبئ مدة من الزمن ثم يبرز فجأة لينقض على أهدافه سواء كانت مؤسسات حكومية أو ضربات عشوائية انتقامية من تجمعات بشرية.
أكتب هذه المقدمة حتى أؤكد للصامتين عن الإرهاب بمصر أن التحذير المتواصل من خلايا الإخوان النائمة ليس فوبيا عند الكاتب ولكنه تحذير صادق، وأن هذا التحذير ليس فزاعة، ذلك المصطلح الذي يقذف به كل متهاون في وجه المتحدث وكأن هؤلاء الصامتين عن الإرهاب في أحسن الأحوال قد فقدوا ذاكرتهم وفي أسوأ الأحوال تحالف هؤلاء الصامتين مع ذيول التطرف من أجل مكسب رخيص.
وإذا كان أمراء التطرف واضحين في خصومتهم ويتحركون بحرية في مواقع جغرافية مختلفة سواء في أفريقيا أو في دول عربية منكوبة فإنني أجد أنه من الواجب مواصلة التحذير حتى لو كانت أصوات المحذرين ضعيفة.
الأسوأ في حوارات النخبة المصرية هو قدرة تلك النخبة على المراوغة في الخطاب حيث ارتاحت قطاعات منها بتفسيرها بأن حزب الحرية والعدالة بمصر قد تم حله وأن قادة تنظيم الإخوان في السجون وأن صفحة تهديد المجتمع المصري قد انطوت وتعالوا إلى صفحة جديدة.
هذا الاستسهال المغرض في التعامل مع ملف تعاني منه أقوى بلدان العالم لا ينتج مواجهة جذرية مع تيار التطرف، المواجهة الفكرية والوضوح في المواقف والتنبيه المتواصل من خطر إعادة تموضع الخلايا النائمة في أركان المجتمع، ولعله كان صادمًا بالنسبة لي عندما أقرأ الكلام العام في بيانات تيارات تدعي المدنية وأنها يمكن لها "التعاون مع من لم تتلوث يديه بالدماء".
هذا الفخ المعسول الذي تقدمه تلك الأصوات ظاهره الرحمة وباطنه العذاب لأنه يتذاكى على المواطن البسيط ويقول له عكس الحقيقة لأن كل صاحب عقل راشد وضمير وطني يعرف أن الإرهاب يبدأ فكرًا.. هكذا تعلمنا وهكذا نحن مقتنعون، أما إختصار التعريف على من تلوثت يده بالدماء فهذا تعريف قاصر ومخل بل ومضلل أيضًا.
وقد يسأل القاريء لماذا كل هذه الدراما التي أرصدها في مقالي؟ الإجابة ببساطة تكمن في تعالي بعض الأصوات مؤخرًا، أصوات كنا نظنها مدنية حسب ما يدعون ولكن ما إن يمتلكون منصة للقول حتى يكرروا تلك العبارات المتهافتة وهي "أننا لا نقتنع بحكاية فزاعة الإخوان وأننا مع من لم تتلوث يديه بالدماء"، هكذا ببساطة يدفعون في اتجاه إعادة دمج التطرف في المجتمع.
إن أي انفجار إرهابي نتابعه فى دول العالم يقول لنا إن الصامتين عن الإرهاب أشد خطرًا على المجتمعات من الإرهابيين أنفسهم لأنهم لا يكتفون بصمتهم هذا بل يطاردون من يحاول التحذير وكأنهم يقومون بشكل جديد من الإرهاب وهو الإرهاب الفكري وامتلاكهم وحدهم الحقيقة ومن ثم يقومون بالتكفيرالوطني وهذا بالضبط ما تريده جماعات التأسلم الإرهابية.
تلك النغمة الشاذة سوف تتردد كثيرًا في موسم انتخابات الرئاسة حتى يختلط الحابل بالنابل أما الثمن فهو باهظ سوف يدفعه المواطن البسيط الذي تدعي كل الإتجاهات الفكرية انحيازها له.
الانتخابات ليست نهاية الدنيا والعمل التراكمي الشريف هو ما يعصم البلاد من الخطر، أما خلط الأوراق لأسباب انتخابية فهو الخطر بعينه على مصداقية النخبة وصلابتها وهو سحابة الدخان التي قد يتستر خلفها ظلاميون كنا اعتقدنا أننا بدأنا مواجهتهم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الارهاب عن الإرهاب
إقرأ أيضاً:
هذه هي قيم الجيش وأخلاقه هذا هو الرحم الذي لا ينجب إلا الفرسان
▪️عندما تشاهد قائد الجيش يعانق أحد الجنود تتبدى لك عظمة هذا الجيش وتفرده أخلاقاً ونبل..
▪️عندما تشاهد قائداً رفيعاً يتقاسم اللقمة وكسرة الخبز مع جنوده تدرك أن هذه المؤسسة متماسكة وغير قابلة للتصدع والإنكسار..
▪️هذه هي قيم الجيش وأخلاقه هذا هو الرحم الذي لا ينجب إلا الفرسان..
▪️القصة أختلفت والوقائع تبدلت ، سماء السودان لونها أخضر وأرضه لونها أخضر وما بينهما جيش قوقو أخضر..
#ام_وضاح